مقالات

بين العامية والفصحى (26) د. أحمد الزبيدي         –         الإمارات 

"أباطيل وأسمار"  (4) تهافت محمد شحرور في تأويل القرآن

 

د. أحمد الزبيدي

 

   قال شيخ المعرة رحمه الله:

هل صَحَّ قَولٌ مِنَ الحاكي فَنَقبَلَهُ

أَم كُلُّ ذاكَ أَباطيلٌ وَأَسمارُ

أَمّا العُقولُ فَآلَت أَنَّهُ كَذِبٌ

وَالعَقلُ غَرسٌ لَهُ بِالصِدقِ أَثمار

من غير شك أن محمد شحرور بنى كتابه (الكتاب والقرآن) على أساس جرفٍ هارٍ من التأويل، وأصل “رارْ”* من التهويل، وقد عرّفناك -من قبلُ- كيف يكون التأويل الصحيح، وكيف يكون التفسير المليح، والفرق بينه وبين التأويل الشحروري القبيح؛ الذي يقوم على التشهي، والتمني، ويميل مع الريح!

ومع ما ذكرنا في المقالات السابقة عن جهل شحرور بشكل عام، وجهله الشديد باللغة العربية، ما جعله -باعترافه هو- يستعين لُغوياّ بزميله دك الباب على تأليف كتابه، مع كل ذلك فإنه يظن نفسه من العلماء الراسخين الذين وقفوا أنفسهم على تأويل القرآن ومعرفة حكمه وسره الدفين .

 ففي كتابه (الكتاب والقرآن) – ص 191-، يفسر قوله تعالى : {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} بأن الراسخين في العلم: هم الذين يحتلون مكان الصدارة بين العلماء والفلاسفة؛ أمثال البيروني، و الحسن بن الهيثم، وابن رشد، وإسحاق نيوتن، وآينشتاين، وتشارلز داروين، وكانط، وهيغل.

وقد فسر قوله هذا بعد ذلك في لقاءات تلفزيونية متعددة. يقول: “إنّ القرآن رسالة عالمية، ورسالة خاتمة، يجب أن يلائم كافة الناس، مثل الياباني والأمريكي وغيرهم. وعلى النص أن يكون مواكبًا لجميع التطوّرات”.

 ويريد من هذا الكلام أن يجعل القرآن تابعًا لا متبوعًا، فبدلًا من كون القرآن هو المرجع والمفزع عند التنازع ؛ لأنه مصدر القيم، والأحكام، والقوانين، والإلزام، يجعله تابعًا للأهواء البشرية المتغيرة، وفي سبيل ذلك يلجأ إلى ليّ أعناق النصوص .

وإذا كان المفسرون عبر العصور، وعلى رأسهم معلم الخير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أول ما يفزعون في تفسير القرآن إلى القرآن، فإن شحرور ضرب بذلك كله عرض الحائط، وزعم-كذبًا وزورًا- أنه اعتمد على “الجذر اللغوي”، في تفسيره القرآن.

فآية: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}. (آل عمران: 14). في رأيه تتحدث عن “متاع”، وكلمة “متاع” في نظره أشياء، وحاجات. وهي لا تتحدث عن شيء عاقل، وكلمة “نساء” في الآية لا يمكن أن تكون جمع امرأة، لأن النساء هنا-بزعمه- جمع “نسيء”، والنسيء هو التأخير. ومن ثمّ فإن المعنى الصحيح هو الأشياء المؤخّرة، و الحديثة والجديدة، والمحببة إلى الناس، وبنتهي بعد هذه الحَزُّورة إلى الحل وهو (الموضة).

وهذا الهذيان، وهذه السمادير، وهذه الأباطيل لا تصدر إلا عن رجل أسرف في شرب الخمر، وأفرط في تدخين الحشيش.  قال الشاعر الجاهلي:

وَنَشْرَبُهَا فَتَتْرُكُنَا مُلُوكاً

وَأُسْدَا مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ

ويضيف المفسر شحرور؛ بإنّ الآية تخبر عن جميع الناس، وليس العرب وحدهم وإنما جميع الأجناس، والخبر صادقٌ، لذا يجب أن يفسر قول الله تفسيرا يلائم أحوال العالم الراهنة، والشيء الجديد الذي تتفق كل الشعوب على حبه، فهو محبوبٌ عندهم، أثير لديهم، وهو هنا-كما تقدم- هي (الموضة).

ونظرة واحدة إلى تفسير الآية عند المفسرين، ومقارنتها بهذيان هذا المسكين تريك بشكل واضح جهل الرجل وحماقته، واستخفافه بهذه القطعان التي تلهث خلفه على غير هدى ولا كتاب منير!

وسنختار من بين التفاسير كتاب (مفاتيح الغيب) للإمام الفخر  الرازي، لنرى الفرق بين إمام مفسر وجاهل مُكسّر!!

 قال الإمام الرازي: وفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:

المسألة الأولى: روينا أن علقمة النصراني اعترف لأخيه بأنه يعرف صدق محمد صلى الله عليه وسلم في قوله إلا أنه لا يقر بذلك خوفَا من أن يأخذ منه ملوك الروم المال والجاه، وأيضًا روينا أنه عليه الصلاة والسلام لما دعا اليهود إلى الإسلام بعد غزوة بدر أظهروا من أنفسهم القوة والشدة والاستظهار بالمال والسلاح، فبين الله تعالى في هذه الآية أن هذه الأشياء وغيرها من متاع الدنيا زائلة باطلة، وأن الآخرة خير وأبقى.

القول الثاني: وهو على التأويل العام أنه تعالى لما قال في الآية المتقدمة {والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} ذكر بعد هذه الآية ما هو كالشرح والبيان لتلك العبرة وذلك هو أنه تعالى بين أنه زين للناس حب الشهوات الجسمانية، واللذات الدنيوية، ثم إنها فانية منقضية تذهب لذاتها، وتبقى تبعاتها، ثم إنه تعالى حث على الرغبة في الآخرة بقوله {قل أأنبئكم بخير من ذلكم} [آل عمران: 15] ثم بين طيبات الآخرة معدة لمن واظب على العبودية من الصابرين والصادقين إلى آخر الآية.

المسألة الثانية: اختلفوا في أن قوله: {زين للناس} من الذي زين ذلك؟ أما أصحابنا فقولهم فيه ظاهر، وذلك لأن عندهم خالق جميع الأفعال هو الله تعالى وأيضا قالوا: لو كان المزين الشيطان فمن الذي زين الكفر والبدعة للشيطان، فإن كان ذلك شيطانا آخر لزم التسلسل، وإن وقع ذلك من نفس ذلك الشيطان في الإنسان فليكن كذلك الإنسان، وإن كان من الله تعالى، وهو الحق فليكن في حق الإنسان كذلك، وفي القرآن إشارة إلى هذه النكتة في سورة القصص في قوله: {ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا}. [القصص: 63] .

أما المعتزلة-بعضهم- فالقاضي نقل عنهم أن المزين لهذه الأشياء هو الله واحتجوا عليه بوجوه:

 أحدها: أنه تعالى كما رغب في منافع الآخر فقد خلق ملاذ الدنيا وأباحها لعبيده، وإباحتها للعبيد تزيين لها، فإنه تعالى إذا خلق الشهوة والمشتهى، وخلق للمشتهي علمًا بما في تناول المشتهى من اللذة، ثم أباح له ذلك التناول كان تعالى مزينًا لها.

 وثانيها: أن الانتفاع بهذه المشتهيات وسائل إلى منافع الآخرة، والله تعالى قد ندب إليها، فكان مزينًا لها، وإنما قلنا: إن الانتفاع بها وسائل إلى ثواب الآخرة لوجوه:

 الأول: أن يتصدق بها.

 الثاني: أن يتقوى بها على طاعة الله تعالى.

 الثالث: أنه إذا انتفع بها وعلم أن تلك المنافع إنما تيسرت بتخليق الله تعالى وإعانته صار ذلك سببا لاشتغال العبد بالشكر العظيم، ولذلك كان الصاحب بن عباد يقول: شرب الماء البارد في الصيف يستخرج الحمد من أقصى القلب، وذكر شعرًا هذا معناه.

 الرابع: أن القادر على التمتع بهذه اللذات والطيبات إذا تركها واشتغل بالعبودية وتحمل ما فيها من المشقة كان أكثر ثوابا، فثبت بهذه الوجوه أن الانتفاع بهذه الطيبات وسائل إلى ثواب الآخر.

 الخامس: قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا}. [البقرة: 29] وقال: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}. [الأعراف: 32] وقال: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} [الكهف: 7] وقال: {خذوا زينتكم عند كل مسجد}. [الأعراف:31] وقال في سورة البقرة {وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم}. [البقرة: 22] وقال: {كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} [البقرة: 168]، وكل ذلك يدل على أن التزيين من الله تعالى، ومما يؤكد ذلك قراءة مجاهد زين للناس على تسمية الفاعل.

المسألة الثالثة: قوله حب الشهوات فيه أبحاث ثلاثة:

البحث الأول: أن الشهوات هاهنا هي الأشياء المشتهيات سميت بذلك على الاستعارة للتعلق والاتصال، كما يقال للمقدور قدرة، وللمرجو رجاء وللمعلوم علم، وهذه استعارة مشهورة في اللغة، يقال: هذه شهوة فلان، أي مشتهاه، قال صاحب «الكشاف» : وفي تسميتها بهذا الاسم فائدتان: إحداهما: أنه جعل الأعيان التي ذكرها شهوات مبالغة في كونها مشتهاة محروصًا على الاستمتاع بها.

 الثانية: أن الشهوة صفة مسترذلة عند الحكماء مذمومة من اتبعها شاهد على نفسه بالبهيمية، فكان المقصود من ذكر هذا اللفظ التنفير عنها.

البحث الثاني: قال المتكلمون: دلت هذه الآية على أن الحب غير الشهوة لأنه أضاف الحب إلى الشهوة والمضاف غير المضاف إليه، والشهوة من فعل الله تعالى، والمحبة من أفعال العباد وهي عبارة عن أن يجعل الإنسان كل غرضه وعيشه في طلب اللذات والطيبات.

البحث الثالث: قال الحكماء: الإنسان قد يحب شيئا ولكنه يحب أن لا يحبه مثل المسلم فإنه قد يميل طبعه إلى بعض المحرمات لكنه يحب أن لا يحب، وأما من أحب شيئا وأحب أن يحبه فذاك هو كمال المحبة، فإن كان ذلك في جانب الخير فهو كمال السعادة، كما في قوله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام {إني أحببت حب الخير}. [ص: 32] ومعناه أحب الخير وأحب أن أكون محبا للخير، وإن كان ذلك في جانب الشر، فهو كما قال في هذه الآية فإن قوله {زين للناس حب الشهوات} يدل على أمور ثلاثة مرتبة:

 أولها: أنه يشتهي أنواع المشتهيات.

 وثانيها: أنه يحب شهوته لها.

 ثالثها: أنه يعتقد أن تلك المحبة حسنة وفضيلة، ولما اجتمعت في هذه القضية الدرجات الثلاثة بلغت الغاية القصوى في الشدة والقوة، ولا يكاد ينحل إلا بتوفيق عظيم من الله تعالى، ثم إنه تعالى أضاف ذلك إلى الناس،وهو لفظ عام دخله حرف التعريف فيفيد الاستغراق، فظاهر اللفظ يقتضي أن هذا المعنى حاصل لجميع الناس،والعقل أيضًا يدل عليه، وهو أن كل ما كان لذيذا ونافعا فهو محبوب ومطلوب لذاته واللذيذ النافع قسمان: جسماني وروحاني، والقسم الجسماني حاصل لكل أحد في أول الأمر، وأما القسم الروحاني فلا يكون إلا في الإنسان الواحد على سبيل الندرة.

وأما قوله تعالى: {من النساء والبنين} ففيه بحثان:

البحث الأول: {من} في قوله {من النساء والبنين} كما في قوله {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} [الحج: 30]، فكما أن المعنى فاجتنبوا الأوثان التي هي رجس فكذا أيضًا معنى هذه الآية: {زين للناس حب النساء} وكذا وكذا التي هي مشتهاة.

البحث الثاني: اعلم أنه تعالى عدد هاهنا من المشتهيات أمورا سبعة؛ أولها: النساء وإنما قدمهن على الكل لأن الالتذاذ بهن أكثر، والاستئناس بهن أتم ولذلك قال تعالى: {خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}. [الروم: 21] ومما يؤكد ذلك أن العشق الشديد المفلق المهلك لا يتفق إلا في هذا النوع من الشهوة.

المرتبة الثانية: حب الولد: ولما كان حب الولد الذكر أكثر من حب الأنثى، لا جرم خصه الله تعالى بالذكر، ووجه التمتع بهم ظاهر من حيث السرور والتكثر بهم إلى غير ذلك.

واعلم أن الله تعالى في إيجاد حب الزوجة والولد في قلب الإنسان حكمة بالغة، فإنه لولا هذا الحب لما حصل التوالد والتناسل ولأدى ذلك إلى انقطاع النسل، وهذه المحبة كأنها حالة غريزية ولذلك فإنها حاصلة لجميع الحيوانات، والحكمة فيه ما ذكرنا من بقاء النسل.

المرتبة الثالثة والرابعة: القناطير المقنطرة من الذهب والفضة وفيه أبحاث:

البحث الأول: القنطار مال كثير يتوثق الإنسان به في دفع أصناف النوائب، وحكى أبو عبيد عن العرب أنهم يقولون: إنه وزن لا يحد، واعلم أن هذا هو الصحيح، ومن الناس من حاول تحديده لكنا تركناها لأنها غير مقصودة بحجة البتة.

البحث الثاني: {المقنطرة} منفعلة من القنطار، وهو للتأكيد، كقولهم: ألف مؤلفة، وبدرة مبدرة، وإبل مؤبلة، ودراهم مدرهمة.

البحث الثالث: الذهب والفضة إنما كانا محبوبين لأنهما جعلا ثمن جميع الأشياء، فمالكهما كالمالك لجميع الأشياء، وصفة المالكية هي القدرة، والقدرة صفة كمال، والكمال محبوب لذاته، فلما كان الذهب والفضة أكمل الوسائل إلى تحصيل هذا الكمال الذي هو محبوب لذاته وما لا يوجد المحبوب إلا به فهو محبوب، لا جرم كانا محبوبين.

المرتبة الخامسة: {الخيل المسومة} قال الواحدي: الخيل جمع لا واحد له من لفظه، كالقوم والنساء والرهط، وسميت الأفراس خيلًا لخيلائها في مشيها، وسميت حركة الإنسان على سبيل الجولان اختيالًا، وسمي الخيال خيالًا، والتخيل تخيلًا، لجولان هذه القوة في استحضار تلك الصورة، واختلفوا في معنى المسومة على ثلاثة أقوال:

 الأول: أنها الراعية، يقال: أسمت الدابة وسومتها إذا أرسلتها في مروجها للرعي، كما يقال: أقمت الشيء وقومته، وأجدته وجودته، وأنمته ونومته، والمقصود أنها إذا رعت ازدادت حسنًا، ومنه قوله تعالى: {فيه تسيمون}. [النحل: 10] .

والقول الثاني: المسومة المعلمة قال أبو مسلم الأصفهاني: وهو مأخوذ من السيما بالقصر والسيماء بالمد، ومعناه واحد، وهو الهيئة الحسنة، قال الله تعالى: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود}. [الفتح: 29]. ثم القائلون بهذا القول اختلفوا في تلك العلامة، فقال أبو مسلم: المراد من هذه العلامات الأوضاح والغرر التي تكون في الخيل، وهي أن تكون الأفراس غرا محجلة، وقال الأصم: إنما هي البلق، وقال قتادة: الشية، وقال المؤرج: الكي، وقول أبي مسلم أحسن لأن الإشارة في هذه الآية إلى شرائف الأموال، وذلك هو أن يكون الفرس أغر محجلًا، وأما سائر الوجوه التي ذكروها فإنها لا تفيد شرفًا في الفرس.

القول الثالث: وهو قول مجاهد وعكرمة: أنها الخيل المطهمة الحسان، قال القفال: المطهمة المرأة الجميلة.

المرتبة السادسة: الأنعام وهي جمع نعم، وهي الإبل والبقر والغنم، ولا يقال للجنس الواحد منها:

نعم إلا للإبل خاصة فإنها غلبت عليها.

المرتبة السابعة: {الحرث} وقد ذكرنا اشتقاقه في قوله (ويهلك الحرث والنسل}. [البقرة: 205] .

ثم إنه تعالى لما عدد هذه السبعة قال: {ذلك متاع الحياة الدنيا}. قال القاضي: ومعلوم أن متاعها إنما خلق ليستمتع به فكيف يقال إنه لا يجوز إضافة التزيين إلى الله تعالى، ثم قال للاستمتاع بمتاع الدنيا وجوه: منها أن ينفرد به من خصه الله تعالى بهذه النعم فيكون مذموما ومنها أن يترك الانتفاع به مع الحاجة إليه فيكون أيضا مذموما، ومنها أن ينتفع به في وجه مباح من غير أن يتوصل بذلك إلى مصالح الآخرة، وذلك لا ممدوح ولا مذموم، ومنها أن ينتفع به على وجه يتوصل به إلى مصالح الآخرة وذلك هو الممدوح.

ثم قال تعالى: والله عنده حسن المآب اعلم أن المآب في اللغة المرجع، يقال: آب الرجل إيابا وأوبة وأبية ومآبا، قال الله تعالى: إن إلينا إيابهم والمقصود من هذا الكلام بيان أن من آتاه الله الدنيا كان الواجب عليه أن يصرفها إلى ما يكون فيه عمارة لمعاده ويتوصل بها إلى سعادة آخرته، ثم لما كان الغرض الترغيب في المآب وصف المآب بالحسن.

فإن قيل: المآب قسم الجنة ،وهي في غاية الحسن، والنار وهي خالية عن الحسن، فكيف وصف المآب المطلق بالحسن.

قلنا: المآب المقصود بالذات هو الجنة، فأما النار فهي المقصود بالغرض، لأنه سبحانه خلق الخلق للرحمة لا للعذاب، كما قال: سبقت رحمتي غضبي، وهذا سر يطلع منه على أسرار غامضة.

_________

*ملف رار (RAR) هو تنسيق ملف أرشيف تم تطويره بواسطة مهندس البرمجيات الروسي يوجين روشال في عام 1993. يُعرف RAR أيضًا باسم “Roshal Archive”. 
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى