تخيل لو أن المصريين هدموا الأهرامات ووضعوا نصبًا تذكاريًا لها تخليدًا لذكراها ، أو أن العراقيين هدموا قصر نبوخذ نصَّر او الأردنيين ازالوا آثار البتراء لنفس الغرض اي لإقامة نصب تذكارية تخلدها. لا شك انه امر مضحك وعجيب ويثير السخرية. فالنصب التذكارية تقام عادة في ما لايمكن أن يبقى مجسمًا منتصبًا وعلى الملأ كمعركة من المعارك أو لأديب او فيلسوف ،أما من يهدم بناء يزال من الوجود، وينصب نصبًا تذكاريا له كما حدث لمبنى مدرسة “ثانوية دبي” اول مدرسة ثانوية بالامارات ، والتي ازيل مبناها ثم وضع نصب تذكاري يخلد ذكراها فهو ما حدث فعلًًا، وهو أيضًا ما يدل على أن من قام بهذا العمل لا علاقة له بالاثار من قريب ولا من بعيد. الخطأ الثاني في هذا الموضوع أن ثانوية دبي بدأت الدراسة بها عام ١٩٥٩ وليس عام ١٩٦٠، وهذا يؤكد أن موضوع التاريخ موضوع هامشي وغير ذي أهمية للجهة المنفذة له .
وبمناسبة الحديث عن التراث ألاحظ أن القائمين عليه ينصب فهمهم لتراث المباني على وجه التحديد على مباني بيوت الطين وحجر المخازن والبراجيل فقط ، لا على أنه سرد لتطور مراحل البناء عبر الفترات الزمنية التي تمر بالمجتمع.