عبدالله العويس و محمد القصير وجميلة الماجري يتصدرون عددًا من المشاركين
شعراء: الشارقة محرك أساسي للفعل الثقافي العربي
تونس – “البعد المفتوح”:
اختتم مهرجان “القيروان للشعر العربي” في العاصمة التونسية تونس دورته الثامنة التي أقيمت فعالياتها تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونظمته دائرة الثقافة في الشارقة بالتعاون مع وزارة الشؤون الثقافية في تونس، بمشاركة فاعلة ومميزة من شعراء ونقاد وأدباء تونسيين وعرب من الجزائر وليبيا.
كان حفل الختام في “بيت الحكمة” في قرطاج بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والأستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، والشاعرة جميلة الماجري مديرة “بيت الشعر” في القيروان، وجمع كبير من محبي الكلمة.
وشهد حضور الحفل عدد من الفعاليات منها أمسية شعرية شارك فيها الشعراء: آية رزايقيّة من الجزائر، والسيد التابعي، ونجوى خلف الله، وسهام بن رحمة، والهادي العثماني، وأيمن الجوادي (من براعم بيت الشعر).
ألقت الشاعر آية رزايقيّة من قصيدة بعنوان “صلاة الماء” وفيها تقول:
أنا كمان يربي الحزن والسهرا يشتاق لحنًا بكائيًّا فكن وترا
آنست عطرك بعض العطر يسهرني في داخلي تربة عطشى فكن مطرا
وكن لقلبي إن أغرقت فيك يدًا فقد أضعت صوابي فيك والبصرا
أنا فراشة عشق تشتهي لهبًا كي يبعث الله من أحلامها قمرا
صليت في حضرة الأشواق نافلة فصرت ضوءًا على مرآتي انهمرا
وأنشدت الشاعرة مريم خلف الله، تقول:
ﻧﺎﺩﻳﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ: ﺭﻭﺡ أﻧﺖ أﻡ ﺟﺴﺪ
ﻓﺼﺎﺡ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﻦﻛﻴﺎﻧﺎﺗﻲ
ﺃﻟﻴﺲ في كل ﻓﺮﺩ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﺧﻠﻪ
ﻛﻮن ﻳﻀﺞ ﺑﻜﻞ ﺍلإﺧﺘﻼﻓﺎﺕِ
جمعتها في دمي من كل ناحية
وقلت للكون: انظر تلك آياتي
ﻗﺪ هاﻣﺖ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻓﻲ ﺍلأﺭﺟﺎء ﺑﺎﺣﺜﺔ
ﻋﻦ ﻣﻮطﻥ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﺃﺳﻜﻨﺘﻬﺎ ﺫﺍﺗﻲ.
“الشعر واللغة”
وعُقِدت كذلك ندوة نقدية بعنوان “الشعر واللغة”بمشاركة: د. مبروك المنّاعي، ود. وليد الزيدي، ود. منصف الوهايبي، فيما أدار الجلسة د. حاتم الفطناسي.
وانطلاقاً من السؤال المتمحور حول علاقة الشعر باللغة، بدأت الندوة بطرح أوراق بحثية تطرقت إلى دور الاستعمال الشعري في إثراء اللغة تركيباً نحوياً وتصريفاً واشتقاقاً معجمياً، في حين أبرزت أهمية استعمال اللغة في السياق الشعري.
وتوزع معظم المداخلات حول تعقّب هذه العلاقة، وتتبع تطور اللغة على مستوى المفردة، والتركيب، والدلالة، وركزت على اللغة الشعرية باعتبارها لغة طافحة وحمّالة للكثير من القضايا الإنسانية، والمجتمعات، ويتمثّلها المبدعون بالقصائد الثرية باللغة.
وأشار المتحدثون إلى أن السمات المميزة للعربية، سواء ما تعلّق منها بظاهرة التصريف الإعرابي والنزوع إلى الأصوات الصامتة وخصوبة الأوزان أو بصرف الأسماء وصرف الأفعال، تضفي على نظامها العام طابعًا مزدوجًا، فهو محافظ من جهة ومبتكر من أخرى، وهذا، على ما رجّحوا، مظهر من مظاهر “شعرية اللغة”.
“أمسية”
وكان اليوم الثاني شهد أمسية شعرية شارك فيها الشعراء: بسمة الحذيري، وخليل عبّاس من الجزائر، وعزيز الوسلاني، وفاضل المهري، ونضال السعيدي، وسليم الهدّاجي (من براعم البيت).
وقرأ عبّاس:
فِي حَضرَةِ النَّايِ المُغَيّبِ نَاكِسُ
حُمَّى، وَلِلطّينِ الشَّرِيدِ هَوَاجِسُ
وَأَصَابِعٌ طَفِقَتْ تُؤَذّنُ فِي المَدَى فَتَأَهَّبَتْ لِلْمُطلَقَيْنِ عَرَائِسُ
وَتَوضَّأَتْ بالشَّجوِ حِينَ تَلَهَّفَتْ وَتَأَوَّلَتْ صَوتَ الحَنِينِ يُهَامِسُ
كَمْ يَنبَغِي مِنْ رَجفَةٍ لِأَضَالُعِي؟ كَيْ تَشتَهِي سُبُلَ الرُّجُوعِ نَوَارِسُ
“مُحرّك الفعل الثقافي”
أكّد شعراء ونقّاد مشاركون في الدورة الثامنة من مهرجان القيروان للشعر العربي أن الشارقة المحرك الأساسي للفعل الثقافي العربي بفضل رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، معبّرين في الوقت نفسه عن سعادتهم في المشاركة بالمهرجان بوصفه أفقاً إبداعياً مميزاً، مشيرين إلى أن “بيت الشعر” في القيروان يعد مكسباً على المستويين المحلي والعربي، خاصة وأنه يستقطب شعراء من مناطق تونس كافة وخارجها، معربين عن امتنانهم لسموّه الداعم الأول للشعر العربي عبر مبادرة عربية غير مسبوقة تتمثّل في بيوت الشعر.
وقال منصف الوهايبي (فائز بجائزة الشارقة لنقد الشعر العربي): إن مهرجان القيروان للشعر العربي حافظ على تقاليده السنوية في جمع كل الحساسيات الشعرية في تونس، ويتسع للقراءات المتجددة والجديدة، كما يتسع للمناقشات المتعلقة بالتجارب الشعرية والمتن الشعري، واللغة العربية، مضيفاً أن “بيت الشعر” أغنى الحياة الثقافية والشعرية في تونس، خاصة وأنه منفتح على جميع التونسيين والتونسيات، بل، ومن خارج تونس.
وتابع الوهايبي حول دور الشارقة الثقافي بقوله: إن الشارقة إمارة الثقافة العربية الإسلامية والإنسانية، وهي تنهض بدور رائد في كافة المجالات كالمسرح، والفنون، ودعم صناعة الكتاب.
ولفت حاتم الفطناسي أن المهرجان أصبح قبلة ثقافية للشعراء والنقّاد والمثقفين الذين يمنّون النفس بالمشاركة فيه، وحقق إضافة نوعية باطروحاته المتجددة، موضحاً أن “بيت الشعر” أصبح منفتحاً على كل شبرٍ في تونس، مضيفًا أن الشارقة أصبحت المحرك الأساسي للفعل الثقافي العربي، وهو أمر يُلمس ويُحسّ ويرى رأي العين، فالشارقة في الثقافة هي حاضنة التجديد والتنوّع.
وعبّرت الشاعرة الليبية إسراء النفّاتي عن سعادتها بالمشاركة في المهرجان، قائلة: سعدت بهذه المشاركة خاصة وأنها الأولى خارج ليبيا بدعوة من بيت شعر القيروان الذي يعدّ جزءًا من مشروع ثقافي عربي ريادي يأتي من الشارقة، وإن إنشاء بيوت للشعر في الوطن العربي إنما يدل على اهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بالثقافة والمثقفين العرب”.
وأشار الشاعر عرّادي نصري إلى أن المهرجان يجمع كثير من الشعراء التونسيين والعرب، ويضعنا أمام مساحة واسعة للاستماع إلى مبدعين جدد، مؤكداً أن ما وصل إليه المهرجان يأتي بفضل الرعاية الكبيرة التي يحظى بها “بيت الشعر” والمهرجان.
وقال الشاعر الجزائري خليل عبّاس إن “بيت الشعر” في القيروان لطالما احتفى بالشعر والشعراء من كافة الدول العربية، وقّدم الكثير من العطاء الثقافي للشعر العربي، ويجمع كوكبة من الكتّاب في الساحة الشعرية في الشمال الإفريقي، ويلم شمل المبدعين في هذه الأقطار المغاربية ككل.
ولفت خليل عبّاس أن الشعراء في الجزائر، رغم المسافة لتونس، إلّا أنهم ينتمون روحياً إلى “بيت الشعر ” في القيروان، وتغمرهم السعادة بنشاطه الثقافي الفاعل، معرباً عن شكره إلى البيت لدعوته واحتفائه بالشعر الجزائري.
وقال الشاعر التونسي محمد غيلان إن “بيت الشعر” في القيروان يقوم بنشاط أدبي حثيث في كافة مناطق تونس، وإنماء المجال الثقافي، معتبراً أن البيت أصبح معلماً ومكسباً ثقافياً لتونس، مشيداً في الوقت نفسه بما قدمته الشارقة للثقافة العربية والتونسية لا سيما بيت الشعر”.”
وأشار إلى أن الدور الريادي الذي تقوم به الشارقة من خلال إنشاء بيوت الشعر في الوطن العربي إنما يعكس دوراً ثقافياً كبيراً يستحق الإشادة والثناء والعرفان.
زر الذهاب إلى الأعلى