بعد رحلة طويلة من العطاء اللامحدود رحل عنا المفكر علي الهويريني، رحل بصمت و هدوء كما كان يريد ويطمح ويقول ، رحمه الله ، رحل بعد سيرة ومسيرة طاهرة و عطرة طيبة وشاقة ملأى بالعطاء والتميز والإبداع ، خاض خلالها معارك شرسة مع نفسه حتى استقام على الطريق الصحيح السليم المعتدل، المحبب له ولمحبيه وعشاقه ، سالكاً كل الدروب و التجارب الفنية والأدبية والثقافية والدينية ، معارك طويلة جدًا ، فكان ممثلًا وفنانًا ومسرحيًا بارعًا ومخرجًا وشاعرًا وأدبيًا مؤثرًا فصيح اللسان صادق الكلمة، ناصع السريرة، قبل أن يصنف بأنه (فيلسوف)، سعودي بامتياز، لما يمتلكة من مخزون معرفي و ثقافي وديني هائل وغني مفعم بالثقة والتجربة والشجاعه التي لا تنقصها الجرأة في الطرح والموضوعية والقدرة الإقناع وتقبل الآخر ، فجادل الأدباء والعلماء وأهل الدين ، وكان مميزًا في شخصيته ، التي لاتشبه إلا نفسة لأنه وهو الواضح والصريح المتصالح مع نفسه ذو الكاريزما الخاصة، لم يخش في الحق لومة لائم، فجادل الأصدقاء والأعداء بمنتهى الشفافية والموضوعية، ارهقته السنون بعد أن تقدم به العمر عتيًا واشتعل الرأس شيبًا، لكنه ظل عقلًاً متقدًا وضاحًا ومبهرًا ومدهشًا في العلم والمعرفة ، فرض نفسة كمفكر عربي اصيل معتدل، ومثقف ناضج يحمل أفكارًا نيرة ومفيدة ونافعه ، يجمع ما بين التدين الوسطي والفكر المعرفي المتنور الواعي المقبول والمعتدل بدون أن يتعدى على الدين كما يفعل أشباه المثقفين أو المتسلقون على الثقافة ، الذين يشتمون الدين من أجل الشهرة وكسب الإعلام المنافق ، متوهمين أن التجديف على الدين يكسبهم السمعة ويزيد من قرائهم ، يخالون أنهم بذلك يصلون إلى النجومية، وهم ليس إلا بالونات وفقاعات صابون،عاجزين فكريًا، ضعافًا أمام علي الهويريني و طريقة تفكيره الواضح ونهجه المعتدل ، الهويريني الذي لا ينقصه التنوير المعرفي الثقافي ، الذي جعل منه شخصية جاذبة وملهمة وواضحة، تأثر بها جيل كامل من الفئات العمرية على اختلافها من العقلاء ، فبات يقود تيارا معتدلا من خلال محاضراتة ومقابلات المتعددة ، ولاقى قبولًا جماهيريًاً واسعًاً لوضوح طرحه وأفكاره الواضحة المعتدلة والعاقلة الناضجة والناصحه، التي أهلته ليسهم في تفسير القضايا المعقدة وتصويبها، وتنقيتها من شوائب التحريفيين ، لكي لا يفقد المقف ثوابتة الدينية الإسلامية الوسطية المعتدلة أمام هذا السيل الجارف من المارقين والمهرطقين ، ولأنه كان موضوعيًا حاز الهويريني على احترام الجميع ، وإن اختلف بعضهم معه .
وعلى الرغم من أفكاره الإنسانية العامة ، التي تحاكي العالمية ، إلا ان الراحل لم ينس التزامه الوطني ، فكان عاشقاً لوطنه ، ومحباً لعروبيته فخورًا بها وبدينه الاسلامي الحنيف، بمفاهيمه الوسطية المعتدلة ، البعيد عن الغلو والتطرف، لقد كان ” رحمه الله” ركنًا إسلاميًا وثقافيًا بامتياز، لما حمله من فكر ناضج ومعتدل واضح خال من العقد، وكأنه، بوصلة التنوير الحقيقي الذي نحن في أمس الحاجة إليه في ظل رياح العولمة السامة، التي قذفت بالكثير من مقلدي الغرب إلى انفصام في الشخصية وازدواجية بالمفاهيم بسبب ندرة المرشدين الحقيقيين إلى الطريق الصحيح السليم، وسط فوضى المفاهيم والايديولوجيات المستوردة ، وأزمات الًأخلاق التي تعصف بحياتنا ، وما يرافقها من سجالات ترقى إلى درجة الصراعات بين المتدين المتشدد المتطرف ، ومابين المثقف الليبرالي المتعصب ، الذي يرفض الجميع !
رحم الله الراحل الكبير والمثقف العالم ، المفكر الحقيقي علي الهويريني، صاحب العقل الراجح والكلمة الصادقة والسريرة النقية، الذي فقدنا برحيله مثقفًا يشبه المنارة الحقيقية في مدلهم الليل، وأسكنه فسيح جناته .
* كاتب سعودي
لقد أنصفت الرجل أستاذ علي القحيص فالهويريني هو المفكر والفيلسوف والأدب والشاعر المسرحي صاحب المنطق الراقي والحجة المبالغة.. حقا كان بوصلة ومنارة.
رحم الله وأدخله فسيح جناته.
لقد أنصفت الرجل أستاذ علي القحيص فالهويريني هو المفكر والفيلسوف والأدب والشاعر المسرحي صاحب المنطق الراقي والحجة المبالغة.. حقا كان بوصلة ومنارة.
رحم الله وأدخله فسيح جناته.