مقالات

بدائع قرآنية (17)  د . أحمد الزبيدي    –     الإمارات

د. أحمد الزبيدي

 

*يزخر القرآن العزيز، من أوله إلى آخره؛ ببديع ‌اللطائف ‌القرآنية، ورفيع المعاني البيانية، وأنوار الحقائق الربانية.
فأينما يَمَّمْتَ وجهكَ، وحيثما أرسلت طرفَك، وكيفما أعملت فكرَك؛ في سور القرآن ، وآيات الفرقان، رأيتَ ذلك التناسق البديع، وألفيت ذلك التناسب الرفيع، ووجدت ذلك الإعجاز المنيع، بأحسن نطق، وأفصحه، وأبينه، وأعجبه، فلله دره ؛ ما أحلى نظمه وأبعد غوره ، وأنقى درّه، وأعلى قدره، وأعجب أمره!
إذا ‌نطَقَ أصابَ، وإنِ استُمْطِرَ صابَ، وإذا سُئل أجاب !
في حلقات هذه السلسلة العلمية ؛ نستعين الله عز وجل على استنطاق صوابه، واستمطار صابه، والاسْتِظْلالِ بظلاله، و التنعم في رحابه، والاقتباس من شهابه، بتسليط الضوء على شيء من عجائبه، و استجلاءِ بعض غرائبه، مبتدئين بسورة الفاتحة، ومنتهين بسورة الناس، معتمدين في ذلك-بعد الله – على كتب التفسير بأنواعها، لا سيما “تفسير الطبري “، و “مفاتيح الغيب” للفخر الرازي، و”تفسير الكشاف” للإمام الزمخشري، ومعاجم اللغة، مثل “لسان العرب” لابن منظور، والقاموس، للفيروز أبادي، و”شمس العلوم” لنشوان الحميري، وكتب المفردات، مثل كتاب “ألفاظ القرآن للراغب” وكتب الأدب، وكتب البلاغة، وكتب توجيه متشابه اللفظ من آي التنزيل، لا سيما كتاب “أسرار التكرار في القرآن” المسمى؛ “البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان”، و“دُرة التنزيل وغُرة التأويل”، للخطيب الإسكافي و”ملاك التأويل” للغرناطي، و”الدر المصون” للسمين الحلبي، كذلك دواوين الشعر، وكتب الأدب، و الرسائل والخطب ، وغير ذلك من الكتب ذات الصلة والعلاقة القريبة والبعيدة.*

“البقرة” (ط)

تأويل قوله تعالى: {‌فإن ‌آمنوا ‌بمثل ‌ما ‌آمنتم ‌به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137]

فإن صدّق اليهود والنصارى بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى، وما أوتي النبيون من ربهم، وأقروا بذلك مثل ما صدقتم أنتم به أيها المؤمنون وأقررتم، فقد وفقوا ورشدوا ولزموا طريق الحق واهتدوا، وهم حينئذ منكم وأنتم منهم بدخولهم في ملتكم بإقرارهم بذلك. فدل تعالى ذكره بهذه الآية على أنه لم يقبل من أحد عملا إلا بالإيمان بهذه المعاني التي عدها قبلها.

قال الزجاج :” فإِن قال قائل: فهل للإيمان مِثْلٌ هو غير الِإيمان؟

قيل له: المعنى واضح بين، وتأويله: فإِن أتَوْا بتصديق مثل تصديقكم وإِيمانكم – بالأنبياءِ، ووحَّدوا كتوحيدكم – فقد اهتدوا، أي فقد صاروا مسلمين مثلكم”.

قال الإمام الرازي:” [في معنى اهْتَدَوْا] مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّثْبِيتُ وَالْمَعْنَى: إِنْ حَصَّلُوا دِينًا آخَرَ مِثْلَ دِينِكُمْ وَمُسَاوِيًا لَهُ فِي الصِّحَّةِ وَالسَّدَادِ فَقَدِ اهْتَدَوْا، لَمَّا اسْتَحَالَ أَنْ يُوجَدَ دِينٌ آخَرُ يُسَاوِي هَذَا الدِّينَ فِي السَّدَادِ اسْتَحَالَ الِاهْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ الَّذِي تُشِيرُ عَلَيْهِ: هَذَا هُوَ الرَّأْيُ وَالصَّوَابُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ رَأْيٌ أَصْوَبَ مِنْهُ فَاعْمَلْ بِهِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنْ لَا أَصْوَبَ مِنْ رَأْيِكَ وَلَكِنَّكَ تُرِيدُ تثبيت صاحبك وتوفيقه عَلَى أَنَّ مَا رَأَيْتَ لَا رَأْيَ وَرَاءَهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُوجَدَ دِينٌ آخَرُ يُسَاوِي هَذَا الدِّينَ فِي السَّدَادِ لِأَنَّ هَذَا الدِّينَ مَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُعْجِزُ وَجَبَ الِاعْتِرَافُ بِنُبُوَّتِهِ، وَكُلُّ مَا غَايَرَ هَذَا الدِّينَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى الْمُنَاقَضَةِ، وَالْمُتَنَاقِضُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِغَيْرِ الْمُتَنَاقِضِ فِي السَّدَادِ وَالصِّحَّةِ.

وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمِثْلَ صِلَةٌ فِي الْكَلَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّورَى: 11] أَيْ لَيْسَ كَهُوَ شَيْءٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:      وِصَالِيَّاتٌ كَكَمَا يُؤْثَفِينَ، وَكَانَتْ أُمُّ الْأَحْنَفِ تُرَقِّصُهُ وَتَقُولُ:

وَاللَّهِ لَوْلَا حَنَفٌ بِرِجْلِهِ

وَدِقَّةٌ فِي سَاقِهِ مِنْ هَزْلِهِ

مَا كَانَ مِنْكُمْ أَحَدٌ كَمِثْلِهِ

وَثَالِثُهَا: أَنَّكُمْ آمَنْتُمْ بِالْفُرْقَانِ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيفٍ وَتَحْرِيفٍ، فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ وَهُوَ التَّوْرَاةُ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيفٍ وَتَحْرِيفٍ فَقَدِ اهْتَدَوْا لِأَنَّهُمْ يَتَّصِلُونَ بِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ‌{فَإِنْ ‌آمَنُوا ‌بِمِثْلِ ‌مَا ‌آمَنْتُمْ ‌بِهِ} أَيْ فَإِنْ صَارُوا مُؤْمِنِينَ بِمِثْلِ مَا بِهِ صِرْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَقَدِ اهْتَدَوْا، فَالتَّمْثِيلُ فِي الْآيَةِ بَيْنَ الْإِيمَانَيْنِ وَالتَّصْدِيقَيْنِ، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا تَقُولُوا ‌{فَإِنْ ‌آمَنُوا ‌بِمِثْلِ ‌مَا ‌آمَنْتُمْ ‌بِهِ}فَلَيْسَ لِلَّهِ مِثْلٌ، وَلَكِنْ قُولُوا {فَإِنْ آمَنُوا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ}، قَالَ الْقَاضِي: لَا وَجْهَ لِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ مِنْ حَيْثُ يُشْكِلُ الْمَعْنَى وَيُلَبِّسُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنْ جَعَلَهُ الْمَرْءُ مَذْهَبًا لَزِمَهُ أَنْ يُغَيِّرَ تِلَاوَةَ كُلِّ الْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ وَذَلِكَ مَحْظُورٌ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَابِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

أَمَّا قَوْلُهُ: {فَقَدِ اهْتَدَوْا}فَالْمُرَادُ فَقَدْ عَمِلُوا بِمَا هُدُوا إِلَيْهِ وَقَبِلُوهُ، وَمَنْ هَذَا حَالُهُ يَكُونُ وَلِيًّا لِلَّهِ دَاخِلًا فِي أَهْلِ رِضْوَانِهِ، فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهِدَايَةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ هَذَا الِاهْتِدَاءِ، وَتِلْكَ الْهِدَايَةُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا إِلَّا عَلَى الدَّلَائِلِ الَّتِي نَصَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَشَفَ عَنْهَا وَبَيَّنَ وُجُوهَ دَلَالَتِهَا، ثُمَّ بَيَّنَ عَلَى وَجْهِ الزَّجْرِ مَا يَلْحَقُهُمْ إِنْ تَوَلَّوْا فَقَالَ: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ} وَفِي الشِّقَاقِ بَحْثَانِ: الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: الشِّقَاقُ مَأْخُوذٌ مِنَ الشِّقِّ، كَأَنَّهُ صَارَ فِي شِقٍّ غَيْرِ شِقِّ صَاحِبِهِ بِسَبَبِ الْعَدَاوَةِ، وَقَدْ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ إِذَا فَرَّقَ جَمَاعَتَهُمْ وَفَارَقَهَا، وَنَظِيرُهُ: الْمُحَادَّةُ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي حَدٍّ وَذَاكَ فِي حَدٍّ آخَرَ، وَالتَّعَادِي مِثْلُهُ لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ فِي عُدْوَةٍ وَذَاكَ فِي عُدْوَةٍ، وَالْمُجَانَبَةُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي جَانِبٍ وَذَاكَ فِي جَانِبٍ آخَرَ وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ مِنَ الْمَشَقَّةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْرِصُ عَلَى مَا يَشُقُّ عَلَى صَاحِبِهِ وَيُؤْذِيهِ قَالَ الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما أَيْ فِرَاقَ بَيْنِهِمَا فِي الِاخْتِلَافِ حَتَّى يَشُقَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ.

الْبَحْثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ} أَيْ إِنْ تَرَكُوا مِثْلَ هَذَا الْإِيمَانِ فَقَدِ الْتَزَمُوا الْمُنَاقَضَةَ وَالْعَاقِلُ لَا يَلْتَزِمُ الْمُنَاقَضَةَ الْبَتَّةَ فَحَيْثُ الْتَزَمُوهَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ غَرَضُهُمْ طَلَبَ الدِّينِ وَالِانْقِيَادَ للحق وَإِنَّمَا غَرَضُهُمُ الْمُنَازَعَةُ وَإِظْهَارُ الْعَدَاوَةِ ثُمَّ لِلْمُفَسِّرِينَ عِبَارَاتٌ. أَوَّلُهَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فِي خِلَافٍ مُذْ فَارَقُوا الْحَقَّ وَتَمَسَّكُوا بِالْبَاطِلِ فَصَارُوا مُخَالِفِينَ لِلَّهِ. وَثَانِيهَا: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَمُقَاتِلٌ فِي شِقَاقٍ. أَيْ فِي ضَلَالٍ. وَثَالِثُهَا: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي مُنَازَعَةٍ وَمُحَارَبَةٍ. وَرَابِعُهَا: قَالَ الْحَسَنُ فِي عَدَاوَةٍ قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يَكَادُ يُقَالُ فِي الْمُعَادَاةِ عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ أَوِ الْمُخَالَفَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ مَعْصِيَةً إِنَّهُ شِقَاقٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي مُخَالَفَةٍ عَظِيمَةٍ تُوقِعُ صَاحِبَهَا فِي عَدَاوَةِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ وَلَعْنِهِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ النَّارِ فَصَارَ هَذَا الْقَوْلُ وَعِيدًا مِنْهُ تَعَالَى لَهُمْ وَصَارَ وَصْفُهُمْ بِذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ القوم معادون للرسول مضمرون له السؤال مُتَرَصِّدُونَ لِإِيقَاعِهِ فِي الْمِحَنِ، فَعِنْدَ هَذَا آمَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كَيْدِهِمْ وَآمَنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ شرهم ومكرهم فقال: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} تقوية لقلبه وَقَلْبِ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا تَكَفَّلَ بِالْكِفَايَةِ فِي أَمْرٍ حَصَلَتِ الثِّقَةُ بِهِ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ: هَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الْغَيْبِ فَيَكُونُ مُعْجِزًا دَالًّا عَلَى صِدْقِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ إِخْبَارٌ عَنِ الْغَيْبِ وَذَلِكَ لِأَنَّا وَجَدْنَا مُخْبِرَ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى كَفَاهُ شَرَّ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَصَرَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى غَلَبَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَأَخَذُوا دِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَصَارُوا أَذِلَّاءَ فِي أَيْدِيهِمْ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِمُ الْخَرَاجَ وَالْجِزْيَةَ أَوْ لَا يَقْدِرُونَ الْبَتَّةَ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ مُعْجِزٌ لِأَنَّهُ الْمُتَخَرِّصُ لَا يُصِيبُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ، قَالَ الْمُلْحِدُونَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا مُعْجِزٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْجِزَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ نَاقِضًا لِلْعَادَةِ، وَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مُبْتَلًى بِإِيذَاءِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: اصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ يَكْفِيكَ شَرَّهُ، ثُمَّ قَدْ يَقَعُ ذَلِكَ تَارَةً وَلَا يَقَعُ أُخْرَى، وَإِذَا كَانَ هَذَا مُعْتَادًا فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّهُ مُعْجِزٌ وَأَيْضًا لَعَلَّهُ تَوَصَّلَ إِلَى ذَلِكَ بِرُؤْيَا رَآهَا، وَذَلِكَ مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَى دَفْعِهِ، فَإِنَّ الْمُنَجِّمِينَ يَقُولُونَ: مَنْ كَانَ سَهْمُ الْغَيْبِ فِي طَالِعِهِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا. وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَيْسَ غَرَضُنَا مِنْ قَوْلِنَا أَنَّهُ مُعْجِزٌ أَنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ وَحْدَهُ مُعْجِزٌ، بَلْ غَرَضُنَا أَنَّ الْقُرْآنَ يَشْتَمِلُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، وَالْإِخْبَارُ عَنِ الْأَشْيَاءِ الْكَثِيرَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ مِمَّا لَا يَتَأَتَّى مِنَ المتخرص الكاذب.

في معنى {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَعَدَهُ بِالنُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ أَتْبَعَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَعَالَى فَقَالَ: وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

قال صاحب “الأنموذج” الإمام زين الدين :” ‌‌فإن قيل: قوله تعالى: {‌فَإِنْ ‌آمَنُوا ‌بِمِثْلِ ‌مَا ‌آمَنْتُمْ ‌بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} .

إن أريد به الله تعالى فلا مثل له، وإن أريد به دين الإسلام فلا مثل له أيضاً، لأن دين الحق واحد؟

قلنا: كلمة “مثل ” زائدة معناه فإن آمنوا بما آمنتم به، يعنى بمن آمنتم به وهو الله تعالى أو بما آمنتم به وهو دين الإسلام و”مثل” قد تزاد في الكلام كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} . وقوله: {مثله في الظلمات} . ومثل بمعنى واحد، وقيل: الباء زائدة كما في قوله تعالى: {بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}. أى مثل إيمانكم بالله أو بدين الإسلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى