د. أحمد بهي الدين و نجيبة الرفاعي
الشارقة – “البعد المفتوح”:
نظم “صالون الشارقة الثقافي” للمكتب الثقافي بمجلس الشارقة للأسرة والمجتمع، صباح الأربعاء 24 سبتمر / أيلول 2025، في مسرح المجلس ندوة بعنوان ” الثقافة العربية في زمن الرقميات.. إلى أين؟”، ألقاها د.أحمد بهي الدين، أستاذ مشارك في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة القاسمية، وأدارتها الكاتبة نجيبة الرفاعي مثرية الجلسة بمحاورتها المحاضر,
حضر ت الندوة صالحة غابش المشتشار الثقافي ورئيس المكتب الثقافي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، و نخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي والإعلامي.
تناول المحاضر أبرز التحديات التي تواجه الثقافة العربية في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، وأثر الذكاء الاصطناعي على الأدب والفنون، إضافة إلى دور المثقف في إعادة صياغة الوعي المجتمعي وتوجيهه أمام التغيرات العالمية، مع التأكيد على أهمية المحافظة على الهوية واللغة العربية في هذا العصر الجديد، ومما قاله : “عندما نتحدث عن الثقافة الرقمية فنحن نتحدث عن المستقبل، ومن الطبيعي لأي انسان مهما تأقلم وتكيف مع حاضره، أن يقلق بشأن مستقبله، ومستقبل الأجيال القادمة، خاصة مع وجود هذا التسارع في التطور في مختلف المجالات، وفي ظل ما نعيشه اليوم من تطور للثقافة الرقمية، فإن ما يسمى بالعلوم الانسانية لا ينفصل عن العلوم التطبيقية بل يتداخل معه ويتمزجان معاً ويتفعلان بوتيرة زمنية متسارعة. “.
وأضاف :”لابد وأن نعود لقراءة التاريخ مجدداً لنفهم تغيرات الحاضر ونتأقلم مع أي مستجدات مستقبلية، فكل حاضر له جذور من الماضي وله تاريخ مرتبط به، ولعل من أبرز التحولات التي شهدها الانسان في الماضي كان ظهور المطبعة، التي غيرت الواقع بشكل جذري، وظهرت بظهورها الكثير من الأشكال المعرفية والأدبية الجديدة وظهرت الصحافة وكانت المطبعة بمثابة ثورة حقيقية غيرت الواقع، بعد أن كان الأدب والشعر ينتقلان إما مشافهة أو عبر الخطاطين الذين يكتبون بأنفسهم كل حرف وكل كلمة، والذين لابد وأنهم فقدوا أعمالهم بظهور المطبعة، فالتغيير أمر واقعي وموجود، ولكن المهم هو كيفية تعاملنا مع التغيير وتقبلنا له، فالمطبعة على سبيل المثال حققت اتساعاً معرفياً كبيراً، ونستنتج من العودة للتاريخ أن الثقافة الرقمية لم تنشأ فجاة، وليست طفرة، وليست وليدة اللحظة، فهناك دائماً عوامل تهيئة تمهد لأي تغيير جديد، وعلينا أن نتعلم كيفية التأقلم مع كل جديد والاستفادة منه لتطوير أنفسنا. “
كذلك ذهب إلى أن “الثقافة الرقمية اليوم جعلت من اقتصاديات المعرفة اقتصاديات هائلة، فنحن ندفع الأموال يومياً للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي لا يجب أن ننظر للثقافة الرقمية باعتبارها وحش، بل لابد وأن ندرك أننا أمام آلية قادرة على حمل معرفتنا، ولكن هل نحن جاهزون لتغذية هذه الآلية بالثقافة المطلوبة؟ هذا التساؤل الذي يجدب أن نتوقف عنده طويلاً، ويمكننا أن ننجح في هذا في حال عودتنا لقراءة التاريخ والتعمق في تراثنا لننجح في تغذية ثقافتنا الرقمية الجديدة.”
ومن واقع تجربته بالعمل في جامعة “القاسمية”، قال المحاضر: “بسبب اختلاف وتنوع جنسيات طلبة الجامعة العربية كان الاتفاق مبنياً على اعتماد الثقافة العربية للتواصل بيننا بسبب اختلاف اللغة، لتوحدنا لغة القرآن، وطلبت من الطلبة الاستعانة بمعجم لغوي لزيادة حصيلتهم اللغوية، وكان اختيارهم هو المعجم التاريخي للغة العربية الذي صدر عن مجمع اللغة العربية بالشارقة برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والذي يثبت ضرورة العودة للتاريخ لنتمكن من مجاراة تغييرات الواقع”، مشيرًا إلى ضرورة عدم الوقوع في فخ المقارنات والتساؤلات حول من نحن، بل علينا أن نعمل بجد وندرك أن الفجوة بيننا اليوم وبين الغرب ليست معرفية، فنحن لدينا رصيد ضخم من المعارف، ولكن قد تكون الفجوة تقنية كونهم من اخترع هذه التقنيات، ولكن لابد وأن نعمل لتقليل هذه الفجوة ومجارة أي تطور، رغم أننا نسير في طريق قد يبدو لنا مخيفاً، ولكن علينا أن ندرك أن الذكاء الاصطناعي فعلاً تسلل لمختلف جوانب حياتنا، وعلينا أن نعمل بجد للاستفادة من آلياته وتجنب سلبياته.
وقدم د.أحمد بهي الدين الفترة التي عشناها خلال جائحة كورونا مثالًا، حين توقف التواصل الانساني الحقيقي، وأصبح المرء وحيداً وعاجزاً عن التواصل مع الآخرين، لتضيق دائرته، ولكن رغم هذا ابتكر الانسان كافة الوسائل الممكنة للتأقلم واستمر في دراسته وعمله وعطائه. وقارن بين أساليب التعليم في السابقوبين ماهو متبع اليوم، وبين التسوق في السابق وبين التسوق الإلكتروني اليوم، مؤكداً أن العديد من الدول الغربية أدركت أهمية الكتابة بالقلم وأهمية الكتاب كوسيلة تعليمية تعزز في الوقت ذاته التواصل الانساني الحقيقي، لتعود وتفرض على الطلبة الجراسة من خلال الكتب والأوراق والأقلام.
في ختام الندوة، أكد الحضور أهمية مثل هذه الفعاليات الثقافية التي يطلقها المكتب الثقافي في مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع، باعتبارها منصة حوارية تثري المشهد الفكري وتفتح آفاقاً جديدة للنقاش، مشيدين بدور إمارة الشارقة في ترسيخ الحراك الثقافي وإبراز مكانة الثقافة العربية في ظل العصر الرقمي.
زر الذهاب إلى الأعلى