في سياق مواصلة الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، لابد من طرح السؤال التالي:
هل الاكتفاء، اكتفاء علماء الأمة العربية الإسلامية بالبقاء في دائرة الانتظار لتلقي نتائج الدراسات والبحوث العلمية الموضوعية، التي يتم التخطيط لها بدقة من قِبَلِ العلماء والباحثين من خارج تلك الدائرة، الذين لا يمتلكون توجيهات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وإرشاداتها؟! ومِنْ ثَمَّ الإنفاق بسخاء على تنفيذها بعناية فائقة، واستقراء نتائجها بدقة وموضوعية وتَجَرُّد، ليقدموا لبني البشر على سطح كوكب الأرض المعرفة العلمية الرصينة بما ييسر لهم فهم ما يحيط بهم من آيات الله المرئية؟! وبعد ذلك يأتي مروجو مقولة “الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة” لتلقي تلك النتائج، ثم البحث في آيات القرآن العظيم والأحاديث النبوية عما يتوافق مع تلك النتائج، والقول عندئذ: إن القرآن العظيم والسنة النبوية المشرفة، قد سبق هؤلاء الباحثين بالإشارة إلى ما توصلوا إليه حديثاً من نتائج، قبل ما يربو على ١٤٠٠ عام، أهكذا تكون الدعوة إلى إقناع غير المسلمين الذين ليس لهم احتكاك مؤثر بالعقيدة الإسلامية؟! أم أن يُبادر أصحاب هذه العقيدة لتخطيط مشروعات البحوث العلمية التطبيقية، استناداً إلى الفهم السليم والموضوعي لتوجيهات الآيات القرآنية والسُّنة النبوية المشرفة وإرشاداتهما، وتنفيذها بحِرَفية علمية فائقة، وإنفاق الأموال بسخاء على تنفيذها ، والاقتناع بأنها سَتَجلب للأمة أعظم قيمة معنوية، وتحقق العائد الاقتصادي المضاعف أضعاف ما أُنْفِقَ عليها، وُتقدِّم بالتالي للمجتمع العلمي العالمي إنارات علمية مستمدة من الفهم السليم لتوجيهات الآيات القرآنية وإرشاداتها، والأحاديث النبوية الشريفة؟
إن الاكتفاء بالانتظار، وعدم المشاركة الفاعلة في أنشطة البحوث العلمية الهادفة لاستجلاء عظمة توجيهات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وإرشاداتهما في مجال استجلاء تلك العظمة في ما أودعه الخالق، الله سبحانه وتعالى، من دقة وإحكام في آياته المرئية في الكون المنظور، وترك الأمر للآخرين، ثم يأتي في ما بعد، مَن يقول، إن ما أسفرت عنه تلك البحوث من نتائج مبهرة، قد سبق ذكرها في آيات القرآن العظيم والأحاديث النبوية المشرفة.
إنه إعجاز علمي، قبل ما يربو على ١٤٠٠ عام، ويروح لمقولة “الإعجاز العلمي في القرآن والسنة”، ظناً منه أنه بهذا القول يحقق نصراً أو تميزاً على غيره ! هو بالقطع لا يدري أنه يقدم لهم السلاح المعنوي الذي يجعلهم يستهزئون به وبما يدع إليه، ولسان حالهم (لسان حال غيرهم) يقول: لو أنكم فهمتم كلام قرآنهم وأحاديث نبيكم، لكنتم أول من خطط للبحوث العلمية التطبيقية، وأنفق على تنفيذها بسخاء؛ ولكنتم رواداً في مجال استشراف حقائق آيات الله المرئية في الكون المنظور التي جاء ذكرها في كتابكم القرآن العظيم، وأحاديث نبيكم الذي لا ينطق عن الهوى كما فعل أسلافكم، ولكنكم حالياً أمة من النيام بدرجة الموتى لا حياة فيها، ولا أمل في شفائها من داء التغني بالماضي، وبما لديها من كنوز المعرفة الحقة التي تتطلب العمل الجاد، دون بذل الجهد والمال، والصبر، والمداومة والتواصل مع المجتمع العلمي العالمي بموضوعية. فأين أولياء أموركم، وأثريائكم، وعلمائكم من هذا؟ فكفاكم التغني دون القيام بالعمل، لأن المؤمن الحق هو الذي يتبنى الإيمان بصدق ما لديه، والعمل على رؤية ما خَفي من آيات الله في الكون. وللحديث بقية بإذن الله.