يواصل المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة جلسات ملتقى أديبات الإمارات السابع، حيث تم تنظيم جلستين في “المقهى الأدبي” في الشارقة، وكانت الجلسة الأولى بعنوان “هي بين الكتابة والنشر، شاركت فيها الكاتبة والناشرة أميرة بو كدرة، والكاتبة والناشرة شيماء المرزوقي، وأدارت الجلسة الكاتبة والإعلامية عائشة الرويمة.
حضر الجلسة عدد من الأديبات والمهتمات بالشأن الثقافي منهن نجيبة الرفاعي، أسماء الزرعوني، عائشة العاجل، والشاعرة حمدة خميس، وصالحة غابش، وغيرهن، وعدد من طالبات جامعة القاسمية، وبدأت الرويمة الندوة قائلة:
نلتقي اليوم في ندوة اعتبرها الجسر الثقافي لمستقبل الأدب الإماراتي .. حيث تحمل الندوة عنوانا مهما ألا وهو: “هي بين الكتابة والنشر” نتحاور مع أديبات دخلن عالم النشر بعمق وسعة عمق الكتابة وسعة النشر .
وطرحت عائشة الرويمة محاور وتساؤلات عديدة خلال الندوة، منها: بما أننا نتحدث اليوم عن النشر، فهل كانت الكتابة باباً لدخول تجربة النشر؟ هنا أجابت أميرة بو كدرة قائلة: كوني كاتبة فمن الطبيعي أن أحمل هم النشر أكثر لأني أقدر قيمة الكلمة، وأبحث عن الكاتب المبدع، وهدفنا من خلال دار “غاف” للنشر أن ننهض بالثقافة الإماراتية”، بينما تحدثت شيماء المرزوقي قائلة: “بالنسبة لي، هاجس صناعة الكتاب، بات منذ اليوم الأول المحرك الرئيسي، كوني أصبحت جزءاً من هذه الصناعة من خلال الكتابة والتأليف” ، وأكدت المرزوقي أنها رغبت أكثر في دخول عالم النشر، وقررت المبادرة بتأسيس دار “التفرد” للنشر بسبب عدد من التجارب مع دور النشر، التي تولت طباعة ونشر كتاباتها، حيث عانت من شح المعلومات المتعلقة بالتوزيع، وعدم قدرتها على الاحتفاظ بحقوقها كمؤلفة”.
وانتقلت الرويمة لمحور آخر وهو : كيف تثري تجربة الكتابة العمل في مجال النشر؟
حيث أكدت شيماء المروزقي أن الكتابة هي العمود الرئيسي في صناعة الكتب، وفي مجال النشر بصفة عامة. بينما أكدت أميرة بو كدرة أن الكتابة بالطبع هي التي تثري عملية النشر، مشيرة ومؤكدة قوة عمليات النشر في دولة الإمارات بسبب توفر الإمكانات والمواد والأجهزة المتطورة والتسهيلات كافة لاصدار الكتب، وأضافت قائلة: “نحن محظوظون بتواجدنا على أرض دولة الإمارات التي تقدم كل أشكال الدعم لنا”.
وتساءلت الرويمة عن توفر مواد خام لهذه الصناعة من كتابات مبدعة وأقلام مميزة، وأكدت بو كدرة أن هناك الكثير من الكتابات المبدعة التي تنتظر فرصتها للنشر والوصول للقراء، وقالت:” نبحث باستمرار عن الأقلام الجديدة الواعدة، ونمنحها الفرصة للنشر من خلال الدار، كما أننا لا نتردد في نشر أي ابداعات حتى لو لم تكن جديدة، ومنها مثلا كتابات الشاعر الإماراتي الراحل محمد بن حاضر، والذي حرصنا على نشر كتاباته تقديراً لأهميتها ورغبة منها في أن تصل للجميع.
وأكدت شيماء المرزوقي “ضرورة أن نتعامل مع كل كتاب نصدره على أنه كتاب عالمي سيصل للجميع ولابد وأن يفهمه الجميع، لذا علينا أن نختار المحتوى بدقة وهذا ما نعمل عليه من خلال الدار”.
وانتقلت الرويمة إلى محور آخر، بخصوص كتب الأطفال، حيث أكدت بو كدرة حاجتهم لرسامات متخصصات برسومات قصص الأطفال، مؤكدة أهمية الرسوم المعبرة والجاذبة للطفل، وهذا ما أكدته المرزوقي التي قالت: “80% من قصص الأطفال تعتمد على الرسومات، ومع ذلك لابد أن نشير إلى أهمية الكتابة للطفل، ومدى صعوبتها، فليس من السهل التقرب من مستوى تفكير الطفل والكتابة له لتكون الكلمات فعلاً مؤثرة فيه وقريبة منه”.
وتساءلت الرويمة في المحور الأخير من الجلسة حول المفهومات الحديثة كالذكاء الاصطناعي وتوظيفها في الكتابة، حيث أكدت بو كدرة انحيازها التام للكتاب الورقي، مؤكدة على أنه من المفيد استخدام الذكاء الاصطناعي في الأنشطة المرتبطة بالقراءة، ولكن لا يمكن أن تصبح بديلاً عن الكتاب، بينما أكدت المرزوقي أن الذكاء الاصطناعي يخدم الكاتب اليوم من خلال تسهيل عمليات التصميم والنشر للكاتب.
الحوار
تم فتح باب الحوارات في نهاية الجلسة، حيث أشارت الشاعرة حمده خميس إلى الهم الذي يعيشه الكاتب في ظل اعتبار صناعة الكتب تجارة لتحقيق الربح فحسب من دون النظر إلى حقوق الكاتب، مؤكدة أنه من الخطأ أن يدفع الكاتب ثمن بضاعته، وأن يطلب منه دفع تكاليف الطباعة من دون أن تكون له أي حقوق، وهذا ما أكدته الكاتبة أسماء الزرعوني، لتؤكد بوكدرة والمرزوقي أن هذه السلبيات والإجحاف في حقوق الكاتب كانت سبب حرصهما على تأسيس دور نشر تحرص على حقوق الكاتب.
وختمت الرويمة الجلسة الأولى مؤكدة “ضرورة أن يعرف الكاتب حقوقه، و أننا نريد استعادة زمن تقدير الإبداع والحفاظ على قيمته”.
و عقدت الجلسة الثانية بعنوان “الأدب والذكاء الاصطناعي” حيث أدارت الجلسة الأديبة صالحة عبيد حسن، وشاركت فيها مجموعة من الأديبات والمهتمات بالشأن الثقافي، منهن د.بديعة الهاشمي، د.مريم بيشك، الكاتبة أمل فرح، الكاتبة والأستاذة الجامعية شمس الإسلام حالو، وعائسة العاجل وغيرهن…
بدأت صالحة عبيد حديثها قائلة: “يتجه العالم فيما يتجه بخطوات سريعة نحو فكرة المستقبل الكامل، تلك التي توظف كافة الامكانات التكنولوجية والعلمية لخدمة مجتمعات متطورة مرفهة، صحية تستكمل العمل على مفهوم الحضارة، ولعل أبرز هذه الخطوات هي خطوة الاتجاه نحو الذكاء الاصطناعي وتوظيفه أو تأهيله لنتحرى الدقة، ليكون فاعلاً في كل مجالات الحياة الانسانية، التي يأتي الابداع لكي يكون بطبيعة الحال جزءاً منها، متقاطعاً معها وطارحاً كما هو الحال الفكرة المبدعة والسؤال الحيوي…هل فعلاً يتقاطع الابداع مع الذكاء الاصطناعي؟ هل يخدمه أو بالعكس يضعف وجوده؟”
وأكدت د.بديعة الهاشمي قائلة: “مفهومنا التقليدي عن الأدب والشعر وكافة أشكال الثقافة..أنها تنبع أساساً من المشاعر والحاسيس، وتعكس تجارب وأفكار الكاتب، وقد نتفهم تطور العصر الحالي واتجاهنا بسرعة نحو كافة أشكال التكنولوجيا، ولكن بالمقابل قد نجد الكثيرين بين مؤيد ومعارض لفكرة أن يؤلف الروبورات قصائد شعرية”، واستعرضت الهاشمي بعض هذه القصائد مؤكدة “خلوها من الأخطاء اللغوية وسلامتها نحوياً لكون من كتبها هو روبورت تم تلقينه المعلومات كاملة مسبقاً، ولكننا نلاحظ خلوها من المشاعر المعتادة في القصائد”.
وأشارت الكاتبة أمل فرح إلى “أننا عادة نخاف مما نجهل، وهذا هو سبب خوفنا من الذكاء الاصطناعي، لأننا وضعنا كل المدخلات في هذه الصناعة ولكننا نجهل المخرجات”، وقالت: “وإن كنت أرى أننا سنتجه إلى أن نصبح نحن كالروبورتات”، وضربت مثلاً في هذا حول المجيب الآلي الذي نواجه عادة صعوبة في التفاهم معه ولا نصل للخدمة التي نريدها، مؤكدة أننا مع الوقت سوف نضطر لتعلم مصطلحات هذا المجيب الآلي ونستخدمها لنصل إلى هدفنا، كما أشارت إلى ضرورة الاهتمام بالأطفال وإبعادهم عن الأجهزة قدر المستطاع، والحرص على أن يمارسوا فنون الرسم والقراءة والرياضة وغيرها، لأن الاستمرار في التعامل مع الجهاز نفسه لفترة طويلة سيضعف مهارات الطفل، كما ترى شمس الإسلام حالو من واقع تجربتها مع الطالبات أن الطلبة اليوم وبعد عامين من جائحة كورونا والتعلم عن بعد أصبحوا يجدون صعوبة في الامساك بالقلم والكتابة، فهم يرغبون فقط باستخدام الأجهزة وهذا مؤشر سلبي، فكيف لطلبة أن يعجزوا عن التعبير بالكتابة، وأضافت موضحة: ” لذا أنا لست ضد الذكاء الاصطناعي بالعكس هو يسهل الكثير من الأمور، ويختصر الكثير من الوقت والجهد ولكن دون الاعتماد الكلي عليه، كي لا نتلاشى ونذوب أمام سطوة الأجهزة والتكنولوجيا في النهاية”.
وتحدثت عائشة العاجل عن “الميتافيرس” قائلة: هو مصطلح يطلق على ما وراء العالم أو الواقع من تفاعلات وهو المحرك الأساسي للذكاء الاصطناعي، كما أن الأدب الحديث يستخدم الذكاء الاصطناعي كرافعة له من خلال الوسائط الإلكترونية وهما يتفاعلان في شكل متساوق ومحايث للوعي الإنساني والجمعي ، خاصة وأن الخصائص الجديدة للأدب الحديث فيها من الإحالات والتشعب والوفرة المعلوماتية والإضافات الصوتية والصور ما يمكن أن يثري النص الأدبي ويضيف له معطيات جديدة وفاعلة قادرة على التأثير والتفاعل مع المتلقي الجديد، وإن المتغير الحقيقي هو كُنه المتفاعلات في الأدب الإنساني، وليس الشكل الأدبي فقط، فالأشكال تتبدل وتتغير بما تؤتى من دوافع فطرية (وميكانزمية)، فهي فالأساس نتاج ما تم بذره في الأصول الإنسانية من نوابع الخير والشر.
من جهتها أكدت د. مريم بيشك ضرورة الاطلاع على آراء وتجارب الأشخاص المتمرسين في هذا المجال، حيث أن التجارب الغربية قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال، وعلينا الاستفادة من تقييمهم لسلبيات وإيجابيات الذكاء الاصطناعي، وتحدثت عن تجربة الكاتب “كارل شرودر” اتجه للكتابة في الخيال العلمي مما جذب فئة الشباب لكتاباته ودفع المسؤولين لاختيار قصصه لتكون مادة تدريسية في المدارس بما أنه قريب من فكر واهتمامات الشباب، وكان الملفت أنه وفي إحدى المقابلات قال: إننا نعيش ثورة ثقافية أكثر من كوننا نعيش ثورة تقنية. وقالت بيشك موضحة: “لا يمكننا تجاهل الأخلاقيات عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي، لهذا نحتاج لبنية تحتية جديدة من القيم والأخلاق تتناسب ونطور الذكاء الاصطناعي، وبالمقابل لا يمكننا أن ننكر إيجابيات هذا التطور فمثلاً يمكن للذكاء الاصطناعي جعل العملية التعليمية أفضل إن نحن عرفنا كيف نتعامل معه”.
زر الذهاب إلى الأعلى