محمد عبد الله البريكي يتوسط الشعراء ومقدمهم من اليمين توفيق أحمد و د. نجود القاضي و طارق الجنايني و وسام شيا
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم “بيت الشعر” في الشارقة الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 أمسية شعرية شارك فيها كل من الشاعر السوري توفيق أحمد، والشاعرة اليمنية د. نجود القاضي، والشاعر المصري طارق الجنايني، بحضور الشاعر محمد عبداللنه البريكي مدير “بيت الشعر” في الشارقة وسط جمهور من الأدباء والإعلاميين و محبي الشعر. قدم للأمسية الإعلامي اللبناني الشاعر وسام شيا مقدمًا الشكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، و جاء في تقديمه: ” شكراً لمن شرَّعَ النوافذ والأبواب على مصراعيها وبنى الصروحَ والمنابرَ لتشرقَ شمسُ الثقافة والشعر والابداع على الدوام من الشارقة، بفضلِ رعايته ودعمه المتواصل وعطائه اللامحدود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة والشكر موصول لدائرة الثقافة التي واكبت النهضة الثقافية الفريدة وشكلت العمود الفقري لها لتصبح الشارقة قبِلةً للعالم أجمع، ولبيت الشعر الذي أضحى منارةً تجذب فراشات الابداع من كل حدبٍ وصوب لتتوهج في هذي الفضاءات بجهدٍ متواصل وعطاءٍ لا ينضب من مدير بيت الشعر الأستاذ محمد البريكي، وشكراً لكل من ساهم في إحياءِ أجمل ما حبا الله سبحانه خلقه وهي الكلمة”، و مما ورد في كلمة مقدم الأمسية: ” ها هو “بيت الشعر” ، يدعونا لننفذ الى دائرة الضوء من حلكة الديجور، نشعل مصابيحَ القصيدة، وننثر عطرَ القوافي فوق مساماتِ الخيال ، نحيي أمسيةً يفيض فيها عبق ياسمين الشام
ونسائم أهرامات القاهرة الموغلة في التاريخ، مروراً بحكايات وأساطير جناتِ عدن.. ثلاثةٌُ من طيور الشعر ،تغط على نخلة بيت الشعر هذا المساء ، لتشدو بأجمل ما لديها من روعة القصائد، فشكراً لمن شرَّعَ النوافذ والأبواب على مصراعيها وبنى الصروحَ والمنابرَ لتشرقَ شمسُ الثقافة والشعر والابداع على الدوام من الشارقة”.
كانت بداية الأمسية مع الشاعر توفيق أحمد الذي ألقى مجموعة من قصائده المسكونة بالحنين إلى الماضي وبسِمة الوجدانية. يقول في قصيدته “مَــنْ ؟”:
مَنْ أتعب الألوان في رسمها؟
حين يمامٌ هتفتْ باسمها؟
من فصّل الورد لها بُرْدةً
أجملَ ما تحلو على جسمها؟
من قال: ياليل انسكبْ غابةً
يحترقُ الشوقُ على ضمّها؟
أعرفُ أنّي باسمها أرتمي
صفصافةً تبكي على أُمها
وأنني العطرُ الذي تشتهي
وصحوةُ الغيمةِ من وهمها
وأنها عندي غداً وردةٌ
أُزاحمُ الكأس على شمّها
ويعيش المتلقي مع مقاطعه الشعرية في “ألـــوان”:
حالة:
عندما تسرقني الزرقةُ في البحر
تصبّ الماء والنفي على فيض جروحي
يتمطى من عميق الحسّ في صدري إلهٌ
كاشفاً زُرقة روحي
تكوين:
عندما لا تنحني في نفسَي الدربُ إلى الكونِ
أرى الوهْج على مسرح أحلامي يغنّي
قافزاً فوق سروج الريحْ
حرية:
كم من الآلام تحتاجينْ؟
أرفضُ الأيامَ إذْ مِنْ ترَفٍ
طبقَ العتقِ ستهديه إليّا
وجود:
أكسر الأحرفَ
أرمي قبّعاتِ الوقتِ
أمشي من وجودي
يقين:
ألفُ وحشٍ
لو من العتمةِ يأتي
لو على كلّ دروبي كامناً جهماً سيلقاني
ولو في كل غابات أمانيَّ
سيُلغي البوح بالحلمِ
سأمضي
أكسِرُ الوقتَ وأمشي
وفي “أميرة الحبق والعشـق” يرسم مشاعره مخاطبًا: “أنت في خاطري قصائدُ خضرٌ” وبتساءل:
هل لعينيكِ في المدى من رفاقِ
تجمعان العشاق بالعشاقِ
وهما عالمي ولو سألاني
لاستحى الضوء والندى والسواقي
مَنْ إلى ناظريكِ زفّ الليالي
راسماً لوحةَ الجمال الباقي؟
نشر الصدر رهبةً في كياني
أهْوَ نوْءٌ أم غابتا درّاق؟
كفكِ البضُّ في شتائيَ وَقْدٌ
يزرع الدفء في الضلوع الرّقاق
أنت في خاطري قصائدُ خضرٌ
كتبتْها على المدى أشواقي
أنتِ كالفجر فتنةً وحياءً
وهو يمْتاحُ من دم الأشفاق
أبحثُ الدهرَ عن تجنٍّ لطيفٍ
غير عينيكِ جانياً لا ألاقي
* * *
ما جلالٌ تعفّفي أو وقارٌ
حين كالصيف تدخلين رواقي
حين كالصيف تدخلين جراحي
أنتِ أشهى من ألف ألف عناقِ
حين كالصيف تدخلين زماني
تستحمّ الروحان بالإشراقِ
أُسرجُ الوهْجَ صهوةً من جموحٍ
تترامى من خلفه آفاقي
دافقٌ وصلُكِ الشهيُّ وحسبي
أَنْ تساميتُ بالهوى الدفّاقِ
* * *
لحظةَ الوعد يا حبيبةُ أخشى
بعد حينٍ من لحظةِ الافتراقِ
ما لنا والزمانُ نهربُ منهُ
وهْو للعمرِ مسرفٌ في التلاقي
داعبي حُلميَ الجميلَ وكوني
في جحيمي مجامرَ الاحتراقِ
خمرةُ الصدر عتّقيها فإني
أفتحُ العمر بالخمور العتاق
وافرشي الليل كُلَّهُ بالحَكايا
يسْكَرُ الليلُ من حَكايا الرفاقِ
* * *
ها هو الشعر شامخٌ يتحدى
حيث تطويكِ بينَها أوراقي
لستُ قيساً طبيبَ كلّ زمانٍ
لستِ ليلى مريضةً في العراقِ
حسبُنا العشقُ جمرةً تتلظى
ووفاءً مقدّسَ الاعتناقِ
وتلته الشاعر نجود القاضي فاعتلت المنبر منشدة بثقة لافتة و إلقاء يشف عن انسجامها مع معاني قصائدها المطلة برشاقة الأسلوب وعمق الدلالات. تقول في قصيدتها: “غدٌ خارجَ النَّص”:
غدًا لوحةٌ أخرى، وبنتٌ وعاشقُ
على صخرةِ الأحزانِ والحزنُ شاهقُ
يزيحانِ وَشْمَ الدَّمِّ عن كاهلِ المَدى
يزيلانِ ما نَصَّتْ عليهِ البنادقُ
يفرّانِ من وحشٍ قديمٍ بآدمٍ
وليلٍ تدسُّ الموتَ فيهِ النواعقُ
ولعنةِ شطرنجِ البقاءِ التي لها
تُسَدِّدُ دَينَ الأُضحياتِ البيادقُ
غدًا فارسٌ يُنْجي فتاةً بوردةٍ
رَبيعيَّةٍ في طَعمِها الحقلُ عالقُ
خروجًا عن النَّصِّ الحماسيِّ.. همسةٌ
تُظلهما والحُبُّ بالهمسِ واثقُ
تقولُ ابنةُ الأعداءِ: “ها قد نجوتَ مِن
قيامةِ موتى بالجحيمِ تراشقوا” يقولُ: ” غدًا تَنسى السُّلالاتُ حقدَها
وتَغرقُ في ماءِ الحياةِ الفوارقُ”
ولن يَرجعَ التاريخُ عبدًا لنزوةٍ
ويقنصَ طيرَ القلبِ سهمٌ مراهقُ
غدًا يرسمُ الأطفالُ بالحُبِّ غيمةً
لها ظامئو الأوطانِ شوقًا تسابقوا
وحيثُ عيونُ الجُندِ يومًا تساقطَتْ
مجامرَ للذكرى استفاقتْ شقائقُ
على معطفِ الحربِ الثقوبُ انتفاضةٌ
تُسرِّبُ منها الذكرياتِ الدقائقُ
طبولُ نشيدِ الموتِ قد جفَّ صوتُها
وليس سوى شَدْوِ العصافيرِ ناطقُ
سترجعُ أرواحُ الصغارِ! فعندنا
تزورُ شبابيكَ البيوتِ اللقالقُ
ستجلسُ قُرْبَ الموتِ تلهو فراشةٌ
فتجثو اعتذارًا للجَمالِ الحرائقُ وتصغي إلى اللثغاتِ –منذ تحوَّلَتْ
أراجيحَ للأطفالِ- تلكَ المشانقُ
وتعلو نبرة الأمل في القصيدة ، حيث “..تستأنف الأنقاضُ فينا اخضرارها”:
على صدأِ الخوذاتِ مِن كلِّ مَذهبٍ
-بدون اكتراثٍ- سوف تنمو الزنابقُ
سيختنقُ البارودُ من عطرِ زهرةٍ
وتزحفُ ما بين الدروعِ حدائقُ
وتستأنف الأنقاضُ فينا اخضرارها
فتنبتُ عنقاءٌ عليها وباشقُ
ومِن هامشِ البيتِ الخرابِ ابتسامةٌ
تُشِعُّ وليلٌ في الصباحاتِ غارقُ
غدًا فوقَ صدرِ الرَّملِ تُولَدُ موجةٌ
ويتبعها موجٌ عنيدٌ وصادقُ
وعبر مقاطع قصيدة لها تأخذ المتلقي إلى عالمها حتى يخطف النهر صوتها “وينساب أبعد أبعد مما نشاء”:
بالِيْه
عندما تتعبُ الأرضُ يومًا من الدورانِ
ستتعبُ هذي القصيدةُ من مهنةِ الرَّقصِ في مهرجانِ الكلامِ,
ولكنَّها الآنَ تَرْشُقُ ذرَّاتِ هذا الهدوءِ,
تفصِّلُ للرِّيحِ أحذيةً دونَ كعبٍ, وتقفزُ مثلَ الفراشةِ,
تغلقُ داراتِها الخمسَ في سُلَّمِ الضوءِ نحو السماءْ
هاهنا موضعٌ دائخٌ,
وهنا رفرفاتُ غناءْ.
الحديقة
الحديقةُ أغمضَتِ اليومَ ألوانَها
والنَّدى خانَها
أطفأ الحقدُ في زمنِ الحربِ
نيسانَها
لا عصافيرَ
تقرأُ فاتحةَ الصبرِ
للمتعبينَ على العتباتِ
ولا وردَ
مذ أوجعَ الليلُ أغصانَها
فاسترح أيها الفأسُ في مأتمٍ بين جرحين
واطمسْ – إن اسطعتَ – عنوانَها
– أيُّها الغارقُ الآنَ في القحطِ
يا أيُّها الحزنُ من أين أقبلتَ؟
– من قبلِ أن تلدَ الأرضُ أحزانَها
– أين تنوي الذهابَ؟
– إلى حيثُ لا تعرفُ العينُ إنسانَها
– قُمْ نُصَلِّ على شجرٍ ماتَ مبتسمًا
حين مزَّقَتِ الأرضُ أكفانَها.
أغنيةٌ لفرجيل
للغزالةِ وهي تحرِّضُني أن أسيرَ إلى النَّهرِ
ألقيتُ قلبي وقلتُ : احفظيهِ
ولا تعبري سِكَّةَ الحُب ِّ حتى أعودَ – إذا عدتُ-
وانتبهي من عيونِ الشِّباكِ
ومن قبضة الريحِ ,
من نَزَقِ الوقتِ وهو يقلِّم أظفارَهُ ,
من فتاةٍ تطرِّزُ شالَ الحنينِ وترفو القصيدةَ بالأمنياتْ
واحذري
من غرابٍ على شجرٍ ظامئٍ للغناءِ,
يحدِّقُ في الليل ,
يَنْقُرُ صمتَ الهديلِ ,
ويفتحُ شُبَّاكَ عزلتِهِ للنجوم البعيداتِ ,
يبحثُ عن دمعةٍ تتلألأُ ,
عن نبضةٍ تكسِرُ الوزنَ ,
تمنحُ فلسفةَ الشِّعرِ تفعيلةً للحياةْ
ثم سرتُ إلى النَّهرِ ممسِكةً بِيَدِ الحظِّ ,
والعطرُ حِرْزٌ, وتمتمةُ النَّايِ تعويذةٌ ,
والقناديلُ حارسةٌ ,
والورودُ التي سهرتْ في فمي,
والكلامُ الذي لَمْ أقلْهُ استفاقَ,
وفي ضفَّة النهرِ أمشي
ويمشي على وقْعِ خوفي دمي .
الذي كنتُ أخشاهُ كانَ
احتمالًا كفيفًا بأن تمرضَ القافيةْ
حينَ لا تستعيدُ توازنَها وهي تمشي
على الماءِ مغمضةً , حافيةْ
واحتمالَ الدُّوَارِ الذي يعتريني
إذا عانقَ النهرُ
حُمَّى مشاعريَ الخافيةْ
كلُّ هذا الشعورِ/ الغرَقْ
كان ضيفًا ثقيلًا
يدسُّ ليَ السُّمَّ في طَبَقٍ من قلقْ
بينما النَّهرُ صافٍ يحدِّثُ عنِّي مراياهُ ,
يضحك الآنَ قلبيَ في صدرِهِ كالمجانينِ ,
يَخطرُ طيفُ الغزالةِ ثُمَّ أعاتبُها ,
يخطفُ النهرُ صوتيْ ,
يعلِّقُهُ في الهواءْ
على مقعدِ الصُّولِ حتى يعودَ المساءْ ,
يرفعُ الآنَ منسوبَ أحلامِنا دفءُ هذا الغناءْ ,
يُغْلقُ النهرُ خلفي الضفافَ
وينسابُ
أبعدَ
أبعدَ
مِمَّا نشاءْ.
الكراسي
يرتشفن الزمانَ كاساً فكاسا
ويمنين وعدهن انبجاسا
خطراتُ الحياةِ مرت ولكن
لم يلاحظن واندلقن نعاسا
حفظت سيرة المكان, طيوراً
حشراتٍ ومفردات وناسا
وأطلت حكايةً من جماد
تلبس العمر فضة ونحاسا
هكذا كن لا يبالين حينا
ثم يقرعن للصدى الأجراسا
يلهث الركض حولهن طويلاً
يرقد الوقت تحتهن أساسا
يتلهين بالثبات ويبقى
شغف السبق في الرؤى جواسا
كل حلم أصابهن احتمالٌ
فرَّ من ضجعة الغبار اختلاسا
لا تلبي مقاسهن الأماني
فلقد ضقن بالأماني مقاسا
وتجاوزن حدس كل كتاب
وتعففن أن يصرن اقتباسا.
و يطير الشاعر طارق الجنايني بنا على جناح الدعابة ليحلق بالمتلقي في عالم الفلسفة المنبثقة من العبارة الشعرية المعبرة ، حيث يحكي قصته مع “لحيتي البيضاء”:
عدة أسباب تجعلني لا أصبغُ لِحيتيَ البيضاء،
الأولُ أني أخشى أن يلمحَني العمرُ بلا شيبٍ فيظنُّ بأني أتحداهُ
ويشرعُ في صلبي، وأنا مقهورٌ منذ صبايَ وينزفُ فوقَ ترابِ الوحدة قلبي..
والثاني أن صديقًا لي بالعام الثامن والعشرين من العمرِ اختفتِ الصبغةُ ذات مساءٍ من غرفته فأصبحَ سبعًا وثمانين..
والثالثُ
أن ضميري الصاحي سوف ينِزُّ بكل سوائلِ جلدِ الذاتِ على عينيَّ إذا انخدعت ماريّا..
ماريا قالت لي في السوبرماركت: شكرًا يا عمّو..
ماريا كسرت ضلع شبابي اليومَ وأنضبَتِ النهرَ الملآن..
أن أبي المسكين اعتاد طوال العمر على كَذِبي،
لكني من بعد رحيلِه لم أصبغ لحيتي البيضاءَ
وأسكبُ في مَدفَنهِ الدمعَ وأسالهُ في كل لقاء:
أتصدقني الآن؟!
و يواصل تحليفه في “اسكرول” عاجلCNN|:
“ناسا” تؤكدُ أن رحلتها الأخيرة للفضاء الخارجي سينتهي التسجيلُ فيها بانتهاء الحرب في الشرقِ البعيد
فيما يرى الخبراءُ أن الموتَ سوف يدورُ دورته الوضيعةَ نحو عامٍ أو يزيد
مما سيُفسدُ فرحة الإنسان في “تِكسَس” و”بوسطن” حيثُ يأملُ كل فردٍ في المدينة أن يهاجر كوكبَ الأرضِ المهَشَّمَ قبل أن يأتي الصقيع.. سكرول
يلا كورة
تعيينُ “جيفارا” العنيدُ مدرِّبًا ليقود عصر اليوم منتخب الفراعنة الجريحَ مؤقتًا خلفًا لقائدهِ الضعيف، وأتى اختيارًا بعد حادثة الهزيمةِ والبكاء الحار للجوعى على صدر الرصيف.
ويقول جيفارا الذي قد جاء من كوبا مليئًا بالشجاعة: ليس أصعبُ من هزيمتك المريرة غير أن تلقى الهزيمة بابتسامات الرقيع
ولا تفارقه النظرة الفلسفية إلى ما حوله فيتساءل مستحضرًا ذكرياته وتأملاته :
بم تفكر؟
أنا لا أصدقُ أنَّ هذي الأرض سوف تموت إرهاقًا على صوت المدافع والصواريخ الخؤونة والحروب النازعات.
“ناسا” تقولُ وكم تقولُ فلم نجد من ناسا فوق الأرض غير الشائعات.
لكنني سأموتُ حزنًا إن صحوتُ ولم أجد عينيكِ تنتشلان روحي من خريف الأرض حين أسيرُ مُهتزَّ الخُطى فأضيعُ لكن لا أضيعْ
سكرول…
الجزيرة
فشلت جميعُ قوى التحالفِ في التصدّي للجماعات المجاهدة القريبة من حقول الغاز في أجدابيا بالقرب من ميناء سِرت
ويقولُ عبدالله: دين الله باقٍ إن وقفت أمامهُ يومًا خسِرت.
وكما ترون الآن أوطان الطغاة الراحلين وقد تهاوت صاغراتٍ مثل أوراق الخريف المستكينةِ تحت أقدام الربيع
سكرول
كوميك|
وَعَدَ -الذي اغتربَ- الحبيبةَ أن يعود من الخليج مدججًا بالمال حتى يستطيع بما لديه من الجسارةِ أن يجهز نفسه في ظرف عام..
خمسين شهرًا بانتظارك ياغريبُ ولم تزل تلقي لها عبر المحيطات السلام..
يبدو الكلام منمَّقًا، لكنَّ صاحبنَا سيبكي حين يلمحُ فوق قارعة الحقيقة جثةً رقصت على دمها الصعابُ وخانها السفرُ الوضيع..
بم تفكر؟
ألّا أرى إلَّا يديك على ضلوعي قبلَ أن يفنى الجميع..
سكرول…
“الهوى القيصري”
ولا شيء عندي سوى دفقةٍ
من الحسن تجري بقلبٍ ثري
ولا مؤنسًا لي على الدرب غيري
فأمشي لوحدي وما أكثري
إذا أفصح الدرب عن عثرةٍ
فكم مدّ لي الحب من كوثر
جريحٌ وأنتِ الضماد المُندّى
ولولا جراحيَ لم تُؤثَري
فقيرٌ تراخت لي الشمس عطفًا
وغابت عن الوعي من منظري
وفي بين بينين لاقيت قلبي
يدورُ على خصرِكِ المُسكرِ
فما كان بالنائلِ المُرتضى
ولا كان بالمانع المقترِ
لماذا نزعتهما أعيني
وثبَّتُّ وجهك في مِحجري؟!
ولما دخلتِ الضريحَ علينا
بقدٍّ تثنّى وعودٍ طري
وأكثرتِ بالهمسِ قلتُ احترازًا:
حنانيكِ بالله لا تُكثِري
أنا متعبٌ مثل عطرِ وَليٍّ
تمشى على شالهِ الأخضرِ
وعلقتُ فوق الشفاه ابتهالي
إذا عُلِّقَ الجرحُ في خِنجرِ
هممت إليها شحيحَ الكرى
وأحمل روحي على خنصري
أراها وقد أُعجِبَت بانتحاري
تغنّت بهذا الهوى القيصري
كم ابتعتُ منها بعمري ولكن
خسرتُ الحياةَ ولم تَخسري
فنمتُ على مُضرمٍ من دموعي
وقمتُ على بعدكِ المفتري
وعشتُ بسرِّ انطفائي حتى
أناخَ على جفنيَ المُهتري
وتهتُ على لجَّةٍ من أسايَا
كتيهِ ابن آدمَ في المحشرِ
ويلقي الشاعر بنفسه الظويل العمبق قصيدته “كأي طريدةٍ عطشى” المقسمة إلى سبعة مقاطع نقتطف منها قوله:
“أريدُ أن….”
أُريدُ أن.. ولا أريدْ..
أخافُ أن أنالَ نجمةً فتأتي النجومُ بعدها
ليحرقوا فؤاديَ الطريد..
إذا مددتُ حبلَ ضحكتي لوردة
يزومُ شوكُهَا
ويسكبُ الندوبَ فوقَ وجهي السعيد..
أخافُ أن أقولَ للذي مضى:
تعالْ
لقد عرفتُ غلطتي
أريدُ أن تعودَ كي تزيحَ صخرةً على ضلوعي
وأن تكونَ صاحبي الوحيد..
فلا يعودُ منهُ غيرَ صمتِه العنيد،
ليكشفَ الستارَ عن خصومةٍ يُسيلُ نصلُها دمي،
يجزُّ رأسَ ذكرياتي الصغار،
ويحقنُ الحنينَ بالوريد..
أريدُ أن.. ولا أريدْ..
ولا أريدُ أن أطوف حول كعبةِ الدموع
ولا أريد أن أسيرَ في مواكبِ الوعود
وقد بدوت للطريق عاجزًا عن الرجوع
وقد بدوتُ للظروف عاجزًا عن الصمود،
وقد رأيت تحت سقف هذه الحياةِ
غيمةً شهيدةً لشاعرٍ شهيد..
أخاف أن أقول:
أيها الزمانُ.. قطرةً من المطر،
أريدُ أن تزول وطأةُ الظما عن الطريق،
فيهربُ الزمانُ من يدي
وتمكثُ الحياةُ في ذبولها
ويقبعُ الصباحُ في اكتئابهِ الشديد..
أريدُ أن.. ولا أريدْ
لقد هربتُ أمس من براثن احتمالِ قُبلةٍ،
رأيتُها غدًا تصولُ في شفاهِ آخرٍ ولم تعد لي
ولم أرِدْ أن أصبَّ خمرةً من الأسى
على فؤادي الجريحْ..
أخافُ أن أبثَّ لوعتي بها ويستبد بي
خيالُها الصريح..
فيتبعُ الوعيدَ بالوعيد
ويكسرُ احتراميَ الجديد..
لذلك استطابَ للمحب أن يحبَّ من بعيد..
ذكرى على حدق السؤال
عشرونَ عمرًا والحنينُ كما ترى
أفنى ولا يفنى حضورُكَ في فمي..
قلبي وأنتَ حكايةٌ مكسورةٌ
عجِبَ الجميعُ لحرفها المتألِّمِ..
أمشي على درب الغوايةِ والسما
لفَّت فؤادي بالغرامِ المُبهمِ..
إني أراكَ على مسافةِ ومضةٍ
منِّي وأبعدَ من شرودِ الأنجمِ..
ماذا معي؟ لا شيء غيرُ قصيدةٍ
سوداءَ غادرتِ المجازَ إلى دمي..
ورؤىً تُهشمُ بالدقائقِ أعظمي
ويدٍ تلوِّحُ للبعيدِ المغرمِ..
ذكرى على حدقِ السؤالِ ولوعةٍ
رفَّت على حطبِ الحنينِِ المُضرمِ
شهرانِ واللغةُ اللتي أوقدتِها
بيديكِ أخطأتِ الطريقَ إلى فمي
لم تستسغ عزفي الطويلَ وما وشت
عيني بخائنةِ العيونِ اللوِّمِ..
يا حُرقةَ العينينِ لا تتوهمي
صفوًا على الأحداقِ أو فتوهمي..
سيانِ إن صفتِ المياهُ لغارقٍ
أو كدَّرَتهُ على العميقِ المعتمِ..
أسماؤنا تلك القرى المصقولةِ ال
جنباتِ لم نلمح لها من مَعلَمِ..
سأضيعُ يا…
رُبَمَا ببعض التيهِ يألفني الصدى
وأراكِ في الوترِ الظمي..
فإذا تفحّصَ فيَّ ليسَ بمُنكري
وإذا مشيتُ عليه ليسَ بمؤلمي..
فلتمنحيني حظَّ حرفٍ مُهمَلٍ
وإذا عرجتُ عليكِ لا تتكلمي..
فإذا نطقتِ سقطتُّ، كم هو ظالمٌ
موتي على سككِ الكلامِ المؤلمِ..
ما زلت أرقبُ أن تحلّ ببعض ما…
ليعودَ في رئةِ الأغاني مُعظميِ..
وفي ختام الأمسية كرّم الشاعر محمد عبد الله البريكي، الشعراء ومقدمهم ، والتقط معهم صورة تذكارية.
زر الذهاب إلى الأعلى