كوروب
تحيّاتي لكَ
يا فلادمير ماياكوفسكي
هل أنتَ بخيرٍ؟
أنا شخصٌ هنديٌّ، وشاعرٌ، ومسافرٌ
وبينما أنتَ واقفٌ في هذا الميدانِ
تحتَ قبّةِ السماءِ الزرقاءِ
تراقبُ الشوارعَ المزدحمةَ
وتشاهدُ الحياةَ
ألا ترغبُ
أن تلقيَ قصيدةً بصوتٍ عالٍ مرة أخرى
وأن تعودَ رعدًا مرة أخرى؟
لماذا تنحني إلى الأمامِ؟
ألتنزلِ إليَّ
مثلَ سحابةٍ في بنطالٍ؟
أتراكَ تمدُّ يدَكَ؟
أنا أيضًا أعطيكَ يدي
لأساعدكَ في النزولِ
من قاعدةِ تمثالِكَ الحجريِّ
ببطءٍ ولطفٍ
ما أقوى تلكَ اليدَ!
دعْنا نجلسْ معًا فوقَ ذلكَ المقعدِ الطويلِ
بعضَ الوقتِ
آهِ! لقد نزلْتَ
من قاعدةِ تمثالِ الخلودِ في سطر واحد
لتصافحَ يدَ صديقٍ لا تعرفُهُ
شكرًا.. فعلى الرغمِ
من أنّكَ لا تعرفُني
لديَّ علاقةٌ قلبيّةٌ بكَ
منذُ زمنٍ بعيدٍ
بينما أجلسُ هنا معَكَ
يفيضُ كأسُ قلبي
بالنبيذِ والصداقةِ والدفءِ
دعْنا نشربْ أنخابَ بعضِنا
ونتبادلْ أقداح النبيذِ
لقد حلَّ الظلامُ
وأمسى الشارعُ الآنَ مهجورًا
لا يوجدُ هنا المعوزونَ والضعفاءُ
الذينَ ينامونَ على الأرصفةِ
كما لا توجدُ كلابُ شوارعَ تنبحُ
هنا نحنُ الاثنانِ
دعْنا نرفعْ أقداح النبيذِ
ونحلّي الليلَ بأشعارِنا
فلتكنِ القصيدةُ الأولى شعرًا شعبيًّا
أغنيةً قديمةً
تُغنَّى في منطقتِنا
من قبلِ الشبابِ
أغنيةَ
أولئكَ الذين ينشدونَ بمعدةٍ فارغةٍ
المنتشينَ بقليلٍ من شرابِ “التودي”
أو فلتكنْ أغنيةُ صائداتِ السمكِ
على شاطئِ
بحيرةِ “الفايكوم” المتموجةِ.. أو
أنتَ الآنَ تغنّي
فلتكنِ الأبياتُ نفسُها التي أنشدتَ
ذات ليلةٍ شبيهةٍ
في ميدانِ بوشكين:
“التحدّثُ إلى أيِّ شخصٍ
ليس ما أسعى إليهِ
نحنُ من النوعِ
الذي تهتزُّ خياشيمهم في الإيقاعِ
نعرفُ القلقَ
الكامنَ في الشعرِ
لدينا بعضُ الأمورِ التي نتبادلُها
وبعضُ الأحلامِ
أودُّ أن أكونَ معكَ
نتقاسمُ شرابًا…”
أذلكَ الشعرُ هو نفسُه
الذي تلقيهِ الآنَ؟
على الرغمِ من أنَّ لغتُكَ غريبةٌ عنِّي
أدركُ معانيَها
عندما يلامسُ إيقاعُها قلبي
أحسُّ بها كخفقاتِ قلبٍ
مثلَ ينابيعَ حارةٍ تتدفَّقُ
كما تحتشدُ كراكي البحرِ
مثلَ السهامِ
مثلَ الكلماتِ الحادّةِ كالحرابِ
مثلَ المطرقةِ التي تكسّرُ الصخورَ
انظرْ فقد ذابَ هذا الليلُ
في سكرتِنا بالخمرِ والشعرِ
دعْنا إذن نفترقْ
قبلَ انبلاجِ الصباحِ
آنَ الأوانُ لصعودِكَ عائدًا
إلى قاعدةِ تمثالِكَ
عدْ كما كنتَ تمثالًا
ولكنِ انتظرْ دقيقةً –
فقد نسيتُ
أن أسألَكَ عن شيءٍ
لقد كنتَ الإيقاعَ والرعدَ
للتجمّعاتِ الإبداعيّةِ هنا
ومعَ ذلكَ لماذا اخترتَ
أن تدعوَ الموتَ؟
إذا لم تكنْ لديكَ الرغبةُ
انسَ الأمرَ! لن أضغطَ عليكَ
فلادمير مايكوفسكي،
على الرغم من أنّنا نغنّي أغاني الخلودِ
ألسنا أشخاصًا عاديينَ غيرَ خالدينَ؟
ابقَ هنا
تحتَ قبّةِ السماءِ الزرقاءِ
تراقبُ الشوارعَ المزدحمةَ
وتشاهدُ الحياةَ
وغنِّ بصوتٍ عالٍ
قصيدةً أخرى
كنْ رعدًا من جديدٍ
وداعًا!
= = = = =
مجلة إخبارية ثقافية منوعة حضارية جيدة..
بوركتم.. و جزيتم خيرا..