أخبار

إعلان أسماء الفائزين في “جائزة الشعر العربي” في  ندوة الثقافة والعلوم

 

علي عبيد الهاملي و بلال البدور

 

 

 دبي    –    “البعد المفتوح”:

فاز الشاعر محمد حامد عبدالله العياف (المملكة الأردنية الهاشمية) عن قصيدته “ترنيمة أخرى لوجه الحياة”  في حقل الشعر العمودي، وفي شعر التفعيلة فاز الشاعر إبراهيم عيسى محمد علي (الجمهورية اليمنية) عن قصيدته “الأسوار”، وفي شعر النثر فاز الشاعر محمد عبدالله سليمان التركي (المملكة العربية السعودية) عن قصيدته “تعليمات الحصول على بيت شاعر”.

أعلن ذلك الإثنين 14 يوبيو 2025 بلال البدور رئيس مجلس إدارة نجوة الثقافة والعلوم ، وعلي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس الإدارة، الأمين العام لجائزة ندوة الثقافة والعلوم للشعر العربي، في مؤتمر صحفي بحضور نخبة من الإعلاميين. 

ذكر  البدور أن الندوة أعلنت قبل عامين استحداث جائزة ندوة الثقافة والعلوم للشعر العربي، بهدف دعم وتحفيز الشعراء في مختلف مجالات الشعر، مؤكدًا أن جوائز الشعر على المستوى العربي كثيرة بعضها يكرم ديوان الشعر، ولكن جائزة الندوة تكرم القصيدة، وقد شارك في هذه الجائزة عدد كبير من الشعراء من مختلف أنحاء الوطن العربي،

وأشار بلال البدور إلى أن الدورة الأولى للجائزة كانت باسم الشاعر سلطان بن علي العويس، أما هذه الدورة (الثانية) فقد أطلق عليها اسم الشاعر الإماراتي الراحل حمد خليفة أبو شهاب تكريمًا لما بذله وقدمه في الساحة الشعرية والثقافية، و كذلك احتفاء بشعراء الإمارات، وتكريسًا لاسم الندوة في الشعر العربي.

وأكد علي عبيد الهاملي أن جائزة الشعر عزيزة على قلوب مجلس إدارة الندوة، التي لم يغب عنها عند استحداث الجائزة أن هناك الكثير من الجوائز المخصصة للشعر، رغم تراجع الدعم للشعر والحركة الشعرية في بعض الأحيان.

وأضاف عل الهاملي أن جائزة الشعر رغم حداثتها إلا أنها ولدت كبيرة، من خلال الأعداد الكبيرة المشاركة، ففي الدورة الثانية تضاعف عدد المشاركين عن عددهم في الدورة الأولى، وقد بلغ عدد المشاركين في هذه الدورة 1234 مشاركًاً، توزعت على النحو التالي 576 مشاركًا في الشعر العمودي، 304 مشاركين في شعر التفعيلة، و354 مشاركًا في شعر النثر.

وقد أرتأت لجنة تحكيم قصيدة التفعيلة “تفاوت المستويات بين الشعر الجيد والشعر البديع في صياغته وبلاغته. إضافة إلى وجود بعض النصوص التي اتسمت بالضعف في كتابتها وأساليب تعبيرها ووزنها، و اختارت اللجنة ١٠ قصائد رأت أنها أفضل ما قُدم للجائزة، وقد كانت هذه القصائد العشر متقاربة في جودتها. لذا لم تتباين الدرجات بشكل كبير بينها، ثم تم انتقاء القصيدة الأعلى وهي تلك التي جاءت لتقدم أسلوباً أنيقاً في الكتابة مكتمل البيان والبديع، وما جعلها تسمو نحو المركز الأول أنها تحمل قضية إنسانية ولا تدور فقط على الذاتية. وهو ما يحتاجه الشعر العربي بأن يعود إلى رسالته السامية.

واتضح من القراءة الأولية لجميع القصائد من قبل لجنة التقييم تنوع الأغراض الشعرية وتعدد مذاهبها ومدارسها وأسلوب طرح محتواها، كما اتضح أن غرض المدح النبوي كان له النصيب الأوفر بالنسبة للعدد فربما كان لتعدد المسابقات التي تختص في هذا الغرض على مستوى الوطن العربي دور بارز في السيادة الكمية والكيفية،أما عن مراحل التقييم فقد تم فرز القصائد المستوفاة للشروط وتصنيفها حسب مستواها العام حسب القيمة الفنية وأسلوبها الأدبية ومحتواها ومدى ملائمتها لروح العصر ولم تكتف اللجنة بهذا التقييم بل عددت مرات الفرز حسب استمارة تقييم الأعمال المشاركة المتفق عليها كمعيار نهائي للدرجات إلى أن بلغت القصائد المختارة 36 قصيدة تأهلت إلى مرحلة اختيار النصوص المرشحة للتنافس على مرحلتين من التصفية وكان آخرها اختيار عشر قصائد ليتم بعد كل ما سبق اختيار المراكز الثلاثة الأولى حسب الترتيب وهي “ترنيمة أخرى لوجه الحياة”, و”على مسرح الوجوه” و”حوارية البنت والأرض”، علمًا بأن جميع القصائد الثلاث في ذات المستوى تقريبًا ولا توجد فروقات كبيرة بالنسبة للدرجات بين المراكز ا فبين المركز الأول والثاني درجة وبين الثاني والثالث كان الفرق أيضاً درجة.

وقد نالت قصيدة “ترنيمة أُخرى لوجه الحياة” المركز الأول لأن اختيار العنوان مناسباً للمضمون ومعبراً عن المحتوى بوضوحه ورمزيته، ولا يوجد خلل في سلامة اللغة العصرية التي تناغمت مع أسلوب الطرح بمعناه المعبر ومبناه الذي تناغم بمكوناته الرائعة مع تماسك البناء بشكل انسيابي مذهل وتسلسل مدهش، وكانت الإشارة إلى الغائب الحاضر المعبر عنه بـ “هو” في استهلال القصيدة وربطه بأحداث الحاضر المقصود والمستنتج من الأحداث التاريخية، التي تكاد تكرر نفسها عبر المعطيات التي تتشابه أو تكاد أن تتشابه عبر الزمن فبلال الصادح الحق وطرفة الشاعر المغدور به لم يتلاشيا عن واقع وضعنا الحالي وكذلك ربط حال يعقوب الشاكي الباكي مع ما تمر به حيثيات القضية التي تعبر عنها الأبيات بسحر وجماليات أسلوب بيانها والحال ذاته ينطبق على كل رموز القصيدة وعن اسقاطاتها الزمنية أو بالأصح الزمكانية.

تكتظ القصيدة بصورها الشعرية فالبيت الأول يوحي بذاته عن تمكن الشاعر من أدواته الفنية ” ألقى على وجه الزمان سؤالَهُ / ومضى يجر إلى العمى أَذيالَهُ لتتسلسل الأبيات معبرة عن موضوع القصيدة بوحدتيها النفسية والموضوعية مشكلة بذات الوقت لوحة فنية رائعة تتجسد فيها الصور الإبداعية ومشاهد الصور المتحركة والناطقة (في غابة الإنسان يلهث شاعرٌ.. ليجير من حقد الذئاب غزالَهُ) كمثال على الصور الإبداعية التي قنصها الشاعر من سعة خياله ووسع أفق مخيلته الشعرية، وقد بلغ الشاعر أقصى درجات سلم التألق حين داهمه البحر الكامل لينسج لنا هذا النص المتشح بترف عذوبته وجمال تقاسيم عباراته وبشلال جرسه الموسيقي المتدفق دون عناء أو تكلف.

ويتضح من خلال الإسقاطات التاريخية والرموز التي وظفت أحسن توظيف في خدمة القصيدة مع التناص أو الاقتباس الديني مدى غزارة العمق الثقافي للشاعر بالنسبة للتاريخ والشخوص والقيم الدينية النبيلة والفكر المتزن

لا نص في الأديان يمنح قاتلا

حقلاً ليقطف بالرصاص غلالَهُ

رغم بكائية القصيدة في كل أبياتها إلا أن للخاتمة بيتًا يعتبر بذاته حكاية أخرى تستوقف من يفتش عن بلاغة الشاعر حين تسكنه قضية القصيدة:

 في آخر المعنى سيثقب شاعرٌ

ضلعاَ، ليكمل نايه ما قالهُ “

 وخضعت عمليّة تحكيم النّصوص المرشّحة في فرع شعر التّفعيلة إلى ثلاث مراحل متزامنة:

1-  مرحلة تعقّب النّصوص الشّعرية المستوفية شروط التّرشيح وقد جاوزت الثّلاثمائة نصّ للنّظر في جودة صناعتها ومدى اِلتزام أصحابها بسَمت كتابة شعر التّفعيلة: أشكالاً ومضامينَ.

2-  مرحلة اِختيار النّصوص الثّلاثة الأكثر طرافة والأغنى رؤية، مقارنة بباقي النّصوص الّتي خضعت للنَّخل وطُبّقت عليها شروط الاختيار: (طرافة الموضوع/ جدّة القضايا/ جماليّة التّصوير/ البناء الإيقاعيّ/ تسريد الفضاء الشّعري/ تّنامي المعاني المركّبة…).

3-  مرحلة عرض النّصوص الثّلاثة المنتخَبة في الفروع الثّلاثة في جلسة علنيّة اِلتأمت في مقرّ الجائزة، في السابع من جولاي 2025، على أعضاء اللجنة، برئاسة سعادة أمين عامّ الجائزة بلال البدور، وقد شهدت الجلسة، نقاشًا علميّا معمّقا نظر في القصائد المختارة في الفروع الثّلاثة، لترشيح واحدة عن كلّ فرع واِعتمادها بإجماع الحضور.

وقد اتبع في ترشيح القصيدة الفائزة في فرع قصيدة التّفعيلة، المقاييسَ التّاليةَ:

–        التمكّن الإيقاعي وما فيه من جدة تغني الشّكل، وتثري المغنى.

–        المحتوى المعرفي الّذي يترجم ثراء ذاكرة الشّاعر الفكريّة والجماليّة والأنطولوجيّة.

– اِجتراح أنساق معنويّة مستطرَفة تجعل، “قصيدة الأسوار”، قصيدةً فائزةً بإجماع أعضاء اللّجنة الموقّرة، التي تدبّرت أشكالَ القصيدة، وتقرّت أفعالَها.

– ما تشتمل عليه القصيدة من وعي بأنساق الحداثة آلشّعريّة: نظريّا وإجرائيّا، الأمر الّذي جعل الشّاعرَ، يبني فضاء شعريّا، حافلاً بالجمال، والتوتر الدرامي الذي جسد واقعاً مركَّباً، تتشعّب قضاياه، وتتعقّد أسئلته.

– الوعي بمحدوديّة الكائن البشريّ: فلسفيّا وأنطولوجيّا: (الشعور بالفراغ والعوز)، يقابله إقدام جماليٌّ، عبر عن شوق الشّاعر إلى ابتكار الطّريف وإنشاء المختلف، فتفوّقت سلطة الشّعر، على سلطة الواقع، وعوّضت، هشاشةَ الكائن البشريّ، امتلاءاتُ القول الشّعريّ، فكان، عالمٌ مختلِفٌ، ترجم اِقتدار الشّاعر وبشّر بأشواق الكائن، وهو يواجه مصيره، وينازل تحدياته.

 – إنّ هذه المقاييس مجتمعةً، التي اِتفقنا على أهميتها في تعيير النصّ الفائز، إضافة إلى إجماع أعضاء لجنة التحكيم، أهّلت، قصيدة “الأسوار”، إلى أن تكون، القصيدةَ الفائزةَ، بعد أن اِستوفت شروط التّرشيح، وحازت على إجماع لجنة التحكيم.

 أما قصيدة النثر فقد أرتأت اللجنة أن القصیدة اختارت قالباً سردیاً قائمًا على الإرشاد التهكمي أو “النشرة التحذیریة”، وقد نجحت في استثمار ھذا الشكل لبناء نص شعري یتخّذ شكل “كتالوج أو دلیل مستخدم وجودي”. تمكّن الشاعر من خلق بنیة شعریةّ تتكرّر فیھا عبارة “من یشتري البیت”، بحیث تشكّل محورًا بنائیاً ودلالیاً یحكم سیر المقاطع ویمنح النص طابعاً شعریاً موحّداً رغم التعدد الظاھري.

وبرزت قدرة الشاعر على توليد صور ومجازات مركّبة تنزلق بین الواقعي والرمزي، تمنح ھذه الصور النص عمقاً تأویلیاً وتفتح أبواباً لفھمه باعتباره تشریحًا شعریاً للبیت بوصفه كیاناً نفسیاً وسردیاً ولیس فقط مكانیاً. 

ویتنقل النص بین محطات الحیاة من البيع والشراء إلى الوجود والموت، ومن الحياد العقاري إلى انفعال الكتابة بطريقة سلسلة، حيث تتحوّل الفقرات من مشاھد محسوسة إلى استعارات وجودیة كبرى. ھذا التحول یظُھر انسجامًا بین النص والتجربة الإنسانية. 

وعلى الرغم من أن القصیدة توظّف الشكل التكراري للمناشدة أو التحذیر، إلا أنھا تحققّ وحدة متینة تتفرّع إلى مسارات عدیدة:

الواقع المُعاش، الإحباط، الكتابة، الطفولة، والذكریات، دون أن تفقد مركزیتھا أو طاقتھا التعبیریة، ورأت أن اللغة الشعریة المستخدمة ذات طابع مجازي ساخر، تمزج بين البساطة اليومية والمفارقة الرمزية. تجید القصیدة اللعب على الإيقاع الداخلي للجمل، وإدخال القارئ في حالة من التواطؤ الذھني مع ما یبدو مألوفاً لكنه موشوم بالخطر والمجھول. في النهاية تمثلّ تجربة شعریةّ أصیلة، تتفوّق في البناء والطرح، وتقدمّ نموذجًا ناجحًا في استثمار البنیة السردیةّ في كتابة قصیدة نثر تنبض بالقلق الوجودي، وتطرح أسئلة أكثر مما تقدمّ أجوبة.

واختتم المؤتمر الصحفي بأسئلة وتعقيبات من الإعلاميين حول الجائزة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى