سبب في قبول الآخر وتلاقح الأفكار والتكامل. إنها ثقافة الاختلاف.
على أي مجتمع الانخراط في صف ثقافي من نوع متحضر جدًا في قبول الاختلاف، وذلك للارتقاء بالرأي والحوار و تجنب قولبة الفكر وتجميده في قوالب متحجرة.
في الواقع بتوجب على كل فرد النظر نحو بروز أنماط تفكير مختلفة، سعياً في تجنب تسطيح الرأي الواحد، والكف عن اعتقاد أن الحقيقة وحيدة ومطلقة، إذ أن هناك أفهامًا مختلفة ورؤى نحو أهمية ثقافة الاختلاف، والواجب يحتم أن نحتضن الموضوع فكرةً ونسوغه ثقافةً.
في ظل الانفتاح العالمي عكست مرآة المجتمعات ثقافات العالم المختلفة، وصرنا نعرف الكثير من خلال الوثائقيات عن مجتمعات أخرى وعاداتها وقيمها وثوابتها، وبدأت تتبلور فكرة قبول الاختلاف، وأن المتغير هو طريقة التعامل مع هذا الاختلاف،
ولايعني ذلك الاتباع الأعمى في مسائل أفكار الآخَر وتبنيها ، بقدر مايعني تطور الفكر واتساع إدراكاته، مع احترام الآخَر المختلف.
ثقافة الاختلاف في الرأي هي نمط متحرر في العلاقات لأن الاختلاف سنّة أرادها الله حين خلق الناس بعقول ومدارك متفاوتة في الاختلاف، لتلتقي في آراء متعددة لتقوم الحياة المزدهرة .
ولو أراد سبحانه أن يكون البشر سواسية في كل شيء لتوقفت نهضة العلوم والمعارف:(ولو شاء ربكَ لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم).
التعددية هي رافد مهم من روافد التقويم الصحيح كأي ظاهرة إيجابية الاختلاف، تظهر فوائده في تلاقح الأفكار وتعدد الحلول للهداية إلى الصواب.
الكاتب ستيفان كوفي حينما يقول: “إن أعظم مشكل نواجهه ونحن نتواصل هو أننا لا ننصت لكي نفهم، بل ننصت لكي نجيب”.
وحينما يندفع المرء إلى الكلام من دون أي محاولة لفهم آراء من حوله، فإن ذلك لا يمكن إلا أن يقوده إلى رفض الآخَر، فكيف أن يمحصه ويرد عليه؟
بعض من الناس يجد في الحديث بنبرة القطع واليقين عُجبًا بذاته، ما يكوِّن فكرة التعصب للرأي الواحد، وهذا بدوره يتعدى الفرد إلى المجتمع ويكوِّن عقيدة الرفض للآخَر.
النجاح الحقيقي هو التخلص من الكراهية والتسامح في قبول الآخَر المختلف، فالحياة ليست ثابتة ، والأفكار كذلك، وإذا كانت فكرة التعايش بناءة يتوجب زرعها في الأطفال منذ الصغر ، لذلك فثقافتا الاختلاف والحوار لا تنفصلان، كما أن إحياء لغة الحوار هي أول خطوة نحو بناء مجتمع يؤمن بثقافة الاختلاف.
زر الذهاب إلى الأعلى