أخبار

“مذكر غير سالم” إصدار للأديية جمانة نجار

بيروت    –    “البعد المفتوح”:

صدرت للأديبة اللبنانية جمانة شحود نجار في بيروت مجموعة شعرية بعنوان “مذكر غير سالم”، وتضفي الكاتبة على المجموعة مسحة من الفكاهة الدالة من مثل قولها إن جدتها كتبت الصفحة الأولى وهي -حفيدتها- أكملت الكتاب. تقول في كلمتها:

“تحـذير تـمهيدي لمن تـسوّل لـه نـفـسه بـالقـراءة

هـذا الكـتاب مـلعون، ليـس مـجازًا، بل حـرفيًا.
فـإن كنت مـن محبّي الألغاز والأحـجيات، لكـنك لا تـجيد رمـي النرد و الـتحرك بـسرعة… تــوقف.

مـا بيـن يـديك ليـس كتـابًا، بـل تـعويذة تـوقظ لـعنة نـائـمة للــعبة قـديمة… اسمهـا جومانـجي فيهـا لـوح سـحري لـم يتوقف عــن الـطنين مـنذ الكــذبة الاولى

جـدي لـم يكـن مـجرد كـاتب للعبة وحـسب.. بـل كـان شـاهدًا على لعنتهــا و أوّلَ الـموسـومين بهــا
كـتبها بـاسـم جـدّتي جومانـجي لا حـبًــا… بـل اتقــاءً لـشـرّها.
كـانت امـرأة لا تُروى فـي الأساطير، بـل تُسـتحضر كــ تحذير، ولأنـه أجبنُ مـن أن يواجهَ كائــناً أنثوياً شـهق فيه الــظلم حـتى اخـتنق دوّن اللـعبة بعد أن خـان القصة ،زيّـف الحكاية، و دفـنَ أسرارها في الحديقة، لكـنّ اللـعبة لــم تكـن خرافة… كانت بـوّابة مفخخة
كــلُّ حجـرٍ فيهـا نُقش من صرخـةِ امـرأةٍ نُسـيت
كـلّ تلّــةٍ عظـامٍ كوّمتها ذاكـرةُ العـشّاق بــعد الــشبعِ
أسـاسُ اللـعبة لـم يكـن المغـامرة، بـلِ النـساءُ اللـواتي ظُـلمْن نـساءُ باعتْ بعضهنّ أرواحهنّ للشيطان،لارغبةً فـي الخلود بــل نجاةً مــن الانطفاء.
وحـدها جـدتي فـهمت اللعبةَ، فـألقتْ عـليه اللــعنة ..
اسـمي* جُمان* ولـستُ بريئة كمـا يـوحي شـكلي .
أنــا الـوريثةُ الـشرعيةُ الـتي لــم تُـذكَر فـي الأســاطير.
حـفيدة* جومانـجي* جـدتي الأولى حـذفت الـ”جي” مـن آخر اسـمي، لا لـتخفيف اللــفظ بـل لـتخفيف الـرعب مـن قـلوب الرجال و منحهـم فـرصةً للـهرب قبل الـسَّردِ، فـلا أحـدٌ يـقبلُ امــرأةً تحـسنُ كتابـةَ اللــعنة.جـدتي كــتبتِ الصفحة الأولى… وأنا أكملتُ الكتاب لأفكَّ أختامَ القصص المدفونة، و مـا بين الــبداية والنهــاية.. سـينهضُ الـحبرُ نــساءً ، نـساءً من أسـرارك المـاضيات.
مــا تـقرأه الآن ليــس ديـوانَ شـعـرٍ بـل طقوسَ اسـتحضار لا خفافيـشَ هنــا، ولا كــنوزَ مـخـفية
بـل ذكـرياتٌ لـفتوحاتك النـسائية فـي الغـرف المغــلقة. .
هـنــا ، كـلّ قصيدة ستفتح سـجنًا وسراديبَ لسـبايا حبستهنّ فيـك، وسـيـسمع قـلبك وقــعَ كــعوبٍ خـرجت مـنك .. واحـدة واحـدة.

ابــدأ مـهمتك الأولى:
ابحـثْ عــن اسـم كـلّ امـرأة مخفية كـأحجيةٍ داخـل العنـاوين.
الكـتابُ لا يـملك قواعد ثابتة، وكـلّ كلمةٍ فيـه هـي بــوّابة لعالمٍ آخر
احـــذرْ…لقـد تـم رمــي الـنرد
اكـشفِ اللـغزَ لتتـحركَ خـطوة إضـافية
اللعـبة قــد ابتدأت.                                                     هـذه اللـعنة قـد تسبب لك أعـراضًا جـانبية:
دوارَ الـمفاهيم، هـلوسةً فـي الــضمير،
و ربـما رغبةً مفـاجئةً بـالاعتذار مـن كـلّ أنثى نسيتَ اسـمها بـعد منتصف اللذة.                                         إلـى مـن يظن أني أكـتب عـن الحب: يــالك مـن ساذج.. مـا أكتبه ليـس عـن الـحبّ ولا عـن الـكراهية
بـل عـنِ الجنـون الـذي يـولد بينهما.
هنـا لا تـوجدُ نـســاءٌ جـميلات يـرتدينَ فـساتين ضيقـة
ولا رجـالُ مـثيرون بقمصـانٍ مـفتوحة بــل ذكـرى مسـتديرة لــمذكّر غــيرِ ســالم.
طفــلٌ كـبرَ بين الــضمائر الـمرفوعة ثـم فـشـلَ فـي إعـرابِ امـرأة.                                                             إن كـنتَ مـن أولـئك الـذين يـشهرون الأقلامَ كخناجرَ فـي وجهِ النصوص النـسوية، أو كـباحـثٍ عـن حــبّ أسـطوريّ بنهاية ديـزني أو مـن الذين يحبـّون النـساء لـيلاً ويكـرهون أصواتهن في الـنهار،أو جــئت لـتفهمني.. أغـلقْ هــذا الكـتاب فــورًا واركضْ نـحو قـطيعك. هـذا الــديوان مـسـموم.
يـشهق ويـنزف ويـعضُّ،  وإن سـقط َعــن الرفّ… لـن يـسامحـك.                                                                   لا تــوجد فـيه قـصائدُ، بــل بـلاغاتُ تـوقـيف.
أنتَ مـتهمٌ. وكــلّ كـلمةٍ فيـه محكمة.
لا تــلمِ الأوراقَ… إنهـا تحمـل لعنتي لا أكـثر.             إلـى القارئ العزيز:
إنْ راودكَ شـكٌّ بـأنكَ الـمقصود… فـأنت كـذلك.
إلـى كـلّ مـن ساهم في صنـاعةِ هـذه الفوضى:
إلـى الـمذكر غير السالـم…
أهـديك كـتابي لا لأنـك جــديرٌ بـه، بـل لأنكَ مـوضوعه هــذا ليـس بيانَ حـربٍ…إنـهُ كـتابُ فضـائحَ مـطرّزٍ بـالبلاغة.
لا يـصلحُ لأنْ يُـقــرأ وأنتَ جـالس.
افتحـه واقفًـًا، أو راكعًًـًا، أو مرتجفًـًا.
اقــرأه بعينٍ واحـدةٍ وفـمٍ مغلق، و لاتنـسَ أن تـديرَ لـه خـدّكَ الأيـسـر، فــكلُّ قـصيدةٍ فــيه صـفعة، وكــلّ سـطرٍ فـخ.                                                              إلـى الـحبّ: أهــديكَ كــُفْري بـك
لـقد متُّ فـيك مـائة مـرة، وفـي كـلّ مـرةٍ كـنتُ أنـجو بقلـبٍ مثقوب.
أعـيدُ تـغليفه كــ قنبلة لا كــ هدية.
كـنت كـذبتي الأجمـل ووحـدكَ عـلمتني أنّ النزيفَ إذا تـأنــسنَ وتـفلـسفَ صـار شـعرًا.
أنـا لا أكـرهك…لـكـنني فـقط لـم أعـدْ أؤمـن بـخلاصٍ يـأتي عـلى شكـل قِــبلة، ولا بـحبّ يـبدأ بـ جوع وينتـهي بــ كارثة.                                                      إلـى أمـي التي ظنتْ أني بحـاجةٍ إلـى زوجٍ أكـثرَ مـن قصيدة:
سامـحيني، لقـد خنتُ الوصايا هـا أنـا أنـام على سـريرٍ مـن الورقِ وحـدي
وأكـتبُ كي لا تتحـولَ أعضائي إلـى أوثـانٍ فـي فتـاوى الليـل.
الـرجلُ لــم يكـنْ عـمود َالـبيت
الـبيتُ انهــارَ على رأسي عـندما دخـلَه على أطـرافِ خيبته
وضبطني أخــونه فــي حـضن قـصيدةٍ لـنزار
والشــبابيك مـقفلة ، والـشـيطانُ يـعدُّ لنـا كـأســين.
الـبيتُ انهـار و ظــلّ الـعمودُ واقـفًــا للـتصفيق.       *إلـى الرجل الـذي يحبّني الآن، والـذي سـيخونُني لاحقًـا: *
إنْ ظـننتَ أنّ هـذه الكلمات لـن تلـسعكَ… فـأقرأها عــارياً
أهـديكَ كـلّ ألـمٍ لـم تفهمه، وكـلّ اسـتعارة ٍنـزفتها لأسـتركَ.

هـذا الكـتابُ مـلعون.
الـنصُّ فـيه لا يربتُ عـلى قـلبك، بـل يـشربُ قهوتـك، يدخـنُ شـكّك،
ويـرتفعُ حـاجبه الأيـسرُ حـين تظنُّ أنـك فهمتني. ثـم يقلبُ الصفحة وحـده.                                                  إن قـرأتهُ وظننتَ أنني أكـتبُ لك…فـلا تـقلق، هـذه خـدعة بـلاغية، كـتبتُ بأظافرِ امـرأةٍ لـم تُـقصّْ مـنذ الـخيانة. البكر، فـإنْ كـانت خرمـشةُ الـمخالبِ الـحمراءِ تثير حــساسـيتكَ…تـصفّحهُ بحـذر.
هـذا الـكتابُ غـير مـرفقٍ بعلبة ضمادات.
لا تـدفنهُ فـي الـحديقة لا تـوصِ بـه أصـدقاءك
أدخـلهُ إلـى بيتـك عـلى مـسؤوليتـك  لأنـه يـصدرُ أصـواتـًا غــريبةً فـي اللـيل”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى