للشعر العربي أسراره منها ما يباح ومنها ما يبقى بين دفتي ديوان العرب، فماذا لو تكلمنا عن أحسنه؟ قال العرب: أعذب الشعر أكذبه.
إن ولادة الحدث الشعري كذبة أو اختلاق، وكذلك الصورة والتضمين، والخيال هو عملية من صنع الشاعر إن كان بوعيه أو بلا وعي، أو بحدسه، والحدس عملية تراكمية تركيبية في عقله. يقول عنترة:
فإذا شربت فإنني مستهلك
مالي وعرضي وافر لم يُكلمِ
وإذا ظَلَمت فإن ظلمي باسل
مر مذاقته كطعم العلقم
هذه الانسابية والعذوبة التي تختلط بالقوة والجزالة والبلاغة، هي من قوة القصيد، والموسيقا التي يختارها الشاعر المتناغمة مع الحدث الشعري والانفعالي، وكذلك الصورة تعطي القصيدة انسجامًا مع المشهد والرؤيا. يقول أبوالطيب المتنبي:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
هذا الجناس والطباق وروعة الرؤيا والنظرة إلى الكلمات المنتقاة هي ما يجعل الشعر عالمًا من العوالم الموازية لكنها المعاشة، وحين تجيء القافية قطعًا للشك غير متوقعة من المتلقي صادمة لهواجسه، تجعل المتلقي في حالة من الدهشة والانجذاب إلى المعنى والمضمون وما يحمله السياق من تأويل. يقول محمود درويش:
يا أمنا انتظري أمام الباب إنا عائدون
بمشيئة الملاح تجري الريح
والتيار يغلبه السفين
إن اختيار التركيب الحامل للكلمات وبدورها تلك أيضًا هو ما يمثل جمال اللغة وعذوبتها مثل نهر يشرب منه الظمآن فيرتوي ويطلب المزيد.
الشعر تداعيات خلقية وإرهاصات يجسمها الشاعر على هيئة كائن يتحرك أمام أعيننا بسحر وجمال ورقص وروح بأبعاد لا متناهية من المستويات.الشعر يُدخِلك من بوابة إلى عالم لا تفكر في أن تغادره
أحسنت فبوركت أخي مهند…