د. عمر عبد العزيز يكرم المشاركين ومقدمها يرافقه محمد ولد سالم
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم النادي الثقافي العربي في مقره بالشارقة بحضور د. عمر عبد العزيز رئيس مجلس إدارة النادي جلسة ثقافية بعنوان “الإنشاد الديني” قدم فيها دراسته كل من د. أحمد سعد الدين عيطة، و د. عادل الكسادي، وأدارها الإعلامي هشام أزكيض الذي رفع أسمى آيات الشكر والامتنان لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على دعمه وجهوده المبذولة، والساعية إلى دعم قطاع الثقافة وميادينه المتعددة المشارب، وشكر الدكتور عمر عبد العزيز ، واللجنة الثقافية برئاسة الأديب محمد ولد سالم على جهودها الرامية إلى تحقيق التنمية الثقافية الجادة، موجهًا الشكر للحضور الكريم.
ومما قاله: ” ليس من السهل التطرق إلى القضايا الفنية الخادمة للذوق الرفيع، المؤدي إلى التغيير الإيجابي، وحتى نُثْبِتَ هذا الأمر، في سياق ما سيكون مدار حديثنا في هذه الجلسة الثقافية، يمكن القول، إننا بصدد الحديث عن كتاب تناول بشكل جَلِيٍ مسألة “الإنشاد الديني” ساعياً إلى عقد مقارنة بين الإنشاد الديني في جمهورية مصر العربية من جهة، والإنشاد الديني في المملكة المغربية من جهة أخرى، وحتى تتضح لنا بعض صور ما ورد في هذا الكتاب ” الإنشاد الديني: دراسة مقارنة بين مصر والمغرب” يستحسن ذكر أن الإنشاد الديني يملك قواعد وأُسُسًا علمية مشتقة من أنثروبولوجيا الثقافة، والفن والدين….”
“والحق أن قيمة هذا الكتاب تَنْبَعُ من الخطة التي اتبعها مؤلف هذا الكتاب لرسم معالمه الكبرى، وهذا يجرنا عملياً إلى التأكيد بأن مؤلف الكتاب هو الدكتور المنشد أحمد سعد الدين عيطة ، وهو أستاذ “فلسفة الفنّ وعلم الجمال” في “أكاديمية الفنون” بالقاهرة، وله رصيد مهم من الأبحاث والدراسات المتخصصة في شؤون “الأنثروبولوجية الثقافية”.
ومن دراساته المتميزة “أثرالتغيرالثقافيعلىالإنشادالديني في كل من القاهرة وفاس بالمغرب: دراسة ميدانية مقارنة في الأنثروبولوجية الثقافية” و ” أثر التغيير الثقافي على فنون أداء السيرة الهلالية في كل من مصر وتونس، دراسة ميدانية مقارنة في أنثروبولوجيا الفنون”،
وللدكتور أحمد سعد الدين عيطة، مشاركات في العديد من المهرجانات الفنية واللقاءات الثقافية داخل مصر وخارجها. هذا وقد نال العديد من الجوائز والتكريمات، واخْتِيرَ شخصية عام 2016م في مؤتمر مصر المحروسة عن الدور الريادي في الحراك الثقافي..”.
“وغير بعيد عن الاشتغالات الثقافية، وأبعادها العظمى، يحضر معنا الدكتور عادل الكسادي للإسهام في مناقشة ماجاء في ثنايا كتاب: ” الإنشاد الديني: دراسة مقارنة بين مصر والمغرب”، للتعرف إلى الدكتور عادل الكسادي، هو أستاذ جامعي، وباحث في مجالات التراث الثقافي والاجتماعي، وهو حاصل على درجة دكتوراه فلسفة في علم الاجتماع من جامعة صوفيا 1989م، درس في جامعتي القاهرة ووهران ، وحصل على الليسانس من جامعة وهران بالجزائر عام 1981م. عمل محاضراً وخبيراً و مديراً لإدارة التعليم المستمر في معهد الشارقة للتراث 2015-2023، كما عمل محاضراً في كلية المدينة الجامعية وجامعة الأسرة والأم بعجمان 2012-2014، وباحثاً في وحدة الدراسات والبحوث في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية -دبي 1998-2002، و من أبرز مؤلفاته: – “المرأة على خريطة العمل والتعليم في الإمارات”، – “الطرق الملاحية والنشاط التجاري الشراعي في الإمارات في القرن الماضي”، – “رواة وباحثون من الإمارات” – “الشارقة القديمة، سورها وأبراجها” – “ميثولوجيا البحر وطقوسه في الخليج وبحر العرب”، وله مشاركات عدة في مؤتمرات وندوات على المستوى المحلي والعربي…”.
ومما قدمه د. أحمد سعد عيطة قوله “في ظل ما يشهده العالم من حولنا من تغيرات ذات وتيرة متسارعة على مستوى كافة المجالات، الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، السياسية، … وغيرها من التغيرات. والتي امتد تأثيرها ليتجاوز مستوى الفرد، بل قد تجاوز مستوى مجتمعات بأكملها، وامتد من مجتمع لآخر، حيث يُعد المدخل أو الوازع الديني أحد أهم المداخل التي يمكن من خلالها توصيل فكرة أو رأي معين مع ضمان تقبلها بنسبة كبيرة من قبل المتلقي، وهو ما نعرفه في مجتمعاتنا العربية بالعاطفة الدينية. وبما أن الغناء هو أكثر اللغات المشتركة بين الشباب داخل المجتمعات، وأن الأغاني بأشكالها المتنوعة تُعد أحد أكثر السلع رواجًا ليس في المجتمع العربي بل في جميع أنحاء العالم.
من هنا أصبح بعض أنواع الغناء الذي يتبنى الكلمات الواعظة والتي تحمل في طياتها النصائح والإرشاد والتحلي بأخلاق(الرسول صلى الله عليه وسلم)، والأداء المميز بإظهار جمال الصوت, والطابع الديني والروحاني هو أحد أهم الوسائل والأدوات التي يتم من خلالها توجيه رسائل إلى جميع الفئات داخل المجتمع والتي تصل إليهم بشكل سريع وتلقى قبولًا كبيرًا مقارنة بأي وسيلة أخرى. ويسمى هذا النوع من الغناء بالإنشاد الديني ذو القواعد والأسس العلمية المشتقة من أنثروبولوجيا الثقافة، والفن والدين، حيث أن الانشاد الديني يجمع بين الكلمة والصوت والموسيقى, وبما أن الموسيقى لغة عالمية يفهمها الجميع فيمكن توظيفها بشكل جيد لخدمة هذا الفن.
الفرق بين فن الإنشاد والتواشيح والمديح والابتهال:
أشكال الإنشاد الديني:
ظهر الإنشاد الديني، وأول ألوانه هو الابتهال، والابتهال هو أحد أشكال الإنشاد الديني. ولعلنا نجد كثيرًا من الملحنين نظموا البرده وقصائد المديح للإمام البرعي والإمام المناوي، وغيرهم، وكان ذلك بدون الاستعانة بأي آلة موسيقية، وكان أول تحديث منذ مائة وعشرون عامًا عندما ظهر الشيخ فكين والشيخ محرز وصاحب المدرسة الكبيرة التي ننتمي اليها وهو الشيخ على محمود وكان ذلك في بداية الثلاثينيات، ثم ظهر التواشيح بعد الابتهال وكان يؤدى قبل آذان الفجر. ومن أشكال الإنشاد الديني الابتهال، والتوشيح، والقصيدة الدينية، والتراث الصوفي الشعبي، والأغنية الدينية. ولا يوجد في الإنشاد الديني أو التوشيح، الكوبليه، ولكن يوجد بدنية وخانة أولى وخانة ثانية، وخانة ثالثة، ومن هذه الأشكال.
الابتهالات الدينية :
هي التضرع إلى الله عز وجل بالاسترسال والاجتهاد في الدعاء والإخلاص فيه، هذا من الناحية اللغوية، أمَّا من الناحية الموسيقية تعرف الابتهالات بأنها “عبارة عن جمل لحنية غنائية تؤدى بأسلوب أدليب وهو الأداء الحر الذي لا يتقيد بشكل معين ومؤلفه هو مؤديه وملحنه في نفس الوقت.
يعتمد أسلوب أداء الابتهالات على الارتجال الفوري والفردي للمنشد من بداية الكلمات إلى نهايتها.، مستعرضًا قدراته وإمكاناته من جمال الصوت وطول النفس وارتجال الألحان والانتقال بين الطبقات الصوتية المختلفة: (الحادة، والمتوسطة، والغليظة .(والمقامات المختلفة مثل (الراست- البياتي- النهاوند- الصبا- السيكا… إلخ، في طلاقة وإبداع، لإبهار جمهوره من المستمعين وإذا صادف المنشد آية قرآنية أثناء الإنشاد فيجب أن يوديها مراعيًا قواعد وأحكام تلاوة القرآن الكريم، أمَّا دور البطانة فلا يظهر في أداء الابتهالات مطلقًا.
التواشيح الدينية.
التوشيح: هو نوع من الشعر استحدثة الأندلسيون وهو نظم غنائي يعتمد على تغير الوزن وتعدد القافية، ويطلق كلمة تواشيح على الموشحات الدينية الخاصة بفن الإنشاد الديني، لأن أسلوب أدائها يختلف عن أسلوب أداء الموشح التابع لقوالب تأليف الموسيقى العربية
فإنها لا تلتزم بقوالب الموسيقى للموشحات العاطفية ولكنها عبارة عن تبادل الإنشاد بين المغني والبطانة، فتبدأ المجموعة بالغناء ثم ينفرد المنشد بغناء كلمات أو أبيات مناسبة وغالبًا تؤدى دون مصاحبة آلات موسيقية. وتؤدى التواشيح الدينية في مختلف المناسبات الدينية والأعياد، ومنشد التواشيح يطلق عليه اسم (موشح) ومجموعة المنشدين الذين يصاحبون الموشح في أداء التوشيح يطلق عليهم اسم البطانة أو مجموعة المذهبجية.
المدائح النبوية.
كانت المدائح النبوية أول الأمر تقتصر على امتداح خصال الرسول (ص) وشمائله ورسالته وهو حي، وبعد وفاته إنصرف الشعراء إلى الثناء عليه وتعداد صفاته والإشادة بالدين والإسلام. والمدائح النبوية فن مُتكامل يتحقق بالكلمة واللحن والأداء، وهو لا يُعبِّر عن القيمة الجمالية وحدها ولكنه يُعبِّر عن الحق والخير، وينشُد المُثل العُليا في الإنسانية، وهي سيرة خير البرية(صلى الله عليه وسلم).
إن الموسيقى الشعبية تعتمد في أكثر الأحيان على ارتجال الملحن لبعض الجمل والتراكيب الموسيقية وهذا الارتجال من شأنه أن يساعد على الابتكار والتجديد. والمدائح النبوية أحد أشكال الغناء الشعبي فالمداح يرتجل أحيانًا للأشعار العامية ثم يصيغها ويلحنها بما يتناسب مع الوجدان الشعبيى.
القصيدة الدينية هي أبيات منظومة على قافية واحدة وليس لها الحان خاصة أو ميزان خاص، بل يلقيها المغني من أي لحن كان ويوزن أحيانًا البيت الأول منها على ميزان الوحدة كأنه المذهب، وأدواره ما تليه، وتردد فرقة المنشدين عادة البيت الأول من القصيدة كمذهب. وتعاد بالاتفاق مع المنشد الرئيسي أبياتًا أخرى يقف عندها المنشد الرئيسي لإلتقاط الأنفاس، ثم يستمر الإنشاد كذلك حتى نهاية الأداء.
أشكال الإنشاد الديني
يأخذ الإنشاد الديني أشكالًا مختلفة، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بالتقاليد الثقافية والروحية المحددة داخل العالم الإسلامي. فيما يلي بعض أشكال الإنشاد الديني الإسلامي الشائعة:
الإنشاد الصوفي: الإنشاد الصوفي هو أحد أكثر أشكال الإنشاد الديني الإسلامي شهرة. إنه جزء لا يتجزأ من الممارسات الروحية للتصوف الإسلامي، ويهدف إلى تحقيق الاتحاد مع الله من خلال الموسيقى والغناء. تُستخدم القصائد الصوفية، التي كتبها شعراء مثل جلال الدين الرومي أو حافظ الشيرازي، في الإنشاد الصوفي. وغالبًا ما تتميز الإيقاعات اللحنية المتكررة والتأملية، والتي يمكن أن تولد حالة من النشوة الروحية.
التجويد: التجويد هو فن تلاوة القرآن الكريم. على الرغم من أنه ليس إنشادًا بالمعنى التقليدي، إلا أنه شكل مهم من أشكال التعبير الصوتي في الإسلام. يتضمن التجويد قواعد محددة للنطق واللحن والإيقاع لإضفاء الجمال على قراءة القرآن. يمكن أن يكون مؤثرًا للغاية ويمكن اعتباره شكلًا من أشكال الإنشاد الديني.
الأدعية: الأدعية هي تعبيرات غنائية عن التضرع أو الثناء أو الشكر لله. يمكن أن تكون فردية أو جماعية، وغالبًا ما تُستخدم في العبادة اليومية أو في المناسبات الخاصة. يمكن أن تكون الأدعية بسيطة أو معقدة موسيقيًا، وغالبًا ما تُغنى بأسلوب عاطفي وتعبيري.
الإبتهالات: الإبتهالات هي شكل من أشكال الإنشاد الديني الإسلامي الذي يتضمن مناشدة الله أو طلب المغفرة أو البركة. غالبًا ما تُؤدى الإبتهالات في المساجد أو أثناء التجمعات الدينية، ويمكن أن تكون مصحوبة بالآلات الموسيقية.
المديح النبوي: المديح النبوي هو إنشاد يمدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم. يمكن أن يتضمن قصائد أو أغاني تتناول صفاته أو إنجازاته أو فضائله. وغالبًا ما تُغنى في المناسبات الدينية مثل ذكرى المولد النبوي الشريف.
الإنشاد الديني في الحج: أثناء الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، غالبًا ما يردد الحجاج ترانيم دينية أو أدعية معينة. يمكن أن يكون ذلك جزءًا من الطقوس أثناء الطواف حول الكعبة أو أثناء السعي بين الصفا والمروة.
الإنشاد الإسلامي المعاصر: في العصر الحديث، نشأت أشكال معاصرة من الإنشاد الديني الإسلامي. يمكن أن يدمج هذا النوع بين الموسيقى الإسلامية التقليدية والأنماط الحديثة، مثل البوب أو الروك أو الموسيقى الإلكترونية. غالبًا ما تتناول كلمات الأغاني مواضيع روحية أو اجتماعية ذات صلة بالعالم الإسلامي المعاصر.
ومن أهم النتائج التي توصل إليها الكتاب:
أن هناك تغيرات بالغة الأهمية قد طرأت على المجتمعين المصري والمغربي بأبنيته المختلفة (اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا) وأن هذه التغيرات العامة قد أدت إلى تغيرات في مختلف الظواهر بدرجات متفاوتة من حيث مدى التغير وحدوده. على هذا الأساس ليس صحيحًا القول بأن الإنشاد الديني لم يلحقه قدر ما من التغيرات التي لحقت بسائر الأنواع الأخرى، وأن هذه التغيرات ترتبط في المقام الأول بما حدث من متغيرات في الحياة الاجتماعية الفنية إذ ليس من الطبيعي أن يظل الإنشاد الديني دون سائر الأنواع الغنائية الأخرى واقفًا، أو ثابتًا، وليس من الطبيعي أيضًا أن يأخذ الإنشاد الديني منحى فريدًا فيتغير ويتطور في اتجاه معزول عن ظروف الحياة الاجتماعية بعيدًا عن متطلباتها المعاصرة، إنما من الطبيعي وهذا ما يؤكده هذا الكتاب سواء كان بالملاحظة الميدانية بالمشاركة أو الملاحظة فقط – أن الإنشاد الديني تأثر بما جرى من تغيرات في المجتمع وأنه واكب هذه التغيرات. لكن في الوقت نفسه كانت المواءمة بين ضرورة التغير وبين الحفاظ على المقومات الفنية التي تميز هوية الإنشاد الديني، من الأمور التي اختص بها فن الإنشاد وتميز بها. وهي أمور تتعلق في كل الأحوال لجهد المنشد وللتقاليد التي لا يزال يراعيها من جهة ولمراعاة الجمهور لهذه التقاليد من جهة أخرى.
أولًا: النتائج الخاصة بأساليب أداء المنشدين.
تنوع أساليب الأداء بتنوع أماكنها ويختلف أساليب أداء المنشد باختلاف المنطقة فالمنشد في وجه قبلي هو المتحكم في حالة الذكر. عكس وجه بحري فإن الذكر هو المتحكم فهو يتبع الحالة ودائمًا ما يدعم إنشاده بأداء بعض الأغاني الدينية. وفي المغرب تتنوع أساليب الأداء، حيث يوجد أسلوب أداء محافظ وأسلوب أداء مجدد.
ثانيًا: النتائج الخاصة بالآلات الموسيقية المستخدمة في الإنشاد الديني.
الآلات الموسيقية في المجتمعين تكاد تكون واحدة ولكن هناك بعض الاختلافات في مسميات بعض الآلات والأدوات المستخدمة في الإنشاد الديني. حيث يتميز الإنشاد بالمغرب بقلة استخدام الآلات الموسيقة.
ثالثًا: النتائج الخاصة بالمقامات والقوالب الموسيقية المستخدمة في الإنشاد الديني، حيث يوجد عدد 12 مقامًا موسيقيًا مغربيًا على حسب المقامات الأندلسية هم الأصول. – رمل المـــــايـــة – الاصبــيهــــــــان- المـــــــــــايــــة – رصــــد الذيــــل- الاســــتــــــهلال- الـــــــــــرصــــد- غريـــبة الحسين- الحجاز الكـبيــــر- الحجاز المشرقي- عـــراق العــجم- العــــــشــــــاق- الزريقة.
فمقام رمل المايا هو ما يعادل مقام البياتي ويمكن أن يسمى مقام طبع حمدان ويشبه البياني, ومقام الحجاز الشرقي يعزف على درجة الفا يعطينا عجم, الحجاز الكبير هو الحجاز, استهلال هو العجم ومقام الصيكا بالمغربي هي السيكا الشرقي, المزموم هو الراست الشرقي, المايا.
رابعًا: النتائج الخاصة بآراء المنشدين والمتخصصين في كيفية تأثير التغير الثقافي على الإنشاد الديني.
توجد عدة آراء ترى أن هناك تغيرات ثقافية بالفعل طرأت على فن الإنشاد الديني وأن هذا الفن تأثر من التكنولوجيا الحديثة والتغيرات والعولمة الثقافية ومن هذه التغيرات:
الرأي الأول: يرى أن الإنشاد الديني تأثر من التغيرات الثقافية والتطورات التكنولوجية سلبًا وأصحاب هذا الرأي معظمهم من كبار السن ومن المنشدين التقليديين في كلا المجتمعين والذين يعتبرون أن التطورات الحديثة أضرتهم كثيرًا ويبررون ذلك بأن التكنولوجيا استبدلتهم بوسائل أخرى مثل ال DG وغيرها من الوسائل الحديثة. بعدما كان يستعان بهم في جميع المناسبات الدينية منها والاجتماعية مثل السبوع والعقيقة والأفراح وغيرها وأيضا وجود دخلاء على مهنة الإنشاد مما أطمثوا هذا التراث المهم والذي يعد من أهم الفنون التي يمكن أن تكون مؤثرة بشكل كبير في حياتنا اليومية.
والرأي الثاني : يرى أن الإنشاد الديني تأثر من التغيرات الثقافية والتطورات التكنولوجية التي طرأت على المجتمع بالإيجاب وأصحاب هذا الرأي معظمهم من شباب المنشدين في مجتمعي الدراسة ويدللون على ذلك بأن التكنولوجيا ساعدت كثيرًا في اكتشافهم وكثرة مريدينهم وتواصلهم مع محبيهم وكل هذا بفضل وسائل الاتصال الحديثة مثل الفضائيات والإنترنت والفيسبوك وغيرها من الوسائل.
أمَّا الرأي الثالث: يرى أن هناك تغيرات ثقافية طرأت بالفعل على جميع مناحي الحياة ومنها الفنون وفن الإنشاد الديني أحد هذه الفنون ولكن هذه التغيرات منها السلبي ومنها الإيجابي ويدللون أصحاب هذا الرأي بأن الإنشاد الديني تأثر من هذه التغيرات الثقافية والتطورات التكنولوجية وتم توظيف بعض من هذه التطورات توظيفًا صحيحًا ولكن كل قاعدة دائمًا ما يكون لها شواذ فالإنشاد الديني لم يتأثر كثيرًا وذلك لاحتفاظه بثوابته الدينة واعتماده على نصوص وقصائد من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم .
رأي الكاتب: يرى الكاتب أن فن الإنشاد الديني هو فن مثل جميع الفنون ويمكن أن يؤثر ويتأثر، فأخذ من بعض التطورات الحديثة. وذلك لتبنيه الكلمات الواعظة المؤثرة في النفوس وأداء قصص ومعجزات الأنبياء عليهم جميعًا الصلاة والسلام، وأيضًا الصوت العذب المتمكن والحافظ لكتاب الله سبحانه وتعالى والنشأة الدينية السليمة وكذلك الموسيقى المحافظة والتي تزيد الكلمة والصوت جمالًا وجميع هذه الأدوات ساعدت في ثبات هذا الفن وتأثره كان بطيئًا مقارنة بسائر أنواع الفنون الأخرى.
ولكنه تأثر ببعض من سلبيات هذه التغيرات الثقافية منها دخول بعض أنواع الموسيقي التي أدخلت على فن الإنشاد الديني والتي أثرت عليه بشكل سلبي ودخول الجانب التجاري والربح على هذا الفن مما أفقده كثيرًا من قيمتة الروحانية وأيضًا وجود دخلاء على هذا الفن، وهذه الآراء ليست على مستوى مجتمع واحد فحسب وإنما على مستوى المجتمعين في كل من القاهرة وفاس.
خامسًا: النتائج الخاصة بالزي المستخدم في الإنشاد الديني.
زي المنشد يرمز إلى الهيئة والمكانة التي يتمتع بها. ويتميز المنشد في القاهرة بقلة ارتدائه للزي التقليدي، حيث تخلى المنشد كثيرًا عن زيه الرسمي وأصبح يرتدي زي مثل المطربين. وفي المغرب يتميز المنشد بارتدائه الزي المغربي التقليدي.
سادسًا: النتائج الخاصة بمشاركة الإنشاد في المناسبات الدينية والاجتماعية.
يتميز الإنشاد الديني في القاهرة بكثرة المشاركة في المناسبات الدينية في شهر رمضان وعمل الليالي والمهرجانات الثقافية، والمولد النبوي الشريف، ولكن في المناسبات الاجتماعية نجد أن الإنشاد الديني قل دوره وفقد ريادته في هذه المناسبات وأصبحت شبه معدومة والتي كانت لا تخلوا مناسبة من استدعاء المشايخ سواء كان في حفلات التأبين، أو الأعراس، وغيرها من المناسبات. وفي المغرب يتميز الإنشاد الديني بالمشاركة في جميع المناسبات الدينية منها والإجتماعية مثل الأفراح والأتراح وغيرها من المناسبات.
سابعًا: النتائج الخاصة بالتحديات التي تواجه فن الإنشاد الديني.
من أهم التحديات التي تواجه فن الإنشاد الديني هو التهميش الرسمي الذي يواجهه المنشدين حيث يتم معاملة المداحين والمنشدين كفنانين من الدرجة الثالثة، وأن أجورهم قليلة جدًا مقارنة بأجور الفنانين والظروف التي يعملون فيها تعتمد بشكل كبير على الجهد الذاتي.
ومن المعوقات التي تقف أمام تطوير هذا الفن هو عدم وجود ميزانية حقيقية لتنميتة وتطويرة، وينظر لهذا الفن على أنه جزء من التراث والحفاظ عليه هو من الواجب فقط، ولا توجد آلية حقيقية للحفاظ عليه. تدني استخدام اللغة العربية وعدم الاهتمام بها أدى إلى عدم الدقة في مخارج الألفاظ. وتحوله إلى تجارة، وسلعة تباع وتشترى الغرض منه الربح فقط.
ومن أهم التحديات هو الإعلام الذي يسلط الضوء على حفلات الغناء، والبرامج الترفيهية، وبث حفلات الإنشاد في فترات تكون نسبة المشاهدة معدومة، واستخدام بعض الآلات الموسيقية الحديثة والتي تضر بفن الإنشاد الديني مثل الآلات الكهربية الحديثة لأنها تتميز بالصوت العالي والضوضاء، مما أدى إلى تحول هذا الفن من تطور إلى تدهور.
وفي المغرب الاستهلاكات ومحاصرة النزوع المادي الجشع، والانحلال على الساحة الفنية والإنشادية. وإقامة بعض المهرجانات لغرض التكسُب فقط، فالماديات طغط على كل شيء، وخروج الإنشاد من الزاوية أفقده بعض وظائفه التربوية وتحول إلى فولكلور وهذا هو الخطأ الذي ورطت التغيرات الحديثة فيه. ففي الزاوية يفهمون معنى الرقصات أمَّا في الفضاء الخارجي فقد لا يفرق المشاهد العادي بين الرقصات الصوفية التي لها معاني مُعينة وبين رقص السامبا. وقد يجد المُشاهد نفسه يتحرك، ولكنه يتحرك على الإيقاع فقط وليس على المعنى الروحي المقصود في الكلمة والنغم والإيقاع.
ونستخلص مما سبق أن موضوع الإنشاد الديني بمصر والمغرب، من الموضوعات التي استأثرت باهتمام الدارسين والعلماء قديمًا وحديثًا. وأن الكاتب قد توقف عند جملة قضايا الإنشاد الديني، خاصة ما اتصل بالحياة الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة لهذا الفن الأدبي الثقافي. ذلك بأن جملة من الفنون والطقوس والممارسات نشأت على هامش الإنشاد الديني، كصناعة الدفوف والطبول المختلفة الأحجام وغير ذلك من الآلات الوترية والهوائية.
والجدير بالذكر هنا أن الإنشاد الديني بالقاهرة يختلف، في مناحي كثيرة، عن مثيله بالمغرب؛ على الأقل في هذا الجانب المرتبط بالآلات الموسيقية، إذ هي قليلة لدى المغاربة، كثيرة لدى المصريين الذين يستعملون القانون والعود والناي والكمان أو الرباب، بالإضافة إلى الآلات الإيقاعية. في حين أن المغاربة يكتفون في الإنشاد والسماع بالدف ولا شيء بعده. بل إن كثيرًا من الفرق لا تستعمل أي آلة موسيقية، حيث ينطلق الإنشاد منسابًا على الحناجر، موقَّعًا في لحن بديع.
كما تجدر الإشارة إلى أن جملة أخرى من الفروق توجد بين الإنشادين، سواء ما اتصل بحال السماع والإنشاد لدى المصريين، أو المغاربة. ومن تلك الفروق ما تعلق بالنصوص نفسها، حيث نادرًا ما ينطلق المنشد المغربي من اسْتِخْبارٍ مقدمة، في حين يوجد ذلك بكثرة في الإنشاد الديني المصري، بجانب المواويل التي يخلو منها الإنشاد والسماع المغربيان.
وفي نهاية الجلسة دار حوار غير قصير حول موضوع الكتاب المطروح للنقاش، تم تكريم المشاركَين ومقدمهما والتقاط صورة جمتاعية تذكارية.