رغد حموليلا
هنالك مثل يقول : “اثنان لا تخالف رأيهما. .الطبيب الحاذق حين يعالجك والحكيم المجرب حين ينصحك”
إنها الساعة السادسة والنصف صباحا”ولقد حان الآن الموعد المنتظر بعد سنوات طويلة من الألم المزعج الذي احتملته “بلسم” على الرغم من تناول الأدوية والعلاج إلا أن اﻵلام لا تزال ترافقها ، مما جعل الأطباء يتخذون قرار اجراء العملية الجراحية “البسيطة” على حد تعبيرهم .
جلست “بلسم” برفقة أخيها “سالم”، وهي تنتظر في ردهة المشفى الخاص ، فيما كانت تتبادل مع “سالم” نظرات الترقب مع القليل من القلق ،فلقد كانت “بلسم” هي الداعمة والمرافقة برفق واهتمام لمن حولها واليوم حان دورها لتجري عملية تستوجب الخضوع للتخدير الكامل ، نادتها الممرضة فنهضت وتناولت أوراقها ثم بدأت اجراءات العملية برفقة اخيها الذي كان في عجلة من أمره ، ثم بدأت أسئلة الممرضة عن تاريخ “بلسم” المرضي وبالتفصيل الممل احيانا” ،والآن ها قد حان وقت وداع “سالم” لأخته لتغادره إلى غرفة العمليات ، فودعها بابتسامة يغلفها قلقه عليها مع دعائه لها، فيما كان رجل طويل القامة يرتدي كمامته يقود سرير المريضة.شعرت “بلسم” بنبضات قلبها تتسارع إلى ان وصلت إلى غرفة العمليات لترى السقف الذي كان أبيض وعاليًا مضاءً بأنوار قوية لتسمع صوت طبيب التخدير ترافقه طبيبه يتحدثان اليها برفق ، فتقول لهما إنها الغرفة التي تخافها وتتضرع بالدعاء فيها الى الله ليطمئن قلبها ، وما هي إلا دقائق حتى استغرقت اثناءها في تخدير عميق لتصحو على صوتها تهذي بكلمات وجمل من عقلها الباطن وهواجسها وهي تتألم من بلعومها وانفها بشدة، وتشعر بالدوار والغثيان .. حاولت أن تفتح عينيها فلم تستطع من حرارة الدمع والرؤية الغامضة والملتبسة عليها، فماذا أصاب عينيها ؟!.لقد دخلت غرفة العمليات لسبب بسيط وهاهي تخرج بخدش في القرنية وتتعرض للأذية العينية ..و تخضع لعلاج بقلق وضيق .. بدأت هي وأخوها يتناقشان مع الطبيب لمعرفة الأسباب، وبعد رحلة التشافي التي استمرت لشهر وربما أكثر ، باتت تعيش حالة من رهبة كبيرة كلما تحدث إليها أحدهم عن العمليات وتبعاتها، وبينما كانت تحتسي قهوتها المسائية أتت صديقتها “عفراء” ، التي خضعت لعدد لابأس به من عمليات التجميل حتى أصبحت جميلة ورشيقة …مواكبة لهذا العصر بكل ما فيه من تطورات في مجال الجراحة الطبية ..التجميلية ..حيَّتها بقولها : الحمد لله على سلامتك صديقتي الصدوقة “بلسم” ..متى ستبدئين رحلتك التجميلية وتواكبين العصر الحديث؟ ..غاليتي أنت لاتزالين هنا ..وفقط تعتقدين أن العمليات للضرورات الطبية، ،وتخافين حتى من حديثي عن رحلتي مع عملياتي التجميلية ؟! ابتسمت “بلسم” لصديقتها “عفراء” المتباهية والواثقة برأيها ، وقالت لها : صديقتي أيهما أهم أن ننفق المال على عملياتنا الضرورية لصحتنا ونعالج آلامنا أم أن نعرض أنفسنا لأخطار العمليات التجميلية، وربما نتعرض للأخطاء الطبية في الحالتين ؟! ضحكت “عفراء” وانصرفت وهي تخطط لإجراء عملية تجميلية جديدة، فالجمال – في نظرها- يستحق الألم ، ومواكبة العصر الحديث باتت ضرورية، وترى أنها نتجاوز أزماتها وصدماتها النفسية المتتالية بتجميل مظهرها وتعزيز ثقتها بنفسها بالتجمل حتى الحصول على الجمال .
زر الذهاب إلى الأعلى