كلما تزايد تلوث الطبيعة الحية، تزايد معه تلوث طبيعة البشر ! لقد أصبح التلوث طيفًا واسعًا ولصيقًا بالكثير من الأمور المتعلقة بحياة المجتمعات.
لم يعرف الناس من قبل هذا الكم الهائل من التلوث، الذي يحاصرهم في كل شيء تقريبًا!عرفوا الفقر والأمراض والحروب والظلم والتخلف، لكن ليس هذا القدرالكبير من طيف التلوث المتعدد الأوجه والمتسارع المدعوم بالتطور في المجالات التكنولوجية. لقد تطلب الأمرعقودًا قليلة من هذا التطور لتلويث سمع وأبصار وسلوك مليارات من سكان الأرض ، ناهيك عن صحتهم، حتى ولو توقفت الأبخرة المنبعثة من المصانع والمعامل والسيارات في العقود القادمة، فان تلوثًا آخر يتزايد داخل البيوت من خلال شاشات مضيئة معظم الوقت.
مع ذلك ليس كل المجتمعات في المستوى نفسه من التعرص للتلوث ، إذ لا يمكن مقارنة مقدار التلوث السمعي والسلوكي في بلد يقل فيه الخداع بالتلوث السمعي والسلوكي لبلد يتحكم فيه حفنة من الانتهازيين والمخادعين !
كلما تفشى الجشع والنفاق في مجتمع، جرفه سيل طيف التلوث أكثر .
الأديان لم تستطع في عصرنا إيقاف تلوث غلاف الأرض ، ولا تمكنت من وضع حد لتلوث طعام البشر وسلوكهم، فقد أصبح التلوث أصعب على المقاومة من أي زمن مضى،
ومن الواضح أن أكثر ما يهدد البشر بالاضافة إلى الفيروسات والأوبئة التي تسببها، هو تعاظم آلة الجشع والاستئثار والخداع ، فهي المسبب الرئيس لكل أنماط التلوث من حولنا. وما يجعل هذه الآلة طاحنة دون رحمة هو استغلالها المتزايد للتطور العلمي والتكنولوجي المتسارعين، فليست الطبيعة الحية من حولنا هي المهددة فقط ، بل كل شيء أخر كذلك! وبالطبع تستمر جهات متضررة في التواطؤ للحفاظ على بقائها ونفوذها.
ليس هناك الكثير، ما يمكن القيام به اليوم للتقليل من مخاطر طيف التلوث، فلا بمكن مثلًا التغلب على الخداع المدعوم بوساطة العلم، كما لا يمكن هزيمة جشع شركات كبرى تفوق ميزانياتها ميزانيات دول بأكملها.
ربما نحتاج في زمننا هذا إلى ما يشبه عصر تنوير وعصر حركات إنسانية، إذ أن تخيل مستقبل أحفادنا في ظل تزايد طيف التلوث أصبح أمرًا مقلقًا على نحو متزايد، خاصة في ظل استغلال العلم، وتواطؤ ما تسمى بجهات رسمية.
*إعلامي يمني
زر الذهاب إلى الأعلى
نعم التلوث طال كل شيء في حيواتنا المعاصرة. ، ألاّ الروح التي هي جوهرة الحياة. ونسأل الله ان يمنع تلوث النفوس. اللهم آمين.
محمد الجشي