من ضمن التداعيات السلبية لظاهرة السيولة في إطلاق المصطلحات وبناء الأحكام، والتي تؤثر بدورها في جودة #الوعي لتتسع بسببها مساحة السطحية الفكرية والسلوكية، والأخيرة آفة، ربما تفسر ما وصلنا إليه من تدني المحتوى الإعلامي، مما يعيق الاستفاقة، وبالتالي يحرمنا من الاستيعاب الصحيح للمشهد، ومن ثم رسم استراتيجية سليمة للنهوض، بل للنجاة!
والمحوران (الفهم والتخطيط..بمعنى الوعي غير المزيف) هما الركيزتان لبناء إرادة تقودنا للتغيير!
من تلك المآسي التأسيسية، تعريف مفهوم الثقافة والمثقف》وقصره على مصطلح 《النخبة》!
والأسوأ هو افتراض أن كل من يحمل رسالة دكتوراه أو عضو هيئة تدريس أو صاحب رتبة أو من لديه اسم وسمعة في مجال ما..هو من ضمن النخبة المأمولة بالتبعية !
☆ فالمعنى الحقيقي والواقعي للمثقف:
هو الشخص الذي يحمل وجهة نظر.. يمتلك رؤية! سواء كان أكاديمياً أو حتى غير متعلم!
▪ووجهة النظر لن تكون معتبرة أو ذات قيمة تُذكر، إذا لم يكن المثقف قادرًا على إيصالها للمتلقي، وكذلك تبريرها بأسانيد وأدلة منطقية ومقنعة، بحيث يصمد طرحه أمام النقد.
▪عن أي فائدة تتحدث بامتلاكك رؤية؟ إذا لم تكن أهدافها سامية نبيلة تخدم تطور حركة المجتمع ومصالح المجموع؟
▪الأهم أن يكون المثقف مستعدًا لدفع ثمن رأيه واستقلاليته، سواء أمام السُلطة، أو لوبي المنتفعين، أو حتى تقبل خذلان الضحايا المغيبين!
☆ و وفقاً للطرح السابق
▪قد يكون شيخ قبيلة ذو رأي سديد، أو كبير عائلة له سطوة و”كاريزما”، أو شخص عادي ناجح في إدارة ذاته ومؤثر في من حوله، أوإنسان بسيط إيجابي عنده مبدأ وقيم عُليا تحكم تصرفاته، أو سيدة لا حيلة لها سوى قدرتها على الإيثار والتضحية والاستثمار في أبنائها، أو عامل مكافح مشبع بالاعتزاز بنفسه يُطوع التجارب والخبرات لمسايرة صعاب الحياة والتغلب عليها بحكمة
▪أي من هؤلاء النماذج، يستحق بجدارة أن يندرج تحت مصطلح المثقف، وجميعهم 《نخبة بامتياز》! نخبة ذات حيثية وجودة أفضل بكثير من ذاك الحامل للشهادة ولكنه تافه أو إمعة أناني بلا موقف واضح في الحياة، أو أيقونة جوفاء صنعتها “البروباجاندا”! باسم الوطنية تارة، وبستار النفوذ أو المال أو الوجاهة الاجتماعية تارة أخرى حتى ولو كان ذلك الشخص أكاديميًا.
(من المؤكد أن من يصنع التغيير للأفضل هي إرادة الشعب والوعي الجمعي للناس، لكن من يقود ويؤطر محركات ومخرجات هذا التغيير هي النخبة؟
فإذا ما فشلنا في تشكيل بنية هذه النخبة وقبل ذلك تعريفها بوضوح وشمولية، وهو الحاصل الآن للآسف، فلا فرصة إذن في بلورة طريق للخلاص!)