محمد عبدالله البريكي يتوسط الشعراء ومقدمهم بعد تكريمهم من اليمين فواز الشعار ومحمد وسيم ونجوى عبيدات ومازن العليوي
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم “بيت الشعر” في الشارقة الثلاثاء 2 إبريل 2-24 بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير “بيت الشعر” في الشارقة أمسية شعرية أحياها كل الشاعر السوري السوري العليوي، والشاعرة الجزائرية نجوى عبيدات، والشاعر المصري محمد وسيم إبراهيم، وأدارها الإعلامي فوّاز الشعّار الذي توجه بالشكر والعرفان إلـى راعي الثقافة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على دعمه للشعر والثقافة والفنون، ومما قاله: “في شارقة العطاء والبسمة والأمل، شارقة سلطان الذي لا يمرّ شهرٌ أو أكثر قليلاً، إلّا ويفاجئنا من معين عطائه الباذخ.. نرحّب بكم في واحد من منجزاتها الثقافية المبهجة” وأضاف أن سموه هو القائل:.
“الثقافة هي الأساس في بناء الحوار الإنساني، وخلق التفاهم والوئام بين شعوب العالم كافّة، بِغَضّ النظر عن العرق أو الدّين أو الجغرافيا”، فضلاً عن تأكيده، عندما أنشأ مشروع بيوت الشعر في العالم العربي، أن ‘الشعر ديوان العرب، وحافظ تراثهم ولغتهم’، ندعو الله أن يكلأه برعايته وعنايته، ويديم عطاءه وكرمه.
نشكر دائرة الثقافة بالشارقة، وبيت الشعر ومديره الشاعر محمد عبدالله البريكي على جهوده المستمرة وتفانيه في خدمة الشعر العربي”.
استمع الحضور ومعظمهم حشد من الأدباء والمثقفين ومحبي الشعر متفاعلين مع الشعراء الذين تقدمهم في الإلقاء الشاعر مازن العليوي الذي تميز بجاليات شعره وإلقائه وسط إعجاب المستمعين، ومما ألقاه قصيدته “أخاف المنابر” راسمًا بالكلمة صورة المنبر مبينًا أهميته، فهو يرفع المبدع ويُسقِط عن صهوته من لا يرقى إليها:
أخاف إذا هاج صوتي .. وعربدْ
أخاف إذا الصوتُ مني تمردْ
فقد يأخذونَ التماوجَ منه
ويقطعُ سيّدُهم لي حبالي
لأصبحَ لا صوتَ عندي ..
ولا لونَ لا طعمَ
أمضي أفتشُ.. أسألُ بالصمتِ من أخذَ الصوتَ
أنتَ .. وأنتِ .. وأنتم
أعيدوه .. ردّوه .. إني أخافُ المنابرْ
أخافُ إذا قلتُ شيئاً عن الظلِّ.. يصرعُني الظلُّ
يقلبُ فنجانَ قهوةِ صبحي
وقد يتمادى.. فينهبُ مني الصباحَ
أأقوى على العيشِ من دونِ صبحٍ؟
ويومي يمرُّ بدونِ شروقٍ
ظلامٌ وليلٌ.. وأنّة شاعرْ
أخافُ المنابرْ
أخافُ إذا الحرفُ عندي غفا ذاتَ عيدٍ مجيدٍ
وأخشى إذا لم يصفقْ
فهل يكسرونَ أصابعَ حرفي
وأخشى إذا زلّ عشقي
فهل تُخنقُ الروحُ فيهِ
ومن أينَ يهطلُ فيضُ القصائدِ
من يستفيقُ على حالماتِ الضفائرْ
أخافُ المنابرْ
أخافُ وعندي جنونٌ يحبُّ الكواليسَ
أدركَ سرَّ الثراءِ هناكَ
وبالكادِ أهمُسُ: هل أفضحُ السرَّ؟ لا ..
سوفَ أنطُقُ.. لا لن أبوحَ
جبانٌ.. شجاعٌ.. جبانٌ.. شجاعٌ
وسرُّ الحكايةِ أني أخافُ المنابرْ
أخافُ وأخشى..
وأنفي الذي كم دسستُ.. تعلّم ألا يزورَ المنابر..
فبعدَ المنابرِ ريحٌ تحطّمُ صمتَ المقابرْ
هنا لا منابرْ.. هناك مقابرْ
وعند الخياراتِ لا شيءَ أغلى من الروحِ
قلْها.. وأنتَ تعانقُ سحرَ المنابرْ
أحبُّ المنابرْ
هنا.. وهنا.. حيثُ يرقى الجمالُ
أحبُّ المنابرْ
ونقل الشاعر مستمعيه إلى “لامية العرب” للشنفرى الصعلوك كاتشفًا أسرارها:
وبالأمسِ كنتَ… وكانَ… وكنَّا…
نباعـدُ عن جرحِـنا ما يسـيلْ
مضى الأمسُ صرْنا جراحاً ثقالاً
بليـلٍ تمَـوّجَ أرخى السـدولْ
نـزفْـنا وهـلْنا علينا التـرابَ
وما ضـرَّ جرحٌ بجسـمٍ قـتيلْ
ومن نعشـنا ضاءَ صوتٌ خفوتٌ
تصـعلكَ قبلَ اندثـارِ الطـلولْ
أقيموا صـدورَ المـطيِّ فـإنّـا
بنـي أمِّـنا… لسـواكمْ نميـلْ
بني أمِّـنا..
من هنا الصوتُ… لا.. من هناكَ
تخطّى الجبالَ وأورقَ في زمنِ القحطِ
حيثُ شطرْنا مسارَ العيونْ
إلى الأرضِ نصفٌ خجولٌ تدلّى
وصوبَ السماءِ يحدّقُ نصفٌ
ستأتي النهايةُ من ثقبِ غيمٍ..
ومن جنحِ طيرٍ… ومن وهجِ نجمٍ
وبعدَ النهايةِ ماذا نكونْ؟
بني أمِّـنا..
من هنا الصوتُ… لا.. من هناكَ…
فلا الصحبُ صحبٌ
ولا الأمنياتُ استراحتْ على وجنةِ الحلمِ
لا المورقاتُ استباها الصباحُ الحزينْ
فأينَ الذينَ.. وأينَ؟
تلاشَوا ولمْ يبقَ لي غيرُ صوتي
تمازجَ في غربتينِ هنا وهناكَ
فلا البحرُ بحري
ولا اليومُ يومي
ولا الأهلُ أهلي
“ولي دونَهم أهلونَ سـيدٌ عملَّسٌ
وأرقـطُ زهلولٌ وعرفـاءُ جيـألُ
همُ السرُّ لا مسـتودعُ السرِّ ذائعٌ
لديهمْ ولا الجاني بما جرَّ يُخـذَلُ”
السـر الأول
رجفتْ خُطى الصعلوكِ لم يجدِ الذُّرى
ارتعشتْ رؤاهُ وحطَّ فيها سرَّهُ الموجوعَ
أذهلَهُ المكانُ وتاهَ في رئةِ الظلامِ
يريدُ درباً للخروجِ من الزمانِ الحنظلِ
ضـاعَ الطـريقُ وباتَ في حسـراتِهِ
يخـشى اختـراقَ مسافةٍ للمقـتلِ
تأتيـهِ لا ترسٌ يـصـدُّ وإنْ هـوى
هبـطتْ عليهِ جمـوعُ ذاكَ الجحـفلِ
فمضى بلا سـيفٍ.. يئنُّ.. وشـدَّها
ألمـاً لـطيّـاتٍ مـطـايا الأرحُــلِ
“في الأرضِ كمْ ينأى الكريمُ عن الأذى
ويعيشُ منْ خافَ القِـلى فـي معـزلِ”
السـر الثاني
همسةٌ من وجدِهِ انسابتْ إلى تلكَ الجهاتِ الغافياتْ
همسةٌ بثَّتْ إلى الباقينَ أنفاسَ الحياةْ
ما حوتْ أفكارُهُ
في لحظةٍ للصمتِ معنىً للمَواتْ
ليسَ من سرٍّ سكونُ القومِ
ها قد أُشرِعَتْ ألوانهم.. وبدت نهاياتُ الحفاةْ
السـر الثالث
ضـاعَ الحـوارُ بأزمانٍ لنا غرقتْ
في غربةٍ ومضـتْ عنّا بمُرتحَـلِ
بتْـنا نعـدُّ هنا الأيـامَ نمطـرُها
وعـداً يجيءُ معَ الأيّـامِ بالأمـلِ
ليسَ الزمانُ لنا حتّى نصـولَ بهِ
إنّا انتهينا وجاءَ الحتـفُ في عجلِ
السـر الرابع
لا سرَّ يُمكِنُ أنْ يُقالْ
لا سرَّ نحملُهُ
لأنَّ الشنفرى الأزديَّ عادَ إلى الجبالْ
وهناكَ صبَّ شجونَهُ
وهفا إلى الأمسِ المهفهفِ باخضرارِ الحلمِ
واستوحى القصيدَ
وخطَّ في لاميّةِ العُرْبِ الحروفَ مودِّعاتٍ
أرسلَ البوحَ احتراقاً واستعدَّ بلا رجالْ
“وإني كفـاني فقدُ مَنْ ليـسَ جازياً
بحُسـنى ولا في قـربِهِ مُتَعَـلِّـلُ
ثلاثـةُ أصـحابٍ فـؤادٌ مشـيّـعٌ
وأبيضُ إصـليتٌ وصـفراءُ عيطلُ”
وبعدما يسترسل الشاعر في مكاشفة الأسرار الأربعة للامية العرب يعايش “ما بعد الأسرار”:
“وناموا قروناً… ونمنا القرونْ” .. “ونمضي مع الصحبِ نختارُ كهفاً نفكر فيه بغير رقيبٍ ونكتب ثم ننامُ مئاتِ السنينْ“:
والصبايا اللواتي احترفنَ الجمالَ،
سنبدأ من حيث كانوا ينامون دهراً،
ونمضي مع الصحبِ نختارُ كهفاً
نفكر فيه بغير رقيبٍ ونكتب
ثم ننامُ مئاتِ السنينْ
مرّ دهرٌ.. ونحن نغرّدُ في الحلمِ،
حينَ صحونا أفقنا على ركلِ بعضِ العسسْ
ما تُراه جرى؟
في الروايةِ فرّوا.. ونحنُ فررنا،
وناموا قروناً… ونمنا القرونْ
ثَمَّ شيء يحيّرُ
كيف وقعْنا بقبضة من طاردوا الكلماتِ زماناً؟
تذكرَ أقدمُنا ثمّ قال: لماذا نسيتم أهمَّ التفاصيلِ؟
مَنْ نسيَ الكلبَ؟ ماذا ارتكبتم؟
وقعنا إذنْ، لم يكن معنا الكلبُ..
كان يرافق من باغتونا
وجاء بهم للمغارة حيث رقدنا..
ومنها إلى حيث لا يعرف الجنُّ شيئاً
عن الضوء أو خلجات السجونْ
وتطل الشاعرة نجوى عبيدات على الحضور بشِعرها المسكون بالخيال والصور المتألقة بأسلوبها الرقيق. تقول في قصيدتها :”شُرفةٌ لا تُطلّ على وجهي“:
أسيرُ على متاهاتِ المجرّةْ ..
وفجرُ العُمرِ يُغلقُ لي ممرّهْ
إذا نادمتُ قنديلاً لأمضي ..
يُعادِي لي نجومِي كُلّ مرّةْ
كأنِّي قد خُلِقتُ لتحتسينِي
وتشربَنِي شعوبُ الحُزنِ مُرّةْ
ليسخرَ من صغارِ الجوعِ دربي
فيُطعِمها شجونًا مُستمِرّةْ
كأنّ الكونَ مقلوبٌ بقلبِي
أتوقُ الخيرَ ، أرمى للمضرّةْ
ولستُ الآن أدرِكُ إن نقائِي
تمادى أم يزيدُ الغدرُ مكرَهْ !
أسيرُ الآن نحوَ صدايَ لكنْ
يُعذِّبُنِي أنِينِي كُلّ زفرةْ
وصوتٌ داخليُّ يعترينِي وينفُثُ لي مع الأياّمِ قهرَهْ
وكيفَ تجفًفتْ أحلامُ موجٍ
يمدُّ لكلُّ من عبروهُ بحرَهْ
يقولُ وغصّةُ الأزمانِ فيهِ
كدائرةٍ تُزلزلُ دونَ بُؤرةْ
بشرنقَتِي خيوطٌ لا تُبالي
ولا يكفي لضمّ الجُرحِ إبرةْ
لماذا كُلّمَا أنْهَلتُ نخلاً
بمائِي صدَّ عن عينيَّ تمرَهْ!
وإن أرضعتُ نجمًا من ضيائِي
يذرُّ عليَّ بعدَ البُلغِ كِبرَهْ
أنا لمْ أوُجِعِ العذراءَ يومًا
ولم أسرِقْ لموسى الأمسَ خِضرَهْ
ولم أقطعْ قميصًا يوسُفيًّا
ولم أنسُجْ إلى العرّافِ سِحرَهْ
ولا زيّفتُ تاريخًا لأحيَا ..
ولا مزّقتُ للحلاّجِ صدرَهْ..
ولا عذّبتُ نايًا كيْ أغنّي
ولا قلّلتُ للمُحتاجِ أجرَهْ
أنا أفنيتُ عُمرًا تحتَ قلبِي
لكَيْ أعطِي لنصفِ الشّطرِ شطرهْ
أمَا حّنّيتَ يا غيمَ انتظاري
لتُلبِسَ رملَ هذا الجُرحِ خُضرةْ
وتجزي من أحبُّوا الشمسَ يومًا
وتُرجِعَ للمغيبِ الآن فجرهْ
كأنّ جزاءَ من يحيا بصدقٍ
بأنْ يرتادَ قبلَ الموتِ قبرَهْ
وفي قصيدتها “حنينٌ لانعكاسٍ قديم” تطرح سؤالها مع شعورها بالوحشة والغربة: لماذا الذينَ نُحبّ بصدقٍ يخونونَ أكثرَ ممّا نعِي؟:
يضيقُ بيَ الكونُ من كُلّ صوبٍ
فخُذني إلى كونِكَ الأوسعِ
إلى عُشبةٍ لم تَمُتْ في الصّحارى
إلى وجهِكَ الآخرِ الأنصعِ
أراكَ بكلِّ الجهاتِ، وعقلِي
يتيهُ بأبعادِكَ الأربعِ
تغيبُ
فيُصبحُ قلبي غريبًا
كوِحشةِ نصٍّ بلا مطلعِ
وتنمُو المدامِعُ في ضفّتينَا
ويُسكَبُ ليلٌ على أضلُعِي
أنا مُذ عرفتُ الحياةَ وأمِي
تنامُ على قلبِها الموجَعِ
ومذ كنتُ في بالِ عشتارَ جُرحًا
تغذّتْ بدمعِي ولم تشبَعِ
ومُذ كنتُ غصّةَ نايٍ تشافَى
تئنُّ المواويلُ في مسمعِي
لِذا لم يكُن مدهِشًا أنّنِي
ألِفتُ الطريقَ بِحُزنٍ معِي
ألِفتُ عبورَ البحارِ غريقًا
ولمسَ السّماءِ بلا أذرُعِ
ألفتُ اللّيالي الحزينةِ حتّى ..
غزلتُ كواكِبَ مِن أدمُعي
مددتُّ يديَّ لكي تحتويها
ولكنْ غدوتُ بلا إصبعِ
لماذا الذينَ نُحبّ بصدقٍ
يخونونَ أكثرَ ممّا نعِي
وتشرق مع شعر نجوى عبيدات“شمسٌ مؤجلة” وفيها “أمضي وقنديلُ هذا القلبِ يسبِقُنِي”. تقول:
أقولُ للبحرِ والأعماقُ ذبذبةُ
سيصبحُ الموجُ ميزانًا لمن ثبتُوا
معي جراحٌ ستبني في المدى أفُقًا
ولي معَ اللّه حبلٌ ليسَ ينفلِتُ
أمضي وقنديلُ هذا القلبِ يسبِقُنِي
وفي رُؤى الرّوحِ ألغازٌ وأسئلةُ
من أقنعَ اللّيلَ أنّ التيهَ يأكُلنا
إذا اختفتْ عن خيوطِ الشمسِ بوصلةُ
وأنّ للرّيحِ أفواهًا وجُمجمةً..
وأنّ مركِبَنَا في حُكمِهَا أمَةُ
وأن أغصانَنا لن تستحيلَ قواربًا ولن تنفثَ الأحلامَ أشرِعةُ
كأنّنَا بيدِ الأعرافِ محضُ دُمًى
وهُمْ علينَا قرآئينٌ مُؤلّهةُ
وكلُّ وجهٍ نراهُ الآن يخدَعُنَا ..
كلُّ انعكاساتهم زيفٌ وأقنِعةُ
نمرُّ في العُمرِ أصنامًا مقيّدةً
حتّى مرايَا أمانينَا محدّبةُ
لذا أتينَا لنُعطي الأرضَ صرختها..
ونعطِيَ الصوتَ موّالاً لمن سكتُوا
يستكثرونَ علينَا أنّنا أمَمٌ ..
رغمَ الجراحِ على أوجاعِهم نبتُوا
نحنُ الذينَ نبتنَا في المدى شجرًا
وأمُّنَا في مخاضِ الرملِ موجعةُ
يقولُ تاريخُها الطينيُّ أنّ لها ..
دايًا تكبّرَ فاغتالتْهُ مروحةُ
وهكذا صُلِبتْ عُمرًا وأزمنةً
وظلّ أولادُها يبكُونَ مُذ قنتُوا
يُحاولونَ عناقَ الشمسِ/ في يدِهمْ
حُبُّ الترابِ وأحلامٌ وأجنحةُ
وبعضَهُم سلّمَ البحّارُ جثّتَهمْ
والآخرونَ لهُم شمسٌ مؤجّلةُ
لذا تعبتُ مِنَ الأحلامِ يا أبتِي
أمضِي إليها ولا دربٌ ولا جِهةُ
وكُلّما صرتُ طيرًا يبتغِي أفُقًا ..
صوتُ القبيلةِ يعلُو أنني امرأةُ
فكيفَ نشرحُ للأمواتِ أنّ لنَا ..
كونًا تحنُّ لهُ في ضيقِهِمْ سِعةُ
وأنّ من خلقُوا للرّوحِ أجنحةً
لن تحتويهمْ زنازينٌ وأضرِحةُ
ويعتلي الشاعر محمد وسيم إبراهيم المنصة تتمًا الإلقاء في الأمسية بجموعة قصائد تشف عن قوة السبك والتكن من صياغة العيارة الشعرية. يقول في “سبب واحد للهروب”:
بالعكس إنّي واضحٌ وصريحُ
لا وجهَ لي متلوّنٌ يا ريحُ
ولديّ أفكارٌ تعدّلُ فكرتي
ومعي لموطنِ ضعفِها تصحيحُ
لا أنتمي إلا لروحِ قصيدةٍ
شردتْ وما زالت رؤايَ تبوحُ
أتفكّرين بما أفكّر طفلتي
ولديكِ مثلي رغبةٌ وجموحُ
نامي على جهةٍ تريحك إنّني
قَلِقٌ ومعناى الوحيدُ ذبيحُ
ملّت من الكلماتِ أسئلتي التي
غصّت ولكنّ الجوابُ مريحُ
في زحمةِ الدنيا أسيرُ مرافقاً
حلمي ويدفعُني إليه طموحُ
يا كلَّ أسبابِ الهروبِ حبيبتي
والحبُّ في همساتِنا مفضوحُ
هذا الطريقُ سينتهي حتماً إلى
حلمٍ ودربُ رجائِنا مسموحُ
ليسَ الوصولُ هو النهايةُ حُلْوتي
صوت الختامِ مع الغرامِ قبيحُ
تستصرخينَ لكي أغيّرَ وجهتي
و أتوبَ عنكِ وليس فيكِ وضوحُ
كم أنتِ متعبةٌ فكيفَ تورطتْ
لغتي وذاكرتي إليك تروحُ
أضناكِ هذا القلبُ في تأويلِه
وعلى يديه من الزمانِ قروحُ
ونسيتُ عندَكِ كلّ حزن صاغني
والبابُ في غسقِ الرؤى مفتوحُ
ستفرُّ من هذي البلاد مخاوفي
ويعودُ لي صوتُ الصدى المسفوحُ
ضيّعت كلّ سفينةٍ بي أبحرت
وهواكِ طوفاني وقلبيَ نوحُ
وفي نهاية الأمسية كرّم الشاعر محمد عبدالله البريكي الشعراء المشاركين ومقدمهم وتم التقاط صورة تذكارية لهم بعد التكريم.