أخبار

أمسية ثلاثية تزيد “بيت الشعر” في الشارقة نألقاً

فرسان الفعالية: حسن النجار و وليد عبد الحفيظ و عبدالله العبد ووئام المسالمة

محمد عبدالله البريكي يتوسط المشاركين بعد تكريمهم من اليمين حسن النجار و وليد عبدالحفيظ و عبدالله العبد ووئام المسالمة

 

الحضور

 

الشارقة    –    “البعد المفتوح”:

أحيا الشعراء حسن النجار (الإمارات) ووليد عبدالحفيظ (مصر) وعبدالله العبد (سوريا) في “بيت الشعر” بالشارقة الثلاثاء 13 مايو 2025 ضمن فعاليات “منتدى الثلاثاء” أمسية شعرية متناغمة في الإبداع والشفافية قدمت لها الكاتبة وئام المسالمة التي رفعت أسمى آيات الشكر والعرفان إلـى راعي الثقافة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ووجهت التحية إلى دائرة الثقافة في الشارقة ممثلة في مديرها عبدالله العويس وإلى “بيت الشعر” في الشارقة ومديره الشاعر محمد عبدالله البريكي الذي حضر الأمسية، حيث غصت القاعة بجمهور من الشعراء والأدباء ومحبي الشّعر و الإعلاميين.

بدأت الأمسية بإلقاء الشاعر حسن النجار مجموعة من قصائده المسكونة بالعاطفة والإبداع . يقول في قصيدته “حزن بسيط”:

حزنٌ بسيطٌ.. وها قد مسَّ رقتَها

أجرى بما تثقلُ الأيامُ دمعتَها

كانت تخبئ شيئاً خلفَ ضحكتِها

بل خبَّأتْ كلَّ شيءٍ آهِ ضحكتَها

سماءُ بوحٍ يضيقُ الغيمُ دكنتَها

فكسَّرت دونَ قصدِ الماءِ جرتَها

ظلت تقولُ وفي العينينِ أغنيةٌ

تطولُ.. إذ كدَّستْ عمراً وغصتَها

ومن بصيصٍ من الآمالِ حيثُ مضتْ

تَشيدُ في زحمةِ الآلامِ شرفتَها

كانتْ هناكَ تُربِّي الضوءَ، تُطعمُهُ

وقودَ أيامِها.. تقتاتُ مهجتَها

كانت وكانت وضاقَ الكونُ أجمعُهُ

حتى رأت أبهجَ الألوانِ أبهتَها

لم تعرفِ الحزنَ إلا حينَ غادَرَها

عطرُ النهاراتِ والفقدانُ شتَّتَها

الفقدُ فاصلةٌ ما بينَ أزمنةٍ

مضتْ وبين زمانٍ  حانَ.. أفلتَها

للتيهِ.. للوجعِ الآتي.. مواسمُها

بدتْ خريفًا.. وصارَ الضيفُ وَحشتَها

كأنها حجرٌ يهوي.. فينبئُنا

صدى الحقيقةِ أنَّ القاعَ فتَّتَها

روحًا حطامًا وأيامًا ممزَّقةً

فأدمنتْ بعد طولِ الصبرِ عزلتَها

وأيقنتْ أنَّ يوماً ما سينقذُها

طوقُ الإيابِ بأنْ تجتازَ موجتَها

ومع نبرة الحزن التي تسود قصائده  يرى  “شمساً ما تشعُّ بذاتِهِ”. يقول في قصيدته “ديوان شمس تبريزي”:

حزينٌ.. وهذا النايُ بعضُ شفائهِ

تمزَّقَ روحاً من حنينِ لقائهِ

 يدورُ بهذا التيهِ عمرًا مسافراً

إلى سدرةِ المعنى وبابِ سمائهِ

 تفتحتِ الأبوابُ لحظةَ أن رأتْ

بصيرتُهُ أسرارَ ما في اصطفائِهِ

 غياباً عن الأنظارِ كان.. ولم يزلْ

بمعتكَفٍ يأوي بغارِ حرائِهِ

تراءتْ له العُزْلاتُ شهدًا وبلسمًا

وخبّّأَ في جنبيهِ نارَ اكتوائِهِ

 يُغلِّقُ دونَ الناسِ شرفةَ روحِهِ

فأسندَ ظهرًا قابعاً باكتفائِهِ

 ويمضي إلى شمسِ التساؤلِ حاملاً

كؤوسًا عِطاشًا.. يا لبُعدِ ارتوائِهِ!

 تُصبِّرُهُ أناتُ نايٍ تسرّبتْ

له من زُقاقِ الحيِّ بُرءاً لدائِهِ

 ترافقُهُ الآهاتُ صرخةَ عاشقٍ

تدانى له وصلٌ بكلِّ بهائِهِ

 وما بعدَهُ إلا سرابُ خيالِهِ

يزيدُ على الظمآنِ فوق بلائِهِ

غريباً بدونِ الضوءِ.. لاذَ بشمعةٍ

عسى أثرٌ منها لخيطِ اقتفائِهِ

 يظنُّ.. وبعضُ الظنِّ إثمُ محبةٍ

وكم خلَّفَ المعشوقُ بعد اختفائِهِ

 جوىً.. ومراراتٍ.. وكَسرةَ خاطرٍ

وقلبًا تهاوى!.. مَن له في انطفائه؟!

 جنوناً.. يطيرُ المستهامُ ولا صدىً

لخطوةِ من يهوى، دويِّ ندائِهِ

 يسيرُ بصحراءِ التوجُّدِ لاهثاً

على أملٍ.. لو لمحةٌ من ضيائهِ

 ستومضُ.. ما زالتْ رؤاهُ نديةً

لذلك لا يشكو لذيذَ عَيائِهِ

 تدورُ ثُمالاتُ اللقاءِ ببالِهِ

ومن خمرِ هذي الروحِ فيضُ اشتهائِهِ

 يؤولُ إلى صمتٍ.. صلاةَ مُدَلَّهٍ

تُكشِّفُ حُجْباً حيثُ طولُ انزوائِهِ

 يرى أنَّ شمساً ما تشعُّ بذاتِهِ

تمازجَ في المحبوبِ حتى فنائِهِ

 وأدركَ بعد البحثِ أن الذي ابتغى

توحَّدَ فيهِ فهْو ليس بتائِهِ

 ولكنَّ قلباً كان يشتاقُ نبضَهُ

وناياً صَبا شوقاً لأرض انتمائِهِ

ويمضي الشاعر وليد عبد الحفيظ منشدًا قصائد معبأة بالتأمل والتساؤل ، وهو الشاعر  الذي “يَختَارُ مِن وَعْرِ الجِبَالِ عَواصِمًا”في “بَرِّيَّةٌ آمِنَةٌ لِلعُزْلَةِ” قائلًا:

سَيزولُ ذِئبٌ فَارِكًا أَنيَابَهْ؛

غَيظًا،

وَلَنْ يَحكِي لَكُم أَسْبَابَهْ

وَتَزُول عَنْ فكَّيهِ أسئلةٌ

تؤَصِّلُ مذهبَ الصَّارُوخ وَالدَّبَّابَةْ

وَيقولُ، وهْوَ يَنُوحُ

– والقَهْرُ الذي لا يَنتَهِي أَبَدًا يَشُقُّ رُضابَهْ- :

مِن قَبلِ أَنْ يَلِدَ الضَّبابُ سماءَكم

كُنتُ انْتِشَاءَ سَنَابِلٍ بِسَحَابَةْ،

جَسَدِي – الذي يَغْبَرُّ- كَانَ مُخَضَّرًا

وَعَلى جَبِينِي تُزْهِرُ اللَّبْلابَةْ

وَجَعِي -الذي أَجْتَرُّ- مَحْضُ مِساحَةٍ

أَو فِكْرَةٌ فِي الرَّأسِ، دُونَ كتابةْ

يَمشِي إلى المُدُنِ الحِزينَةِ هَائِمًا،

مِن حُزْنِهِ، يَنْسَى الخُطَى الوَثَّابَةْ

يَختَارُ مِن وَعْرِ الجِبَالِ عَواصِمًا؛

لا بَيتَ فِيها؛ كَي يُغَلِّقَ بَابَهْ

وَيَنَامُ، وَالنَّجْماتُ تَحْرُسُ لَيلَهُ،

وَالصُّبحُ يَخلِطُ بالدُّموعِ سَرَابَهْ

: يا رَبُّ ..

لَمْ أرَ فِي الحَقِيقَةِ يُوسُفًا،

وَاسْأَلْهُ،

 لَوْ ذِئْبٌ أَرَاهُ لُعَابَهْ!

يا رَبُّ،

هَبْ لِي مِن لَدُنْكَ مَحَاكِمَ التَّفتِيشِ

فِي قُمصَانِه الجَذَّابَةْ

فَالكَائِناتُ – هُنا – تُلقِّنُ سِيرَتِي،

عِندَ المَسَاءِ لِطَبْلةٍ وَرَبَابَةْ

يَحْكُونَ بالمَهمُوسِ فِي آذَانِ بَعْضِهِمُ،

وَبَعْضٌ يُشهِرُ السَّبَّابَةْ

قَالوا بِأنِّي في العَشِيَّةِ لُكْتُهُ،

وَأَبُو الفَتَى-المِسكِينُ- ضَلَّ صَوَابَهْ !

بِبَسَاطَةٍ جِدًا:

أَلَمْ يَتَنَاولِ الرُّمَّانَ، فِي الَمرعَى؛ فَنَالَ ثِيابَهْ؟!

أَفَلَمْ يَقُولُوا:

يَا أَبَانَا لَا تَخَفْ

وَاتْرُكْه يَجْرِي؛ إِنَّنَا لَعِصَابَةْ؟!

يَا رَبُّ،

هَبْ لي مِن لَدُنْكَ لِسانَ نُطْقٍ؛

كَي أَقولَ لإخْوَةٍ:  كذّابةْ

إِنِّي تُحاصِرُنِي الجِهَاتُ بِوُسْعِهَا،

وَالكَونُ فِي عَيْنَيَّ رَأْسُ ذُبَابَةْ

قُولُوا لِيُوسُفَ

– عِندَمَا تَلْقَوْنَهُ

مِثْلَ النَّدَى فِي الصُّبْحِ، أَوْ مَا شَابَهْ –:

لِمْ أَتْرُكِ البُلْدانَ قَصْدَ نَقَاهَةٍ،

لَكِن نُزُوحًا،

أَو لِفَرْطِ كَآبَةْ

وفي قصيدته “قدَمٌ تَجْهَلُ خُطْوَتَها” يعرب عن معاناته ويبوح بمشاعره و وفضي بأن صوته الحر “يَشْكُو مِنْ تَآكُلِهِ”:

مُحَمَّلٌ بِرَحِيلٍ ما، وَ راحِلِهِ

وَوُجْهَتِي سائِلٌ يَشْكُو لِسائِلِهِ

– هَلْ أَنْتَ تَعْرِفُنِي؟!

لنْ نَلْتَقِي أَبَدًا؟

إِنَّا غَرِيْبانِ؛ كَالمَعْنَىٰ وَجاهِلِهِ.

كَآخِرِ الضَّوْءِ

    -عِنْدَ المَغْرِبِيَّةِ فِي

عَيْنِ الجَمِيلَةِ – لا يَدْرِي بِغَازِلِهِ

بَعِيْدَةٌ يا بُيُوتًا فُتُّها،

فَرَمىٰ  الـبَابُ لِكَفَّيَّ رَعْشًا مِنْ أَنَامِلِهِ

إِنَّ السَّمَاءَ عَلَىٰ عَيْنِيَّ ضَيِّقَةٌ،

وَصَوْتِيَ الْحُرُّ؛

 يَشْكُو مِنْ تَآكُلِهِ

يُسَائِلُ الطُّرُقاتِ اللَّوْلَبِيَِّةَ عَنْ

مَصَاطِبٍ ذَرَّفتْ مِنْ جُرْحِ كَاهِلِهِ

لَيْلٍ بِطَعْمِ الحَنِينِ امْتَدَّ؛ طَمْأَنَةً،

سَنَابِلُ القَمْحِ نَامَتْ فِي حَواصِلِهِ

لَيْلٍ ثَقِيلٍ، عَدِيمِ القاعِ،

جَوْهَرُهُ

يَسْتَلْضِمُ النُّورَ مِنْ فَوْضَىٰ مَشَاعِلِهِ

يَمْشِي؛

وتَصْرُخُ

فِي خُطْواتِ آدَمِهِ

المَطْرُودِ

-ِفي زِيِّهِ، لا فِي مَشَاكِلِهِ-

سِنِينُهُ،

وَهْوَ فِي الأَوْجاعِ مُضْطَجِعٌ:

الخيطَ عنْ هَمٍّ و حَامِلِهِ مَن يَقْطعُ

يَكَادُ..

 مِنْ فَرْطِ أَوْجَاعٍ تَلُوذُ بِهِ ؛

يَنْسَىٰ مَرَاوِدَ؛ تَصَدَا فِي مَكَاحِلِهِ!

يَا رَأْسَهُ

قُلْ سَرِيرٌ،

مِنْ مُهَارَشَةِ الأَيَّامِ؛

سَابَتْ أَزِيْزًا فِي مَفَاصِلِهِ

فِي اللَّا وُصُولِ تَرَامَىٰ،

لَا وُقُوفَ لَه؛ُ

كَأَنَّهُ حَجَرٌ فِي سُورِ “بَابِلِهِ”

لَمْ يَلْتَفِتْ،

 هَلْ لِقُدَّامٍ تَسِيرُ بِهِ،

خُطْواتُهُ،

 أَمْ تَمَشَّىٰ نَحْوَ دَاخِلِهِ

وكان آخر شعراء الأمسية الشاعر عبدالله العبد فألقى عددًا من قصائده التي تشف عن شاعر مرهف فضلُا عن طلاقته وقوته في  الإلقاء . بقول:

لأنك مصباح المصابيح كلها
يقولون: لا ندري إذا البرق يبرقُ

وكفكَ في الصحراء تشبه غيمةً
على أي غصنٍ مسَّدتْ يتورقُ

تمرُّ على شبه الجزيرة كلها
فترتقُ أرضاً وجهها يتفتقُ

محاصرةٌ في رقعة القوم مهجتي
ولم يبق لي في خندق الجند بيدقُ

واختتمت الأمسية بصعود الشاعر محمد عبدالله البريكي إألى المنصة حبث كرّم الشعراء ومقدمتهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى