مقالات

دور الثقافة التنويري: إمارة الشارقة والحضارة العربية رفيق الرضي    –    الإمارات

 رفيق الرضي

ضمن التنوع والتكامل الذي تشهده دولة الإمارات العربية على المستوى الثقافي والأدبي، فإن الشارقة تحتل مكانة مرموقة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وتعتبر الفعاليات الثقافية والأدبية علامة مميزة إضافة إلى معرض الكتاب الدولي السنوي الذي يعد ضمن الأكبر في العالم من حيث مستوى مشاركة دور النشر والإقبال، وتعتبر الحركة الثقافية ما يُظهر مستوى الرُقي الحضاري لأي شعب من الشعوب، فالأعمال الثقافية من ستخلد الإنجازات والمآثر الحضارية من خلال الأعمال الأدبية والفنية.

المتعمق في المشهد يرى اهتمام المثقفين والأدباء العرب في حضور المجالس والفعاليات الثقافية، ممن يرون في محافل الشارقة الأدبية محطة انطلاق في رحلة الإنجاز والإبداع اللا متناهية، ويظهر الأمر في الفعاليات التي تنعقد في أبو ظبي ودبي وعجمان وبقية الإمارات، لكن للشارقة خصوصية ولمحافلها رونقًا خاصًا، ونورًا يجذب أقلام الكتاب والأدباء لمجالسها بهدف الحضور الذي يعني الكثير على المستويين المحلي والعربي، والجدير بالذكر أن الرعاية الكريمة المباشرة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة لهذه الفعاليات أكسبتها قيمة إضافية وجعلت التنافس في إظهار الأجمل خلال هذه الفعاليات.

 وبيت الشعر في الشارقة واهتمامه بالشعر العربي الفصيح وتاريخنا العربي المشرق ولغتنا العربية لغة الشعر والأدب وقبلهما القرآن الكريم، و كذلك الشعراء المشاركون فيه من خليجيين وعرب، يجعل منه منبرًا مهمًا لكل شاعر يقدم شيئًا ويسهم في تجديد الروح الشعرية العربية الأصيلة، وإضافة إلى ذلك يأتي مجلس الحيرة الثقافي والأدبي قي الشارقة وهو الذي يتبنى الشعر النبطي بمختلف مشاربه، ويستقطب محبي هذا الشعر الواسع الانتشار محلياً وعربياً، والذي له دلالة وعلاقة بالطبيعة العربية المتعلقة بالصحراء والمتداخلة معها روحاً ووجداناً، وبرغم ارتباط دلالة الكلمة محلياً بالشارقة،  فإن الخيال يعود بالوافد إلى مدينة الحيرة ودولة المناذرة وحكايات النعمان بن المنذر والشعراء الذين كانوا يتوافدون عليه وما قبله من ملوك المناذرة، ولا يلبث الفكر أن يذهب بعيداً وهو يتذكر كيف كانت الحيرة مأوى الشعراء الأوائل بمن فيهم عدد من شعراء المعلقات.

وما بين الشعر الفصيح والنبطي، يأتي دور النادي العربي الثقافي الذي له من اسمه نصيب، فهو يناقش الإصدارات والأعمال الثقافية بما في ذلك الشعر، والأروع في كل ما ذكرت أن هذه المنارات الثلاث تحتضن عددًا من الأدباء والمثقفين من مشارب ثقافية متعددة، وتحرص على فتح الباب أمام الإبداع والتجديد والتحديث مع الاحتفاظ بالهوية العربية والاعتزاز بها.

وأود الإشارة إلى القائمين على هذه المنابر الثقافية الرائدة الحريصين على نجاح فعالياتها، وكذا مستوى الحضور من مثقفين ومفكرين مواطنين وعرب، لهم إسهاماتهم على المستوى الإبداعي والنقدي ممن ترى في وجوههم الشغف والعشق للثقافة والشعر، ما يجعلك تبتعد عن تحديات الحياة اليومية وصعوباتها لتذهب في عالم آخر من السعادة الروحية وأنت تعود إلى الماضي بروح المستقبل وتعيش اللحظة بروح التفاؤل بأن القادم العربي سيكون أفضل.

سأذهب بالفكر بعيداً هذه المرة، نحو المستقبل وأنا أستشرف ما سيتحدث به الناس بعد سنوات من الآن، وكيف تحولت دولة الإمارات إلى قبس من نور يضيء للباحثين عن النور والسلام والثقافة ومحبي التسامح والحضارة درب يبدو كل ما حوله شديد الوعورة، قاس الظروف، وبين الماضي والمستقبل هنا حاضر وهنا حضارة رسم خطوطها العريضة مؤسسو دولة الاتحاد بقيادة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومعه بقية شيوخ الإمارات، ممن اختاروا طريق العلم المقرون بالعمل، وأصالة الماضي المتوافقة مع التحديث والتجديد، وممن رسموا منهجًا للتسامح والسلام اللذين هما روح الإسلام والأديان السماوية كافة، وممن جعلوا الشورى والمشورة منهج حياة في المضي قدماً نحو مستقبل إماراتي عربي مشرق وخالد في تاريخ البشرية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى