نظمت ندوة الثقافة والعلوم احتفالاً بالشعر والشعراء الخميس 18 إبريل 2024 حفل تكريم الفائزين بجائزة الندوة للشعر العربي.
تضمن الحفل ندوة علمية بعنوان “شعر سلطان العويس في أعين النقاد” بحضور بلال البدور رئيس مجلس الإدارة، وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس، و د. صلاح القاسم المديري الإداري، وجمال الخياط المدير المالي، والمهندس رشاد بوخش، وعلي الشريف أعضاء مجلس الإدارة ود. رفيعة غباش ود. سليمان موسى الجاسم ولفيف من المهتمين.
استهلت الشاعرة شيخة المطيري تقديمها بقصيدة للراحل سلطان العويس يقول فيها: يا ندوة العلماء يا أبطالها
من ذا يطير بغير خفق جناح
إن الثقافة والعلوم كليهما
نبض الحياة وطب كل جراح
واستذكرت شيخة المطيري الراحل سلطان العويس الذي حاك من القصائد بردة دافئة في زمن يدرك كيف يتزن بالقصيدة، وأثنت على الندوة التي تحتفل بإطلاق القافلة الأولى لجائزة الشعر العربي.
وأكد بلال البدور رئيس مجلس أمناء جائزة الشعر العربي أن انطلاق أول قطار لجائزة ندوة الثقافة والعلوم للشعر العربي، سعي للاحتفاء بالقصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة والقصيدة النثرية، وللفخر بالشعراء العرب، فالإمارات لديها تجارب كثيرة في الاعتناء بالشعر، وما هذه الجائزة إلا لبنة جديدة تضاف لقصر الاهتمام بالشعر، أريد منها الاحتفاء بالشعراء، وقد أطلقت كمسابقة وليس بالاختيار، حتى يتم التمكن من إتاحة الفرصة لكل المبدعين للمشاركة.
وذكر بلال البدور أن هذه الدورة تحمل اسم الشاعر المعروف سلطان بن علي العويس صاحب الفضل على الثقافة بشكل عام والشعر بشكل خاص، ومنها تبرعه بجزء كبير من تكاليف إنشاء الندوة، كذلك في الندوة جائزة تحمل اسم الشاعر سلطان بن علي العويس وتمول من خلال الوقف الذي تركه للندوة.
وفي هذا المحفل سيتم التطرق لدراسات نقدية جادة لأعمال الشاعر سلطان بن علي العويس لتلقي مزيد من الضوء على تجربته، وهنيئاً للفائزين بفوزهم.
واستعرض د. جان توما أستاذ الأدب العربي في جامعة “الجنان” – لبنان، مفرداتُ الحبِّ والعِشْقِ في شِعْرِ سلطان العويس، حيث يَعْبُرُ سلطانُ العويس في مُفرداتِ الحُبِّ والعِشْقِ إلى ذلك العالمِ الذي يُلَمْلِمُ فيه شظايا بلَّورِ عَالَمِهِ المتناثرِ، فهو بدونِهَا كما يقول:
” سَتَتْركُني الحياةُ بِغَيرِ حُبٍّ
بَقيّةَ أسْطُرٍ، وبِلا وُضوحِ!”
ليصوغَ مُعْجَمًا من المترادفاتِ النابضةِ بإيقاعاتِ “الوجْدِ” و”البكاءِ” من أجلِ “اللّقاءِ”. كلُّ الحُبِّ يَنْزِلُ في عَينيه شَوقًا وَبُكَاءً، فـ”الزيارةُ” تَخْتَصِرُ الحُلْمَ، وَحينَهَا لا يعودُ العالمُ يَسْمَعُهُ:
“أواصلُها الزيارةَ كلّ يومٍ فلم تُغْنِ الزيارةُ واللقاءُ
كأنّ الوجدَ في عَينِي نزيلٌ فقد طال التوجُّدُ والبُكاءُ”.
لا شكّ في أنَّ سلطانَ العويس لم يهرُبْ من التصريحِ بـجمال ِالحُبِّ، فعينُ العاشقِ لا تتوارى ولا تتهرّبُ من التوصيفِ ولكنْ بِخَفَرٍ، وبعدمِ الاسترسالِ في التشبيهاتِ وتراكمِ الصورِ الخادشةِ للحياءِ. هذا التصريحُ يُعِيدُهُ إلى ميزةِ الخوفِ”:
” ينتابُك شوقٌ في خوفٍ
فيطولُ الدربُ
تضيعُ خُطى المَورِدْ”
إنَّ ما يهمُّنا هو ذلك الفيضُ من الوصْفِ الحميمِ والقُربى التي تَشُدُّهُ إلى قلبِهِ وعقلِهِ، فيترجْحُ بينَ الاثنينِ، لذلكَ فالكتابةُ الشِعريَّةُ عندَ سلطانِ العويس متأثرةٌ تأثّرًا جذريًّا بالحياةِ الاجتماعيّةِ والاقتصاديّةِ وبالتحوّلاتِ الفكريّةِ، يعانقُ الطبيعةَ الإنسانيّةَ وجمالاتِ الطبيعةِ، ويحوكُ منهما تفصيلاتِه الدقيقةِ لتكونَ مشعّةً حاضرةً. كُلَّما قرأتَهُ تجدّدَ النورُ في عَيْنَيْكَ وزادَ الشّوقُ إلى معانٍ جديدةٍ، فتكتشفُ معَ سلطانِ العويس أنَّ الحبيبةَ هي الأرضُ والرَّحِمُ، فيقولُ :
أمسى لقاؤكِ ليْ يا مُنْيَتي وطنًا فكيفَ يَنْعَمُ من يَبْقَى بلا وطنِ؟!
وأكد د. جان توما أن سلطان العويس “أوقعنا في رهافةِ الحسِّ والنبْضِ الداخليِّ والحوارِ الذّاتيّ، لعلَّ الحبيبةَ هنا، سارقةُ الفؤادِ و”الشارقةُ” عِطرًا، و”دبي” الطالعةُ فجرًا دائمًا. لقد اختصرَ سلطانُ العويس بعضَ المناحي من تاريخِ “الإماراتِ” فكتبَ سيرةَ حياتِهِ، وخَرَجَ إلى سيرةِ من… أَحَبَّ”.
وتطرق الدكتور خليفة بوجادي أستاذ الأدب العربي في جامعة “الوصل” في ورقته إلى “الخطاب الشعري عند سلطان بن علي العويس” حيث يمثل الخطاب الشعري الحديث مدونة خصبة أمام عدد من المناهج اللسانية والنقدية الحديثة.
وأشار د. خليفة بوجادي إلى تنقله بين قصائد ومقطوعات الأعمال الكاملة للعويس، باحثا عن سماتها ومائزاتها عن الخطابات الشعرية المعاصرة لها، وسجل كثيرا من الظواهر الجديرة بالبحث والتناول. وأولها المدخل الأسلوبي، لمناسبته لكثير من السمات الشخصية في شعره. ومناسبته لتفسير عدد من الخصائص التي تكررت في قصائده.
وثانيها عن الشاعر وديوانه وتطرق للتعريف بالشاعر سلطان العويس، رغم أن الشاعر غني عن التعريف النمطي؛ فهو من الأيقونات البارزة الشهيرة في الثقافة وعالم الأعمال.
وثالثا أشعار سلطان العويس؛ وتضمَّن أهم الظواهر الأسلوبية في قصائد الشاعر في الجزء الأول من أعماله الكاملة، مع نماذج من شعرها وتحليلها في ضوء إجراءات المنهج الأسلوبي. وهي: شعرية العويس (قراءة في العنونة والعروض)، التناص وأسلوبية العبارة السائرة، الانزياح في شعر سلطان العويس، أسلوبية اللغة في شعر سلطان العويس، أسلوبية الصورة في شعر سلطان العويس.
وناقش د. عبدالحميد الحسامي أستاذ الأدب والنقد في جامعة الملك خالد في الرياض “تشكل الصورة في الخطاب الشعري لسلطان بن علي العويس (العوامل – الأنماط – الوظائف)” مؤكداً أن الشعر في جوهره صورة، تبنى باللغة، وبحسب الجاحظ: “فإنما الشعر صناعة، وضرب من النّسج، وجنس من التّصوير.” وما الشعر لولا الصورة؟ إنها فيه بمنزلة الروح للجسد، تمنحه حياته، وتبعث فيه حيويته، ولذلك حظيت الصورة باهتمام الدرس النقدي قديمًا وحديثًا، من زوايا متباينة.
ولا شك في أن هناك ارتباطًا بين الخيال والتصوير، فالخيال هو “العين الثالثة للكائن الإنساني، إنه خميرة الرموز، ولغة الأنبياء، والحكماء، والشعراء، والنافذة المشرعة التي تفتح للشعور سبيلًا إلى لا نهائية التجليات…”
وأشار د. عبدالحميد الحسامي إلى أنه حين تأمل (الأعمال الشعرية) للشاعر سلطان العويس نلحظ أن الصورة ملمحٌ بارزٌ في بنية الخطاب الشعري لدى الشاعر، إن لم تكن أبرز ملمح فيه؛ ولذلك فإن هذه المقاربة تسعى إلى قراءة تشكل الصورة من حيث عوامل هذا التشكل، وأنماط هذا التشكل، والوظائف التي ينهض بها في بنية الخطاب الشعري، وفي ذلك سعي لاستكشاف البنية الداخلية لهذا الخطاب، ومكاشفة العوامل الداخلية والخارجية التي أسهمت في تشكله على تلك الشاكلة، وفي الوقت نفسه، ينطلق البحث لمقاربة الوظائف المختلفة التي يؤديها خطاب الصورة على مستوى العالم الشعري، والعالم النفسي للشاعر، فضلًا عن الوظائف التأثيرية في المتلقي.
وبذلك فإن المقاربة تنقسم إلى عدد من المباحث يخصص كل مبحث في مناقشة محور من المحاور؛ حيث يتخصص المبحث الأول في دراسة عوامل تشكل الصورة، ويقوم المبحث الثاني بدراسة أنماط تشكلها، بينما يدرس المبحث الثالث وظائف الصورة.
وختم د. عبدالحميد الحسامي بقوله إنه حين حاول تناول الصورة في سياق كلي لا يقتصر على البنية الخاصة بالصورة في تكوينها البنيوي الخالص، إنما سعى للانفتاح عليها بوصفها خطابًا له بنيته، وله علاقاته، سواء تلك العلاقات القبلية التي تنجم الصورة عنها، أو العلاقات البعدية التي تتمثل في وظيفتها بعد تشكلها على مستوى الخطاب، وعلى مستوى تلقي الخطاب.
وختمت الندوة العلمية بورقة أ. د. محمد أحمد القضاة ود. هداية رزوق من الجامعة الأردنية بعنوان “الحجاج والتناص في شعر سلطان بن علي العويس” التي سعت إلى التعرف إلى التناص والحجاج من خلال شعر سلطان العويس والتوقف على بيان آليات الحجاج وروابطه وكيف يستخدمها الشاعر، وكيف تتوارد إليه أفكار وألفاظ التناص الشكلي منه والمضمون، وتناول البحث مفهوم الحجاج، والتناص، والحجاج في شعر سلطان العويس، وآليات الحجاج البلاغي في شعر سلطان العويس، والروابط الحجاجية في شعر سلطان العويس، كما تناول التناص في شعره؛ الشكلي والمضموني.
لقد جمع سلطان العويس بين المقام الذي دار حول شعر العاطفة غالبًا، والأدوات البلاغية التي ضمنت تفاعل المتلقي معه، على النحو الذي قوَّى الخطاب الحجاجي لديه، وتعالقت الفكرة والمقام مع عتبة العنوان، وتعدَّدت الصور الجزئية والكلية، واعتمد أحيانًا على الحوار الذي أكسب الأبيات الشعرية حيوية، وتأثر بالنص القرآني الذي اقتبسه حرفيًّا، فضلًا عن التناص مع الشعراء السابقين، وبرع في توظيف هذا التناص في سياق شعري اتسم بـــ (الإنسانوية).
وأكد د. محمد أحمد القضاة أن الروابط الحجاجية، لدى العويس، تناسبت مع المعنى العام للقصيدة، واتسقت مع موقعيتها في القصيدة، وتراوحت بين: الواو، الفاء، لكن، على الرغم، وكان لكل منها وظيفة دلالية تناسبت مع موقعها في البيت، وأشار إلى أن التناص المضموني لدى الشاعر اعتمد على تشابه تجربته الشعرية مع آخرين، وجاء التشابه أحيانًا في بعض التعبيرات أو التراكيب من دون النقل الحرفي لها، وهو ما وظَّفه الشاعر في إطار شعر العاطفة والمناسبات والمجاملات على النحو الذي يشير إلى تعدد علاقاته الاجتماعية؛ لكثرة أسفاره، وحضوره عديدًا من المحافل الأدبية.
وختمت الندوة العلمية بإلقاء شعري آخاذ من أشعار العويس للشاعر والإعلامي جمال مطر، ومن قصيدة “بيروت” قال:
بيروت يا جنة الخلان كيف لنا
أن نثني الدمع من أن يملأ الحدقا
عودي ربيعاً كما قد كنت وارفةً
وانسي الشتاء الذي قد أسقط الورقا
وحانت لحظة التكريم.. شعراء وشاعرات يخطون نحو القصيدة الحلم وآن تتويجهم، وألقى علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس أمناء الجائزة وندوة الثقافة والعلوم قائلاً إنه يوم الاحتفال بتوزيع جوائز الدورة الأولى يقف مستذكراً كيف كانت الجائزة مشروعاً الهدف منه الاعتناء بالشعر وإبراز أميز التجارب الإبداعية الشعرية في الوطن العربي.
وأشار علي الهاملي إلى أن جوائز الشعر كثيرة، ولكن للندوة منذ تأسيسها دوراً في مساندة كل ما من شأنه أن يدعم الإبداع بمختلف أشكاله، والشعر واحد من أكثر أشكال الإبداع جمالاً وروعة، وستبقى له مكانته بين الأمم والشعوب في كل العصور، وأكد أن إطلاق اسم سلطان العويس على الدورة الأولى جاء لما للشاعر من إسهام كبير في إثراء الإبداع الشعري في دولة الإمارات والعالم العربي، وقد شكل حلقة وصل بين جيلين من أدباء الإمارات في النصف الثاني من القرن العشرين، كما كان محباً لندوة الثقافة والعلوم وداعماً كبيراً لها.
واستعرض علي الهاملي عدد المشاركات في الدورة الأولى من الجائزة والذي وصل إلى 455 مشاركة في فروعها الثلاثة، منها 218 مشاركة في الشعر العمودي، و109 في شعر التفعيلة، و128 في قصيدة النثر، ويعتبر عدد المشاركات كبيرًا بالنظر لحداثة الجائزة، ما يؤكد أنه ما يزال للشعر العربي الفصيح محبوه ومكانته.
وكرم بلال البدور رئيس مجلس أمناء الجائرة وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس الفائز بجائزة الشعر العمودي الشاعر اليمني تيمور سعيد أحمد العزاني، وهو حاصل على بكالوريوس الأدب العربي جامعة صنعاء 2018، وللشاعر مشاركات عدة في المهرجانات والفعاليات الأدبية والثقافية، صدر له ديوان شعري عن دائرة الثقافة بحكومة الشارقة عام 2020م بعنوان “أُسافِرُ حافي المعنى”، وديوان شعري مشترك في جمهورية مصر العربية مع مجموعة من شعراء الوطن العربي بعنوان “لآلئ”، وله مقالات منشورة في صحف ومجلات عربية ومحلية، وهو مشارك في العديد من الفعاليات والمهرجانات الثقافية.
وكان الفائز بجائزة شعر التفعيلة الشاعر الفلسطيني حسن ماجد محمود قطوسة، حاصل على ماجستير اللغة العربية وآدابها، مقيم في رام الله، وله عدد من المشاركات والمقالات الأدبية والنقدية، وقد حاز على جوائز أدبية عدة منها جائزة “القوافي الذهبية” في مهرجان الشارقة للشعر العربي عام 2023م.
أما الفائز بجائزة قصيدة النثر فهي الشاعرة السورية المقيمة في دمشق آلاء حيان السياف، فنانة تشكيلية وكاتبة لها كتابات ومقالات أدبية عدة.