جانب من الندوة
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم الملتقى العربي لناشرى كتب الأطفال ندوة بهنوان ” التحديات والفرص فى صناعة نشر كتب الأطفال العربية “ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب (43)، و تاقشت الندوة الصعوبات التي تواجه الناشرين والمبدعين فى هذا المجال ، واكتشاف الإمكانيات المتاحة لتعزيز نشر كتب الأطفال واستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في التسويق والتوزيع ، كما ناقشت وسائل الإبداع والابتكار في تصميم وتطوير كتب الأطفال، وكيفية تحقيق التوازن بين الترفيه والتعليم ، وأهمية نشر كتب تعكس الثقافة العربية والهوية الوطنية.
شارك في الندوة كل من د. خالد رزق أستاذ التعليم العالي في جامعة “ابن طفيل” بالمغرب ، والفنان التشكيلي والناشر المصري مجدي الكفراوي ، والكاتبة أميرة بو كدرة نائب رئيس جمعية الناشرين الإماراتية، وأدارت الندوة أمينة الهاشمي رئيس لجنة التطوير المهني بالملتقى .
حكايات الجدات
تحدث الفنان التشكيلى والناشر مجدي الكفراوي عن الواقع العربي لكتب الأطفال قائلا أن واقعنا يحتفي بكتاب الطفل الجيد، ولو أن تاريخ أدب الطفل الرسمي يبدأ لدينا تاليا لثقافات أخرى، إلا أن هناك تاريخا فعليا عندنا في السابق، وقد بدأ ويستمر عبر حكايات الجدات، تلك الحكايات التي لم يكن ينقصها إلا محرر ورسام لتصنع أجمل الكتب، ولعلنا نرى حتى الآن سلاسل تحمل اسم حكايات الجدات.
وأكد “الكفراوي” أن كتاب الطفل الثقافي يهدف إلى الإمتاع لكنه لا يغفل التعلم والقيم، مشيرا إلى التجربة الرائدة لدولة الإمارات العربية، التي ضمنت منهج اللغة العربية عددا من كتب الأطفال المنشورة بالفعل ، تم اختيارها ليتحول كتاب المدرسة من تعلم جاف إلى متعة تعليمية، لكسر حاجز التلقي بين التلميذ وكتاب المدرسة.
وعن مواصفات رسام كتب الأطفال قال الفنان مجدي الكفراوي: الحقيقة أنني منذ سنوات عديدة أحكّم في مسابقة منظمة الصحة العالمية لرسوم الأطفال في منطقة أقليم شرق البيض المتوسط الذي يضم 17 دولة، وفي هذه المسابقة العظيمة يمكنني أن أتابع رسوم الأطفال من عمر السادسة حتى الثامنة عشرة ، ومن خلال أعمالهم طوال هذه السنوات أؤكد لكم أن تصورات الكبار عن ماذا يفضل الأطفال فنيا؟ تشوبها الكثير من الأخطاء، إذ إن ذائقتهم الفنية تتخطى مفاهيم الألوان الصريحة والبهجة اللونية وبساطة التكوين إلى مستويات اللون والبنية التشكيلية للوحة وقوة الأداء في الرسم.
وأكد الفنان الكفراوي أن البيانات المتاحة لوضع دراسات وبحوث حقيقية حول سياسات نشر، وضبط حركة صناعة وبيع الكتب، ومؤشرات ذائقة التلقي غير كافية، ونحتاج لمجهود كبير وتضافر جهود المؤسسات المعنية والأفراد المشتغلين في بالمجال.
وأجاب عن سؤال من يكتب ويرسم للأطفال قائلا : إن الأمر متاح للجميع، على أن يمتلك الراغب في الإبداع وجهة نظر فنية وقدرات إبداعية ودهشة وشغف ومهارات سبك وحبك يليق بذهنية القارئ الصغير واسعة الخيال.
حاضر ومستقبل الطفل العربي
حول تطور أدب الطفل قال د. خالد رزق: “علي الرغم مما تواجهه الكتب العربية الموجهة للطفل من تحديات، فإنها استطاعت أن تحقق على مدى عدة عقود طفرة نوعية وكمية تتمظهر في انفتاحها على الآداب العالمية-الأدبين الفرنسي والإنجليزي على وجه الخصوص- منذ بداية القرن الماضي واستلهامها للموروث السردي الشفوي والمكتوب لثقافات الدول العربية” ، وأضاف أن “أدب الطفل يستوجب تطوير هذا الحقل الإبداعي الذي يؤطر حاضر ومستقبل الطفل العربي وانخراط القائمين عليه في استراتيجية جديدة وواضحة المعالم ، ومسايرة للتطور الثقافي والمجتمعي للدول العربية، لتخطي العقبات التي لازالت تعيق تقدمه ليرقى لتطلعات الجيل الحالي والأجيال المستقبلية. مشيرا إلى أن ملامح هذه الاستراتيجية تتمثل في تغيير النظرة السائدة حول كتاب الطفل الذي لا زال يعتبره البعض هامشيا وشكلا من أشكال الترف الثقافي مقارنة بنظيره المدرسي.
في هذا السياق، تحققت مجموعة من المبادرات الرسمية وغير الرسمية من قبيل المعارض المحلية والدولية، كمعرض الشارقة للكتاب والمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب الذي يقام سنويا بالمغرب. وهناك معارض أخرى تقام بمختلف الدول العربية. بالإضافة إلى الجوائز التي تشجع الكتاب والرسامين كجائزة اتصالات لكتاب الطفل وجائزة الشيخ زايد للكتاب وجائزة الشارقة لكتاب الطفل و جائزة الشارقة لكتاب الطفل من ذوي الاحتياجات البصرية و جائزة المغرب للكتاب) صنف أدب الأطفال واليافعين (وغيرها من الجوائز التي تخصصها مختلف الدول العربية لتشجيع المبدعين في مجال كتاب الطفل”.
وأشتر د. خالد رزق إلى أنه ” وجب التفكير بجدية في مفهوم القراءة الترفيهية ودورها الحاسم في تشكيل ثقافة ، وشخصية الطفل العربي الذي أصبح منذ بداية الألفية الثالثة فاعلا في سيرورة العولمة الرقمية وحواملها الإلكترونية، والتفاعلية في شقيها التثقيفي والترفيهي، بما تنطوي عليه من مخاطر نفسية واجتماعية، خارج آلية فعالة للرقابة الأبوية والتربوية، وأصبح لزاما علينا طرح إشكالية منافسة الثقافة الرقمية للكتاب الرقمي في سياق مغاير لما عهدناه من الخطابات المنددة بالوضعية الحالية التي تنذر باختفاء الكتب الورقية ومعها القراءة. بمعنى آخر، وجب استثمار التكنولوجيا لتطوير الكتاب الورقي والرقمي شكلا ومضمونا واستغلال شغف الأطفال بالتكنولوجيا للاستجابة لتطلعاتهم وأذواقهم، كما هو الشأن في الدول المتقدمة”، وأضاف : “من جانب آخر، وجب التذكير أن الكاتب والرسام يجب أن تتوفر فيهما الموهبة. إذ لا يكفي أن يكون الشخص مربيا أو مدرسا لكي يكتب للأطفال، لأن الكتابة لهؤلاء ليست باليسيرة. فمنهم من ركب هذه المغامرة، لكن سرعان ما تراجع بعدما اقتنع بجسامة المهمة. ومنهم من استمر لكونه يتوفر على حس إبداعي يمكنه فهم شخصية الطفل والاستجابة لأفق انتظاره. مشيرا إلي أن التحديات المتعلقة بلغة ومضمون الكتابة للطفل فإن الانتاجات الحالية أصبحت في غالبيتها تضاهي ما ينتج في الغرب وتساير المواضيع التي تهم أطفال وشباب اليوم، متجاوزة المضامين التقليدية التي تمنح من التراث السردي الشفهي والمكتوب، بحيث أصبحنا نجد حكايات ذات طبيعية فلسفية وأخرى تتحدث عن مواضيع راهنة ترتبط بواقع القارئ الصغير والمشكلات المرتبطة بتنشئته الاجتماعية والنفسية. غير أن غالبيتها تركز على السرد وتهمش أجناسا أخرى كالشعر والمسرح والقصة المصورة. وعلى دور النشر والدوائر الحكومية وغير الحكومية وضع استراتيجيات للتطوير. كما لا يجب إغفال دور البحث العلمي في تطوير أدب الطفل العربي، بإشراك الجامعات ومراكز التكوين في متابعة ما ينشر نقدا وتقييما لكي نوفر للطفل العربي منتوجا يضاهي ما يعرض عليه من إبداعات أجنبية لا تتلائم مع خصوصية الطفل العربي”.
طرق مبتكره للطفل
الكاتبة وناشرة كتب الاطفال أميرة بوكدره نائب رئيس جمعية الناشرين الاماراتية قالت: “هناك العديد من التحديات التى تواجه الناشر لكتب الاطفال فى مجال ادب الطفل ومعظمها تتعلق فى النواحى الفنية والتسويقية والمحتوى وكونى أنا كاتبة للطفل فإن ذلك يتطلب كتبا تحتاج إلى محتوى جذاب ومناسب للأعمار السنية فكل فئة عمرية تحتاج أن نخاطبها بنفس السن بأسلوب بسيط ورسومات تنبض بالحياة وإخراج بديع مما يتطلب العمل مع مؤلفين ورسامين متخصصين فى المجال”، وأضافت ان “السوق يشهد منافسة شديدة سواء كانت على المستوى المحلي أو العالمى وهذه تتطلب دعاية لجذب القراء من الأطفال على أن يكون محتوى الكتاب ملائما ثقافيا واجتماعيا وبما يتناسب مع بيئة الطفل وقيم المجتمع
وأشارت إلى أن انتشار التكنولوجيا وزيادة استخدام الأطفال للأجهزة الذكية أثرت بشكل كبير على اهتمام الطفل بالكتب الورقية ولابد من إنتاج كتب رقمية للأطفال ، ولا تزال المجتمعات العربية فى حاجة إلى زيادة الوعى بأهمية القراءة للاطفال مع دعم المؤسسات التعليمية والثقافية وتشجيع إنتاج وتوزيع كتب الأطفال بطرق مبتكرة”.
زر الذهاب إلى الأعلى