مقالات

رمزية الأرقام في اللغة العامية د. قاسم محمد كوفحي – الإمارات

د. قاسم محمد كوفحي

لاحظت أن بعض الكلمات والتعابير في اللغة مرتبطة بأرقام محددة دون غيرها، مثل “ألف مبروك” أو “خليه يروح بـ 60 داهية” أو “عامل 7 وذمتها” … وغيرها كثير. من وجهة نظر علم اللغة الاجتماعي، يمكن تفسير هذا الارتباط بعدة عوامل:
أولًا، الأرقام في التعبيرات العامية غالبًا ما تحمل قيمة رمزية أكثر من كونها كمية دقيقة. مثلاً، “ألف مبروك” لا يقصد به الرقم حرفيًا، بل هو تعبير عن الوفرة والاحتفال، أما “ألفان” فربما توحي بالمبالغة أو تغير الإيقاع التقليدي للجملة، مما يغير وقعها الاجتماعي.
ثانيًا، الأرقام تثبت في الذاكرة والثقافة الشعبية عبر التكرار والاستخدام التاريخي. تعبيرات مثل “خليه يروح بـ 60 داهية” أو “عامل 7 وذمتها” أصبحت مألوفة بحيث يرتبط الرقم بالمعنى المجازي أو القوة أو التأكيد، وليس بعدد محدد من الأحداث أو الأشياء. الرقم هنا يعمل كرمز اجتماعي يضيف صفة التصديق أو التأكيد للموقف.
ثالثًا، الأرقام تعكس تقليدًا لغويًا وثقافيًا، حيث اختيارات معينة للأرقام أصبحت معيارًا للتعبير، لأنها متعارف عليها ضمن المجتمع. مثل “100 أهلاً وسهلاً” يعطي إحساسًا بالشمول والترحيب الواسع، بينما استخدام “ألف” قد يُبالغ في المعنى ويخرج عن المألوف، مما يقلل من فعالية التعبير في التفاعل الاجتماعي اليومي.
باختصار، هذه الظاهرة توضح كيف أن اللغة لا تعكس الواقع العددي دائمًا، بل تتفاعل مع القيم الاجتماعية والثقافية والرمزية للأرقام. الأرقام هنا ليست مجرد كميات، بل أدوات للتعبير عن الموقف، أو القوة، أو الاحتفال، أو التأكيد داخل السياق الاجتماعي للمتحدث والمستمع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى