للمشاعر أوتار تربطنا بحياتنا وتضفي عليها مسحة متداخلة من مشاعر الفرح والحزن، الألم والخوف، الحب والكره، تتضمن نتاج تجربتنا الحياتية، وما نمر به من أحداث وما نتفاعل معها من ظروف وقتية ودائمة، فعندما ينسكب حبر المشاعر على أوراق القصيدة، تتداخل الأحلام والآمال والأوجاع، فالقصيدة ليست كلمات مصفوفة على ورق، بل نافذة تطل على أعماق النفس البشرية، ولغة تشعرها القلوب، وينجح قلة من الناس في تحويل مشاعرهم إلى إبداع شعري، فالعواطف قوة كامنة وراء الإبداع الفردي، ثم المجتمعي. وما علاقاتنا الإنسانية إلا أوتار تعزفها المشاعر فنجد أنفسنا نتعلق بأشخاص ونبتعد عن آخرون، دون أسباب منطقية، بل نتيجة تحكم المشاعر والعواطف في سلوكياتنا، بحثاً عن السعادة والانسجام، وقد نجد أنفسنا في كثير أحيان في أتون الألم والفراغ.
ولكون الشعر أحد أرقى أشكال التعبير الإنساني في مصفوفة الحضارة، كما يشير إلى ذلك الشاعر جمال الشقصي في مقدمته لديوان الشاعر سلمان الشلاحي المعنون “أوتار المشاعر”، تتحول القصيدة إلى تفسير للواقع المرئي واللا مرئي للشاعر ورؤيته وخياله، فترسم المعاني لوحة تستقي ألوانها من الروح ومشاعرها وتجلياتها، ولكون العربي يتميز بصفات الكرم، الوفاء، التسامح، والصفاء، فإن قصائد الديوان لم تعْدُ هذه المواضيع مع تطرقها لمشاعر الحب والانتماء للأرض وهي نفس المواضيع التي تناولها الشعراء قديماً وحديثاً. فقد أولى الشاعر الشلاحي القصائد الوطنية اهتمامه فجعلها في الباب الأول من الديوان ثم الوجدانيات في الباب الثاني، مقدماً تجربته الشعرية التي يغلب عليها الصدق العاطفي، فيستهل الديوان بعنوان “إحساس شاعر” يقول فيه:
جيت انثر احساسي على كُلّ الحضور
إحساس شاعر غاص في بحر القصيد
جيت ارسم البسمه وافرح لي صدور
وارسل لكم باقه مع ساعي بريد
ففي حضور الشاعر الشلاحي، ينثر احساسه على الحاضرين راسماً البسمة على وجوههم وفي غيابه يرسل لهم باقات الإحساس مع ساعي البريد.
يكتب الشلاحي عن العلم واليوم الوطني السعودي، ويفتخر بوطنه ويصف ما شهدته المملكة العربية السعودية من نهضة عمت البدو والحضر، في ظل قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
ولا ينسى الشاعر التغني بدولة الإمارات العربية المتحدة (دار زايد) وريادتها، في ظل قيادة شيوخ الدولة، واصفاً إمارات الدولة (بالسبع العجائب) التي لا تعرف سوى التطور والرقي، فهي دولة الأمجاد وفخر الخليج، وانتماء الشاعر الشلاحي لوطنه الأم أولاً ثم لوطنه الثاني دولة الإمارات ثانياً يعكس الوحدة الاجتماعية والثقافية والوجدانية لشعوب الجزيرة العربية، وفي قصيدة ثانية يوجه الشاعر بحر مشاعره إلى إمارة الشارقة وسلطانها، فالشارقة أضحت منارة المعرفة والثقافة والأدب، ويعرج على ذكر مجلس الحيرة الأدبي الذي أسهم في صقل تجربته الشعرية مع بيت الشعر وغيرها من المنابر الثقافية التي تعارف الشاعر من خلالها وتفاعل مع الشعراء الإماراتيين والخليجيين والعرب ممن يرتادوا هذه الفعاليات والمهرجانات الثقافية.
الشاعر الشلاحي يجعل كذلك من قصائده أجنحة تحلق به إلى ديرة المجد (الكويت) ويصف ما اشتهر به الشعب الكويتي من طيبة وأخلاق كريمة، ومن الكويت يعود على سحب المشاعر إلى سلطنة عمان مهنئاً بالعيد الوطني العماني.
وفي باب الوجدانيات يفتتح الشاعر قصائده بقصيدة مؤثرة عن الأم، قبل أن ينتقل بنا إلى بحر الغرام ويتركنا في أمواج لواعج الشوق والغربة والنجوى وصوت الناي ومرارة الانتظار:
مساء الشّوق يا بحر الغرام بجزره ومدّه
مساء الغربه اللي بعثرتني في وجيه الناس
مسائك غيبةٍ طالت وانا ناظرك من مُدّه
وجرحٍ حلّ في عوج الحنايا والألم في الرّاس
ولمن ملكت قلب الشاعر وأعطاها روحه في ظرف ساعة في قصيدة (عطيتك روح):