عمدت مجموعة من الباحثين وطلاب الهندسة المعمارية في الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة إلى المشاركة في مشروع جديد يعنى بالحفاظ على المباني القديمة في الإمارة، حيث تتعرض للإهمال في غياب عمليات الترميم والصيانة.
كورنيش رأس الخيمة القديم يقدم مشهدًا للمباني التقليدية المتدهورة المنتشرة على الساحل، والتي تم بناؤها منذ أكثر من 60 عامًا من المواد التقليدية -الحجر المرجاني ورمل البحر الممزوج بالأصداف البحرية، ومعظم هذه المباني في حالة سيئة، وبعضها يستخدم لأغراض التخزين. ومع ذلك، يوجد مرسوم بحظر هدمها.
وقد اعتبرت هذه المباني غير مرغوب فيها لأن قيمتها الاقتصادية قد تضاءلت، في حين زادت قيمة أراضيها بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأهمية الثقافية للمباني ليست مقدرة من قبل أصحابها أو من قبل الجمهور.
بماء على ذلك قرر فريق بحثي من الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة اتخاذ بعض الإجراءات الملموسة لمعالجة هذا الوضع، وأعد الفريق -الذي يضم الدكتورة إيمان العاصي والمهندسة عبير أبو رائد وقائد المشروع توفيق أبو حنطاش – ورقة بحثية حول الحفاظ على التراث الثقافي، وأطلق مشروعًا تجريبيًا للتعلم التجريبي يشرك طلاب الهندسة المعمارية في توثيق بعض المنازل التاريخية في منطقة المدينة القديمة. تم تمويل المشروع من قبل مؤسسة القاسمي.
تم تحديد ستة منازل تاريخية وفقا لمعايير محددة مسبقًا قبل أن يبدأ الطلاب عملهم الميداني. امتدت العملية ستة أشهر، التقط خلالها الطلاب صورًا لجميع المكونات، الخارجية والداخلية، كما قاموا بقياس وتسجيل الزخرفة على جدران وأسقف المباني، و للتحقق من دقة قياساتهم تم توظيف مساح محترف، ونُقِلت البيانات والوثائق إلى استوديوهات الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة، حيث تم تحويل القياسات والرسومات إلى رسومات فنية باستخدام برامج متخصصة، مثل AutoCAD و Revit. تمكن الطلاب من إنتاج رسومات دقيقة ثنائية الأبعاد وثلاثية الأبعاد. إضافة إلى ذلك، أنتج الطلاب شرائح ملونة تم عرضها للجمهور.
و قال الدكتور محمد الزرعوني النائب المشارك للأبحاث وخدمة المجتمع في الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة: “إن تثقيف الأجيال الشابة حول قيمة التراث وتأثيره على حياتهم الحالية لا يقل أهمية عن الحفاظ عليه. تتمثل إحدى الاستراتيجيات في دمج وثائق البناء التاريخية في مناهج التدريس لبعض البرامج التعليمية، مثل الهندسة المعمارية، و من خلال إنشاء وحدات تعليمية ذات نتائج تعليمية محددة سيتم تشجيع الطلاب على الاندماج المباشر مع تراثهم، وبالتالي التعرف إلى أهميته في سياق فهم المجتمع والثقافة الحديثة”.
مع وضع هذا الهدف في الاعتبار، تم تصميم دورتين من المنهج المعماري في الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة – التصميم الحضري والحفاظ على العمارة التاريخية – لدراسة السياق الحضري لمدينة رأس الخيمة القديمة والنظر في استراتيجيات الحفاظ عليها.
كان للمشروع تأثير عميق على علاقة الطلاب بالتراث الثقافي لإمارة رأس الخيمة وفهمهم له، وقالت لمى القاضي، إحدى الطالبات المشاركات: “تظهر الجواهر الخفية في أنقاض السنوات الماضية في الأنماط التقليدية في الزخارف الجدارية. “المجالس” والساحات المنسية تحمل المفتاح لدراسة ثقافة وأسلوب حياة الأجيال السابقة.
و قال الطالب مهاب حمادة: “العمل على توثيق المنازل القديمة فتح بصري على اتجاه مختلف في الهندسة المعمارية وعلمني الكثير عن العناصر التقليدية والثقافية للمنازل القديمة وأعطاني فكرة عن كيف كان الناس يعيشون حياتهم اليومية”.
أما رئيس فريق البحث السيد توفيق أبو حنطاش الأستاذ المشارك في الهندسة المعمارية والتصميم والتاريخ والنظرية فعلق بقوله : “من الأهمية بمكان الحفاظ على هذه القطع الأثرية المهمة للتراث الثقافي قبل أن تختفي. إنهم يمثلون الثقافة الغنية للمجتمع التقليدي الذي يعيش فيها. لذلك، يعد التوثيق أداة أساسية للاحتفاظ بسجل للمباني التاريخية وإتاحتها للرجوع إليها في المستقبل. وتفخر الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة بتنفيذ هذا المشروع الفريد الذي يمكن أن يساهم في جهود الحفاظ على البيئة”.
مزيد من التوصيات والسياسات المقترحة المرتبطة بتوثيق المبنى التاريخي في رأس الخيمة، بما في ذلك مشاركة الطلاب من خلال برنامج الهندسة المعمارية في الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة، تحمله ورقة سياسة مؤسسة القاسمي “زيادة الوعي بالتراث الثقافي: التعلم التجريبي، والتعليم المعماري، وتوثيق العمارة التاريخية في رأس الخيمة.