اللغة العربية لُغة جزلة ثرية ويكفي أنها لغة القرآن الكريم، ولكن أين أصبحت في زماننا هذا، وهـل لا يزال العرب كما أطلقَ عليهم خليل مطران «بني الضاد»؟
اليوم باتت لغتنا العربية في خطر أمام مدِ التغريب الزاحف والعاميّة الجارفة، فكثير من العرب يفخر بغيرِ لُغته، رغمُ أن لُغتنا لاتعاني نقصاً في حروفها يستدعي هجرها واستعارة غيرها من لغاتٍ أخرى!
في عصرنا الحالي تقلص وبشدّة عدد المُحبين للغة العربية، وبكل أسفٍ باتت لغة مُستضعفة من أهلها، أبناء لغة الضاد يُجاهرون اليوم وبفخر بأنّهم لا يقرأون اللغة العربية والعذر أنّها (صعبة)، وأنّهم يُفضِّلون القراءة بلغات أجنبية.
ما يثيرُ مخاوفنا على لغة الأمة هو أيضاً المبالغة في تهميشها في المدارس والجامعات العربية، حيث تكاد أقسام اللغة العربية في كليات الآداب مُقتصرة على طلاب من جنسيات غير عربية يرغبون بتعلُّم اللغة العربية، بينما يتزايد أعداد الطلاب العرب في أقسام اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية، وحتماً نحنُ لا نعيب أي ثقافة ولن نُلغي أهمية السعي لاكتساب لُغات جديدة، فكل منا له الحق في الانطلاق لكسب العلم، ولكن ليس على حساب لغتنا الأساسية التي تُمثل هويَتِنا الوطنية، لذا علينا أن نُحفّز المُقيمين في دولنا من فئة غير الناطقين بالعربية لإدراك أهمية الالتحاق بمعاهد مُتخصصة لتعليم اللغة العربية، لنُريهم مدى الإبداع الذي تُخفيه لُغتنا، ولأننا فخرون بلغة الضاد بعيدًاً عن عداوة أو مقاطعة أي لغة أخرى، وأيضًا لكي نُوضّح مدى اعتزازنا كأمة عربية بلغتنا التي مهما تكالبت عليها الأخطار، ستبقى في مأمنٍ لأنها لغة الذكر الحكيم والحديث الشريف، لذا يستجوب أن يقف الآباء والأمهات والمُعلمون وقفه جادة في المحافظة على لغة أبنائنا وبناتنا، وذلك من خلال البرامج والأنشطة التي تغرس لديهم أهمية اللغة العربية وتثري حصيلتهم اللغوية من مصطلحات ومفردات عربية.
ختاماً، أود أن أشير إلى الدعوات الكثيرة القائمة في العالم، والتي تُحذِّر من صعود الإنجليزية على حساب اللغات الأخرى، ولنا في معركة الأستاذ كلُود “عالم فرنسي” خيرُ مثال” والتي رفض فيها صعود وسيطرة اللغة الإنجليزية في بلده على حساب لغته الفرنسية الأم.
دعوات كلود هنا تُذكرنا بضرورة الحفاظ على لغتنا العربية وتفعيل دورها ليس على مستوى بيوتنا وحسب، وإنما على مستوى الدراسات العلمية والمقررات المدرسية والجامعية.