قصة قصيرة     عمل إضافي للمديرة! عادل السميطي    –    الإمارات

ارتفع رنين هاتف مكتب “خلود” مديرة قسم الخدمات النسائية في إحدى الدوائر الحكومية الكبيرة، فرفعت السماعة وكان على الطرف الآخر “حسان” رئيس الدعم الإداري:

• صباح الخير أستاذة خلود، أود إشعارك بأن عاملة النظافة مريضة، وسنأخذها إلى المشفى، وبعد الانتهاء سنرجعها للعمل.

صمتت “خلود” لفترة ثم قالت: شكرا يا حسان، أرى أنه لا داعي لإرجاعها للعمل، دعها تذهب إلى سكنها لكي ترتاح فيه، فهي لم تقصر في عملها سابقًا.

حسان: ولكنك تعرفين بأنها العاملة الوحيدة لدى قسمكم الذي تتردد عليه المراجعات بكثرة، حيث تلزمه الحاجة إلى عناية مستمرة، وبالتالي وجودها مهم جدًا.

ردت “خلود” بهدوء: لا بأس يا حسان، خذوها للعلاج واتركوها ترتاح هذا اليوم، وستكون الأمور عندنا على ما يرام بإذن الله تعالى.

اعترض “حسان” قائلًا: وماذا عن الشكاوى التي سترد من المراجعات؟ من يتحمل مسؤوليتها؟

ابتسمت “خلود” قائلة: أنا!

سكت “حسان” للحظة ثم قال: حسنًا هو قرارك وأنت المسؤولة، مع السلامة! انتهى الحوار الهاتفي بين “خلود” و”حسان” واستغرق كل منهما في عمله.

بقي في ذهني سؤال:  يا ترى لماذا اتخذت تلك المديرة ذلك القرار؟ ألم تفكر في مصلحة القسم؟ ماذا عن سمعة الدائرة؟ وماذا عن حق المراجعات في استخدام دورات المياه النظيفة؟! ماذا يدور في ذهنك يا “خلود”؟ هل ستكلفين إحدى الموظفات بتنظيفها؟! لكن كل موظفة لها اختصاصها ومن الطبيعي أن يرفضن ذلك! كان الأمر بسيطًا جدًا سيعالجون عاملة النظافة ثم ستعود للعمل الذي ستؤديه مستخدمة بعض المسكنات الطبية! عموما الآن عليك أن تتحملي المسؤولية ولا تتهربي منها! وأنت أخي القارئ وأختي القارئة ماذا لو كنت مكان “خلود” كيف ستتصرف؟!

عودة إلى المديرة “خلود” التي غلبت الجانب الإنساني الذي طغى عليها وآثرت منح تلك العاملة البسيطة استراحة حتى تعود للعمل بكامل طاقتها في اليوم الثاني، وقامت بشيء قد يصعب على ممن هو في منصبها أن يقوم به، فقد كانت تترد على دورة المياه المخصصة للسيدات ما بين وقت وآخر لتقوم بتنظيفها وحدها وإخراج المهملات منها! لماذا  قامت “خلود” بذلك؟ لأنها تعتبر مقر عملها مثل بيتها تماما! فهذا ليس عملًا إنسانيًا فحسب؛ إنما واجب وطني وحس ديني وولاء وظيفي! تحية راقية لك ولأمثالك يا “خلود”،       والأمر الآخر والأغرب أنها لم تعلن عما قامت به ولم تطلب أي مقابل أو تكريم!