أخبار

“مؤلفات الأطفال بين الشغف الذاتي والتأثير الخارجي” في “صالون الشارقة الثقافي”للمكتب الثقافي في المجلس الأعلى للأسرة  

الشارقة    –    “البعد المفتوح”:

شاركت د.بديعة الهاشمي_ اختصاصية أدب أطفال، وأميرة المرزوقي رئيسة قسم الاستشارات النفسية والأسرية _إدارة التنمية الأسرية وفروعها، وجواهر الكعبي_مديرة برامج الآداب واللغات_مؤسسة “ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين” في “صالون الشارقة الثقافي” الذي نظمه المكتب الثقافي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة بعنوان “مؤلفات الأطفال بين الشغف الذاتي والتأثير الخارجي”،  في مسرح المجلس.

أدارت جلسة الصالون الأديبة نجيبة الرفاعي، وناقشت الندوة محاور عدة منها تساؤل حول الكتابة للطفل، أيهما الأفضل الأدب الذي كُتب للطفل أم الذي كتبه الطفل بنفسه؟ وهل تعتبر القصص التي كتبها الأطفال ونشرت بالفعل، إضافة للأدب المحلي والعالمي أم مجرد تجارب طفولية لا ترقى لمستوى الكتابة الأدبية الإبداعية؟

د.بديعة الهاشمي قالت في حديثها إن تحديد الأفضلية غير مرتبط بكاتب القصة، بل بمدى تحقيقها لمعايير كتابة القصص خاصة سلامة اللغة وهذه الظاهرة موجودة قبل سنوات، ولكنها اليوم ظهرت بشكل أكبر بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وعلينا أن نكون حذرين عند نشر كتاب خاص بطفل، فنحن هنا نحمّل الطفل مسؤولية كبيرة، فعليه عندها أن يواجه الجمهور ويجيب عن تساؤلاتهم ويتقبل النقد دون أن يتأثر بشكل سلبي، ويجب أن تتوفر لدى الطفل الرغبة الحقيقية في الكتابة والنشر، ويتضمن عمله شروطاً محددة ومعايير وأفكار مؤثرة وقيماً ومعاني، وأكدت أن الكتابة وسيلة من وسائل التعبير، وشكل من أشكال الموهبة كالرسم مثلاً أو الموسيقى، ويجب أن نقدر موهبة الطفل ونصقلها ونشجعه وندعمه، ولكن يمكنه أن ينشر مثلاً ضمن نطاق ضيق ومحدد كالمدرسة أو المجلات المخصصة للطفل، ولكن إصدار كتاب باسمه يضعه تحت ضغوط ومسؤوليات تفوق سنوات عمره، مشيرة إلى أن تدخل الأهل أو دور النشر في بعض القصص المنشورة يكون واضحاً ،خاصة إن عجز الطفل عن مجاراة ما نشر له في مقابلات إعلامية، كما أن تدخل الأهل يفقد النص عفويته ومصداقيته.

 أميرة المرزوقي قالت في مداخلتها : “يمتلك الطفل حصيلة لغوية كافية لتأليف قصة من عمر ست سنوات، ولكن النشر المبكر، ووضع الطفل تحت أضواء الشهرة في عمر صغير، له بلا شك سلبيات تفوق الإيجابيات، خاصة مع وجود ضغوط نفسية على الطفل من قبل الأهل الذين يرغبون في رؤية طفلهم مشهوراً، وصاحب كتب ومؤلفات، فالطفل عندها سيحمل عبئاً يفوق سنوات عمره، ولن يعيش عمره الحقيقي، وسيحمل معه هذه التأثيرات السلبية حتى بعد أن يكبر، خاصة إن لم يكن يمتلك الدافع الحقيقي للكتابة والنشر، بل هو ينفذ رغبات والديه فقط، وأي نقص أو نقد سلبي أو فشل سيدفع الطفل للعيش في قلق وتوتر مستمرين، وسيشعر باستمرار بالاحباط، وبالمقابل وصول الطفل للأضواء والشهرة في سن مبكر سينعكس بالسلب على شخصيته، فنحن نبحث عن الوسطية لتحقيق التوازن لنفسية الطفل، فالشهرة ترفع من تقديره لذاته لدرجة تصل به إلى الغرور، وهذا أمر مرفوض، لذا يجب عدم التسرع في النشر والسيطرة من قبل الأهل والامساك بزمام الأمور لتحقيق التوازن بين غرس القيم والأخلاق في الطفل وبين تنمية وصقل مواهبه، والحد من هوسه بالشهرة وحب الظهور، فدور الأسرة مهم جداً لدعم الطفل، ولابد وأن ننشر الوعي بين الأسر بكيفية التعامل بشكل تربوي مع الأطفال والعمل على تنمية شخصيتهم وإبعادهم عن صدمات الطفولة النفسية التي تكبر معهم للأسف وتنعكس بالسلب على كافة تفاصيل حياتهم.

و ذهبت جواهر الكعبي إلى أنه لا ينبغي الضغط على الطفل أو دفعه للكتابة والنشر إن لم يتوفر لديه دافع ذاتي، وفي حال وجود هذا الدافع يجب تشجيع الطفل على تنمية موهبته من خلال تكثيف القراءة وحضور ورش الكتابة والقراءة والنشر في مجلات الأطفال، وتجنب إصدار كتاب في عمر صغير، تجنباً لسلبيات الشهرة، مؤكدة أن الكتابة وسيلة ممتازة للتعبير عن النفس والمشاعر، وتجربة يكتشف الشخص فيها نفسه، والكاتب بعد النشر يشارك أفكاره مع الآخرين ويستفيد من نقدهم وآرائهم، وبالتالي يمكننا اعتبار أي كتاب منشور هو نتاج نهائي وضع تحت مجهر النقد سواء الإيجابي أو السلبي، والنقد هو نقد أدبي وليس تربوي أو تعليمي، وبالتالي سينعكس بالسلب على نفسية وشخصية الطفل الكاتب، لأنه في مرحلة يحتاج للتربية والتعليم، ولكننا حين وضعناه في مصاف الأدباء والكتاب أفقدناه الكثير من عناصره الطفولية وعفويته وحرم من حقوقه كطفل، فالطفل يحتاج لبيئة صحية سليمة لا تنتقد بل تشجع وتدعم، و لفتت إلى “أن علينا تحقيق التوازن بين شغف الطفل بالنشر والشهرة وبين تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية”، وأضافت موضحة: “من واقع تجربتي أؤكد أن الطفل الذي نشر كتاباً يرفض عادة الالتحاق بورش ودورات الكتابة حيث يرى نفسه وصل للقمة ولم يعد بحاجة للتعلم واكتساب المزيد من الخبرات، بينما في الواقع نحتاج نحن سواء كنا كباراً أو صغاراً للتعلم باستمرار. وأكدت أن وجود دور نشر تجارية تهدف لتحقيق الربح فحسب يفاقم من المشكلة، حيث لا تهتم هذه” .

في نهاية الجلسة تم فتح باب المداخلات والتساؤلات من الجمهور، حيث تحدثت سعادة نورة  أحمد النومان، رئيس المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، فقالت: “لابد وأن تلعب الأسرة دورها الإيجابي في تنمية شخصية الطفل وتعزيز ثقته بنفسه والرضا عن ذاته، ومنحه شعور الانجاز والتفوق والنجاح، ولكن ضمن حدوده كطفل، لا ينبغي للأهل أن يدفعوا الطفل ليعيش عمراً وتجربة تفوق سنوات عمره، فابتسامته عندها ستكون مزيفة وسعادته مزيفة وشهرته مزيفة، فلابد من وجود توصيات لكافة المؤسسات المعنية بالطفل والأسرة لنشر الوعي لتحقيق التوازن بين دعم وصقل مواهب الأطفال دون التأثير على نفسيته وشخصيته”.

و شاركت سعادة صالحة عبيد غابش، رئيس المكتب الثقافي، قائلة: “من واقع تجربتي في عالم الأدب، وبعد أن كتبت في مختلف ألوانه من الرواية والقصة والشعر والمقال وقصص الأطفال، أؤكد أن أصعب أنواع الكتابة هي الكتابة للطفل، لأن الطفل صادق في مشاعره وواضح في أفكاره وقراراته ولن يجامل، فقد يقبل كتاباً وقد يرفضه، فكيف إن أصبح هو الكاتب بل والناشر أيضاً، فالذي دفعنا في المكتب الثقافي لطرح هذه التساؤلات حول كتابات الطفل، هو وجود دار نشر باسم ناشرة صغيرة، ونحن كأدباء وناشرين ندرك صعوبة هذا المجال، فكيف نضع طفلة تحت كل هذه المسؤوليات والضغوط لتسرق منها طفولتها، فاحساس الطفل أنه تحت الأضواء ينعكس سلباً على نموه النفسي، وكوني أملك مجلة ودار للنشر أتعامل باستمرار مع أولياء الأمور، وألاحظ أن بعض الأمهات بالفعل يوجهون الأطفال للطريق الذي يرسمونه هم، ليحققن ما يحلمن به من خلال الطفل، الذي تكون ابتسامته مصطنعة، ونفسيته مضطربة”.

و أكدت سعادة موضي الشامسي، رئيسة إدارة التنمية الأسرية وفروعها_ ضرورة الاهتمام بالمنظومة التعليمية لنشر التوعية بأهمية القراءة والكتابة من خلال حصص التعبير التي تصقل المواهب وتضاعف الحصيلة اللغوية لدى الأطفال وتساعدهم على تعزيز ثقتهم في نفسهم وتنمي مواهبهم بعيداً عن سلبيات الشهرة المزيفة، فلابد من نشر الوعي بين الأطفال والأسر من خلال المدرسة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى