أخبار
أمسية غنية بدلالات الإبداع في “بيت الشعر” بالشارقة
الشعراء: عبدالسلام نجيب ومحمود الجيلي وحسام شدبفات
محمد عبدالله البريكي يتوسط الشعراء ومقدمتهم بعد تكريمهم من اليمين نور نصرة و حسام شديفات و عبدالسلام نجيب و محمود الجيلي
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم بيت الشعر التابع لدائرة الثقافة في الشارقة الثلاثاء 21 نوفمبر 2023 أمسية شعرية غنية بدلالات الإبداع أحياها الشعراء: عبدالسلام حاج نجيب ومحمود الجيلي وحسام شديفات بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير “بيت الشعر” في الشارقة، قدمت للأمسية وأداراتها نور نصرة مشيدة بدور “بيت الشعر” في الشارقة في في ظل الدعم غير المحدود من صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وذلك عبر تجديد دماء الشعر بإبراز الأصوات الشعرية على اخنتلافها، وتقديم أصحاب التجارب المحلقة في فضاء الشعرية العربية، مشيرة إلى دور الجمهور بتفاعله مع الأمسيات.
بدأ الإلقاء الشاعرعبدالسلام حاج نجيب بمقاطع من شعره معبرًا عن معاناته في البحث عن غده:
تعبتُ مِنَ المشيِ خلفَ غدي
تعبتُ.. تعبتُ
فَأَفلِتْ يَدِي
ويمضي في يحثه برفقة :
فتاةٌ بِعُمْرِ حديقةِ فلٍّ تَسُوقُ الحقولَ لفجرٍ نَدِي
تجيءُ بِكُلِّ أنوثتها
لتبحثَ عن ولدٍ مُجهَدِ
تجيءُ إلى موعدي كلَّ يومٍ
وتبكي على طرَفِ المقعدِ
-
●●●●●●●●
-٢-
أُقاسِمُها وحشتي
منذُ أن رمحَت خيلُها في سهولِ الحنينْ
أقاسِمُها ذكرياتِ الطفولةِ
واللّحَظاتِ
وَحزني الدَّفِينْ
أقاسِمُها وخزةَ القلبِ
طعمَ المرارةِ في حبّةِ الإسبرينْ
يدٌ توقظُ الليلَ بالصّمتِ
تمنحُ أنجمَهُ فسحةً للأنينْ
أُقاسِمُها الحبَّ حتى أرى اللهَ
يُدني السحابةَ للمذنبِينْ
لَكَمْ -في شوارِعِها- قد ركضْتُ
كطفلٍ يطاردُ قمحَ السِّنينْ
أنا مِن هنا يا رُعاةَ الخيالِ
أرطِّبُ بالشَّكِّ خُبزَ اليقينْ
أحاولُ ألّا يحاصرَ حلمَ السنابلِ
جيشُ إمامِ الطَّحينْ
أحاولُ أنْ أجرحَ الموتَ
حتى تكفَّ الحروبُ عن الأوكسجينْ
ويمضي في رحلة بحثه مع فتاته مستحضرًا البلاد وهموم العاشقين معبرًا عن فضاء الحب :
–٣
في بلدةٍ
أقفرَتْ مِنْ صوتِ صِبيَتِها
و مِن تغنُّجِ شبّاكٍ
بداليةِ
ومن بيوتٍ
قضى سكّانُها عمراً
يُعطِّرونَ بها شايَ المُسامَرَةِ
في بلدةٍ
دُورُها أسوار مقبرةٍ
في بلدةٍ لم تمُتْ بالحرب
لم تمتِ
باقٍ
رصيفٌ يربّي خطوةً
وُلِدَتْ كغيمةٍ فوق إسفلتِ المغامرةِ
باقٍ
ككنزةِ حرٍّ فوقَ حبل غسيلٍ
ليس ترضى بأجساد السماسرةِ
باقٍ
كدمعةِ أمٍّ
ودَّعتْ ولداً يداهُ ضَوَّعتا
عطر المعانقةِ
يا أيها البحرُ جئنا كي نموتَ هنا
كي لا نعيشَ على ذلِّ الأباطرةِ
-
●●●●●●●
-٤-
أريدُ غداً لا تجوعُ الطيورُ بهِ للرحيلْ
غداً ساخناً
مثلَ خبزِ القرى في أكفِّ العجائزِ يولدُ مِنْ صبرهنَّ الطويلْ
غداً من غمامٍ
ننامُ به مطمئنّين
أسماؤنا مَعَنا
والمراويل منشورةٌ فوق حبل الغسيلِ تجففها نجمةٌ في السماءْ
-
●●●●●●●●●
–٥
لو زرتَني
حينَ البلادُ تجوعُ
وأريجُ حقل الياسمين يضوعُ
والبائسون
يرقّعونَ قلوَبهم
الخوفُ يأمرُ والبكاءُ يطيعُ
لو زرتَني
وغسيلنا متطايرٌ
مثلَ الحمامِ وحبلُهُ مقطوعُ
وكتيبةٌ للبرد تحرسُ بيتَنا
والغيمُ في كفِّ السماء قطيعُ
وأنا على أملِ اللّقاءِ
كطفلةٍ
في قبو بؤسٍ بابُـهُ مخلوعُ
لو زرتَني
لعرفتَ كيف تموت كلَّ دقيقةٍ
أحلامُنا ونضيعُ
لو زرتني كيما تعودَ لِقَريَتي ضحِكاتُها
ويُسَقسِقَ الينبوعُ
-٦-
ويمضي الشاعر راسمًا صورة الحب عنده في قوله:
“أبي هذا النَّدى والوردُ أُمّي
فَمَن سَمَّاكِ يا صحراءُ أُختي..؟!” ويقول في مقطعه :
سَأُنكِرُ أنَّني أطلَقتُ صَوتي
رصاصاً طائشاً في وجهِ مَوتي
سأُنكِرُ أنَّ حَنجرَتي زنادٌ
وأنَّ قصائدي نايٌ لِـصَمْتي
وأعدُو ما استطعتُ كأيِّ طفلٍ
تنفَّسَ عُمرُه
من خدِّ بِنتِ
أبي هذا النَّدى والوردُ أُمّي
فَمَن سَمَّاكِ يا صحراءُ أُختي..؟!
-
●●●●●●●
-٧-
لكِ الليل.. لي قلقي الأحمقُ
لكِ الأفق.. لي صمتيَ المطبقُ
وللهاربين بأحلامهم
إلى لوزِ عينيك أنْ يغرقوا
فتحتُ شبابيك قلبي
لكَي يتشمّسَ في دميَ الزنبقُ
وأيقظتُ عصفورةً في سماءِ الكلامِ
لكي يبسُمَ الأزرقُ
وَيَفرطَ فصلُ الشتاءِ الغيومَ
ليهربَ من (قُزحٍ) زورقُ
تعالي إلى لغتي
كرياحٍ على بابِ أسئلتي تَطرُقُ
وكوني القصيدةَ
كوني الجنون الذي ليس يدركهُ مَنطِقُ
-
●●●●●●●●
-٨-
دعوا هذي البلادَ لعاشقِيها
لأنهُرِها.. ومشمشِها
دعوها
لِسمراءٍ تعانقني
فألقى بِعَينَيها البلادَ
ونازحِيها
لأطفالٍ
وحبّةِ برتقالٍ
تحنُّ إلى شقاوةِ قاطفِيها
دعوا حجَراً على حجرٍ
لنحيا كسنبلةٍ على الأطلال فيها
-
●●●●●●●●●
-٩-
اللَّاجئونَ إلى أحلامِهم فُقَرَا
ذابوا مع الحزنِ حتّى أصبحوا مطَرا
مِن دمعِهمْ
أقرَضوا الأنهارَ دهشَتَها
ومِن رباباتِهم قد أطلَقوا القمرَا
لم يكتبوا الشّعرَ
إلا أنَّ سُمرتَهم كانت مجازاً
وصلّى خلفَهُ الشُّعَرَا
أسماؤهم لغةٌ خضراءُ
يَصهلُ في ذنوبِها وَتَرٌ كي يُنضجَ الصّورا
كان الشّتاءُ صبيّاً في منازلهم
على بَساطةِ أغنيّاتِهم
كَبُرا
الهاربونَ من الأسماءِ
مِن مدنٍ
تحاربُ الحبَّ كي لا يجرحَ القدرَا
كانوا قناديلَ أحلامٍ تضيء
فمَنْ
يا ربّ زَوَّرَهم كي يصبحوا
بَشَرا ؟
-
●●●●●●●
-٩-
بينما يصحَبُ الغمامُ الغماما
والنَّدى يلتقي صغارَ الخزامى
يطبخ الشرق -شرقنا-
حزنَ أمٍّ
تطعمُ الأرض أنبياءً يتامى
كلّما بشّروا سماءً بربٍّ
تثخنُ الحربُ في الرمال انتقاما
أيها الموت قل لأمِّي إذا ما
نثرَ الليل دمعها: كانَ ياما
كافراً كان كافراً بالكوميديا
كافراً .. كافراً بهذي الدراما
ووحيداً كما يليقُ بنذلٍ
أنفقَ العمرَ في وداعِ الندامى
قلَّمَ الخوف قلبه من زمانٍ
منذ ألقى على الشموسِ السِّهاما
يشتهي شاطئاً أشدَّ جنوناً
يشتهي فسحةً أخفَّ ازدحاما
…..
يا التي صوتها شواطئ صمتٍ
يا التي صمتها يضجُّ كلاما
علّمَتني أصابعي كيف يغوي ثغرك العذب في الصباح اليماما
كيف أطفو على بريق الليالي
كلما أنطقَ الجَمال الرّخاما
…..
ليس لي ثأرٌ
لا ولا جئتُ أسعى من أقاصي مقامرات القدامى
سأغني كما يليق بطفلٍ
ريثما يبلغ الجنون الفطاما
في البلادِ التي يصير المغني
في ميادينها غريباً إذا ما..
البلاد التي
تخاف علينا مثلما قد نخاف منها تماما
أرهَقَتنا بحبها
أرهَقَتنا ورَمتنا إلى الضياع عظاما
وألقى الشاعر محمود الجيلي عددًا من قصائده التي ينطلق فيها من ذاته ليبوح برؤيته وهواجسه: “يا صورة للذات حين تلألأت
أنفاس عمري تحتمي بإطارها”
هذ بيت من قصيدة يقول فيها:
غنت هنا و بكت على مزمارها
و أذابت الدمع الثخين بنارها
مدّت يديها للرياح و أشرعت
فتكسّر المجداف في أنهارها
صوفية الأعماق إلا أنها
صبّت ليالي الوجد فوق نهارها
عرفت خبايا الروح حين تمايلت
فتمايلت أغصانها بثمارها
و سرت خيوط الضوء بين أزقتي
فأضاءت الأركان من أنوارها
همست بأذني (يا حبيب) فلم أكن
إلا كجرم دائر بمدارها
يا صورة للذات حين تلألأت
أنفاس عمري تحتمي بإطارها
يا نشوة السُمّار حين تقاسموا
طرب الحديث يسيل من أوتارها
ما ذقت كأسًا مثل رشفة سحرها
فرمت على عينيّ بعض دثارها
قد دثرتني مرتين فلم أفق
قد كنت أقرأ آيتين بغارها
السرّ أفشى ما يكون بعينها
والعشق أسمى ما يكون بدارها
الهجرة الكبرى إليها تنتهي
ومهاجرالأحداق من أنصارها
وفي قصيدة أخرى يعبر عن عمق إحساسه بـ “بنت قلبي” وما حدث حين أطلق سرها:
سر بعينك يغنيني عن السفر
يا بنت قلبي و يا أرجوحة السمر
أعطيت سرّك للنجمات فأتلقت
فعم نورك للأرياف و الحضر
أهديت عطرك للأيام فأنبجست
من صخرة العمر أنهارٌ من الزهر
الكحل سال على خديك حين بكى
جفن فسال سواد الحظ في المطر
الذنب ذنبي و الساعات تصفعني
و الريح من ندمي تعوي على شجري
أنا القميص ولا أرجوك تبرئةً
إن قُدّ من قُبُلٍ أو قُدّ من دُبُر
أجريتُ دمعك حين البعد أجبرني
و الليل أرسل أحزانا إلى السحر
قد قلت أنك روحي في المدى زمناً
القلب عندك و الأحلام يا عمري
قد قادني قلقي من دون معرفة
من دون خارطة لطريقه الوعر
إن كنت أرحل في الدنيا مكابرة
فقد أخذت معي عينيك يا قدري
وكان إلقاء الشاعر حسام شديفات ختام الأمسية ومما ألقاه قصيدته “الحقيقة” التي يبحث عنها في “شَعر الحياة”:
مُسلّماً فكرَةً أولى ومنطلِقا
لِغيرِها.. للتخاييلِ المُسلسَلَةِ
وواضِعاً دفَّةَ الأفكارِ في يدهِ
مخافَةً من تعابيرٍ مُزلزِلَةِ
يقولُ لامرأةٍ في القوسِ قد مَشَطَت
شعرَ الحياةِ وتبدو مثلَ أرمَلَةِ
: هل الضجيج الذي في الرأس يوصلُني
إلى الحقيقةِ؟ قالَت: قيدَ أُنمُلَةِ