قال أبو الطيب في “معجز أحمد”: (ص: 27) يصفُ ممدوحه:
فصيحٌ متى ينطقْ تَجدْ كلَّ لفظةٍ
أصولَ البراعاتِ التي تتفرَّعُ
يعني أن كل لفظة من ألفاظه أصل من أصول البراعة، وهي-البراعة- الكمال في الفصاحة، والناس يبنون كلامهم عليها، ويرجعون في استعمال الفصاحة إليها.
قال أبو هلال العسكري في “الصناعتين” (ص7): (فأما الفصاحة فقد قال قوم: إنها من قولهم: أفصح فلان عما فى نفسه إذا أظهره، والشاهد على أنها هى الإظهار قول العرب: أفصح الصبح إذا أضاء، وأفصح اللبن إذا انجلت عنه رغوته فظهر، وأفصح الأعجمىّ إذا أبان بعد أن لم يكن يفصح ويبين. وإذا كان الأمر على هذا فالفصاحة والبلاغة ترجعان إلى معنى واحد وإن اختلف أصلاهما؛ لأنّ كلّ واحد منهما إنما هو الإبانة عن المعنى والإظهار له.
قال الإمام فخر الدين الرازي رحمة الله تعالى عليه في “حد البلاغة”: إنها بلوغ الرجل بعبارته كنه ما في قلبه مع الاحتراز عن الإيجاز المخل، والتطويل الممل، ولهذه الأصول شعب وفصول .
وحد البلاغة كما قال الإمام الزجاج: “إذا كان يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه”.
مقياس الفصاحة:
ومقياس الفصاحة في نظر الجاحظ القرآن وكلام الأعراب، إذ فيهما تحققت الفصاحة بأعلى مستوياتها، فاعتبرا المثال الأعلى للكلام الفصيح، فكل كلام أشبههما عدّ فصيحا، وكل كلام اختلف عنهما نأى عن الفصاحة، وقد دلل الجاحظ على ذلك بقوله: «قال أهل مكة لمحمد بن مناذر الشاعر ليست الفصاحة لكم معاشر أهل البصرة لغة فصيحة، إنما الفصاحة لنا أهل مكة. قال ابن مناذر: أما ألفاظنا فأحكى الألفاظ للقرآن وأكثرها له موافقة، فضعوا القرآن بعد هذا حيث شئتم». اه
ونفهم من هذا أن الحكم في الخلاف بين فصاحة لغة أهل مكة والبصرة إنما هو القرآن.
وأضاف الجاحظ : ” وتقتضي الفصاحة عدم تنافر الكلمات ضمن الجملة الواحدة. وإذا تنافرت الألفاظ صعب النطق بها وبدت غير متلائمة وغير متوافقة. من ذلك قول الشاعر:
وقبر حرب بمكان قفر
وليس قرب قبر حرب قبر
وقد ظن بعضهم لجهلهم بعلم البلاغة أن هذا البيت من أشعار الجن لأن المرء لا يستطيع إنشاده ثلاث مرات في نسق واحد دون أن يتعتع أو يتلجلج .
قال ابن رشيق في “العمدة” (ج1: ص261) :” فتكررت الألفاظ، وترددت الحروف، حتى صار ألقية يختبر به الناس، ولا يقدر أحد أن ينشده ثلاث مرات إلا عثر لسانه فيه وغلط”.
وقد كانوا يزعمون أن من الناس من قتله الجنّ. قالوا: خرج علقمة بن صوفان في الجاهلية يريد مالا على حمار ومعه سوط في ليلة، فإذا بشيء يدور ومعه سيف وهو يقول:
علقم إنك مقتول
وإن لحمك مأكول
فقال علقمة: شق مالي ولك تقتل من لا يقتلك أغمد عنّي منصلك. فواثبه وضرب كل واحد صاحبه فخرّا ميتين.
وقالوا: إن الجن قتلت حرب بن أمية، وفيه قالت الجنّ:
وقبر حرب بمكان قفر
وليس قرب قبر حرب قبر
وقتلت سعد بن عبادة وقالت:
قد قتلنا سيّد الخز
رج سعد بن عباده
ورميناه بسهمي
ن فلم نخطِ فؤاده
أفصح الناس:
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفصح الناس، وكان طويل الصمت، دائم السكت، يتكلم بجوامع الكلم، لا فضل ولا تقصير، وكان يبغض الثرثارين المتشدقين.
والبلاغة إصابة المعنى والقصد إلى الحجة مع الإيجاز، ومعرفة الفصل من الوصل.
قال معاوية يوماً: من أفصح الناس؟ فقام رجل من السماط فقال: قوم تباعدوا عن فراتية العراق، وتيامنوا عن كشكشة تميم، وتياسروا عن كسكسة بكر، ليس فيهم غمغمة قضاعة، ولا طمطمانية حميَر. فقال له معاوية: من أولئك? فقال: قومي يا أمير المؤمنين، فقال له معاوية: من أنت? قال: “أنا رجل من جرم”. قال الأصمعي: و”جرم” من فصحاء الناس.
والكشكشة، في ربيعة ومضر: يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شيئًا، فيقولون في رأيتك: رأيتكش، وبكش، وعليكش.
وقد تروى الكشكشة لأسد وهوازن وقال ابن فارس في “فقه اللغة”: إنها في “أسد”. يعني قبيلة “أسد”.
والكسكسة، وهي في ربيعة ومضر أيضًا: يجعلون بعد الكاف أو مكانها في خطاب المذكر سينًا على ما تقدم؛ وقصدوا بالفرق بين الحرفين: السين والشين، تحقيق الفرق بين المذكر والمؤنث في النطق.
والطُّمطمانية في لغة حِمْيَر: يبدلون لام التعريف ميمًا، وعليها جاء الحديث في مخاطبة بعضهم: “ليس من امبر امصيام في امسفر”، أي: ليس من البر الصيام في السفر.
وسئل حماد الراوية عن شعر عمر بن أبي ربيعة، فقال: ذلك الفستق المقشر لا يشبع منه!
شهادة معاوية لعلي رضي الله عنهما:
وبإسناده، قال: جاء ابن أحوز التميمي إلى معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين، جئتك من عند ألأم الناس، وأبخل الناس، وأعيا الناس، وأجبن الناس. فقال: ويلك، وأنى أتاه اللؤم، وكنا نتحدث أن لو كان لعلي بيتٌ من تبرٍ وآخر من تبنٍ، لأنفد التبر قبل أن يُنفد التبن؟ ويحك، وأنى أتاه العي، وإن كنا نتحدث أنه ما جرت المواسي على رأس رجلٍ من قريشٍ أفصح من علي؟ ويلك، وأنى أتاه الجبن، وما برز له رجلٌ قط إلا صرعه؟ -والله- يا ابن أحوز- لولا أن الحرب خدعةٌ، لضربت عنقك؛ اخرج، فلا تقيمن في بلدي. قال عطاءٌ: وإن كان يقاتله، فإنه قد كان يعرف فضله.
ومثله ما رواه ابن عساكر في “تاريخ دمشق”، عن جرير عن مغيرة قال: (لما جاء نعي علي بن أبي طالب إلى معاوية، وكان ذلك في وقت القائلة، وكان نائمًا مع امرأته فاختة بنت قرظة في يوم صائف، جلس وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. وجعل يبكي، فقالت له فاختة: أنت بالأمس تطعن عليه، واليوم تبكي عليه! فقال: ويحك! إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره).
تحياتي واحترامي وان افصح المرء لاخيه سرا ما عرف كيف يخفيه او يصل لناس ثقات وكان القران بليغا ليصل من هداه الله والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء والناس بين ذلك مخييرين مسيريين .كلامك دقيق في مكانه وقد وصلت لتفاصيل دقيقة يصعب للباطل النفاذ اليها دكتور احمد الزبيدي وكنت شاهدا صادقا على قول العرب وانت تعرف جيدا نقد الكلام وتفنيده وفيك من الذكاء والفطنة ما تدرك المقصد .مع الحب والتحية والاحترام والتقدير لشخصك الكريم ولاسلوبك الفني الجميل في ايصال الافكار وبلوغ البلاغة في الحديث .تحياتي .مهند الشريف
تحياتي واحترامي وان افصح المرء لاخيه سرا ما عرف كيف يخفيه او يصل لناس ثقات وكان القران بليغا ليصل من هداه الله والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء والناس بين ذلك مخييرين مسيريين .كلامك دقيق في مكانه وقد وصلت لتفاصيل دقيقة يصعب للباطل النفاذ اليها دكتور احمد الزبيدي وكنت شاهدا صادقا على قول العرب وانت تعرف جيدا نقد الكلام وتفنيده وفيك من الذكاء والفطنة ما تدرك المقصد .مع الحب والتحية والاحترام والتقدير لشخصك الكريم ولاسلوبك الفني الجميل في ايصال الافكار وبلوغ البلاغة في الحديث .تحياتي .مهند الشريف
جميل ورائع كعادتك يا د كتور أحمد
نعم، لهجة القبائل، الكشكشة والكسكسة، وغيرها، لكن عند اهل الامارات الجيم تقلب ياء، فمن اين جاءت؟