غسل الأموال جريمة تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، إما عن طريق تجارة المخدرات وإما الإتجار بالبشر وغيرها، وتعد جرائم غسل الأموال من الجرائم الاقتصادية التي تقلق المجتمع الدولي لما يترتب عليها من آثار خطيرة على المستوى الدولي مثل زعزعة الأمن والاستقرار الدوليين، وكذلك على المستوى الداخلي للدول لما لها من تأثير على الاقتصاد الوطني بشكلٍ عام، وعلى نزاهة القطاع المالي واستقراره بشكل خاص وانعكاساتها السلبية على الاستثمارات الأجنبية وغيرها، لذلك وفي ظل التعاون الدولي لمواجهة هذه الجرائم فإن دولة الامارات العربية المتحدة تحرص على دعم تلك الجهود الدولية في هذا الصدد، ويتضح ذلك جليًا في الجهود المبذولة التي تهدف لرفع مستوى المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال من خلال استصدار قوانين جديدة تتعلق بمكافحة غسل الأموال أو تعديل قوانين قائمة، و في هذا الصدد صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، ويأتي هذا القانون لدعم الجهود الدولية والتعاون الدولي في مواجهة جرائم غسل الأموال ولتطوير المنظومة التشريعية في دولة الامارات، لما لذلك من دور مهم في ضمان التزام الدولة بالمعايير الدولية لمكافحة جرائم غسل الأموال، وفي إطار التزام دولة الامارات بمواجهة تلك الجرائم، وتعزيزًا لمكانتها التنافسية في هذا الصدد ولمتابعة المتطلبات الدولية في إطار مكافحة هذه الجرائم تم إنشاء المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في عام 2020، كما تم إطلاق منصة رقمه (goAML) بالتعاون بين وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات، وتهدف هذه المنصه لجمع وتحليل المعلومات المالية بما يتوافق مع متطلبات مكافحة غسل الأموال، وألزمت جميع المؤسسات والشركات الماليه بالتسجيل في هذه المنصة، وتقوم وزارة الاقتصاد بصفتها الجهة الرقابية بالإشراف على “قطاع الأعمال والمهن غير المالية المحددة” على مستوى الدولة والمناطق الحرة من أجل مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، كما تقوم أيضًا بدور مهم في دعم ملف الدولة للتصدي لجرائم غسل الأموال، كما استحدثت إدارة متخصصة في هذا الصدد بمسمى “إدارة مواجهة غسل الأموال” تقوم بمتابعة وتنفيذ خطط الوزارة التشغيلية في هذا الإطار والتوعية والرقابة والتفتيش على الأنشطة المدرجة تحت قطاعات الأعمال والمهن غير المالية المحددة كافة ، وفق أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، كما أضطلعت وزارة العدل بدورها في هذا الجانب فقامت بإنشاء محاكم متخصصة لنظر هذا النوع من الجرائم وتم اطلاق منصة “فوري تيك” الذكية وهي نافذة موحدة تضم مختلف الجهات الاتحادية والمحلية تمتاز بدعم تواصل الجهات كافة، وبسرعة اتخاذ الإجراءات والقرارات في غضون 3 ساعات للكشف عن الجرائم المالية
الجدير بالذكر أن جميع الجهات ذات العلاقة في دولة الإمارات تضطلع بدورها في مكافحة جرائم غسل الأموال من خلال التنسيق المستمر والوثيق بينها والتعاون الدولي في هذا الصدد، وتأتي هذه الجهود في إطار التزام دولة الإمارات بالمعايير الدولية في مكافحة هذه الجرائم ، وللحفاظ على استقرار وسلامة النظام المالي والاقتصادي في الدولة.
*المدير العام لجمعية الإمارات للمحامين والقانونيين – فرع أبوظبي
زر الذهاب إلى الأعلى