د. رضوان الغالي و د. الماحي سليمان و الطيب عبد الماجد ومحمود الجيلي
أبوبكر سيد أحم خلال غنائه
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظّم النادي الثقافي العربي في الشارقة الخمبس 25 يوليو 2024 ندوة ثقافية فنية بعنوان “تأثير الفنان برعي دفع الله في الفضاء السوداني والعربي” شارك فيها الدكتور مرتضى الغالي، والموسيقار الدكتور الماحي سليمان، والإعلامي الطيب عبدالماجد، وأدارها الشاعر محمود الجيلي.
دارت في الندوة استعادة لمسيرة الفنان برعي محمد دفع الله وهو موسيقار وملحن وعازف عود بارع، أثرى مكتبة الغناء والموسيقى السودانية والعربية بمئات الألحان والمقطوعات الموسيقية الخالدة، منها ما حصد جوائز عالمية، وهو أول من نال درجة فنان من الإذاعة السودانية، كما حاز وسام العلم والآداب والفنون الذهبي في التلحين والموسيقى، وسجل ألحانه ومقطوعاته الموسيقية في الإذاعات العربية والأفريقية والأوروبية والأمريكية، وقدّم خلال مسيرته الفنية أكثر من 400 عمل بين لحن ومقطوعة موسيقية.
نماذج فنية خالدة
تخللت الندوة وسط حضور كبير فواصل ووصلات غنائية قدمت نماذج من ألحان الموسيقار برعي محمد دفع الله، قدمها الفنان أبوبكر سيد أحمد، منها أغنية “يا عذارى الحي” للفنان عبدالعزيز محمد داؤود، و”الوصية” للفنان محمد وردي، ويا “روحي سلام عليك” للفنان عبيد الطيب، كما شهدت الندوة تقديم مقطوعات موسيقية من تأليف الموسيقار برعي، قدّمها نجله الموسيقي زرياب برعي محمد دفع الله، من خلال آلة الكمان وبمصاحبة الفرقة الموسيقية، منها مقطوعة الأغنية والأهزوجة السودانية الخالدة “أعز مكان وطني السودان”، للفنان إبراهيم عوض، ومقطوعة “ملتقى النيلين”، و”المروج الخضراء” وغيرها من الأعمال الفنية الخالدة.
نشأة في المدينة وتمسك بالتراث
خلال مداخلته أكد الدكتور مرتضى الغالي أن نشأة برعي محمد دفع الله الحضرية في – حي الموردة بمدينة أمدرمان – وسماته المدينية لم تحل بينه وبين الألحان الشعبية والتراثية والفلكلورية التي غطت كل ربوع السودان، لا سيما أنغام كردفان وشمال دارفور وما يُعرف بغناء الحكامات، والأهازيج والهدهدة، وأغاني الحصاد، واستطاع أن يلم بالتراث العالمي بما فيه التراث الإقليمي الساحلي في غرب أفريقيا والشمال العربي.
ومما قاله د. مرتضى الغالي: “كان لدى برعي دفع الله معرفة عميقة بأغاني التراث المحلي وإيقاع التُم تُم التي يعتبر حلقة مهمة في تاريخ الموسيقى والغناء السوداني، وهذه الحلقة ساهم فيها مبدعون كُثر، وهي حلقة تمتد من رابحة تُم تُم، وإسماعيل عبد المعين، وفضل المولى زنقار، وإبراهيم عبدالجليل، وصولاً إلى عبدالعزيز محمد داؤود، الذي شكّل ثنائية فريدة مع برعي عبر مسيرة إبداعية ممتدة”.
وختم د. مرتضى الغالي حديثه بقوله إن هناك أسئلة تطرح حول المصادر التي كان يستلهم منها برعي موضوعاته الموسيقية، لا سيما وأنها تطرح أبعاداً جغرافية ووجدانية، وأبعاداً من الطبيعة، لامست الوجدان السوداني، حيث نجح بموهبته في وضع ألحان تواكب المقطوعات الموسيقية والغناء الوطني والفلكلور والشعبي.
محطات فنية
من جانبه استعرض الإعلامي الطيب عبدالماجد محطات من حياة برعي الفنية، ومما قاله: “كان برعي لحناً خالداً في ذاكرة الأمة السودانية، ونغما حيا في وجدان الناس، ولم يكن غريباً على مدينة أمدرمان أن تأتي به فالرجل يشبهها، وقد عرِف برعي العود باكراً وبرع ملحناً فذاً، ليترك اسمه في صفحة الكبار، ووقّع بوتر العود وقوس الكمان في دفتر الأشعار وحولها بعبقريةٍ إلى أغنياتٍ خالدات، ومن تجليات برعي أنه يمنح القصيدة حياة تتحرك، فيسكن فيها شجن، فتزهو ويعطيها من عطره فتنتشي، برعي ظاهرة كونية لا تتكرر كثيراً، فإلى جانب ألحانه الخالدة كان عواداً محترفاً قدم لنا مقطوعات موسيقية خالدة نقلت الموسيقى إلى مستويات رفيعة احتفت بها الذائقة السودانية منها (المروج الخضراء، وخرير الجدول، وفرحة شعب، وهنادي)، وصدق الشاعر السوداني الراحل السر قدور عندما قال: برعي هو أول من أعاد الاعتبار لقيمة الملحن وجعله في مصاف لا تقل عن الفنان”.
وتوقف الإعلامي الطيب عبدالماجد كثيراً عند الثنائية واللقاء الذي جمع برعي محمد دفع الله بالفنان عبد العزيز محمد داؤود، مؤكداً أنه لقاء استثنائي بكل المقاييس كان لابد أن يحدث، حيث قدما من خلاله أغنياتٍ زاهيات، كانت قريبة من الناس ولامست احساسهم، منها “يا حليلهم دوام بطراهم، وعودة قلب”.