مهرة هلال المطيوعي و د. سعيد الظاهري و بشار الكيلاني و عبدالله أحمد آل صالح و د. عيسى البستكي
دبي – “البعد المفتوح”:
عقد نادي الإمارات العلمي في ندوة الثقافة والعلوم مجلسه الرمضاني العلمي السنوي تحت عنوان “دور الحكومات المستقبلية في تحقيق التنمية الرقمية المستدامة” بحضور بلال البدور رئيس مجلس إدارة الندوة وعلي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس الإدارة ود. صلاح القاسم المدير الإداري ود. عيسى السويدي ود. محمد جمعة رحمة أعضاء مجلس إدارة النادي وجمع من المهتمين والمعنيين والإعلاميين.
بدأت جلسة المجلس الرمضاني بحديث د. عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، رئيس نادي الإمارات العلمي الذي أدار الحوار، مؤكداً أن العالم يعيش في عصر التحول الرقمي أو الطفرة التكنولوجية الرقمية، حيث تشكل التكنولوجيا الرقمية عاملاً حاسماً في تطور المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة، لذا فإن حكومات العالم تتحمل دوراً مهماً في توجيه هذا التحول نحو التنمية الرقمية المستدامة وخاصة في مجالات الاقتصاد والمجتمع والبيئة.
وأضاف د. عيسى البستكي أن على الحكومات المستقبلية التفكير بشكل استراتيجي وشامل في توجيه التنمية نحو الرقمنة وتطبيق التكنولوجيا بطريقة ابتكارية وسريعة ودقيقة، وعليه لابد من وضع الخطط والسياسات التي تعزز تبني التكنولوجيا الرقمية في جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وشدد د. البستكي على ضرورة استثمار الوقت والجهد في بناء البنية التحتية الرقمية لكونها تمثل الأساس من خلال تطوير التطبيقات والخدمات الرقمية التي تعود بالفائدة على الدولة والمواطن وتعزز التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أنه ينبغي تعزيز التعليم وتطوير مهارات العمل في المجالات التقنية، ووجود قاعدة مهارية قوية تستطيع التعامل مع التحديات الرقمية المتغيرة بسرعة وكفاءة، وتعزيز الشفافية وحماية الخصوصيات في البيانات الرقمية، كذلك يجب تعزيز التعاون الدولي في مجال التنمية الرقمية وتوطين إنتاج التكنولوجيا.
وركز د. البستكي على أهمية التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص للمساهمة في تعزيز عجلة التقدم العلمي والتقني لتحقيق الرؤى المستقبلية، مضيئًا على محاور المجلس التي تدور حول التنمية المستدامة وأهميتها في الحفاظ على الموارد وتحسين جودة الحياة للأجيال الحالية والمستقبلية، واستعراض دور الحكومات في تحقيق التنمية المستدامة، وتتطرق إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي ودوره في دعم التنمية المستدامة، وتناقش تحديات وفرص تطبيق الذكاء الاصطناعي في سياق التنمية المستدامة، وتركز على دور التعاون الدولي والشراكات في تحقيق التنمية المستدامة، وتأثير التقنيات الناشئة في دعم التنمية المستدامة، ودور الجامعات في تحقيق التنمية المستدامة، وتستعرض مبادرات الحكومات الرقمية والمبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة.
وتحدث عبدالله أحمد آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد فأكد أن الرقمنة والحكومات الذكية أصبحت مهمة نتيجة للتطورات السريعة التي جعلت الإنسان غير قادر على استيعابها، ولذلك هناك دور مهم على الحكومات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي تحظى بأولويات وتوجهات القيادات، وتؤكد المؤتمرات والمحافل كافة الأهداف السبعة عشر التي تسعى الحكومات لتحقيقها وأكدتها الأمم المتحدة، لذلك تسعى الحكومات والشركات لسن تشريعات توجه وتضبط الأداء لتحقق أهداف التنمية المستدامة، كذلك أصبحت هناك اشتراطات على المصارف لتقديم الدعم والتسهيلات المصرفية للأنشطة ذات البعد المستدام، وكذلك أصبح لدى الشركات عنصر مهم وهو مساهماتها المجتمعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأضاف آل صالح أن عناصر التنمية المستدامة إما تكون تنمية اقتصادية أو بيئية أو مجتمعية، ولكن هناك فجوة بين الدول المتقدمة والدول الناشئة أو النامية أو الأقل نمواً، ولكن تبرز فرص يمكن استغلالها، والسبيل لسد الفجوة بين الدول هو عنصر الرقمنة أو تحقيق الاقتصاد القائم على المعرفة والتحول التكنولوجي، كما أن أغلب الحكومات بنت هياكلها التنظيمية منذ القرن العشرين، وكانت طبيعة الحكومة أكثر بيروقراطية وحذرًا وبطئًا، ولكن مع التطور المتلاحق فرض على الحكومات تغيير نهج عملها بوتيرة أسرع لمضاعفة الإنتاجية والتغلب على نقص المهارات في العمل الحكومي والبطء في الأعمال وهذه صفات غالبية دول العالم الثالث، والرقمنة واستخدام التكنولوجيا هو السبيل لمواجهة هذه المشكلات والتحديات، فبإدخال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية في أعمال الحكومات ستقلل التكلفة وترفع وتحسنها الإنتاجية، وستقوم بوظائف 70% من وظائف العنصر البشري، وهناك فرص لأن تسعى الحكومات لتحقيق إنجازات وقفزات لتحقيق التنمية المستدامة.
وفي حديثه ذكر د. سعيد الظاهري مدير مركز الدراسات المستقبلية بجامعة دبي أن التنمية المستدامة هي التاي تلبي احتياجات الحاضر من دون المساس بمقدرات الأجيال القادمة وعناصرها الرئيسية مترابطة وهي النمو الاقتصادي والإدماج الاجتماعي والمحافظة على البيئة، وهذه العناصر الثلاثة للذكاء الاصطناعي دور مهم فيها.
وأضاف الظاهري أن الذكاء الاصطناعي أصبح متاح للجميع وأصبح الإنسان يخاطب الكمبيوتر باحتياجاته المهنية ويلبيها بحرفية، فأصبحت عجلة الابتكار أسرع وأدق وأكثر كفاءة، وأصبح هناك اهتمام بخلق مواد صديقة للبيئة، وأصبح هناك ذكاء اصطناعي توليدي يقوم بمهام متعددة وفي أسرع وقت، وكذلك ساهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز الإنتاجية ولك من خلال تجارب ودراسات عدة، والتي أكدت أن 40% من ساعات العمل ممكن أن تتأثر بالذكاء التوليدي وتزيد الإنتاجية.
وحول الإدماج الاجتماعي نجد أن استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية التعليم والتعلم أحدث نقلة نوعية وتطور غي مسبوق ويراعي الفروق الفردية بين الطلبة، وكذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحة لتوليد مركبات لعلاج مرض السرطان، إلى جانب إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهذا سيخلق وظائف جديدة تستقطب الكثير من الطاقات والمهارات البشرية.
وأشار د. الظاهري إلى أهمية التأهيل والتدريب لإكساب القوة العاملة مهارات تواكب التطور التقني، متطرقًا إلى دور الذكاء الاصطناعي في حماية البيئة وهذا ما تعمل عليه بعض الجامعات، لقياس ارتفاع وتغير درجة حرارة المدن لعدة أسباب منها التغير المناخي والضجيج والصناعة، كما يشارك الذكاء الاصطناعي في إعطاء حلول لعدد من التحديات.
وأكد الظاهري ضرورة وضع حوكمة ومسؤولية للذكاء الاصطناعي منعًا لاتساع الفجوة الرقمية بين الدول، وأشار إلى استنزاف الذكاء الاصطناعي لكمية كبيرة من الطاقة ما يستوجب العمل على إيجاد حلول للحد أو التقليل من الطاقة المستهلكة لاستخدام الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أهمية التدريب وتنمية المهارات في الجامعات.
واستعرضت مهرة هلال المطيوعي مدير المركز الإقليمي للتخطيط التربوي التابع لليونسكو دور التعاون الدولي والشركات في تحقيق التنمية المستدامة التسلسل التاريخي لأجندة التنمية المستدامة منذ عام 2000 ووقتها أقرت الأمم المتحدة الأهداف الإنمائية لتحقيق التنمية المستدامة وكانت تتكون من 7 أهداف تركز على الفقر والجوع والصحة والتعليم والشراكات الدولية وانتهى العمل بهذه الأهداف عام 2015، وبعد مراجعة وتحليل نتائج هذه الأهداف وجدت الحاجة إلى مزيد من الأهداف لتحقيق التنمية المستدامة، فظهرت أهداف جديدة مثل التمويل والتجارة والاقتصاد حتى وصلت إلى 17 هدفًا تُشَكِّلُ أساسَ ركيزةِ أجندةِ التَّنميةِ المستدامةِ لعامِ 2030، وهي دعوة عالمية للعمل للقضاء على الفقر وصون الأرض وتحسين المعيشة في كل مكان. وقد تبنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة كافة هذه الأهداف السبعة عشر في عام 2015، بوصفها جزءًا من جدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030، الذي حدد خُطَّة مدتها 15 عامًا لتحقيق تلك الأهداف.
وذهبت مهرة المطيوعي إلى أن قضية التنمية المستدامة الشاملة تتطلب الحلول التي تعمل عبر مختلف القطاعات على المستوى الوطني والاقليمي والعالمي، و يتعلق الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة بضمان مشاركة الجهات الفاعلة، ولا تُترك المؤسسات والمنظمات المختصة وحدها للتعامل مع الفقر والتدهور البيئي وغيرها من محاور التنمية المستدامة ، ويحفز الهدف الحاجة إلى إيجاد وسائل تمويل جديدة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ويسعى ايضا إلى تنمية التعاون على المستوى العالمي والإقليمي والوطني والمستويات المحلية والوصول إلى المعلومات والتدفقات المالية واستثمار التطور التكنولوجي داخل هذه الشراكات وفي ما بينها أمر حيوي والتواصل بين المؤسسات والمنظمات بكافة انواعها بشكل افقي ورأسي يتجاوز الحدود.
وذكرت مهرة المطيوعي أن أهداف التنمية المستدامة وزعت على محاور منها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي/ المؤسسي والبيئي، وأهم خصائص أجندة التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة دعوة إلى تغيير في أساسيات اقتصادات العالم، وعدم إهمال أحد والحث على العمل العاجل، والحث على العمل العاجل، والعمل على خطة الاستثمارات البديلة.
في الختام أكدت أهمية زيادة فاعلية الشركات العالمية باعتبار أن مهارات وكفاءات الشراكة تسهم في بناء قدرات أصحاب المصلحة المعنيين لتطوير وتنفيذ شراكات من أجل أهداف التنمية المستدامة، ودعم المنظمات لتطوير سياساتها واستراتيجياتها وأنظمتها وعملياتها واتفاقاتها القانونية وثقافتها لدعم التعاون. وأشارت إلى حرص الأمم المتحدة على الشراكات وجعلها أكثر فاعلية وقوة باعتبارها الممكن الحقيقي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
بشار كيلاني الخبير في الاقتصاد الرقمي أكد أن الذكاء الاصطناعي هو التقنية الأكثر تأثيراً في تاريخ البشرية، والعالم على مسار متسارع في الاقتصاد الرقمي بسبب هذه التقنية، وأن هناك أربعة محاور رئيسية لتحقيق الاقتصاد الرقمي وهي البنية التحتية الرقمية (الحوسبة السحابية والاتصالات و..)، ووجود الإطار التنظيمي والتشريع وفي الإمارات اليوم هناك قوانين في هذا الإطار وتخلق بيئة تنظيمية تساهم في الاقتصاد الرقمي، والمحور الثالث هو المهارات البشرية ورأس المال البشري وذلك من خلال الاهتمام بالتعليم واستقطاب الطاقات المميزة في هذا المجال، وأخير التفاعل مع البيئة المشاركة باعتبار أن هناك أقطابًا على مستوى العالم تعمل في هذا الجانب والشراكة تسهم في أن تصبح المنطقة العربية ضمن خارطة الدول المتقدمة في جانب الذكاء الاصطناعي.
وأشار بشار الكيلاني إلى أن التطور الاقتصادي يقاس بالإنتاجية، والذكاء الاصطناعي هو أكثر وسيلة لزيادة الإنتاجية بمقدار 4 أو 5 أضعاف، وسيكون هناك تطور ونمو مستقبلي ليس له مثيل.
ووقف بشار الكيلاني عند تحديات أو مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي أهمها مخاطر بعض التطبيقات، كذلك التقنيات التي تصنف البشر، وسن تشريعات جديدة لمواكبة التطور المتسارع، وضرورة إيجاد تطبيقات نزيهة ومطابقة لاحتياجات الجمهور تتسم بالشفافية وقابلية التفسير، ونزيهة وغير متحيزة.
وختم بتأكيد أهمية الحرص على الخصوصية في استخدام البيانات، وهذه العوامل إذا استخدمت تحدث قفزة وتطور للمؤسسات والشركات.
التوصيات
– أهمية التكنولوجيا والرقمنة لمواجهة التحديات الإنتاجية التي تواجه العالم الثالث
– ضرورة وضع حوكمة ومسؤولية للذكاء الاصطناعي منعًا لاتساع الفجوة الرقمية بين الدول
– استنزاف الذكاء الاصطناعي لكمية كبيرة من الطاقة يستوجب العمل على إيجاد حلول للحد أو التقليل من الطاقة المستهلكة لاستخدام الذكاء الاصطناعي
– بناء الشراكات والمنصات على المستوى الوطني دعم الشراكات الفعالة بين أصحاب المصلحة المتعددين ومنصات وآليات الشراكة لإشراك قطاع الأعمال وأصحاب المصلحة الآخرين على المستوى الوطني، ودعم الجيل الجديد من منسقي الأمم المتحدة المقيمين والفرق القطرية.
– تعزيز التعاون بين القطاعات وأصحاب المصلحة تعزيز الثقة والتفاهم والتعاون بين مختلف القطاعات وأصحاب المصلحة من أجل تعزيز الشراكات والمشاركة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
– ضرورة إيجاد تطبيقات نزيهة ومطابقة لاحتياجات الجمهور تتسم بالشفافية وقابلية التفسير، ومزيهة وغير متحيزة.
زر الذهاب إلى الأعلى