مقالات

خلفية الدكتور محمد شحرور العلمية د. أحمد الزبيدي* – الإمارات

    د. أحمد الزبيدي                                                                                     قد يكون من المفيد لفهم ما كتبه الراحل الدكتور محمد شحرور معرفة خلفيته العلمية. إن كل من يتتبع  مقالات الدكتور شحرور يعلم أن مشكلته  الكبرى تكمن في قصور فهمه اللغة العربية، وهذا ليس غريبًا إذا عرفنا أن أقصى درجة وصل إليها علمه في اللغة هي الثانوية مع عبقرية مبكرة ظهرت في مراحل دراسته الابتدائية والاعدادية والثانوية، وقد تجلت هذه العبقرية المبكرة خلال هذه المراحل الدراسية، فلم يرسب إلا سنتين خلالها احداهما كانت بسبب اللغة العربية ، اذ أن تاريخ ميلاده يعود إلى العام 1938 في حين أن حصوله على الثانوية كان في العام 1958، وبسبب اعتناقه المبدأ الشيوعي الماركسي تم ابتعاثه إلى الاتحاد السوفييتي عام 1958 حيث تجلت عبقريته الثانية هناك ، فتخرج بعد 8 سنوات أي في العام 1966 في  كلية الهندسة المدنية، اذ أن مدة دراسة الهندسة في الاتحاد السوفييتي  4 سنوات تضاف إليه سنة لتعلم اللغة الروسية، فيكون المجموع 5 سنوات أي كان رسوبه 3 سنوات فقط ، ثم عاد إلى دمشق ليعمل معيداً في كلية الهندسة المدنية، وبسبب ضعف معدلاته التي تخرج بها في موسكو لم يقبل في جامعة Trinity University Ireland التي ابتعِث إليها زملاؤه المعيدون في جامعة دمشق أمثال الدكتور كرامة بدورة وأحمد بلال وعدنان قصاب، فاضطرت وزارة التعليم العالي إلى البحث عن جامعة ذات مستوى أدنى من جامعة Trinity التي ابتعث إليها زملاؤه و اختير له College University Ireland التي كانت عبارة عن كلية للدراسات المتوسطة   (أي معهد متوسط ، سنتين بعد الثانوية) وتم تحويلها إلى جامعة لأهداف سياسية بعد أن انفصلت ايرلندا عن انجلترا*، وبمعنى آخر فقد كانت تقبل المنتسبين إليها بمعدلات متدنية لأنها بحاجة إلى طلاب، ونظراً لأنها جامعة جديدة كانت التخصصات العالية غير موجودة بل كانت فيها التخصصات العملية التي تشتهر بها كل الكليات المتوسطة، وتم قبوله لدرجة الماجستير والدكتوراة في مجال تجارب التربة وهو مجال لا يتعدى إجراء التجارب المخبرية على التربة (فني مختبر) وفي أحسن الأحوال   قد يكون مستقبله مديرًا لمختبر تربة فقط لا غير، ونظراً لأن مجال دراسته ليست له علاقة بعلم الأساسات و لا بتصميمها فإن هذا يفسر لنا لماذا لم يستطع تأليف كتاب في ميكانيك التربة ولا في علم الأساسات ولاتصميمها،  وقد أدى ضعفه باللغة الانجليزية نظراً لأن لغة  البكالوريوس كانت باللغة الروسية إلى الاستعانة بالمبتعثين زملائه في تحضير بحث الدكتوراه وكتابته ، ولم ينس أن يقيم مع هؤلاء المبتعثين معه صداقة متينة للاستفادة منها في العمل بعد عودته إلى دمشق، وبالفعل شارك معهم في افتتاح مكتب دار الهندسة للدراسات الإنشائية ، و أنهى دراسته في College University Ireland عام 1973، وعاد إلى دمشق ليعمل في مختبر التربة في كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق، وليُدَرِسَ ضمن اختصاصه في مختبر التربة فقط .

هذه الخلفية والصعوبات التي واجهها وإخفاقات الرسوب والإخفاقات العلمية التي عاشها في حياته  إضافة إلى انفصال زوجته الروسية التي أخذت ابنها وعادت به إلى روسيا ، كل ذلك انعكس على حالته النفسيته  فأدى إلى شعوره  بالدونية بين زملائه,. هذه الحالة النفسية والنظرة الدونية كانت له الحافز والدافع للتعويض عن النقص الذي يشعر به في المقدرة العقلية والفكرية ، ولم يدر في خلد أصدقائه وطلابه عندما كان يصرح بأنه لا بد من رجل عبقري ينهض بهذه الأمة كمارتن لوثر أنه يعني بهذا القول نفسه وأنه يعني قد حدد هدفه المستقبلي في هدم الدين الاسلامي كما هدم مارتن لوثر الدين المسيحي الكلاسيكي (رغم الفارق في حقيقة الديانتين) ، فمهاجمة الدين وركوب الموجة الإلحادية هي الأسهل تناولاً بوجود فراغ فكري يعيشه العالم العربي وتضليل يمارس عليه ، فالتجرؤ على كتاب الله وسنة نبيه والطعن فيهما من أوليات العالم الغربي واذنابهم إذ أن الطعن في أي فرع من فروع العلم كالطب أو الهندسة أو التعليم الخ غير مأمون العواقب فهناك النقابات والوزارات الحكومية التي تهب للدفاع عنها وإلجام المهاجم بعقوبة رادعة.

أدى الركود الذي أصاب سوريا في العام 1980 ومغادرة كل من الدكتور عدنان قصاب وأحمد بلال سوريا بعد اعتقال كرامة بدورة ( شركاء شحرور في المكتب الهندسي)  إلى تراجع عمل المكتب، حيث بقي الدكتور شحرور وحيداً في المكتب ، ثم غادر هو سوريا أيضاً ليعمل في المملكة العربية السعودية حتى العام 1985 وعاد بعدها إلى سوريا، ومع استمرار تراجع العمل الهندسي وخلو المكتب من أعمدته الأساسية              ( الدكاترة المشار إليهم أعلاه ) حَوَّلَ الدكتور شحرور المكتب إلى صالون سمر للمناقشات الشيوعية الماركسية مع أصدقائه القدامى الذين رافقوه في بعثته إلى الاتحاد السوفييتي كالدكتور جعفر دك الباب (الذي درس الألسنية) وواثق رسول آغا ( درس العلوم ) ومحمد عويدات ( درس حقوق وهو يكتب على صفحة شحرور باسم Med Bob  أو Med Med) وتيسير هدايا ، كما كانت تدور أحاديث السمر أيضاً حول اللغات بشكل عام واللغة العربية  بشكل خاص نظراً لتخصص الدكتور جعفر دك الباب في علم الألسنية ، وبدأ الموضوع كنوع من المسامرة وشرح فكرة الألسنية ونشأة اللغة و تطورها وارتباطها بالتطور الفكري عند اإنسان      و البلاغة والبنية اللغوية عند عبد القاهر الجرجاني  ثم تطور الموضوع عند شحرور فأصبح يكتب وريقات حول هذه الأفكار التي يتم طرحها ومناقشتها وإسقاطها على القرآن الكريم ، و تفتقت فيها خلفيته العلمية المتعثرة لتنتج  آراء ومقترحات بهدف تعويض النقص الفكري والدونية    في الإنجاز العلمي التي عاشها في السابق ، وبتشجيع من زملائه الماركسين الذين دفعوا به إلى إخراج هذه الأفكار والطروحات على شكل كتاب أسماه “الكتاب والقرآن قراءة معاصرة”، رفض الدكتور شحرور اقتراح أحد زملائه في العمل بعرض الكتاب على الشيخ الشعراوي قبل طباعته متذرعاً بأن الموضوع قد خرج من يده، وهناك من تبنى الكتاب ويقوم بطباعته في مطبعة دار طلاس للنشر عام 1990، ولم يخف السبب على شركائه في العمل فحدثت القطيعة بينه وبين شركائه في العمل وأنهوا شراكته وعمله في المكتب الهندسي ، وقد كان هذا النبأً سعيدًا بالنسبة لمن تبنى الكتاب فأجروا  له راتباً وتم تفريغه  للعمل في مجال الضلال والتضليل في كتاب الله ومهاجمة السنة النبوية والدين الاسلامي

سُئل الدكتور شحرور مرة كيف لك أن تكتب في التفسير اللغوي للقرآن الكريم وأنت لا تجيد فهم اللغة مع العلم بأن اللغة هي أداة الفكر وحاضنته وهي الركن الأساسي الذي يعتمد عليه تفسير القرآن  فكان جوابه أن الدكتور جعفر دك الباب يعوض هذا النقص .

وليتأمل القراء في هذه الشخصية المتكبرة بجهل.. شخصية الشحرور التي تعمل على قوم بشرح القرآن وتفسيره تفسيراً عصرياً وتُخطئ علماء اللغة والتفسير بالرغم من أنها لا تملك أداة التفسير اللغوية ولا تتعدى ثقافتها اللغوية الثانوية المنسية بعد أن هجرتها أكثر من 15 عامًا تحدثًا وكتابة خلال  فترة ابتعاثه إلى روسيا وايرلندا  لا يخفى على العقلاء والمثقفين   أن اللغة هي أداة التفكير التي لم يحسنها الشحرور قط،  كما أقر ذلك بنفسه وبأنه يعتمد على الدكتور جعفر دك الباب في فهم هذه اللغة كأداة للتفكير . شحرور يفكر بأداة لا يملكها وجعفر دك الباب يملك أداة لايحسن التفكير بها فيعيرها لصديقة بالرغم من أت هذه الأداة مرتبطة بالخلايا الدماغية للدكتور دك الباب ، فكيف يفكر الشحرور ؟ وهل يعقل ما يقول ؟

وأخيراً يقول الدكتور جعفر دك الباب في مقدمة كتاب “القراءة المعاصرة”   أن الدكتور شحرور اعتمد في هذا الكتاب على نظرية ابن جني في معنى الكلمة، وعلى نظرية عبد القاهر الجرجاني في تركيب البنية اللغوية للنص، وعلى معجم مقاييس اللغة لابن فارس، والمتتبع لكتاباته يوقن تماماً أنه لا يدري عن ابن جني ولا عن عبد القاهر الجرجاني شيئًاَ ولا يلتفت إلى معجم مقاييس اللغة في شيء من معاني الكلم التي جاءت في كتابه “القراءة المعاصرة” لكنه مع ذلك لا يلبث أن ينقض قوله هذا فيرفض قواميس اللغة كلها ويعلن عدم صحتها وأنها مليئة بالأخطاء في محاضرته التي ألقاها في العاصمة الأردنية عمان، ويعلن أن علماء اللغة لم يفهموا اللغة ولم يستطيعوا أن يؤلفوا معجمًا صحيحًا وأن معاجم اللغة كلها أخطاء وعلينا أن نعلمهم كيف يؤلفوا المعجم، بل وأن نؤلف معجمنا بأنفسنا . وبفهمه الجديد للغة ومعاني العربية توصل إلى أن معنى عبادة الله والكفر بالطاغوت تعني الحرية !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى