عبدالله العويس ومحمد القصير ومحمد البريكي يتصدرون الحضور
الشارقة – “البعد المفتوح”:
واصل مهرجان الشارقة للشعر العربي الذي تنظمه دائرة الثقافة فعالياته بالأمسية الشعرية الرابعة في قصر الثقافة بالشارقة وأحياها سبعة شعراء هم: د. محمد النجار من تونس، شريهان الطيب من السودان، سيد أحمد العلوي من البحرين، إبراهيم توري من السنغال، زيد صالح الجبوري من العراق، د. محمود حسن من مصر، و هارون عمري من الجزائر.
حضر الأمسية عبدالله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والأستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية، والشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر، وجمع من الشعراء والإعلاميين و المثقفين والمهتمين، وقدم لها الشاعر والإعلامي أحمد الصويري مثمنًا مبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، واهتمامه بالشأن الثقافي ودعمه،
شارك فى الأمسية مجموعة من الشعراء، واستهل الأمسية الشاعر د. محمد النجار بعدد من قصائده منها قصيدة رسم فيها صورًا بانورامية لرؤى الشاعر تجاه الحياة والأوهام التي تسافر إلى فضاءات الروح في صحرائها، وفيها يقول:
“تُرى أيُّ رؤيـــا الآن تجْلو بصيرتي؟
أرى مُهْرَةَ الأوهـــــــام تَأْخُذها البيــــدُ
أَكنْتُ إذنْ أهفو إلى المــــاء؟ أم تُرى
تجَلّيْتُ إذ فــــــاضتْ بقلبــي المواعيدُ؟
أُحَدِّقُ فـــــــي لــيْلٍ وقدْ أَحْـدَقـتْ بـه
طيـــــوفٌ تَدلَّتْ حوْلَه وعنـــــاقيــــــدُ
أَمُدُّ يدي كيْمــــــا ألامسَ ضوْءهــــا
فَتَطْرُقُ سَمْعـــي هَمْهَمــــاتٌ وتَنْهيـــدُ
وأنشدت الشاعرة شريهان الطيب مجموعة قصائد، وهي شاعرة طبيبة جعلت من لغتها علاجاً للروح، ودواءً للآلام والهم والوجع، وطافت بها في مدن السودان التي تعاني انكساراتها لترسم صورة جميلة تخفف صورة الحرب، و”على إيقاعِ المَاء”:
أنصِتْ عميقاً لصوتِ الغاب،واقتِفهِ
إنَّ الفَرَاشَ على وردِ الهوى صَلَّى
واهبطْ على شفةِ المصباحِ، كن لغةً
تراوغُ الضوءَ، كي لا تَجْرَحَ الظِلَّا
وجفّفِ الوقتَ ولتعقدْ مهادنةً
مع ابنِ آدمَ كي لا يبدأَ القَتْلا
مع الصباحِ الذي قد كنتَ صورَتَه
بأنْ يطولَ وألّا يوقظَ اللَّيْلَا
لأنكَ القفلُ والمفتاحُ، يامدناً
مِنَ الأحاجِيْ ولَكنْ لا أرى حَلَّا”
واعتلى المنصة الشاعر سيد أحمد العلوي من “البحرين” فألقى مجموعة من قصائد توهجت بلغتها وصورها وأخيلها، وغاصت عميقاً في قضايا الإنسان وهمومه وأوجاعه، مقتنصاً من مقولات المؤثرين بداية ومدخلًا، ومن قصيدة له :
مُذْ جِئتَ تخبزُ لِلأطفَالِ لعْبـَـتَهم
قدْ لوَّحتْ في فَمِ التنورِ أرْغِـفَــةُ
تلــــــمُّ قمْحاً عُيونُ الليْلِ تذرِفُهُ
في شارِعٍ كُـلُّ شيْءٍ فيهِ أرْصِفةُ
الشاعر إبراهيم توري من “السنغال” ألقى قصائد اتسمت بنفَس صوفي، وموسيقا عالية من اللغة والخيال، وقرأ “سيرة ناقصة للخيام” عطرها بحس مرهف وفكر متأمل:
كَمَا مِنْ مُرُوجِ اللَّهْوِ أَنْبَتَ ذَاتَهُ
سَيُهْدِي إِلَى مَاءِ الْحُمَيَّا حَيَاتَهُ
سَيُطْرَدُ مِنْ دَيْرِ “السَّمَاءِ” لِأَنَّهُ
مَتَى ما دَعَتْهُ “الْأَرْضُ” خَانَ صَلَاتَهُ
فَتًى زَنْبَقِيُّ الْقَلْبِ عَطَّرَ رُوحَهُ
وَيَمَّمَ فِي لَيْلِ الذُّنُوبِ سُقَاتَهَ
تلاه الشاعر العراقي زيد صالح الجبوري فألقى قصائد استرجعها من الذاكرة التي تعاني قلق النسيان، لكنه أبدى أن البدايات تولد من النهايات، من قصيدته “في مديح النسيان” :
أشــرعــتُ للصـحــراء سـيـرتـيَ التي
لـلــرمــــل أرويـهــا كـتـابــاً مــفــردا
ما عــــادت الأسـمـاء تـغـري وجهتي
ما عدت أقترفُ الرحيل إلى السـدى
للقرية الأولى مشيتُ مسافراً
كانت خطاي النهر تبتكر الندى
لا لـونَ لـي غـيـر البـيـاض يعـيدني
لـلـبـدء حـيـث الليل لم يكُ أسـودا
حـيـث الـحـواس البـكر أشهى فكرة
وهواجسي مــدنٌ تـزيـد تــمــدُّدا
وأهدى الدكتور محمود حسن من مصر الشارقة قصيدة بدأ بها مشيدًا بدور حاكمها في خدمة الأدب والفنون الإنسانية واللغة والشعر، ألقى مجموعة قصائد منها “وشم” يقول فيها:
يقول الفتى المنسيُّ تحتَ سمائهِ
تَعِبْتُ…. وَلَم يعبَأْ طبيبٌ بدائِهِ
وكم زرع المعنى وُرُودا بهِيَّةً
إذا ظَمِئَتْ تُسقَى بماءِ بكائهِ
ويمضي:
يحاولُ كسرَ الرُّوحِ حزنٌ مُسلَّطٌ
فيكسرُ سيفَ الحزنِ طيفُ إبائِهِ
وما تنثني أعصابه ذاتَ هزَّةٍ
صبورٌ ولمْ يَخْدُشْ بياضَ ردائِهِ
وكان الشاعر الجزائري الشاب هارون عمري ختام الإنشاد فتجلى بصوره وحضوره المسرحي عبر مجموعة من قصائده منها “رماد البحر”:
أحرّك معنى الصّمتْ ، فنجانُ صحوةِ
وأضربّ عرّافا ينامُ بجبّتي
عنيفٌ كشك الأرضّ تقرأ خطو من
يتيهون في ليلٍ لتأويل نجمةِ
أفوّض صحراءً لتطويق صرخةٍ
تفسرني غيمًا وأضغاث فكرةِ
وأمشي خطاي الريّح ، ظلّي مؤجلٌّ
لهم ظلّ هذي الشمس ، لي ظلّ عتمتي
وصاحبتُ نفسي منذ أن كنتُ طينةً
غريبا بلون الماءِ ، روحي : هويّتي
زر الذهاب إلى الأعلى