لطيفة محمد حسيب القاضي – اليمن
الكتابة الإبداعية، المرتبطة بالمخيلة، والتي تشمل الشعر والمقالات والنقد الأدبي وأدب الواقع والخيال هي نوع من الأدب، ومن هنا، يجسد الأدب الواقع بكل تجاربه ومشاعره واللحظات الحياتية المؤثرة. أحياناً يكون التوجه سلبيًا أو إيجابيًا، حسب توجهات الكاتب، وهنا تأتي أهمية دور الأدب بالتأثير في حياتنا،
فالقارئ يعيش اللحظة عندما يقرأ عملًا أدبياً، ما يسهم في تشكيل رؤى وقناعات لدى الكثير من القراء لأنه يصف الواقع. ظهرت أهمية الأدب من خلال تقديم نماذج متباينة في آليات التفكير الحر، ما يتيح للفرد الفرصة لمعرفة العالم خارج إطار ذاته، فيتنوّر فكره ويتمكن من فهم الحياة.
أثبت عدد من الدراسات تأثير قراءة الأدب في الأفراد، حيث تُحلل الأعمال الأدبية من ناحية النظرة العميقة لكتّابها وما يتبعون من أفكار، كما أثبتت هذه الدراسات أن الأعمال الأدبية ليست فقط للتسلية، بل لتعزيز القناعات الفكرية والهيمنة الفكرية، فالأدب يقوم على قوة التحريك ويستند إلى الإقناع، وهنا تأتي أهمية ثقافة السؤال كأداة مفتاح للمعرفة.
لا جرَمَ أن الأدب يعيدنا إلى قصص التاريخ والأعمال الكلاسيكية القديمة والحديثة من خلال التشكيل الأدبي الذي يتضمن اللغة وثقافة مرحلة الحدث، ومن هنا، يرتقي أدب الأيديولوجية بمفاهيم وثقافة المجتمع عبر سيرهم الذاتية في الأدب الواقعي، الذي يلقي الضوء على تجاربهم المتميزة، ويصف تجربة الإنسان وثقافته، فالأدب هو مرآة لكل زمان ومكان.
عند قراءة كتاب “الاستشراق” لإدوارد سعيد، تدرك أثر الأدب في حياة الأفراد وتشكيل قناعاتهم، والتأثير الخفي على مشاعر الناس، وهكذا يؤدي الأدب دوره على أكمل وجه لتشكيل قناعة أو تنفير، فهو أداة وسلاح في يد من يملكه، ويعتبر الأساس الذي يغني الحياة.
الكتاب الجيد يجعلك تفكر خارج حدود عقلك، ويدفعك للتعاطف مع الناس الذين خاضوا التجربة، لتتعلم أشياء لم تدرك وجودها أوالتعرف ليها بمفردك، فالأدب يتيح لك معرفة وجه آخر لا تعرفه عن الحياة.
هناك أعمال خلدها التاريخ، مثل أعمال الكاتب الروسي “ليون تولستوي”، التي كانت بمنزلة المرشد للمثل والقيم الإنسانية. في العالم العربي لم نعِ بعدُ دور الأدب في تشكيل الوعي الجمعي للأمة، لذا، يجب علينا معرفة أهمية دور الأدب لنستفيد من ثماره ونتجنب تأثير الهدام منه على أمتنا ومجتمعنا،
وهناك الأعمال الأدبية التي تعكس تأثير الأدب على الوعي الجمعي، ومن أبرزها:”الأخوة كارامازوف” لفيودور دوستويفسكي، وتعتبر هذه الرواية دراسة عميقة للطبيعة الإنسانية، حيث تتناول قضايا الأخلاق والدين والحرية، ما يؤثر في قيم المجتمع، ورواية”موسم الهجرة إلى الشمال” للطيب صالح التي تعكس تجربة التفاعل بين الشرق والغرب، وتأثير الاستعمار في الهوية والثقافة العربية، ورواية “الحب في زمن الكوليرا” لغابرييل غارثيا ماركيز، حيث تستعرض موضوع الحب والصبر في سياق اجتماعي وسياسي، ما يعكس التغيرات في الوعي الجمعي للثقافات، ورواية”مدن الملح” لعبد الرحمن منيف والتي تتناول التحولات الاجتماعية والاقتصادية في العالم العربي، وتأثير النفط في الهوية والثقافة، وكتاب “عندما التقيت بيكاسو” لإدوارد سعيد الذي
يستعرض تأثير الفن والأدب في تشكيل الهوية الثقافية، ويعكس كيف يؤثر الفن في الوعي الجمعي، ورواية”ألف شمس ساطعة” لخالد حسيني، والتي تعكس قضايا المرأة في أفغانستان وتأثير الحروب في المجتمع، ما يسهم في تشكيل الوعي الجمعي حول حقوق الإنسان.
جميع الأعمال السابقة تمثل تجارب إنسانية عميقة وتسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية التي تؤثر في الوعي الجمعي للأفراد والمجتمعات..
زر الذهاب إلى الأعلى