عائمات الجليد د. هشام علي سيد – الإمارات
يكاد ينعدم استخدام جبال الجليد العائمة باعتباره صورًا بلاغية في الأدب العربي القديم و يندُر في الحديث، و السبب المعروف أنه ليس من البيئة العربية، و حتى الفتوح الإسلامية لم تصل إلى القطبين و ما حولهما، و أكاد أجزم أن الجو النفسي البارد لدرجة التجمد لا ينسجم مع الدماء الحارة؛ إلا أنها بدأت في الظهور في العقدين الأخيرين من القرن الماضي في كتابات مؤلف سياسي كبير عُمِّر طويلًا، خاصة ما كان يُكتب له بالإنجليزية ثم يُترجم إلى العربية، كما بدأ التشبيه بعائمات الجليد ينتشر في المؤلفات الإدارية، ووجه الشبه ليس قطعًا نصاعة بياضه و لا شدة برودته.
جبل الجليد العائم يقبع الجزء الأكبر منه تحت سطح المحيط، ولا يظهر منه إلا الشيء القليل، و ذلك شأن المشكلات الإدارية، بل و السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية، لا يبدو منها لأول وهلة إلا نحو خمسة في المئة، و كلما غاص الباحث عميقًا أدرك الحجم الحقيقي للمشكلة.