في المقدمات التي أوجدتها الظواهر الكونية، بإرادة الله ووفق مشيئته، على سطح كوكب الأرض، بما أدى إلى نشأة الأجسام المادية للكائنات الحية
١- تمهيد
كثيراً ما يتساءل المرء عن الكيفية التي نشأت بها الأجسام الحية بصفة عامة، ونشأة الإنسان ليست استثناء لذلك، على سطح كوكب الأرض. فهل بالإمكان استشراف الإجابة على هذا التساؤل استرشاداً بما يمكننا استشرافه من توجيهات الآيات القرآنية وإرشاداتها ذات العلاقة بهذا الأمر؟
في هذه الحلقة نحاول تقديم عناصر لمنهجية التفكير التي ينبغي على المرء الالتزام بها في بحثه عن إجابة لهذا السؤال، وذلك ضمن المفهوم الذي نؤكد على تبنيه باعتبار أن الآيات القرانية ذات العلاقة، هي دليل هداية وتوجيه للإبداع العلمي، دون اعتبار كونها إعجازاً علمياً فحسب. وبداية يجب أن يدرك المرء أن أي جسمٍ حيٍّ يتكون من شقين أساسيين:-
أحدهما بناؤه الهيكل…
مواصلة للإرسالية السابقة:
** أما ما يتعلق بالشق الأول (البناء الهيكلي، أي التركيب الكيميائي المادي الجسماني للكائن الحي) فقد كثُرت وتنوعت الاجتهادات والتفاسير للآيات القرآنية والأحاديث الشريفة ذات العلاقة في كيفية نشأته؛ ورغم ذلك لا يجد المرء في كثرتها وتنوعها ما يشير إلى أنها قد استشرفت توجيهات الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة ذات الصلة، وإرشاداتها باعتبارها دليل هداية، وموجهاً للإبداع العلمي، بطريقة موضوعية ومنهجية تُنير الدرب للمتأمل في كيفية نشأة بذرة الحياة بإرادة الله الخالق، على سطح كوكب الأرض من مواد كيميائية بسيطة.
في إطار هذه الحلقة وما يليها، سنحاول عرض ما نستشرفه من توجيهات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وإرشاداتها، ذات الصلة في ما يتعلق بالعوامل البيئية التي أسهمت في نشأة جسم الكائن الحي الذي بَعث فيه خالقه، الله سبحانه وتعالى، الروح بعد تسويته، من مواد كيميائية بسيطة التركيب، لعبت مجموعة من العوامل الكيميائية، والظروف البيئية، باعتبارها الأيدي المسخرة بإرادة الله، دوراً حاسماً في بنائها، للقيام بأداء العمل المطلوب منها على أكمل وجه. وباعتقادنا أن هناك ثلاث ظواهر طبيعية/ بيئية أسهمت في نشأة بذرة الحياة على سطح كوكب الأرض، وهي:-
الأولى: ظاهرة البراكين التي تفجرت بأعداد موهولة من جوف الكرة الأرضية بعد أن تجمدت طبقتها السطحية، وقذفت الحمم البركانية من جوفها مصحوبة بخليط من الغازات (المواد غير العضوية) التي اشتملت على بخار الماء، وغاز ثنائي أكسيد الكربون، وغاز النشادر (الأمونيا)، وغاز الميثان، وغاز كبريتيد الهيدروجين؛ والتي تجمعت في جوف السُّحُب الرُّكامية.
الثانية: ظاهرة البرق الذي انطلقت موجاته من خلال السُّحُبْ الركامية وأحدثت في خليط الغازات البركانية المُجَمَّعة في جوف السُّحُب الرُّكامية التفاعلات الكيميائية الموجَّهة بإرادة الله الخالق ومشيئته، سبحانه وتعالى. تلك الظاهرة التي عادة ما تكون مرافقة لهطول الأمطار بغزارة على سطح الأرض.
الثالثة: الأمطار الغزيرة المنهمرة من الغيوم الركامية، وما يتبعها من التقلبات الجوية على اليابسة من سطح الكرة الأرضية، بين الرطوبة نتيجة الأمطار، والجفاف نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتَبَدُل مواقع التجمعات المائية، بين الرطوبة والجفاف على سطح الأرض.
وفي ما يلي نود التأمل في توجيهات الآيات القرانية ذات العلاقة، وإرشاداتها بهذه الظواهر البيئية.
٢- البدايات الأولى لعملية خلق/ إيجاد الكائنات الحية على ظهر كوكب الأرض
أ : آيات ظاهرة البَرق في السُّحب الركامية
ما علاقة البَرق بنشأة الحياة على سطح الأرض، وما هي حقيقته، وكيف ينشأ في السَّحَابَ الثِّقَالَ، وكيف أسهم في نشأة الحياة؟
كثير من الناس لا يتفكر ملياً في ظاهرة البَرق، ونادراً ما تَفكر المرء في الدور الذي يلعبه البَرق في نشأة الحياة على سطح كوكب الأرض، مع العلم أنه لولا البَرق لما وجدت حياة على ظهر هذا الكوكب، فكيف ذلك؟!
القارئ للقرآن الكريم، والسنة النبوية المُشَرَّفَة، يجد عدداً من الآيات القرآنية التي تشير إلى ظاهرة البَرق؛ كما يجد الحديث الشريف: “اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، …؛ يلاحظ هنا أن الرسول الكريم قد نَطق بقوله كلمة “فَكُلٌّ”، وهي كلمة شاملة لكافة المخلوقات، أياً كان نوعها. واستناداً إلى هذا الفهم الشامل للحديث الشريف، يكون الماء، والسَّحاب، والبرق، والرعد، والمطر (الغَيْث) مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ.
يُلاحظ في الآيات الكريمة التي تتحدث عن السحاب، أن كلمة (أو عبارة) البَرق تأتي في الآية مرافقة للكلمات (أو العبارات) التي تَصِف ما يَحدُث لتَجَمُّع الغيوم الركامية (السَّحاب الثِّقال) في السماء:-
* أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِى سَحَابًا، (يتشكل السَّحَاب نتيجة تَبَخُّر المياه السطحية بفعل الحرارة وأشعة الشمس، وارتفاع الأبخرة على هيئة سُحُب خفيفة رقيقة السُّمك في طبقات الجو العليا فوق سطح الأرض تتحرك بانسياب وأناة).
ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ، (تَتَجَمَّع السُّحب الخفيفة المتفرقة بفعل الرياح مع بعضها البعض لتنشأ من ذلك طبقات سُحُب متآلفة ومنتظمة التنسيق بما يؤدي إلى ظهور فرق جهد كهربائي بين سطحي السَّحابة، حيث يُظهر سطحها العلوي الشحنة الموجبة، ويُظْهر سطحها السفلي الشحنة السالبة للسحابة الركامية).
ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا، (يجري تنظيم مجموعات السُّحُب الخفيفة رقيقة السُّمك، بوساطة هبوب الرياح، على هيئة طبقات بعضها فوق بعض بما يؤدي إلى تكوُّن السُّحُب الركامية، وبالتالي نشوء فرق جهد كهربائي بينها، يتزايد مقداره باستمرار مع زيادة تراكم طبقات السُّحُب بفعل حركة الرياح الشديدة).
فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَٰلِه، (عندما يصل مقدار فرق الجهد الكهربائي بين طبقات السُّحُب الركامية “العلوية والسفلية” حداً معيناً يسمح بحدوث التفريغ الكهربائي، يظهر ذلك التفريغ على هيئة موجات البرق ذات الوميض الشديد الذي قد يحدث العديد من الأضرار المادية).
وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍۢ فِيهَا مِنۢ بَرَدٍۢ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ، يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلْأَبْصَٰرِ (النور: ٤٣)؛ (من ضمن الأضرار التي يسببها وميض البرق أن يفقد المرء إذا تعرض له، حاسة بصره، لشدة ذلك الوميض).
** هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا، (هو الله الذي يُري المرء وميض البرق، محذراً له من أخطاره، ومبشراً له بنزول الغيث)
وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (الرعد: ١٢)؛ (ولكي يحدث البرق المخيف والمبشر بنزول الغيث “المطر الغزير”، لا بد من أن تنشأ السحب الركامية كبيرة الأحجام ثقيلة الأحمال من المياه، مِن تَجَمُّع السُّحُب الخفيفة رقيقة الأحجام، وذلك بمساعدة حركة تيارات الهواء الشديدة)؛
* وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا، وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، (تجدر الملاحظة في هذه الآية الكريمة، أن إحياء الأرض بعد أن كانت ميتة، (بمعنى أنه لم تكن الأحياء بأنواعها المختلفة قد ظهرت على سطحها)، إثر ظهورها كوكباً سياراً ضمن المجموعة الشمسية، قد جاء نتيجة نزول ماء المطر (الماء النازل من السماء) عليها بغزارة. ماذا يعني ذلك؟ وما علاقته بالآلية التي أدت إلى ظهور الحياة على سطح كوكب الأرض؟؟؛
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (الروم: ٢٤)؛ الإجابة هذا السؤال تأتي من البشر الذين يُعْمِلون مَلَكَة العقل لديهم، والتَّفَكُّر في ما خلق الله للوقوف على ما توجه إليه وترشد به آيات الله المرئية في ما يحيط بهم من مظاهر الحياة).
** اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا، (هذه الفقرة تؤكد أن حركة الرياح تعمل على إثارة بخار الماء من المسطحات المائية على ظهر كوكب الأرض، فتنشأ بذلك السُّحُب)،
فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ (تعمل تيارات الهواء على تحريك تلك السُّحُب كبيرها وصغيرها، ثقيلها وخفيفها، بالكيفية التي تؤدي إلى انتشارها وفق مشيئة الله لتأدية الغرض الذي سخرت من أجله).
وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا، فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ، (وما أن يتم تجميع كُتَل السُّحُب المتفرقة في مجموعات منتظمة بالكيفية التي تؤدي إلى حدوث عملية التفريغ الكهربائي وظهور البرق، يتساقط ما تحمله من الماء على هيئة أمطار متدفقة على سطح الأرض)،
*** …. أَوْ كَصَيِّبٍۢ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ، ….. ؛ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ …… (البقرة: ١٩ و ٢٠)؛ (يُستفاد من هذا التشبيه أن المطر الذي مصدره الغيوم الركامية الكثيفة التي تحجب بكثافتها ضوء الشمس، ينزل بغزارة، كأنما يُصَبُّ صَباً، ويكون دائماً مصحوباً بومضات البرق التي قد تؤذي المرء في بصرة، والصواعق الرعدية التي قد تؤذي المرء في سمعه).
والآن عودة إلى السؤال الذي قدمنا به الحديث، وهو: كيف نشأ أو تَكَوَّن البناء الهيكلي، أي التركيب الكيميائي المادي الجسماني للكائن الحي، وما علاقة البرق، وانهمار المطر العزيز من الغيوم الكامية بإيجاد ذلك التركيب أو البناء المادي لجسم الكائن الحي؟؟
للإجابة على هذا السؤال، لا بد للمرء من التعرف إلى الدور الذي لعبته كل ظاهرة من الظواهر البيئية المشار إليها سالفاً في نشأة المكونات المادية لجسم الكائن الحي، وليكن جسم الإنسان، مثالاً لذلك. ونبدأ بالسؤال: مم يتركب جسم الإنسان بصفة رئيسة؟
يتركب جسم الإنسان بصفة رئيسة من مواد عضوية حيوية (البروتينات مادة اللحم، والدهون مادة الشحم، والعظام)؛ وما هي المواد الأولية العضوية البسيطة التي تنشأ منها هذه المكونات؟ تنشأ من الأحماض الأمينية، والأحماض العضوية، والكربوهيدرات، وفوسفات الكالسيوم؛ وكيف تنشأ المركبات العضوية من مواد أولية بسيطة؟ تنشأ أو تتكون تلك المواد، باستثناء عنصر الفوسفور، من: بخار الماء (H2O)، وغاز ثنائي أكسيد الكربون (CO2)، وغاز النشادر (الأمونيا NH3)، وغاز كبريتيد الهيدروجين (H2S)، وغاز الميثان (CH4)؛ وهذه المواد عبارة عن مركبات كيميائية بسيطة غير عضوية؛ ومن أين تأتي هذه المواد؟ تأتي من جوف الكرة الأرضية، حيث تنفثها البراكين بصحبة بخار الماء، ومصهور الصخور، (الحمم البركانية)، وتتجمع في طبقات الجو فوق سطح الأرض.
لقد قُدِّر عدد البراكين حالياً، التي تنفجر سنوياً في كافة أرجاء الكرة الأرضية بحوالي خمسمائة (٥٠٠) بركان، تقذف ملايين الأطنان من الحمم البركانية وخليط بخار الماء والغازات المشار إليها أعلاه. أما في العصور الأولى لنشأة الكرة الأرضية فلا شك في أن عدد البراكين المتفجرة على سطحها آنذاك كان أضعافاً مضاعفة لما هو عليه في الوقت الراهن، مما يؤدي بالتالي إلى الاعتقاد بأن الكرة الأرضية كانت سابحة في جوف غمامة من بخار الماء والغازات البركانية المرافقة له التي تقذفها البراكين من جوف الكرة الأرضية. أي أن البراكين أوجدت في الغلاف الجوي المحيط بسطح الأرض المواد التي تحتوي العناصر الأساسية لبناء أجسام الكائنات الحية.
وفيما يلي سوف نحاول التعرف على دور كل ظاهرة بيئية في نشأة الأجسام المادية للأحياء على سطح كوكب الأرض، وذلك من خلال عملية السؤال، والجواب.
أ – نأتي الآن إلى السؤال: ما هو دور موجات البرق في نشأة المكونات العضوية الأساسية لبناء جسم الكائن الحي من المواد الكيميائية غير العضوية المجَمَّعَة في الجو المحيط بسطح الأرض؟؟ وبداية نود أن نعرض الكيفية التي تحدث بها موجات البرق. لماذا يحدث البرق في الغيوم الركامية، ولا يحدث في غيرها من الغيوم الخفيفة، رغم كونها ممطرة؟! فقد تمطر السماء لمدة زمنية طويلة دون أن يحدث أثناء تلك المدة موجات برق؛ في حين أنها قد تمطر زخات كثيفة من الماء (المطر) لمدة زمنية قصيرة، وتكون تلك الزخات مصحوبة بهبوب تيارات هواء شديدة باتجاهات متغيرة، ما يؤدي إلى حدوث موجات برق كثيفة. (غيوم ركامية + تيارات هواء باتجاهات متغيرة ينتج عنها زخات مطر كثيفة مصحوبة بموجات برق شديدة). لقد أصبح الآن معلوماً أن الغيوم، هي عبارة عن بخار ماء ارتفع بفعل التيارات الهوائية إلى طبقات الجو العليا فوق سطح الأرض. ولكي يؤدي الماء كافة المهام الموكلة إليه بإرادة خالقه ومشيئته، الله سبحانه وتعالى، وكما عبر عن ذلك الحديث النبوي الشريف “فَكُلُّ مُيَسَّر لما خُلِقَ لَهُ” (يرجى ملاحظة كلمة “فَكُلُّ” في هذا الحديث)، فقد أكسبه الله خصائص فيزيائية، وكيميائية، وأخرى كهربية، لأداء المهام التي وُكِّلَ بأدائها على أكمل وجه. فجزئ الماء (H2O) الذي يتألف من ذرتين من غاز الهيدروجين (2H) مرتبطتين بذرة واحدة من غاز الأكسجين (O)، يوجد بشكل هندسي على هيئة مثلث متساوي الساقين، قاعدته ذرتا الهيدروجين، ورأسه ذرة الأكسجين، ومقدار زاوية الرأس حوالي (١٠٤) درجات. ونظراً لكون قوة جذب ذرة الأكسجين للشحنة الكهربية السالبة “التي يُعَبَّر عنها بالإلكترونات” أكبر من قوة جذب ذرة الهيدروجين لها، فإن كثافة الشحنات السالبة (الإلكترونات) في محيط ذرة الأكسجين في البناء الهيكلي/الهندسي لجزئ الماء تكون أعلى من كثافتها في محيط كل ذرة على حدة من ذرات الهيدروجين وهو ما يُعَبَّر عنه عادة بأن تُعطى ذرة الأكسجين إشارة جزئية سالبة ( -) ؛ وتعطى كل ذرة من ذرات الهيدروجين إشارة جزئية موحبة (+). وبالطبع يكون مقدار ما يظهره البناء الهيكلي/الهندسي لجزئ الماء من الشحنات الموجبة عند طرفيه (في محيط ذرات الهيدروجين) مساوياً تماماً لما يظهره من كثافة الشحنات السالبة في محيط ذرة الأكسجين.
ماذا يحدث عندما يتبخر الماء من المسطحات المائية بتأثير أشعة الشمس والحرارة متحولاً إلى بخار ماء يتجمع في طبقات الجو العليا فوق سطح الأرض، حيث ينشأ من تلك الأبخرة الغيوم والسُّحب الركامية؟ تتجمع جزيئات الماء (بأطرافها ذات الشحنات الكهربي المتناقضة) على هيئة قطيرات ماء مشحونة كهربائياً، يكون أعلاها موجب الشحنة، وأسفلها سالب الشحنة، مما يؤدي إلى أن ينشأ بداخل تلك السُّحب والغيوم الركامية فرق جهد كهربائي، يتزايد بفعل الرياح التي تثير تلك السُّحُب بصفة مستمرة إلى أن يصل فرق الجهد لنقطة الانفجار، فيحدث التفريغ الكهربائي على هيئة عاصفة البرق مصحوبة بالرعد. هذه الظاهرة تحدث عادة في السُّحُب/الغيوم الركامية، وغالباً ما تكون مصحوبة بهبوب رياح شديدة. وتقدر درجة حرارته عاصفة البرق بما يربو على ثلاثين ألف ( ٣٠،٠٠٠) درجة مؤية. ماذا يعني ذلك بالنسبة لإحياء الأرض بعد موتها، ونشأة الحياة على سطح كوكب الأرض؟ للإجابة هذا السؤال نواصل الحديث عما يحدث لخليط الغازات البركانية التي تجمعت في جوف الغيوم الركامية.
خليط الغازات البركانية (وهي مواد كيميائية غير عضوية أولية بسيطة) التي أشرنا إليها سابقاً، كان على مدى ملايين السنين، يتعرض أثناء وجوده في جوف السحب الركامية المُغَلِّفة للكرة الأرضية، لتأثير موجات البَرق التي من المؤكد أنها كانت تَحْدُث من دون انقطاع، وأن تلك الموجات قد أحدثت في خليط المواد غير العضوية الموجودة في جوفها (جوف السُّحُب الركامية) التفاعلات الكيميائية الموجهة بمشيئة الله وإرادته، ما أدى إلى نشأة المركبات العضوية الأولية البسيطة التي تكونت منها فيما بعد المواد الكيميائية الحيوية الأساسية (البروتينات، والدهون، والكربوهيدرات السكريات والنشا، والعظام) لبناء أجسام الكائنات الحيَّة. إن البحث عن معرفة تأثير موجات البرق على خليط الغازات البركانية، باعتباره يمثل البيئة الغازية الأولى على سطح الأرض، قد شد انتباه الكيميائي ستانلي ميلر الذي كان أول مَنْ فَكَّرَ في ذلك، حيث قام بإجراء تجاربه في العام ١٩٥٣م، في محاولة منه لمعرفة الكيفية لبداية نشأة المركبات العضوية على سطح الأرض. لقد قام ذلك العالم الفذ بتعريض خليط من الغازات التي تماثل خليط الغازات البركانية لومضات/موجات التفريغ الكهربائي، باعتبارها تمثل موجات البرق التي تضرب خليط الغازات البركانية في جوف السُّحب الركامية. وكانت المفاجأة أنه استطاع الحصول على العديد من المواد العضوية الأساسية (الأحماض الأمينية، والقواعد الأساسية) لبناء المركبات الكيميائية الحيوية؛ وقد أدى تكرار تلك التجربة بعد ذلك، من قِبَل عدد من الباحثين عن المعرفة، إلى التَّعَرُّف على معظم المركبات التي تُبنى منها الخلية الحَيَّة، بما في ذلك القواعد الأساسية لبناء جزيئات الحامض النووي.
والسؤال الآن: ألم يكن في العام ١٩٥٣م علماء مسلمون في مجال علم الكيمياء، قرؤا القرآن الكريم، واستوعبوا توجيهات آياته وإرشاداتها، ليبحثوا في كيفية نشأة الحياة على سطح الأرض، ويجرون تجاربهم العلمية الموضوعية بهذا الشأن؟
بالطبع كان هناك الكثير من المتخصصين في مجال علم الكيمياء، وبخاصة الكيمياء العضوية، والحيوية من أبناء الإسلام، عرباً وعجماً، ولكن كان، وما يزال، ينقصهم التَّفَكُّر في توجيهات الآيات القرانية والأحاديث النبوية الشريفة وإرشاداتها، حيث صدقت فيهم الآيةالكريمة: “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (الفرقان: ٣٠)”.
لقد عملت زخات المطر المنهمر بكثافة من الغيوم الركامية على جلب المواد الكيميائية العضوية الأساسية التي نشأت في جوف تلك السُّحُب إلى سطح الأرض، لتختلط بأديم الأرض؛ ومن ثَمَّ تبدأ عمليات تَحوُّل المواد الكيميائية البسيطة إلى مواد عضوية حيوية مركبة أثناء تَعرُّض خليطها للتغيرات الجوية التي تَعَرَّضَ لها سطح الكرة الأرضية عبر فترات زمنية طويلة متعاقبة، ومتبادلة بين الرطوبة والجفاف. وللحديث متابعة بإذن الله، نتحدث فيها عن الكيفية التي نشأت بها أجسام الكائنات الحية على سطح الأرض
موضوع شيق وممتع ومهم . ان الروح من أمر الله . وارى في الثقوب الدودية او ما يعرف بالثقوب السوداء ممر للصعود والهبوط من السماء الى الأرض .وفي هذا إيات كثيرة عن الله عز وجل والملائكة والجن والانسان . ولكن بحثك ذو صلة بما اقول وهو موضوع علمي مادي يختص بكمياء المواد العضوية التي يتشكل منها الانسان والمخلوقات .فكيف لو ربطناهابالروح وكيف تعرج . لقد اصبت مواقع في البابنا سلمت يداك .وجزاك الله خيرا ووفقك فيما هو خير للإنسان والعلم مع كامل محبتي واحترامي وتقديري.مهند الشريف
أخي مهند
أحييك وأشكر لك مواصلتك على تصفح ما أقدمه من تأملات في توجيهات الآيات القرانية والأحاديث النبوية الشريفة وإرشاداتها، لعلها اكون بداية لحث فئة علماء الأمة في كافة مجالات المعرفة للتأمل في ما توجه إليه وترشد به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وإرشاداتها في مختلف مجالات أنواع العلوم، وبخاصة في ما يتصل بالعلوم المادية، لعل الله يهدي بها أناس كثيرة، لتتخذ من تلك التوجيهات والإرشادات دليل هداية للإبداع، ومن ثم العمل استناداً على تلك الإرشادات والتوجيهات، لرقي الأمة الإسلامية، وعدم الوقوف عند اعتبارها إعجازاً علميا، فحسب.
نعيم رضوان ..
مقال أضاء الكثير من المعلومات وأنار الطرق لكل من يريد أن يبحث في عالم الحياة الكونية ولدينا الكثير من العلماء الذين يبحثون في هذا المجاال علا ابحاثهم تسهم في تنوير العالم بمكونات الحياة
موضوع شيق وممتع ومهم . ان الروح من أمر الله . وارى في الثقوب الدودية او ما يعرف بالثقوب السوداء ممر للصعود والهبوط من السماء الى الأرض .وفي هذا إيات كثيرة عن الله عز وجل والملائكة والجن والانسان . ولكن بحثك ذو صلة بما اقول وهو موضوع علمي مادي يختص بكمياء المواد العضوية التي يتشكل منها الانسان والمخلوقات .فكيف لو ربطناهابالروح وكيف تعرج . لقد اصبت مواقع في البابنا سلمت يداك .وجزاك الله خيرا ووفقك فيما هو خير للإنسان والعلم مع كامل محبتي واحترامي وتقديري.مهند الشريف
أخي مهند
أحييك وأشكر لك مواصلتك على تصفح ما أقدمه من تأملات في توجيهات الآيات القرانية والأحاديث النبوية الشريفة وإرشاداتها، لعلها اكون بداية لحث فئة علماء الأمة في كافة مجالات المعرفة للتأمل في ما توجه إليه وترشد به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وإرشاداتها في مختلف مجالات أنواع العلوم، وبخاصة في ما يتصل بالعلوم المادية، لعل الله يهدي بها أناس كثيرة، لتتخذ من تلك التوجيهات والإرشادات دليل هداية للإبداع، ومن ثم العمل استناداً على تلك الإرشادات والتوجيهات، لرقي الأمة الإسلامية، وعدم الوقوف عند اعتبارها إعجازاً علميا، فحسب.
نعيم رضوان ..
مقال أضاء الكثير من المعلومات وأنار الطرق لكل من يريد أن يبحث في عالم الحياة الكونية ولدينا الكثير من العلماء الذين يبحثون في هذا المجاال علا ابحاثهم تسهم في تنوير العالم بمكونات الحياة