أخبار

بالتزامن مع انعقاد مهرجان “الشارقة القرائي للطفل” – (16) “عصر  الورق يضرب بقوة” نهله الضويحي* – الإمارات

نهلة الضويحي

 قررت الحكومة السويدية في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، إيقاف استخدام الشاشات الإلكترونية في الفصول الدراسية، والعودة إلى الكتب والدفاتر. القرار جاء استجابة لتحذيرات متزايدة من تأثير الأجهزة الرقمية على صحة الأطفال النفسية والعقلية، ما دفع السويد إلى إعادة ترتيب أولوياتها التعليمية، واضعة مصلحة الطفل في المقدمة.

مصلحة الأبناء أولاً: التوازن بين التقدم والحماية

رغم دور التكنولوجيا في تطوير العملية التعليمية، إلا أن الدراسات الحديثة كشفت عن آثار مقلقة: تراجع في التركيز، اضطرابات في النوم، وزيادة في معدلات القلق بين الأطفال.

قالت لوتا إدولفسون، مديرة التعليم في إحدى المقاطعات السويدية: نحن لا نرفض التكنولوجيا، بل نعيد النظر في كيفية استخدامها. هدفنا هو تعليم الأطفال بطريقة تحمي صحتهم وتدعم تطورهم العقلي والنفسي.”

العودة إلى الكتابة اليدوية والقراءة الورقية ليست مجرد حنين إلى الماضي، بل خطوة مدروسة لتعزيز مهارات التفكير النقدي والفهم العميق.

يؤكد د. فرانك رودجرز، أستاذ علم النفس التربوي في جامعة أوبسالا:

القراءة الورقية تفعّل مناطق في الدماغ مسؤولة عن التركيز والتحليل، أكثر مما تفعل القراءة عبر الشاشات. هذا له تأثير مباشر على قدرة الطفل على الفهم والتذكر.”

تحديات العصر الرقمي: استخدام واعٍ للتقنية

السؤال لا يدور حول إلغاء التكنولوجيا، بل حول كيفية دمجها دون الإضرار بالأطفال. المهارات الرقمية ضرورية لمستقبلهم، لكن استخدامها يجب أن يكون تحت إشراف مدروس.

تقول الباحثة إيلين نوردستروم، خبيرة في الصحة النفسية للأطفال: الاستخدام غير المنضبط للأجهزة يؤدي إلى عزلة اجتماعية ومشاكل في النوم. يجب أن نعلم الأطفال كيف يوازن بين الحياة الرقمية والحقيقية.”

نموذج السويد: هل يتكرر عالميًا؟

 عدد من الدول يراقب التجربة السويدية، ويتناقش حول إمكانية تبني نماذج مشابهة، فهل آن الأوان لنفكر نحن أيضًا بإعادة تقييم علاقتنا بالتكنولوجيا في المدارس؟ هل نضع مصلحة الطفل قبل الانبهار بالتقنيات الجديدة؟

 مسؤولية الجميع

التكنولوجيا ليست عدوًا، ولكن استخدامها غير الواعي قد يكون كذلك. ما فعلته السويد هو تذكير صريح بأن صحة الأطفال النفسية والعقلية لا يمكن أن تكون ثمنًا للتقدم التقني. فهل نملك الشجاعة لنفعل الشيء نفسه؟

________________

 *مستشارة أسرية 
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى