
محمد عبدالله البريكي يتوسط المشاركين بعد تكريمهم من اليمين د. عبدالله أبو شميس و شيماء حسن و زكريا مصطفى و رنا العسلي
الشارقة – “البعد المفتوح”:
شارك الشعراء د.عبد الله أبو شميس، وشيماء حسن، وزكريا مصطفى الثلاثاء 17 يونيو/حزيران 2025 في أمسية ثلاثية أمتعت الحضور بنكهتها الإبداعية بحضور الشاعر محمد عبد الله البريكي مدير “بيت الشعر” في الشارقة، حيث غصت القاعة بجمع من الشعراء والأدباء والفنانين و محبي الشعر، وقدمت للأمسية رنا العسلي رافعة أسمى آيات الشكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة راعي الثقافة العربية، وأشادت بنشاط “بيت الشعر” في الشارقة ومديره الشاعر محمد عبدالله البريكي.
استهل الإلقاء الشاعر د.عبد الله أبو شميس فأنشد عددًا من قصائده التي تنبض بأحاسيسه و رؤاه. في قصيدته “عندما ينتهي مطر النّار” يراقب بكلماته الدامعة:
عندما
ينتهي مَطَرُ النّارِ
من فوقِنا.. عندما
تتعبُ الرّاجماتُ
عندما
تشربُ الأرضُ
كلَّ الدّماءِ
وتنشفُ أشلاؤُنا
والرُّفاتُ
وتمرُّ الشُّهورُ العِجافُ
أو السّنواتُ
سوف يهطِلُ
فوق مدينتِنا
مطرٌ من مياهٍ
وترتعشُ الأرضُ
ثانيةً
ويقومُ النّباتُ
خطوةً خطوةً
تصحبُ الشّمسُ خُضرتَهُ
في طريق الفصولِ
وتنبُعُ من حولِهِ
الكائناتُ
سوف يمتزجُ الدّمعُ والماءُ
في وَجَناتِ الّذين نَجَوْا
وستنسكبُ الذّكرياتُ
الأراملُ والأرملاتُ
يبدؤونَ الحياةَ الجديدةَ
أيتامُهُمْ معهمْ
والجراحاتُ
والأمنياتُ
مَعَهُمْ
كلُّ أحبابِهمْ
كلُّ من ذُبِحُوا
دون ذنبٍ
وماتوا
كلُّهمْ
سوف يستأنفونَ الحياةَ
معاً
فهُنا في مدينتِنا
هدنةً بين موتَيْنِ
تأتي الحياةُ
هنـا زيتـونةٌ، وهنـاك طفلٌ
ومئـذنةٌ هنـاك، وعاشـقانِ
ونـائمة على يدهـا، فتـاةٌ
وتحلمُ: أيـن غـاب الفارسانِ؟
وحيـدٌ أنتَ، يا ابن أبي وأمّي،
وحيـدٌ مثل زهـرة بيلسـانِ
وحيـدٌ.. تقطع الدّنيـا وحيداً
وكلُّ اثنيْـنِ ضـدَّك توأمـانِ
تحاولُ أن تحاولَ… أيـن تمضي
وهذا البحـرُ ليس له موانـي؟!
ويعيش الشاعر زكريا مصطفى “في مقهى العمر” أسيرًا مع “أحلام مؤجلة” يعاتب الأزهار الذابلة:
أراكَ تسقي عصافيرًا مهاجرةً
ماءَ الحياةِ وتنسى وجهَك الشاحبْ
وتمنحُ الصمتَ ألوانًا وأجنحةً
لكيْ يؤانسَ منكَ الحاضرَ الغائبْ
وكلّما حدّقتْ عيناكَ نحو غدٍ
تُلغى المسافةُ بين الأفْق والحاجبْ
تصحو وكلُّ سؤالٍ عابرٍ لغةٌ
من الإحالاتِ لم يظفرْ بها كاتبْ
هناك ياصاحبي في اللّيل متسعٌ
من الغموض لتنسى فجرَك الكاذبْ
ونحن أسرى لأحلامٍ مؤجلةٍ
وعاملونَ لدى حزنٍ بلا راتبْ
أكاد أصرخُ هذا أنت يُدركُني
موجٌ يفرِّق بين الخِضر والصاحبْ
هوّنْ عليك فإنّ الأمرَ ملتبسٌ
لا سرّ عندي ولا في جُبّتي راهبْ
متى ستفضي بما تلقاه لامرأةٍ
ففي النِّساء ملاذٌ للفتى الغاضبْ
قد كنتُ قبلكَ محشودًا كأي فتًى
يشقى ويسعد في تغريبة الواجبْ
كنّا قبيلةَ نحّاتين يَشغلُنا
عن كلِّ شيءٍ سِوانا طينُنا اللازبْ
كنّا نُعاتب أزهارًا إذا ذبُلتْ
كما يعاتب شيخٌ عمرَه الهاربْ
فاخشوشنَ الوقتُ صارتْ لا تشكّلُنا
كفٌّ ولم يبقَ طينٌ ليّنَ الجانِبْ
دعْني هنا ربّما من أضلعي نبتتْ
أُنثى فثمّةَ شيءٌ في دمي ناشبْ
لا أصعدُ الوجدَ بل آوي لرقّتها
لِأنّ بحرَك لا يسطيعُه قارِب
و يتابع “حاملُ المصباح” منذ خطاه الأولى الذي “يروي عن الأنهار سرًّا غامضًا”:
عن أسمرٍ نضِج الكلامُ بجمرِهِ
من ليل قَريته يطيرُ لفجرِهِ
منذُ الخُطى الأولى على إيقاعه
كسرتْ له الأيامُ جرّةَ عذرِهِ
لو مرّةً في العمر جرجر ذيلَه
حظٌّ ليتبعَه لقام بزجرِهِ
يروي عن الأنهار سرًّا غامضًا
لكأنها كانتْ تسير بأمرهِ
في كفّه فرحٌ طفوليٌّ غدا
مترقّبًا فصلًا يحين لنثرهِ
وعلى البلاد رأى ملامحَ أمّةٍ
فسقى بعزّتها حُشاشةَ صدرهِ
هو واحدٌ من طيّبينَ فقيرُهم
ينجو ليمتحنَ الزمانَ بصبرهِ
لم يدْر أنّ الأرضَ سوف تضيقُ عن
دربٍ به يخطو البريءُ لقبرِهِ
مُذْ جاء بالسّكين من أضغاثه
شيخٌ بلا رؤيا وهمّ بنحرِهِ
الله لو معنًى يلامس حُلْمَه
لسقى بماء الرّوح بذرةَ نصرهِ
لكنّه ظلٌّ يُرافق خطْوَ من
يمضي ليعترضَ الطريقَ بصخرهِ
حرّيةُ الإنسان وجهتُه التي
يأوي إليها من مسافةِ قهرهِ
هذا الذي لم يبتئسْ بجراحه
دهْرًا وقد وافتْه طعنةُ ظهرهِ
لمّا رأى وجعًا تسلّل خِلسةً
ليحول ما بين الحياءِ وخدرهِ
خلعَ البقاءَ وظلّ ينحِت في الرُّؤى
أُفُقًا مجازيًّا يليق بنَسرهِ
ومضى مع الإنسان يشعلُ قلبَه
ليضيءَ أقبيةَ الوُجود بأَسره
هو حاملُ المصباح يسهرُ نازفًا
ليَخيطَ أسبابَ الحياة بشِعرهِ
في الختام دعت مقدمة الأمسية الشاعر محمد عبدالله البريكي لاعتلاء المنبر ، حيث كرّم المشاركين.
زر الذهاب إلى الأعلى