الدكتور عمر عبدالعزيز اسم له تميزه وإطلالته الخاصة في كل محفل، واللافت في شخصيته الإبداعية -على تعدد اهتماماته- أن هذا التشظي في نتاجه توحده صفة جامعة في عطائه هو الإشراق،وهذا الإشراق تجده في كلماته كاتب مقالة وكاتب رواية، وفي لوحاته فنانًا تشكيليًا، وفي عباراته متحدثًا ومحاضرًا، وهذا غيض من فيض.
هذه السطور توطئة لمقالة في رواية للدكتور عمر عبد العزيز كتبها الدكتور محمد أحظانا رأيت أن أتركها كما هي حفاظًا على ما فيها من خطاب دافئ وجمالية.
وائل الجشي
————————————————————- نافذة على الوجود وبوابة على ممارسة الحرية
أخي المبدع مهندس الإدهاش د. عمر عبد العزيز. كنت مستغرقًا هذه الأيام في قراءة رواية “المتسرنمون”، وقد قرأتك فيها بإيماآتك وتهويماتك وشطحك الذهني الحر.. وربما أكتب عنها بعض الخواطر التي عنت لي لاحقًا.
لقد أدهشتني الرواية من بين ما أدهشتني فيه: إبداعيتها غير المصنفة، وإصرارها الناعم خلال تموجاتها السردية وانعطافاتها الحلمية ، على التأبي عن التصنيف، واختراقها المتجدد لفضاء التوقع، وسباحتها في لجة الوجود الفردي بألفته ووحشته، والتفاف ذوائبه وانطلاق مستشعراته في فضاء فسيح تظلله عن بعد سماء الوجود الكلي الداهم، مما جعلني أقول في نفسي دون أن أقول لها: أفي صنوف الكتابة مذكرات جوانية النبع متدفقة في سهول الكيان الجمعوي الإنساني، على ضفاف الحكمة المجنونة والجنون المحكم، والتشتت المنتظم والانتظام المشعشع؟ أم في السرد على قربه نأي متحيز في أبعاد زمانية ولا زمانية، متمكنة ولا متمكنة، متموجة ومنسابة؟
كانت قراءتي لرواية “المتسرنمون” تذكرني تجليًا لذاتك بأبعادها المتماهية مع نشوة الوجدان، مرقومة على الورق.. أنت الذي عرفت ولم أعرف، متأرجحًا بين تهويماتك الإشراقية المنطلقة، وعقلانياتك الندية.
لقد قضيت أيامًا في قراءة الرواية من بين السطور، فخامرني كإحساس الراكب على زورق توطن الأمواج، فلم تشفع له مهارته في أخذ لحظة هدوء واحدة، كأنني أرتفع من سفوح الواقعيات المتدحرجة لأتسنم ذرى التشوُّف إلى البعد و أحلم بنسيم الشواطئ المتنائي كلما خامرني نسيان السباحة بين السطور.
“المتسرنمون” رواية تفتح نافذة على الوجود وبوابة على ممارسة الحرية عبر الأشكال المتاحة، والتعبير بالممكن عن المستحيل ضمن حدود المعنى المتحرر من إكراهات التحيز وثقالة الاستسلام للقدر الكتيم.