محمد ولد سالم و خليفة الشيمي و د. عبدالعزيز المسلم و ماريا بوبيا و جورج غريغوري و علي المغني
(تصوير: شادي أحمد الريان)
تكريم عبدالعزيز المسلمتكريم جورج غريغوري
تكريم مارية بوبيا
مارية طورمش وخليفة الشيمي و د. عبدالعزيز المسلم و علي المغني و ماريا بوبيا و جورج غريغوري و ناصر الدرمكي و محمد ولد سالم
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة الجمعة 4 يوليو / نموز 2025 جلسة ثقافية حوارية حول (تجربة البروفسور جورج غريغوري.. ترجمة المعنى وتأويل النور).
الجلسة التي شاركت فيها ماريا بوبيا طالبة البروفيسور جورج غريغوري مقدمة شهادتها اتسمت بحوار مشوق بين البروفسور جورج غريغوري وهو مستعرب وأستاذ جامعي ترجم القرآن الكريم والعديد من الكتب الفكرية والأدبية العربية إلى اللغة الرومانية وبين د. عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، وهو باحث في التراث والثقافة الشعبية الإماراتية والعربية، ومهتم بمسألة التأثر والتأثير بين الثقافات.
حضر الجلسة علي المغني نائب رئيس مجلس إداة النادي ومحمد ولد سالم رئيس اللجنة الثقافية وخليفة الشيمي مسؤول الفعاليات والمعارض رئيس اللجنة الفنية في النادي، وناصر الدرمكي عضو مجلس الإدارة وعدد من المثقفين والباحثين في مجال الترجمة والثقافة، واستهلت بكلمة مسجلة ألقاها عن بُعد د. عمر عبد العزيز رئيس مجلس إدارة النادي رحب فيها بالضيفين، وتحدث عن الصداقة الإنسانية والفكرية التي ربطته بالبروفسور جورج غريغوري على مدى عقود، لاحظ فيها حب غريغوري للثقافة العربية وحرصه على أن ينقل الفكر الثقافة العربيين إلى الرومانيين بشكل مباشر من اللغة العربية، وليس عن ترجمات أخرى، وأنه اهتم بالفسلفة العربية، فترجم أمهات كتبها، كما اهتم بالحكاية الشعبية واللهجات وحياة المجتمع العربي، وتحدث عن عن علاقته مع البروفسور غريغوري الممتدة إلى سنوات طويلة عبر لقاءات ونقاشات متواصلة حول الثقافة والمجتمع والتأثر والتأثير، وتمثلات الآخر في الثقافتين العربية والرومانية، وخاصة على مستوى الحكاية الشعبية واللهجات العربية التي تشكل اهتمامًا مشتركا لهما.
و في الجلسة الحوارية قال د. عبدالعزيز المسلم إن من أشهر أعمال البروفسور غرغوري ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الرومانية، وترجمة “مشكاة الأنوار” للغزالي، و”حي بن يقظان” لابن طفيل، و”إنشاء الدوائر” لابن عربي، و “فصل المقال” لابن رشد، و “حكايات شعبية عراقية”،و ” نهج البلاغة”.
وطرح د. عبد العزيز المسلم عدة إشكاليات وأسئلة في موضوع تجربة غريغوري مع الترجمة والثقافة العربية، استهلها بسؤال عن السبب الذي يجعل فتى ابن الريف الروماني يهتم في أواخر القرن الماضي باللغة العربية وينصرف إلى دراستها، ومنها العلاقة بين الترجمة من أي لغة وبين ثقافة تلك اللغة، ومسألة اللهجات العربية في الترجمة، والعرب في المخيلة الشعبية الرومانية، وأثر الثقافة العربية في اللغة الرومانية، وغيرها.
البروفيسور جورج غريغوري بدأ حديثه بالكلام عن علاقته باللغة العربية، فقال إنه عندما كان شابا في قرية نائية من قرى الجنوب الروماني، كان في سهراته الليلية يدير المذياع ليلتقط الإذاعات، وقد جذبته إحدى الإذاعات العربية بموسيقا وأجراس كلماتها، فكان يستمع إليها بانتظام رغم أنه لا يفهم أية كلمة من كلماتها، لكنه أحبها، وعندما انتقل إلى المدينة للدراسة الثانوية، بدأ يبحث عن كتب ومعاجم عن اللغة العربية، وتعرف إلى طلاب من سوريا ساعدوه على تعلم اللغة العربية، وهكذا قرر في الجامعة أن يتخصص في دراسة اللغة العربية، وعندما تخرج سافر في مهمة عمل إلى ليبيا ثم إلى العراق التي استقر فيها سنوات، وصقل فيها معرفته ونطقه بالعربية، وتعرف فيها على الاختلاف بين اللغة المحكية واللغة الفصحى، وفيها بدأ ترجماته من الرومانية إلى العربية، ومن العربية إلى الرومانية، وشدد على أن المترجم يحتاج إلى معرفة عمقية بثقافة اللغة التي يترجم منها، وإلا فإنه سيسقط في الأخطاء الفادحة، فاللغة هي الحامل للثقافة، وما ندرك المدلولات الثقافية للكلمات فإننا سوف نقف عند المعنى القاموسي، وهو في غالب الآحيان لا يفي بالغرض.
وعن اللهجات العربية قال غريغوري إنها جزء من العربية ومن النسيج الثقافي العربي وتدخل في كثير من النصوص سواء المنطوقة أو المكتوبة، ولذلك لا بد للمترجم أن يلم ببعض الاختلافات الاستعمالية لها، مشيرا إلى أنه يرأس الآن منظمة للّهجات العربية تعمل على المستوى الأوروبي، وهي تنطلق من الاهتمام العلمي باللغة، فاللغات هي منظومات لغوية تحتاج إلى الدراسة والتصنيف، والعربية واحدة من أكبر المنظومات اللغوية على مستوى العالم، وقد بدأ بها في أوروبا بشكل مبكر، وأضاف أن الاهتمام باللغة العربية في رومانيا بدأ منذ الخمسينات في إطار ما عرف آنذاك بدول عدم الانحياز الذي ضم رومانيا وعدة دول عربية ودول من العالم الثالث، ثم تطور بعد سقوط الاتحاد السوفيتي والحكم الشيوعي في رومانيا، وانفتاح العالم اقتصاديا وتوسع علاقة رومانيا مع الدول العربية، فتزايد الإقبال على قسم اللغة العربية في جامعة بوخارست، وهو اليوم من أنجح الأقسام في الجامعة، وأشار إلى أن ترجماته العربية قد ساهمت في الاهتمام الأكاديمي بالفكر العربي، فقد أدخل موضوع الفلسفة العربية إلى البرامج الجامعية عن طريق تلك الترجمات، و عن تأثير اللغة العربية في اللغة الرومانية، قال إنه ما من منظومة لغوية في العالم إلا وهي متأثرة باللغة العربية بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن اللعة الرومانية تأثرت بالعربية عن طريق الوجود العثماني في المناطق الرومانية الذي امتد أكثر من خمسة قرون ومن الكلمات (أمانة، بريق ميدان، مشتري) وغيرها، وأدخل في نظام اللغة العربية الكثير من المفردات والمصطلحات ذات الأصول العربية، وكذلك عن طريق الترجمة الأوروبية للفكر والفسلسة العربية التي جاءت هي الأخرى إلى الرومانية بمصطلحات فكرية وثقافية عربية.
وعن العرب في المخيلة الرومانية، قال إن العرب في المنظور الشعبي الروماني هم عرب “ألف ليلة وليلة”، حيث الجمال والحب والطرب والبساتين والقصور الجميلة، وهي صورة جميلة.
وبعد مداخلات وأسئلة عدد من الحضور كرَّم علي المغني وخليفة الشيمي د. عبد العزيز المسلم و البروفيسور جورج غريغوري و ماريا بوبيا .