د. نبيل قصاب باشي
جِئْتُ غابي أَرُشُّ فيـــــهِ طُيوفي
وعَنَاقِيــــــــدَ كَرْمَتي وقُطُوفي
ونثرتُ الأطيارَ في كُلِّ طيفٍ
غيرَ أني ارتميـــْــتُ خَلْفَ طيوفي
فتضرَّعْتُ للعصَافيـــرِ أَشْكُو
ما تصَابى في دَافقاتِ نزيفي
وَتزَحْزَحْتُ حولَهَا ثمَّ أَلقيـْـــــــــــــــــــتُ إليها أشلاءَ غُصْني الوَريفِ
فَحبَتْ حولَ أَضلُعِي تتَقَـــــــــــــــــــــــــــــــرَّاها بِجَسِّ كَفٍّ شَفيفِ
لَمْلَمَتْ أَضْلُعِي وَبعضَ خَشَاشٍ
منْ بقَايــَـــا ما قدْ رَمَتــْــهُ حُرُوفي
وتَقَصَّت بعضَ الحُروفِ التي ضاعَ صــــَـــدَاها في شَفْشَفَاتِ حَفيفِي
خبَّأَتْهَا بين َ الخَوافي وَطَارَتْ
نحوَ داجٍ منْ خَافيــاتِ الكُهوفِ
لحَدَتْني وَرَشْرَشَتْ فوقَ لحدي
خمرةً مِنْ رَشاشِ مَاءِ قُطوفي
دَبَّ في هَجْعَتِي نداءٌ من اللـَّـــهِ تَصَابى بهِ خُفوقُ رَفِيفِي
طِرْتُ من بَرْزَخِي إلى خَمْرةِ الَّلــــــــــــــهِ وأَغْدَقْتُ منْ طِلاها رَشِيفي
عُدتُ منْ بعدِما لُحِدْتُ ولــنْ أَخْشَــــــــــــى حُتوفاً تترى بُعَيْدَ حُــتُــوفِ
هَاهُنــــــــــا هَاهُنـــــــــا أَروحُ معَ اللَّــــهِ وأغدُو منْ خلفِ كُلِّ سُجُوفي
أيُّ حرفٍ حَرَّفْتُهُ حِينَ طارتْ
بمِدَادِي أَشْــــــــــــــجَارُ َأيْكِ خَريفي
لنْ أُبالي إنْ طِرْتُ خلفَ شُمُوسِي وَتهاويتُ في غَمـَــــامِ خُسوفي
أو تخبَّطْتُ في رُكَامِ برَاكيني وَأُلقِيــــــــــــــــتُ في احْتدَام جُروفي
أيُّ طيفٍ خُطِفْتُهُ فَتَشَظَّتْ في طُيوفي زَوابعُ المخطوفِ؟
أيُّ رؤيا زيَّفتها في مَرَايا الوَهْــــــــــــــــــمِ حتَّى دُهْدِهْتُ في تَزْيِيفي؟
أيَّ لحنٍ عَزفْتُ في عَنْدليبي
فتشظَّى الصَّدَى بلحنِ عُزُوفي؟
أيُّ موجٍ في زورقي سَرقَ المجــــــدافَ مني فَتِهْتُ في تجديفي؟
أيُّ طيرٍ قد رفَّ في ريش جَناحي فأمســـــــــى كالعِهْنِ في مَنْدُوفي ؟
بِتُّ مثلَ الرِّياحِ تَخْفِقُ في قَشٍّ وقلبي يهتزُّ فيـــــــــهِ وَجيفِي
غَيْمَتِي ضَحْلةٌ يُنقِّطُ مِنْهَا المـــَـــــــــــــــــــاءُ بلا غَارفٍ ولا مَغْرُوفِ
عَجِزَ الوَصْفُ أنْ يُحِيطَ بِكُنْهِي
أَوَ يُرْجَى وَصْفٌ بلا مَوْصُوفِ؟
أَوَ تُبْنَى الأَفْعَـــــــالُ مِنْ غيرِ تَعْلِيـــــــــــلٍ و يُرْجَى عَطْفٌ بلا مَعْطُوفِ؟
إنَّ نحوَ النُّحَاة عَنْدِي بلا مَنْحَىً وصَرْفي اسـْــــــــــــــــتَوى بلا تَصْريفِ
وجميعُ الأسْــمَاءِ عندي سَواءٌ
دِيفَ فيــــــــــــــــها التَّنْكيرُ بالتَّعريفِ
لا تجادلْ في فَلْسـَــــــــــــــــــــــفَاتِ تَهَاويمي ففيها نَسَفْتُ كُلَّ حَصِيفِ
أنا وَحْدِي المَخْبُوءُ خَلْفَ المرَايا
لا يَرَاني مَنْ كانَ خَلْفَ سُدوفي
أنا وَحْدي المدفونُ في بَرْزَخِ النُّورِ ووحدِي المَخْفِيُّ خلفَ كُشوفي
أنا صِفْرُ الأَصْفَارِ في كُـــــــــــــلِّ مَعْدُودٍ وأَلْفِي في العَدِّ كلُّ الأُلوفِ
وَخَيالي في كُلِّ رَفَّةِ بَدْرٍ
يَتَجَــــــــلَّى ولو بوَمْضِ الكُسُوفِ
إنَّ بين السِّوَى وبينَ تهاويمي خَيـــــــــــــــــــــالاً يَنْأَى عَنِ التوصيفِ
وإذا بُحْتُ سِرَّه لنْ أُبالي
أُذُناً أنكَـــــــــــــــــــرَتْ صَدَى تخريفي
إنَّ صوتي مُزَّيفٌ بالأَحَاجِي
لايُبالي الألغـَـــــــــــــــــــــازَ في تزييفي
وَانطلاقِي مُقيـــَّـدٌ بانطلاقي
لا يرَاهُ المدَى بعَيْنِ الكَفيفِ
وقُيودِي انْطِلاقُها في وُقوفي
وإذا مــَـــــــــــــا وقفْتُ جُزتُ وُقُوفي
وإذا أُلْقِيَتْ سَفيني بِبَحْرٍ
أوَ تنْجُوْ بها يـــَــــدَا مَكْتـُـــوفِ؟
رُحتُ أَسْتَلُّ من ضُلوعيَ مِجْــــــــــــــدَافي لِكَيْمَا أَرُصَّ فيهِ صُفوفي
وأزجَّ الشِّـــراعَ في المـــوجِ تِيهاً
لا أُبالي جَوائــِـــــــــــــــــــــحَ التَّجْريفِ
وإذا قِيلَ سَوفَ تَهْلِكُ لنْ أخْشَــــــــــى ظُنونَ التسويفِ والتخويفِ
أيُّها الواقفُونَ خَلْفَ وُقُوفي
لنْ ترَوْا عَرْشَ وَقْفَتي في سُقوفي
فأنا المُنْتَفِي وما عُدْتُ أدري
أيُّ حَـــرفٍ قدْ حَافَ في تحريفي؟
إنَّ هَذِي الحُروفَ فـِيَّ تماهَتْ
صُحُفاً شَانَ كُنْهَهَا تَصْحِيفِي
فاقرؤُوني في كُلِّ ومضةِ حَرْفٍ
وتحاشَوْا ما جُنَّ في مَحْرُوفي
واقرؤُوني في كلِّ مَخْبَئِ كُنْهٍ
واحذرُوا التِّيـــهَ في رُؤَى توصيفي
وَاسْتعينُوا بِشَقْشَقَاتِ جُنوني
وبمعنَى التَّزْ ييــــــــــفِ في تَزْلِيفِي
وَانْظُرُوا فـِيَّ كلَّ حِذْقٍ وخَلْطٍ
تُبْصِرُوا فـِيَّ كلَّ شَطْحَةِ ” صُوفِي”
شطَحَاتي مابُحْتُ فيها بسِرِّي
أو بما غُمَّ في بَهِيمِ طُيُوفي
هيَ مثلي المجهولُ في كلِّ جَهْلٍ
وَهُتـــَـــــــــــــــافي تَهَاتُفُ المَخْرُوفِ
وكلانا كَمَا الخريفِ خواءً
وكلانــا خَفْقُ الصَّدَى في الحَفِيفِ
وكلانا غَمَاغِمٌ ثَرَّةُ الصَّوْتِ كما الرِّيــــــحِ في الهُبوبِ الهَفِيــفِ
فإذا كنتَ تشتهي الحَنْظَلَ المُرَّ فذُقْ شـــــُـــــــــهْدَنا بِمُرِّ القُطُوفِ
وتمخَّضْ بخوضِهِ كُلَّ حَوْضٍ
قدْ تنزَّى في مُشْــــــــــــتَهَاهُ نزيفي
رُبَّمَا رُبَّما تَنَسَّــــــــــمُ في فوحي المندَّى رحيـــــــــقَ رَوْحِ الخُلُوفِ
رُبَّمَا رُبَّما تموتُ بكَ النَّجْوَى فتحيـــــــــــــــا منْ غيرِ عِشْقٍ شغوفِ
رُبَّمَا رُبَّما تهَاوَى بك الدُنيــــــــــــــا فتجثُو في كَهْفِنا المعصوفِ
تَسْتَشِيطُ الحيــــــــاةُ فيكَ وتَغْلِي
في حَنايــَـــــــــاك َ صَرْخَةُ الملهوفِ
وقتَها عَرِّجَنْ بنا كَيْ تَرَانا
في أَحَـــاجِي التَّنكيرِ والتَّعريفِ
وَالْزَمَنْ “نَحْوَنا” وأَدرِكْ معَاني “النـَّــحْوِ” فينا في الوَصْفِ والمَوْصُوفِ
وَافْقَهَنْ “نحوَنا” ولا تُخْطِئِ الإعرابَ فيـــــــــــنا في العَطْفِ والمَعْطُوفِ
وَاسْمَعَنْ أَنَّةَ الُّلغَاتِ بنجـَـــــــــــــــــوَانا تُصَابي حُرُوفَها بالحُرُوفِ
هيَ حيناً تئنُّ بالنَّحْو ِ جُورَاً
وبوَزْنِ العَرُوض في التَّعْزيفِ
غيرَ أنَّا لا نَقْهَرُ النَّحْوَ بالنَّحْوِ امْتنـــــــــــــاعَاً للصَّرْفِ و المصروفِ
وأُرَانا خَلْفَ اللغاتِ َسبَقْنَا
عِلَّةَ الحرْفِ دُونمـــــــــــا تَسْويفِ
وحَرَفْنَا الحُروفَ بالنُّور والنــَّــــــــــــــــارِ فزاغَ التَّحْريفُ بالتَّحْريفِ
ها هُنا حَرْفُنا صَريعُ المعَاني
فالتمِســْــــــنا هُنـــا بِمَعنَى الحُتُوفِ
هَاهُنا هَاهُنا حُرُوفُ مَرَايانَا تَمَاهَتْ بينَ السـَّــــــــــــنَا وَالسُّجُوفِ
نص محكم الإبداع.. وتمكن من الأدوات