مقالات

هل تذهب دروس المونديال هباءً منثورًا ؟ مصطفى محمد*       –      الإمارات    

مصطفى محمد

 

  • جاءت العاصفة الدعائية المحتدمة، سلباً وإيجاباً، المصاحبة لإقامة كأس العالم 2022 في دولة قطر العربية لتكشف النقاب أو ربما لتُعري حقيقة تهافت وترهل استراتيجية محركات المحتوى الإعلامي الرياضي العربي خلال العقدين الأخيرين! سواء المحتوى الرسمي أو التجاري بما فيها الانتاج الفردي على منصات التواصل الاجتماعي لمن يُطلق عليهم “مؤثرين”!

  • فمنذ أن تم وأد فكرة تكوين كيان اتحاد إذاعات الدول العربية التابع للجامعة العربية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، والذي نشأ تعبيراً عن رؤية عربية جمعية طموحة ومستشرفة لواقع ومستقبل صناعة الساحرة المستديرة عالمياً

☆ والذي حاول تحقيق هدف اقتصادي، وهو كبح جماح ارتفاع فاتورة حقوق البث للدوريات الكبرى وللبطولات الدولية.

☆ وهدف اجتماعي سياسي، بتوفير منتج الترفيه الممتع للجمهور العربي المثقل بالأعباء، مجاناً!

☆ وهدف أهم، وهو التحكم في الرسالة النهائية لهذا المنتج وقصرها على الترفيه، لتجنب تسلل مفاهيم خارج المستطيل الأخضر من قيم وأفكار تلك المجتمعات والتي تخالف هوية منطقتنا ومبادئها الراسخة!

  • حال تستر بعض المنتفعين خلف توجه يشبه الابتزاز، بادعائهم بتعارض (تحكم الحكومات في صناعة الإعلام الرياضي) مع آليات السوق والمنافسة ومع أدبيات انفتاح العولمة، دون اكتمال المشروع الواعد! ناهيك عن أن هناك دائماً من يتربص لافساد أي مشروع عربي مشترك في الإعلام أو غيره!

☆ ليحوِّل هذا التوجه المتوحش الدفة لتدشين تقبل منهج الاحتكار، الذي بدأ بشراء مجموعة قنوات خاصة ناشئة حقوق البث الحصرية بأسعار فلكية آسالت لعاب “الفيفا” والاتحادات الأوروبية، ثم باعت هذه المجموعة عقد الحقوق لمشترٍ جديد غامض التوجهات والأجندة، دفع أضعاف القيمة السوقية الحقيقية للاستحواذ على تلك الحقوق في منطقتنا، في خُطوة لا يفسرها علم الاقتصاد!

☆ لأنه ببساطة رُغم جُمُوح المحتكر في تسعير رسوم الاشتراكات على المواطن العربي (المسكين بطبعه)، فإن هذا المحتكر غير قادر حتى على استرداد عوائدها، لأسباب عديدة منها ثقافة احترام الملكية الفكرية في بلادنا، وبإضافة مصاريف التشغيل المهولة إليها، تصبح الفائدة الاستثمارية شبه منعدمة مادياً!

☆ لكن .. ربما تفسرها سياسة شراء مكانة وحيثية تفوق قدرات المشتري الواقعية ديموجرافياً وتاريخياً، وحتى التفسير الأخير محل شك! في ظل عملية انحسار للأضواء، واضحة لأي متابع خبير، آخذة في إعادة (البالونة المصنوعة) لحجمها الطبيعي!

  • إذن ربما تفسرها أجندة مريبة!

صحيح لا نملك وثائق عليها، لكننا نرى نتائجها على أرض الواقع، والسياسات المصحوبة بالتشويش والبروباجاندا، يمكن قياسها من حيث النتائج وما آلت إليه الأمور من تأثير سلبي في وجدان و وعي شباب جمهور الكرة العربي، الذي تمت برمجته وتزييفه بامتياز، واعتماد حُسن النوايا هنا، لا يعدو كونه سذاجة مفرطة!

وذلك بعد أن تم الترويج المكثف لأيقونات وأندية ورموز ودول غير عربية، وتقديمها على أنها المثل والقدوة والنموذج الذي يجب أن نكون عليه!

وفي السياق ذاته احتقار وتسفيه أي قدوة أو منتج محلي!

لقد احتفل شباب عربي بفوز الأرجنتين وميسي بكأس العالم أكثر من اهتمامهم بإنجاز منتخبنا المغربي! أو حتى متابعة منتخباتهم الوطنية!

لقد خاضوا ولا يزالون، حرباً على منصات التواصل حزناً على هزيمة كريستيانو وتوديع نيمار وحسرة مبابي!

  • وقبل أن تعارض هذا الطرح، محاولاً تبرير الانسحاق الهوياتي بسبب فشل منظومة الكرة العربية وفسادها وإفسادها الحقيقي والواقع، ما أصاب شبابنا بإحباط دفعهم للهروب للأمام نحو منتج يشبع عاطفتهم الكروية (الملتهبة)!

عليك أن تُقنعني بالأدلة :

لماذا المتيمون بنجوم الكرة العالمية، هم نفسهم الشباب العربي، الذين يهاجمون أيقونات من جلدتهم، مثل محمد صلاح و رياض محرز وحكيم زياش ويسخرون منهم، في الوقت الذي يدعمون فيه لاعباً نرويجياً وآخر فرنسياً، ويعشقون كرواتياً وإنجليزياً!

  • وفي الختام ..

لعل تندر أبي الطيب المتنبي يعكس حالنا ونحن نغرد منفردين وحيدين آملين أن نستدعي ربيع وعي جديد ينتشلنا قبل فوات الآوان!

《وليس يصح في الأذهان شيء           إذا احتاج النهار إلى دليل!》

———————————

*محلل رياضي

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى