نبدأ بسؤال أو أسئلة عديدة:
أيعقل أن تكون قصيدة النثر نصًا تهجينيًا عابرًا لا يملك روح الشعر؟ ماهي أوجه الشعريّة في قصيدة النثر وجمالية التكوين في قوامها؟ كيف يمضي هذا النص بين الأكاليل بلا إكليل، وهوالآن يتربع على عرش القصيد؟
إذن من ساهم في صنعه ليتبلور بهذا الشكل؟ من يمتلك زمام إرساء الوصف لقصيدة النثر؟ وماهي محاور الحرية في كونه حرًا ؟
مهما تعددت المسمّيات ، منذ أكثر من خمسين عامًا ، هل هي القصيدة النثرية أم الشعر المنثور أم القصيدة الحرة أم النثر المركز؟
تعرف قصيدة النثرعلى أنها القطعة النثرية التي لاتلتزم بالوزن وبالقافية، وأما نشأتها فلا يوجد لها تاريخ واضح ، أليس حريًّا بهذا الفن الأدبي الذي يبدو أنه في قمة الفنون الأدبية أن يحظى بدراسة تخص تاريخ النشأة والأهمية ؟
قرأنا للشعراء بدر السياب وأدونيس ومحمد الماغوط وأنسي الحاج، وخليل الخوري ونازك الملائكة وحسين مردان وفاضل العزاوي وفوزي كريم ومحمد عفيفي مطر ولجماعة مجلة “شعر” في بيروت ولمجلة “الكلمة” في بغداد – ولشعراء من تونس والمغرب – وغيرهم الكثير إلّا أننا لم نرَ كتابًا يؤرخ لنا بدء قصيدة النثر في الوطن العربي ونشأتها، وإن كتبت دراسات ومقالات في مجلة “الآداب” البيروتية ومجلة “الكلمة” البغدادية ونشر بعضها في الدوريات المصرية واللبنانية والعراقية والمغربية، بينما توضح لنا أن الشعراء العرب الذين كتبوا في هذا النمط بدايةً، قد تأثروا بشعراء غربيين وبخاصة فولتير وبودلير ورامبو وسان جون بيرس وغيرهم الكثير، ونقلوا تجاربهم شكلًا ومضمونًا.
وظهرت بعض المقالات والدراسات الأدبية من مرموقين هنا وهناك وهي لم تستوعب النظرة الشاملة لتجارب الآخرين، فالكتابة عن هذا الموضوع تتطلب جهدًا كبيرًا، ونأمل من النقاد الذين غضّوا النظر عن هذه القضية أن يولوها الاهتمام الأكبر.
– لوعدنا إلى أساطير وادي الرافدين كملحمة “كلكامش” مثلاً لوجدناها ملحمة نثرية درامية بكل تفاصيلها، أضف إلى ذلك العديد من القصائد التي وجدت عند السوريين والبابليبن والآشوريين، إضافة إلى ما كتبه الشعراء في الحضارة الفرعونية وغيرها من الحضارات.
– بالعودة إلى سؤالنا الأول من سيمتلك زمام المبادرة في البحث عن تاريخية قصيدة النثر ومن هم أول من كتبها ؟ أليست الأطر الراقية والمتاحف من يحفظ أصالة اللوحات الخالدة؟ فلماذا لا نؤطر هذه اللوحة الرائعة.. قصيدة النثر؟ .