أخبار
“بيت الشعر ” في الشارقة يستهل نشاط مقره الجديد بأمسية ثلاثية
نجوم الفعالية : أماني نقار و سليمان الجيجان و عبدالله ماجد و رقية الجيلاني
الشارقة – “البعد المفتوح”:
بحضور سعادة عبدالله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة،و الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير “بيت الشعر” في الشارقة الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 أحيا الشاعران سليمان الجيجان، و عبد الله ماجد، والشاعرة أماني نقار أولى أمسيات “بيت الشعر” في مقره الجديد بالشارقة (مبنى معهد الشارقة للفنون المسرحية” سابقًا، وقدمت للأمسية وأدارتها رقية الجيلاني مشيدة بحهود وتوجيهات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وشكرته على “هديته القيمة للمشهد الثقافي والمتمثلة في مقر “بيت الشعر” الجديد، كما أشادت بدور الشارقة التي “حَملتْ على عاتِقَها رسالةَ الثقافةِ والفِكرِ في العالمِ العربيِّ.. الشارقةِ، التي استحَقَّتْ بِجدارةٍ لَقبَ عاصِمةِ الثقافَةِ العربيّةِ والإسلامية”.
ووسط جمهور عريض بدأ الإلقاء في الأمسية الشاعر سليمان الجيجان مستهلًا قصائده بتحية وجهها إلى الشارقة معبرًا عن حبه لها بقول في قصيدته :
سافَرتُ بالمعنى رياضَ قصائِدٍ
أشجارُها بالحُبِّ دوماً وارِقة
وزرعتُ فيها حرفَ قلبٍ هايِّمٍ
فسما إلى الغيمِ البَعِيد وعانَقه
وسقيتُهُ معنىً فراتِيَّ الهوى
فتفَتَّحَت فيهِ الأُمانِي البارِقَة
وقَطَفتُ أشهى فكرَةٍ وجعلتها
شعراً يعانِقُ بالجمالِ الشَّارِقَة
وفي قصيدته “أعرني دموعاً” تقطر عبارته الشعرية دمعًا وتفيض بمشاعر إنسانية ، حيث يحس بأنه ( خوفُ الغائِبِينَ بأَرضِهِم):
أعِرنِي دمُوعاً كي أبَلِّلَ وجنَتِي
فما عادَ عندِي غيرَ ذكرى الأحِبَّةِ
أعِرنِي من الأحلامِ لو بعضَ أحرفٍ
لأنهضَ فوقَ الشَّامِتِينَ بكَبوَتِي
فبِي عزفُ نايٍ أوجَعَ العودَ لحنُهُ
يسيلُ على الأرواحِ في كُلِّ ليلَةِ
أنا الآنَ خلفِي ألفُ صَمتٍ ودمعَةٍ
تنادِي فهَل من سامِعٍ صوتَ دمعةِ
أنا الآنَ خوفُ الغائِبِينَ بأَرضِهِم
ولَيسَ لهُم إلّا انتِظارُ المنِيَّةِ
عزائِي بأَنِّي شاعُرٌ لم أبِع دَمِي
لبَعضٍ منَ الأوراقِ وسطَ المَجَلَّةِ
عزائِي بأَنِّي من بلادٍ عزِيزَةٍ
تعانِقُ بالأمجادِ هامَ المَجَرَّةِ
أنا من بلادٍ أوجَعَ الحُزنُ خَدَّها
وكانَ لها بالصَّبرِ أعظَمَ صورِةِ
أنا من بلادِ السَّيفِ والشِّعرِ والهوى
سأَبقَى فخُوراً بامتِدادِ أمَيَّتِي
أعِرنِي صباحاً أَيُّها الليلُ إنَّنِي
زرَعتُ أمانِينا على كَفِّ ضحكَتِي
أعِرنِي صباحاً عَلَّها منهُ ترتَوِي
فقَد أنهَكَتها بالتَّبارِيحِ خلوَتِي
وتتجلى لفتاته العاطفية في قصيدته “هــــاتـــي” التي يخاطب فيها “نهر لغاياتي وأحلامي”:
هاتِي منَ الحُبِّ ما نحتاجُهُ هاتِي
لو بعضَ طيفٍ على أطرافِ مرآتِي
هاتِي من الليلِ ما يحلو لسهرَتِنا
لأسكُبَ الشَّوقَ في خدَّيكِ مولاتِي
هاتِي منَ الصُّبحِ فَيرُوزاً لتُطرِبَنا
وتحتَسِي قَهوَةَ العَينَينِ أبياتِي
صُبِّي على الصُّبح بعضاً من ملامحِنا
ليَرقُصَ الغَيمُ عشقاً في مجازاتِي
بعضٌ من الماءِ يحيِي روحَ سنبُلَةٍ
وأنتِ نهرٌ لأحلامِي وغاياتِي
وجدتُ فيكِ كروماً لم تكن عنباً
تعَتَّقَت فيكِ حتّى أسكَرَت ذاتِي
فأوقَدَ الليلُ ذكرى كنتُ أحسَبُها
ماتت كما ماتَ يومُ الأمسِ للآتِي
واعتلى المنصة بعده الشاعر عبدالله ماجد فأنشد عددًا من القصائد المفعمة باللغة االشعرية و قوة الأداء ، وفي “مَوْقِفُ الفَحْوَى” التي يصور رؤاه بـ”هباء لا انتهاء لها” ينتعي إلى أن كل فحواه “بَعْضِي قُدَّ مِن حَجَرٍ… كما الرُّخامِ وبعضي ذَوَّبَ الحَجَرَا” يقول:
أوْقَفْتَني خارجَ الفَحْوى فكيفَ أَرَى؟
أنا الذي أَوْثَقَ الأشياءَ والصُّوَرَا
وقالَ للنَّرْدِ: في عيْنَيَّ مُتَّسَعٌ
لِما تُريدُ كأنّي أَخْدَعُ البَصَرَا
لي مِن رؤايَ هَباءٌ لا انتهاءَ لَهُ
ومِن هبائكَ قلبي يَحْلِبُ المطَرَا
رأيتُ في ما يَرى النعناعُ كَيْفَ دَمِي
يَسيلُ في النَّهْرِ حتّى جَفَّفَ النَّهَرَا
وكيفَ يَكْتَهِلُ التاريخُ في لغةٍ
مَدائنُ الماءِ فيها تستحيلُ قُرَى
رَأَيْتُ كُلَّ صِفاتِ المَحْوِ في كُتُبي
لِذا مَحَوْتُ صفاتي والكتابُ جَرَى
عَلَيَّ أنْ أَطْرُقَ البابَ الذي كَسَرُوا
وأنْ أُعِيدَ…. كأنَّ البابَ ما انْكَسَرَا
وأنْ أُضَمِّدَ جُرْحَ النّاي، أَنْشُدُهُ:
بِرَبِّ حُزْنِكَ لا تَستنْزِفِ الشَّجَرَا
عَلَيَّ ما لستُ أدري سَوِّ لي جهةً
تقودُ نَحْوَكَ إذْ سوَّيْتَني بَشَرَا
أنا الفُراتُ المسَمَّى النِّيل مِنْ خَطَأٍ
لِذاكَ مائِيَ لا يَدْري متى انْفَجَرَا
أنا الرَّحَى وطَحينُ الناسِ يُنكِرُني
وقيلَ ذَنْبِيَ أنّي أَطحَنُ الضَّجَرَا
بَلَى… عَلَيَّ أُسَمِّي كُلَّ مَنْ خَرَجُوا
على الرُّفاتِ وأُحصي كُلَّ من عَبَرَا
مِن الجهاتِ: أنا ما لَمْ يَزُرْ أَحَدٌ
مِن الكَلامِ: أنا ما ضاعَ وانْدَثَرَا
وما نَثَرْتُ جُنوني للمَجاز لِذا
أَمامَ بابِ جنوني جاعَ وانتَظَرَا
رأَى طويلَ غيابي فكرةً ورَأى
مَفازَتِي فِيَّ ما يُطْوَى وما نُشِرَا
فَكُلُّ فَحْواي: بَعْضِي قُدَّ مِن حَجَرٍ
كما الرُّخامِ وبعضي ذَوَّبَ الحَجَرَا
وفي قصيدته “نَشِيدُ المتاهة” تطل الفلسفة برأسها عمقًا وجمالها صورًا وشفافيتها دالالةً:
يَقُولُ الفَتَى ما يقولُ القَتِيلْ:
متى اخترتُ شَكْلًا لِهذا الرحيلْ؟
متى قلتُ للمُنتَهَى لا تَدَعْ لي
مجازًا ولا تَدَّخِرْ لي سبيلْ؟!
تَأَوَّلْتُ في سُحْنَةِ الرِّيحِ وقتي
فَهَنَّأْتَني يا غَدِي بالعَويلْ:
تعالَ ابتَدِئْ في الأَقاصي ضَياعًا
ولا تَتَّخِذْ غيرَ وجهِي دَلِيلْ
ستُحْصِي مَتاهًا مَتاهًا ويبدو
لكَ التِّيهُ كالمُسْتَراحِ الجميلْ
يقولُ الفَتَى: حينَ نادَيْتُ قلبي
وأيْقَظْتُهُ مِن سُبَاتٍ طَوِيلْ
تَجَلَّى بِهِ مُومِيَاءُ ابْتِهالٍ
بهِ دهشةٌ مِن غيابِ الصَّهِيلْ
بِهِ… ما بهِ لا يُسَمَّى بشيءٍ
ولا يَنْزَوِي خلفَ ظَهْرِ المَثيلْ
لِذاكَ احتمَلْتُ انطِفائي وسَهْوِي
وبيني وبينَ الجميلاتِ حِيلْ
أنا ذاهِلٌ مِثْلُ ظِلٍّ فَعُودي
وهُزِّي ذُهولي كَهَزِّ النخيلْ
أقول انتظاري لِعيْنَيْكِ بَهْوٌ
وعيناكِ بوَّابةُ المستحيلْ
وعيناكِ وَجْدٌ أَطَلْتُ اشتعالي
بِهِ، كانَ لا بُدَّ لي أنْ أُطِيلْ
تقولُ المنافي: قرَأْناكَ فاخلَعْ
هُنَا جُبَّةَ الفيلسوفِ النَّحِيلْ
وخُذْنَا فنحنُ الذينَ انْتَفَيْنَا
لِذا ننتمي للتُّرابِ المَهِيلْ
أقولُ: اتَّخَذْتُمْ بُكائي نشيدًا
وسَيَّجْتُموني بِحُزني الأصيلْ
على كاهِلِ الليْلِ يَرتاحُ صَمْتي
وَصَمْتِي على كُلِّ ليلٍ ثقيلْ
أيَا نَهْرَ أوجاعِنا يا انتِمَانا
لِتَحدِيقِنا في الذهابِ النّبيلْ
أَسَمَّيْتَ أهوالَنا أَم دَخَلْنا
قواميسَها يومَ سُمِّيتَ نِيلْ؟
سَتَجْري عليها صدىً ثُمَّ يُمْحَى
مُسَمَّاكَ فوقَ المَصَبِّ الجَلِيلْ
وتَدْرِي بِأنِّي تأخَّرْتُ جِدًّا
إلى أنْ رأيتُ انتباهي يَسِيلْ
إذًا ها دَمِي كانَ نبعًا فَصَلَّى
وها مَوْسِمي كان غَيْمًا فَقِيلْ
ولَمْ يَبْقَ لي في المسافاتِ شيءٌ
مِنَ المَحْوِ هَلَّا تَرَكْتَ القليلْ؟
أنا راكِضٌ مِثلُكَ الآنَ مَنْ لي
بِحَدْسٍ ونِصْفِ احتمالٍ ضَئِيلْ
بعد ذلك دعت مقدمة الأمسية الشاعرة أماني نقار فأنشدت بعض قصائدها التي امتازت بتنوعها وقدرة الشاعرة على مد جسور التواصل مع المتلقي، ومما ألقته قصيدتها ها أنت وحدَك” المتسمة برقة العبارة المسكونة بحزن يجلله جمال العبارة :
ها أنتَ تمشي مُثقلاً
بالحُبِّ
رائحةِ الحنينْ
ما كنتَ إلَّا مالكاً
قامرتَ حتى باليقينْ
طفلٌ تعلّقَ بالهوى
مابينَ زيتونٍ وتينْ
قد بيعَ زيتُكَ في الصدى
وابتعْتَ زيتَ المُترفينْ
وربحْتَ قلباً منهكاً
وكذا قلوبُ العاشقينْ
لكنْ أراكْ
في كلّ وادٍ كم تهيمْ
وخطاكَ تمشي للجحيمْ
أنتَ الذي جمعتك كلّ قصيدةٍ
لكنْ يتيمْ
أنهكت قلبكَ بالجنونْ
علّمتَه ألَّا يخونْ
ووعدتَهُ بالمعجزاتْ
القلبُ مملكةُ الشجونْ
وأراكَ يوماً تستفيقْ
في ظلِّ حظٍّ عاثرٍ
والحُزنُ يفترِشُ الطريقْ
وتعودُ أنتْ
إن غبْتَ عنِّي كلَّ يومْ
ومضى جنوني دونَ لومْ
وتركتَ ألفَ رسالةٍ
في البحر تغرقُ دونَ عومْ
ستعودُ أنتْ
ها أنتَ وحدَكَ يا حزينْ
الليلُ في عينيكَ أسرابُ النجومْ
الليلُ ذاكرةُ الهمومْ
فلتستفقْ لترى الأماني وحدَها
أشواقُها أبداً تدومْ
“نايٌ أنا في راحتيكَ تضمُّني” هذا ما تقوله في “روحُ الكلام” لذلك الذي أتته “نازفًا من روحي”:
إنِّي أتيتُكَ نازفاً من روحي
ونذرتُ صوتك بلسماً لجروحي
مالي سوى جسمٍ، هزيلٍ، متعبٍ
وهوىً يُؤجِّجُ في العيونِ وضوحي
قد ضاقَ بي زمني وحِملُ حقائبي
حتى مللتُ من الديارِ نزوحي
من ذا يحدِّدُ وجهتي يا قِبلتي
أومن يعمِّرُ للوصالِ صروحي
نايٌ أنا في راحتيكَ تضمُّني
وثقوبُ نايِكَ من أسىً مفتوحِ
إنِّي احترقتُ فلم أزِدْ إلَّا سنا
ورقصتُ رقصَ الطائرِ المذبوحِ
هذا فنائي يا أخيرَ تألمي
من ذا سيسمعُ لوعةَ المبحوحِ
يا ألفَ شمسٍ في العيونِ تُضيئُني
وتُضيءُ دربيَ يا لطيفَ الروحِ
آمنتُ أنَّكَ بي، معي في خلوتي
آمنتُ أنَّكَ لي سفينةُ نوحِ
وفي ختام الأميسية كرم سعادة عبدالله العويس يرافقه الشاعر محمد عبدالله البريكي الشعراء المشاركين ومقدمتهم والتقطا معهم صورة تذكارية.