مقالات
عصمة الأنبياء وتنزيههم في القرآن الكريم (15) د. أحمد الزبيدي – الإمارات
د. أحمد الزبيدي
قال العلامةُ محمود محمد شاكر -رحمه الله- :” إن إنسانية الأنبياء وحدها هي الإنسانية التي أوجب الله على من حضرها من الناس أن يؤمن بها أولًا، ثم يحافظ على رواية سيرتها ثانيًا، ثم يحترس ويتدبر فيما ينقل عنها أو يصف منها، لأن نسبة شيء من الأشياء إليها قد يكون مما يتوهم أحدٌ منه وهمًا يخرج -في ما يُقبل من أمر الدنيا- بحقيقة الرسالة التي أرسلوا بها عن القانون الإلهي الَّذي عَمِلوا به ليحققوا كلمة الله التي تعلو أبدًا، وتُزْهِر دائمًا، وتبقى على امتداد الزمن روح الحياة البشرية وميزان أمر الناس في هذه الدنيا”. جمهرة المقالات (1 / 4).
قال د. عماد الدين خليل في كتابه: “المستشرقون والسيرة النبوية”(ص6): (إن هذا الموقف المتوحّد من السيرة الذي تتغلغل في نسيجه مشاعر الاحترام والتقدير والإعجاب والمحبة واليقين.. والذي يجد في السيرة تعبيرا متكاملا عن العقيدة التي ينتمي إليها، يجد في الدراسات الاستشراقية (الخارجية) عن السيرة تغرّبا عن مسلّماته وخروجا صريحا عن بداهاته، وما يمكن اعتباره محاولات متعدّدة لإصابة هذه المسلّمات والبداهات بالجروح والكسور.. وهي لن تفعل فعلها في يقينه، إلّا في حالات معينة بينما نجدها تدفعه في أغلب الحالات وأعمّها إلى الاشمئزاز والنّفور).
قصة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم (ج1)
وقد احتج الطاعنون في عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بآيات أسند فيها “الضلال” و”الغفلة” إلى ضمير خطابه صلى الله عليه وسلم، وحملوها على الكفر في حقه صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى: {ووجدك ضالاً فهدى}. وقوله عز وجل: {قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحى إلى ربى إنه سميع قريب}، وقوله سبحانه: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}.
والجواب:
-
أنه قبل النبوة لم يكن هناك تكليف قائم، وشرع مفروض، حتى يوصف تاركه بالضلال.
-
أجمعت الأمة قاطبة على عصمة الأنبياء قبل النبوة وبعدها من الكبائر والصغائر.
-
ثبت بالتواتر عصمة النبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة في كل ما يمس عقيدته وخلقه .
هذا، وقد ورد لفظ “الضلال” في معانٍ كثيرة:
-
معنى الكفر؛ في قوله تعالى: {ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون}.
-
معنى النسيان في قوله تعالى: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى}. أي أن تنسى إحدى المرأتين، فتذكرها الأخرى.
-
الغفلة؛ كقوله تعالى على لسان موسى عليه السلام لفرعون: {قال فعلتها إذاً وأنا من الضالين}.
-
المحبة؛ كقوله تعالى على لسان إخوة يوسف عليه السلام : {إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفى ضلال مبين} أى فى حب ظاهر ومبين ليوسف، وهو المشار إليه فى قوله تعالى على لسانهم أيضاً: {قالوا تالله إنك لفى ضلالك القديم}، أي؛ في محبتك، وكذلك في قوله تعالى: {وقال نسوة فى المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها في ضلال مبين}، أي؛ حب مُبين ليوسف عليه السلام.
-
قال أهل اللغة :(ولما كان الضلال في اللغة هو العدول عن الطريق المستقيم، وضده الهداية، كان كل عدول عنه ضلال، سواء كان عمداً أو سهواً، يسيراً كان أو كثيراً، فصح أن يستعمل لفظ الضلال ممن يقع منه خطأ ، ولذلك نسب الضلال-تجاوزا- إلى الأنبياء، وإلى الكفار، وإن كان بين الضلالين بون بعيد).
-
قال الإمام الرازي: الضلال هو الذهاب والانصراف، ولا بد من أمر يكون منصرفا عنه وهو غير مذكور، والخبران بغير ما يوافق الدليل وهو أمور أربعة:
-
وجدك ضالًا عن النبوة فهداك إليها، ويؤكده قوله تعالى: (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان). وفي الصحيحين-( خ، برقم (4330)- من حديث عبد الله بن زيد: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال للأنصار: «أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَاّلاً فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي؟!
-
وجدك ضالًا عن المعيشة وطريق الكسب.
-
وجدك ضالا في زمان الصبى في بعض المفاوز. وقد ذكر الضحاك حديثًا مرفوعًا أنه عليه الصلاة والسلام قال: (ضللت عن جدي عبد المطلب وأنا صبي ضائع، كاد الجوع يقتلني، فهداني الله) .
-
وجدك ضالًا، أي مضلولًا عنه في قوم لا يعرفون حقك، فهداهم إلى معرفتك، كما يقال: فلان ضال في قومه، إذا كان مضلولًا عنه.
-
وقال بعض المفسرين أما معنى الآية {ووجدك ضالاً فهدى} ونحوها، فيكون المعنى: ووجدك محباً للهداية فهداك إليها، ويشهد لصحة هذا الوجه والتأويل ما يأتي:
-
قد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة كان يتحنث في غار حراء طلباً للهداية، حتى نزل عليه جبريل عليه السلام بالوحي.
-
أن من أسماء المحبة عند العرب “الضلال” ومنه قول الشاعر :
صباح الخير يا دكتور
لا أحب التكرار في تعليقي على مقالاتك لكن في كل مقال أجد ما جديد وما هو مفيد في زمن شح فيه عمق الكلمه وفهمها.
تحياتي واحترامي وان هناك اشارات من الله وامارات على النبوة يعرف صاحبها ويدرك ويعمل بها ومسارها ولكن تظل مخبوءة حتى برهان الله وامره وهذا المقصود كما قلت دكتور احمد الزبيدي .فقد جاء برهان ربه جبريل كالملك يرسل رسولا ووزيرا الى المقصود ليعلمه بامر ما وقد بلغ الرسالة .وكان القضاء مسارا من الايات والدلائل .صدقت واوضحت وبينت جزاك الله كل الخير مع الحب والتحية والاحترام والتقدير لك ولكتاباتك المتوازنة في حب الله و الهداية والرسل الطاهرين وان الله جميل يحب الجمال وهذا كلام طيب جميل والقلب يعشق كل جميل تحياتي .مهند الشريف