لا يدري بالضبط إن كان نائمًا أو نصف نائم أو يحلم. تلك المرأة المبهرة الجمال في فستانها الببفسجي الفاتح جاءت، طبعت قبلةً على جبينه، أهدته بنفسجةَ وغادرت.
كل الذين معه في البيت أكدوا أن لا أحد دخل البيت لأن الباب كان مغلقًا بإحكام وبأن ما رآه لم يكن سوى حلمٍ جميل. كيف يصدق كل ذلك والبنفسجة ما زالت مرمية على فراشه طريّة، لونها يأسر انفاسه فهو عاشق البنفسج منذ صباه، حتى أنه اطلق على حلمه السري بالتغيير بالحلم البنفسجي وأحيانًا العشق الوحشي لأنه عشقٌ تسبب له بالكثير من الأذى، فالطريق إلى تحقيقه وعرٌ ومحفوف بالموت. ما عليه من حلمه القديم ..الآن هو أمام معضلة غريبة يحتاج إلى تفكيكها. عن تلك الفاتنة التي زارته في حلمه سبع ليالٍ متتالية وفي الليلة الأخيرة فقط حدث ما حدث والوردة ما زالت على فراشه منذ عدة أيام، هل الوردة هربت من الحلم وجاءت لتصافح أنفاسه. يكاد يجنّ من التفكير، لا يصدّق أنه كان يحلم فبقايا عطرها ما زالت عالقة في فراشة والوردة أيضًا ما زالت هناك.
قرر أن ياخذ إجازة لمدة اسبوعين لينام فقط فربما يلتقيها وحينها سوف يتشبث بها ولا يتركها تغادر. هو على يقين أنها زارته بلحمها ودمها ولم يكن ذاك حلمًا أو ربما كان حلمًا تزاوج مع اليقظة وذاب الخيط الرفيع بينهما في لحظةٍ هاربة من الوقت.
زارته مرةً أخرى بنفس عطرها العجيب، لكن هذه المرة قبّلته على خده بعمق شبق. حين استيقظ في الصباح وتوجّه إلى الحمام فوجىء بآثار روجها الأحمر على خده فعاد سريعًا إلى فراشه ليتأكد فشم عطرها على المخدة.
حاول ترتيب فراشه كما في كل صباح، فوجد ورقة بيضاء ملفوفة كتب فيها: “لا تستغرب… كنتُ قادمةً إليك في قطار، مشتاقة للقائك شوق الملهوفين، وحنين الغرباء الذين يتسكعون في المحطات التي لا تستقبلهم. التقيت بك في الحلم مرات عديدة. كنت أعلم أنك تنتظرني على أبواب الزمن العتيقة منذ دهرٍ، احترق القطار فجأةً. قفزتُ لأصبحُ عالقةً وسط الجدار الفاصل بين الموت والحلم … سوف أظل لك في الحلم وأرسل لك بنفسجاتي كلما هزّني الشوق …لأهزّك معي!”.