أخبار

 وقفات مع المتنبي وشعره (19)  د . أحمد الزبيدي – الإمارات

(بين المتنبي وكافور)

د. أحمد الزبيدي

 قال أبو الطيب المتنبي في “معجز أحمد” (ص1) :

‌كَفَى ‌بكَ ‌دَاءً أَنْ تَرَى المَوْتَ شَافِيا

 وَحَسْبُ المَنَايَا أَنْ يكن أَمَانِيَا

تَمَنَّيْتَها لَمَّا تَمَنَّيْتَ أَنْ تَرَى

  صَدِيْقا فَأَعْيَا أَوْ عَدُوّاً مُدَاجِيا

وقد عيب على المتنبي البدء بذكر الداء والموت؛ مع ما فيه من الطيرة التي تنفر منها السوقة، فضلاً عن الملوك.

قال الحاتمي (ت ٣٨٨هـ) “الرسالة الموضحة” (ص20) :” ومن سبيل الشاعر أن يتحرى لقصيدته أحسن الابتداء كما يتحرى لها أحسن الانتهاء عند بلوغ حاجته”

ونحن لا نشك أن أبا الطيب المتنبي قال ما قاله عمدًا، في حين إن أكابر الشعراء وقعوا فيه عن غفلة وسبق لسان!

  • أنكرَ الفَضْلُ بن يَحيى البَرْمَكِيُّ على أبي نواسٍ قولَهُ:

‌أرَبْعَ ‌البِلى إنّ الخشوعَ لبادِ

عليكَ وإني لمْ أخُنْكَ وِدادي

وتَطَيَر مِنْهُ، فلمَّا انْتهى إِلَى قَوْله:

سَلامُ على الدُّنَيا إِذا مَا فُقِدْ تُمُ

 بني برْمَكٍ من رَائحينَ وغَادِ

 استَحْكَمَ تَطيُّرُهُ؛ فَيُقَال إنَّه لم يَنْقَضِ الأسبوعُ حَتَّى نزلتَ بِهِ النَازِلةِ.

  • ودخل البُحتري على أبي سعيدٍ الثّغْريّ فأنشده:

‌لكَ ‌الويلُ ‌من ‌ليلٍ ‌بِطاءٍ ‌أواخرُهْ

فقال أبو سعيد: بَلْ الويلُ والحرَبُ لك، لا أمَّ لك.

  • ولما أنشد الأخطل عبد الملك بن مروان قصيدته التي أولها:

‌خَفَّ ‌الْقَطِينُ ‌فَرَاحُوا مِنْكَ أَوْ بَكَرُوا

 فَمَا تُوَاصِلُهُ سَلْمَى وَمَا تَذَرُ

قال له عبد الملك عند ذلك: لا، بل منك، وتطير.

  • قال الجاحظ: ولقد كان هشام بن عبد الملك يقال هو الأحول السراق، ما زال يدخل أعطيات الجند شهرًا في شهر وشهرًا في شهر حتى أخذ لنفسه مقدار رزق سنة. وأنشده أبو النجم العجلي أرجوزته التي أولها (‌الحمد ‌لله ‌الوهوب ‌المجزل) فما زال يصفق بيديه استحسانًا لها حتى صار إلى ذكر الشمس فقال «والشمس في الأفق كعين الأحول» فأمر بوجء عنقه وإخراجه.

  • وذكروا؛ أن الفرزدق دخل على عبد الملك بن مروان، فقال له: من أشعر أهل زماننا؟ قال: أنا يا أمير المؤمنين. قال: ثم من؟ قال: غلام منّا بالبادية يقال له ذو الرمة. قال: ثم دخل عليه جرير بعد ذلك فقال له: من أشعر الناس- قال: أنا يا أمير المؤمنين. قال: ثم من؟ قال: غلام منا بالبادية يقال له ذو الرمة، فأحبّ عبد الملك أن يراه لقولهما، فوجّه إليه فجىء به، فقال: أنشدني أجود شعرك فأنشده :

‌ ‌مَا ‌بَالُ ‌عَيْنِكَ ‌مِنْهَا ‌الْمَاءُ ‌يَنْسَكِبُ

 كَأَنَّهُ مِنْ كُلَى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ

أراد: ما بالك عينك ينسكب منها الماء، وكان بعين عبد الملك رمش فهي تدمع أبدًا، فتوهم أنه خاطبه وعرض به، فقال له: ما سؤالك عن هذا يا ابن الفاعلة، فمقته وأمر بإخراجه.

  • وفي شرح “مقامات الحريري” (ج2: ص313) : ” وهذه القصيدة من المطولات التي نيّفت على المائة وربعها، وتصرّف فيها ما شاء من أوصاف الأطلال والديار والثور والحمار والكلاب والظبي وغير ذلك، و في خلال ذلك يأتي بتشبيهات بديعات، وهو أشعر الشعراء الإسلاميين في التشبيه، وقصده الحريري في هذا الموضع لمعنيين: أحدهما لأنه كان صادقًا في حبّ مية؛ فكان لا يشغله عنها شيء، لا مثل كثير عزة وغيره ممن لا يصدق في حبه، والثاني أنه يكثر في شعره صبره على قطع الهواجر لمية مثل قوله: [الطويل]

وهاجرة من دون ميّة لم تقل

قلوصي بها والجندب الجون يرمح

إذا جعل الحرباء مما أصابه

من الحرّ يلوي رأسه ويرنّح

لئن كانت الدنيا عليّ كما أرى

تباريح من ميّ فللموت أروح

ولما شكوت الحب كيما تثيبني

بودّي قالت إنما أنت تمزح..”

  • فذكر الحريري أن هذه الهاجرة شغلته عن ذكر ميّ حتى طلب ظلّا يلوذ به.

  • قال ابن الأثير “المثل السائر” (ج2 : ص225):”ومن شاء أن يذكر الديار والأطلال في شعره فليتأدب بأدب القطامي على جفاء طبعه، وبعده عن فطانة الأدب؛ فإنه قال:

إنّا محيوك فاسلم أيّها الطّلل

فبدأ قبل ذكر الطلل بذكر التحية والدعاء له بالسلامة. وقد قيل: إن امرأ القيس كان يجيد الابتداء، كقوله:

ألا انعم صباحا أيّها الطّلل البالي

جارية سوداء تنتقد ذا الرمة

  • وفي “مختصر تاريخ دمشق” (ج20: ص236): (دخل ذو الرمة الكوفة، فبينا هو يسير في شوارعها على نجيب له إذ رأى جارية سوداء واقفة على باب الدار، فاستحسنها ووقعت بقلبه، فدنا منها وقال: يا جارية اسقيني ماء، فسقته، فأراد أن يمازحها ويستدعي كلامها، فقال: يا جارية ما أحرَّ ماءك! فقالت: لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وتركت حر مائي فبرده، فقال لها: وأي شعري له عيب؟ فقالت: ألست ذا الرمة؟ قال: بلى، قالت:

 فأنتَ ‌الذي ‌شَبَّهْتَ ‌عَنزاً ‌بقَفرةٍ

 لها ذنبٌ فَوْقَ استِها، أمَّ سالمِ

جَعَلتَ لهَا قَرْنَيْنِ فَوْقَ جَبينها، … وَطَبييْنِ مسوَدّين مثلَ المَحاجِمِ

وَساقَينِ إن يَستمكِنا منك يترُكا

بجلدِكَ، يا غَيلانُ، مثلَ الميَاسِمِ

‌أَيَا ‌ظَبْيَةَ ‌الْوَعْسَاءِ ‌بَيْنَ ‌جُلَاجِلٍ  وَبَيْنَ النَّقَا آأَنْتِ أَمْ أُمُّ سَالِمْ؟

فقال: نشدتك بالله إلا أخذت راحلتي هذه وما عليها ولم تظهري هذا لأحد، ونزل عن راحلته، فدفعها إليها وذهب ليمضي، فدفعتها إليه وضمنت له ألا تذكر لأحد ما جرى”.

قال الشاعر جرير: “لو خرس ذو الرمة بعد قصيدته: (‌ما ‌بال ‌عينك ‌منها ‌الماء ‌ينسكب)، لكان أشعر الناس. مات سنة (117 هـ).

وإذا عيب على أبي الطيب – ما قلنا – من الاستفتاح بذكر الداء والموت والنواح؛ مع ما فيه من الطيرة التي تنفر منها السوقة، فضلاً عن الملوك! فهل كان أبو الطيب يجهل مثل هذا؟ في الحقيقة أن أبا الطيب لم يكن يخفى عليه مثل هذا من فنون القول، بل أكاد أجزم أنه قاله متعمدًا منذ اللحظة الأولى التي قابل فيها كافورًا؛ حتى يرسم ويؤسس للعلاقة التي يقيمها معه، فالعلاقة التي كانت تربطه بالأمير “سيف الدولة الحمداني” علاقة تختلف عن علاقاته مع سائر الملوك والأمراء والوزراء،من قبل ومن بعد، فما طبيعة هذه العلاقة؟

 كان “سيف الدولة” في نظر المتنبي تجسيدًا حيًا لآماله وآلامه وأحلامه، فقد لزمه 10 سنوات سمان، اطلع فيها كُلٌّ منهما على خبيئة نفس صاحبه، وشاركه -كما قلنا- آماله وآلامه، وأفضى كل منهما لصاحبه بأسراره، وطموحاته، وغاياته السياسية، وانزعاجه فيما يرى من تمدد سلطان دولة ” الخدم” أو دولة ” العجم”، أي ذلك شئت…! وما من شك عندي أن أبا الطيب -رحمه الله- فارقه مغلوبا على أمره، بعد أن أكثر الوشاة والسعاة في إفساد ما بينهما ، حتى غلب على ظنه، وقُذف في روعه، أن الأمير قد تغير عليه، وأصغى إلى حساده فيه، فكثر الأذى عليه منه، مما جرأ حساده وشانئيه، مع ما كان يعانيه من التوجس.

قال ابْن خَلِّكَانَ: “وقد ‌فارق ‌سيف ‌الدولة بْنَ حمدان سنة ست وأَربعِين; لما كان مِن ابن خَالَوَيْهِ ما كان مِنْ ضربه إياه بمفتاح في وجهِه فأدماه، فصار إِلى مصر، فامتدح كافورًا الْإخشيدي، وأَقام عنده أَرْبَع سنين”.

 ولعل “سيف الدولة” أُتِيَ من قبل حبِّ أبي الطيب لأخته خولة –وهذا سنفرده في مقال– فقد بلغ حب خولة منه مبلغًا عظيمًا، مع ما كان يحاوله من تكتم لهواها .

لقد ‌كتمت ‌الهوى ‌حتى ‌تهيّمني

 لا أستطيع لهذا الحب كتمانا

 فُدُهيَ الرجل في نفسه بدواهٍ ثلاث؛ حب قلبه، وأمل نفسه، ورَجُله الذي كان يرى فيه استعادة الحكم والهيبة لـ “دولة العرب”، وهنالك؛ داخله اليأس، وغالبه البؤس، وقل منه البأس، وانطفأت جذوة الأمل في نفسه،حتى أمسى قريبا من رمسه، ولم يلبث أن ألقى عصا الترحال في مصر حيث كافور، فبادأه بقوله:

‌كَفَى ‌بكَ ‌دَاءً أَنْ تَرَى المَوْتَ شَافِيا

 وَحَسْبُ المَنَايَا أَنْ يكن أَمَانِيَا

وهذا يكذِّب قول من قال إن أبا الطيب دخل طامعًا، وطامحًا، ومتأملًا في كافور، فأكثر من مدحه والتزلف إليه، ولما خاب رجاؤه، وأظلمت سماؤه، تغير معه فصار يحتقره بهجائه!.

ولبث أبو الطيب حبيس مصر؛ في قبضة “كافور” من سنة، (346ه- 350ه)،بعيدًا عن الأهل والوطن، ممتنعًا من النديم والكأس والسكن، غريبًا بين أقوام لا يشاكلهم، منقطعًا عن معارفه الذين كان يألفهم، يؤمل من المطالب ما يصعب أمره، ويحاول منها ما لا يعرف مثله.

‌بِمَّ ‌التَّعَلُّلُ؟ ‌لا ‌أَهْلٌ ولا وَطَنُ         ولَا نَدِيْمٌ، ولا كَأسٌ، ولا سَكَنُ

كيف لا وقد خرج من بغداد بعدما شاعت قالة السوء على لسان أحد المماليك؛ وهو بجكم التركي؟ :” ‌أنا ‌أردّ ‌(دولة ‌العجم) وأَمْحق (دولة العرب)، مما حمله على أن يرد عليه بأبيات  من الشعر ‌تَرْمِي ‌بِشرر كَالقصْر:

 ‌سَيَصحَبُ ‌النَّصلَ ‌مِنِّي مِثلَ مَضرَبِهِ

 وَيَنجَلِي خَبَرِي عَنْ صِمَّةِ الصَّمَمِ

(‌بِكُل ‌منصلت مَا زَالَ منتظري  حَتَّى أدلت لَهُ من دولة الخدم)

وهذا يُنبيء عن نشأة أبي الطيب وعشقه المجد، وتطلبه المعالي وهو صغير لم تعركه بعدُ الحياة ، حتى ظل طيفها لا يفارقه في ليل أو نهار،  فكانت جل أمانيه تتلخص في السيادة والملك والإطاحة برؤوس الموالي الذين تسنموا العروش من طريق الختل والغدر، في غفلة من أهلها.

وإنما ‌الناس ‌بالملوك وما

 تفلح عرب ملوكها عجم

فعز الناس بعز الملوك؛ بهم يرتفعون، وبخدمتهم يتقدمون، والعرب إذا ملكتهم العجم لا يفلحون.

وبعد كل هذا، يجد نفسه -رغمًا عنه- طريح (دولة الخدم) يضطر إلى أن يحابي، وينساق إلى أن يداري، وهو بعد ذلك ينطق، سواء كان في حضرة كافور أم في حضرة عضد الدولة الديلمي؛ فلا يملك إلا أن تجيش مشاعره -بما نراه – يلخص هذه الحقبة المذلة، والفترة المهينة، ملخصا كل ما حاق به من يأس، وبؤس، وضياع، – وهي في رأي الأستاذ محمود شاكر آخر ما قاله:

 ‌إِذَا ‌اسْتَشْفَيْتَ ‌مِنْ ‌دَاءٍ بِدَاءٍ

فََقْتَلُ مَا أَعَلَّكَ مَا شَفَاكَا

وأنَّى شِئْتِ ‌يا ‌طُرُقِي، ‌فكوني،

أذاةً، أو نجاةً، أو هلاكا

قال العلامة أبو فهر: “كان داؤه فراق (دولة العرب) تحت ظل سيف الدولة، فطلب البرء والشفاء في (دولة الخدم)، فإذا هو داء لا شفاء، وكان أقتل الداءين ! وألقى يومئذ، السَّلَم ، مذعنا ضارعا منقادا لما تأتي به المقادير.

 قال أبو الفتح عثمان بن جني: جعل القافية هلاكا فهلك!

  • وهنا كلمة مهمة أختم بها مقالي؛ وهي التنبيه على خطأ وقع فيه أغلب من كتب عن المتنبي قديما وحديثا، حاشا ابن جني من المتقدمين، وابن الأثير، وعبد الرحمن زادة الرومي (أي التركي) من المتأخرين (ت1081ه)، ومحمود شاكر من المعاصرين. أما الخطأ فهو القول:” بأن المتنبي كان مضطربا، مترددا في مدح كافور وهجائه”، والقاريء الذي ادمن قراء المتنبي، وخبر ألفاظه ووقف على شيء من أسرار حياته، يدرك تماما أن أشعاره في كافور كانت تفيض بالكراهة، وتنضح بالازدراء، وإن كان ظاهرها يوحي بعكس ذلك، ومما يبرهن على قولنا أن الشيخ حسام زاده له كتاب(رسالة في قلب كافوريات المتنبي ،من المديح إلى الهجاء ).

  • فشعر أبي الطيب في هذه المرحلة ضَمَّنهُ خلاصة تجاربه في الحياة، ورأيه في الدول والناس، والعلاقات، وحسبك من ذلك تلقيبه كافور(بالكركدن) وهو حيوان وحيد القرن، ذلك الحيوان البشع الصورة، المستشنع الخلقة، شبه بها كافورا في اضطراب خلقه، وتناهي قبحه، قال:

    ‌وَشعرٍ ‌مَدَحتُ ‌بِهِ ‌الكَركَدَنَّ

    بَينَ القَريضِ وَبَينَ الرُّقَى

    فَمَا كَانَ ذلِكَ مَدحَاً لَهُ

   وَلكِنَّهُ كان هَجوَ الوَرَى

وقوله:

وَمَا طَرَبِي لمَّا رَأَيْتُكَ بِدْعَةً

لَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أَرَاكَ فَأَطْرَبُ

قال أبو الفتح ابن جني “الفَسْر”: ( ج: 1، ص: 583) : “قرأت على أبي الطيب ديوانه إلى أن وصلت إلى هذا البيت فقلت له: يا أبا الطيب ما زدتَ على أن جعلته أبا زَنَّة” كُنية القِرد” فضحك لقولي ثم قال: وهذا البيت، وإن كان ظاهره مديحًا، فإنه إلى الهُزء أقرب”.

وهذا يحتاج منا إلى مقال خاص يوضح حقيقة (القصائد الكافوريات)، والنية أن يكون ذلك المقال القادم إن شاء  الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. جزاك الله خيرا يا دكتور ما تركت شيئا لاحد لو أن أبو الطيب موجود معنا ما أعطاك حقك.

  2. تحياتي واحترامي وان الكلام يحمل ما يحمل ولكن المعيار القصد وهنا قالوا المعنى في قلب الشاعر ولغتنا العربية عميقة المفردة ذات مستويات شتى في التركيب اما المجاز فحمال اوجه وهذا للتورية اما خيفة او حكمة لانتقاء الاذكياء الذين يقعون على المقصد وتلك بلاغة قائلها وعظم لغتنا وابعادها والمتنبي وانا معك دكتور احمد الزبيدي بليغ حكيم يضعنا امام مسالة سياسية علينا حلها ونحن لم نعاصره .نعم المتنبي قادر على ايصال رسائله للمعنيين ماض وحاضرا ومستقبلا .مع الحب والتحية والاحترام والتقدير لشخصك الكريم ولنقدك وتمحيصك اشعار العرب وافضلها وهفواتها تحياتي .مهند الشريف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى